لبنان
08 كانون الأول 2020, 12:15

الرّاعي يضيء على "ظلال عالم مغلق" خلال التّنشئة العامّة

تيلي لوميار/ نورسات
واصل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي حديثه عن الرّسالة العامّة للبابا فرنسيس "كلّنا إخوة"، خلال التّنشئة العامّة مساءً في بكركي، متناولاً الفصل "ظلال عالم مغلق"، متوقّفًا فيه عند نقطتين: التّهميش العالميّ، وحقوق الإنسان.

وفي هذا السّياق، قال البطريرك الرّاعي:  

"أوّلاً، التّهميش العالميّ (الفقرات 18-21):  

1. يوجد أجزاء من البشريّة، وكأنّ التّضحية بها متاحة، بنوع من تصنيف، لصالح قطاع بشريّ يستحقّ لعيش بلا حدود. هؤلاء الممكن التّضحية بهم هم:  

- الفقراء والمعوّقون المعتبرون دون قيمة أساسيّة ينبغي إحترامها.

- الأجنّة أو الأطفال الّذين لم يولدوا بعد وهم بدون فائدة اليوم.

- المسنّون الّذين لا حاجة لهم.

هذا الأمر يندرج في عمليّة الهدر الّتي تبدأ بالهدر الغذائيّ (الفقرة 18).

2. يضاف إلى هذا الواقع المؤلم واللّاإنسانيّ بل واللّاأخلاقيّ:

- هبوط نسبة الولادات الّذي يتسبّب بشيخوخة السّكّان.

- ترك المسنّين في عزلة مؤلمة.

- إستبعاد المسنّين من العناية الطّبّيّة أثناء جائحة كورونا، فماتوا.

مثل هذا الأمر جرى ويجري عند موجات الحرّ.  

إنّ استبعاد المسنّين، كنفايات، وتركهم في عزلتهم ليهتمّ بهم آخرون، من دون إحاطتهم بمرافقة وُديّة من الأسرة إنّما يشوّه الأسرة ويفقرها، ويحرم الأجيال الطّالعة من التّواصل مع جذورهم ومن حكمة الكبار الّتي لا يمتلكها الشّباب (الفقرة 19).

3. يظهر هذا الاستبعاد (rejet) في أنواع مختلفة من مثل:

- إستحواذ فكرة خفض تكاليف العمالة، من دون اعتبار النّتائج الخطيرة الّتي يتسبّب بها. فالبطالة النّاتجة توسّع حدود الفقر.

- التّهميش الّذي يعود فيظهر في العنصريّة الّتي تختبئ ثمّ تظهر من جديد دونما انقطاع. وهذا مخجل، إذ يبدو أن تقدّم المجتمع المزعوم ليس لا حقيقيًّا ولا مطئنًا على الدّوام (الفقرة 20).

4. ثمّة أشكال جديدة من الفقر: قواعد اقتصاديّة أثبتت فعاليّتها في عمليّة النّموّ، وبالمقابل لم يتمّ الإنماء البشريّ الشّامل. تزايد الغنى، وبالمقابل اللّامساواة. لا يقاس الفقر بمعايير من عصور أخرى، بل يجب تحليله في سياق الإمكانيّات الرّاهنة في زمن تاريخيّ واقعيّ (الفقرة 21).

ثانيًا، حقوق الإنسان ليست عالميّة بشكلٍ كافٍ (الفقرات 22-24)

1. نلاحظ في كثير من الأحيان أنّ حقوق الإنسان ليست في الواقع متساوية للجميع، فاحترامها شرط أساسيّ للتّنمية الاجتماعيّة والاقتصاديّة في أيّ بلد. فعندما تُحترم كرامة الإنسان ويُعترف بحقوقه وتُحفظ، يزدهر الإبداع وروح المبادرة المتعدّدة لصالح الخير العامّ.

عندما نلاحظ التّناقضات في مجتمعاتنا، نتساءل إذا كانت كرامة البشر أجمعين المتساوية، والمعلنة رسميًّا منذ سبعين سنة، ما زالت معترفًا بها ومحميّة ومعزّزة في جميع الظّروف؟ لكنّنا نرى في الواقع أشكالاً عديدة من الظّلم في عالم اليوم، تغذّيها أنتروبولوجيّة تقلّل من قيمة الشّخص البشريّ؛ كما نرى ونموذجًا اقتصاديًّا قائمًا على الرّبح واستغلال الإنسان وتجاهله حتّى قتله. ثمّ إنّ جزءًا من البشريّة يعيش في التّرف، وجزءًا آخر يرى كرامته متجاهلة محتقرة أو مداسة (الفقرة 22).

2. تنظيم المجتمعات في العالم لا يعكس أنّ النّساء يتمتّعن تمامًا بذات الكرامة وذات الحقوق كما الرّجال. يؤكّدون شيئًا بالكلام أمّا القرارات والواقع فيكشفان أمرًا آخر. وكم من نسوة يتألّمن مضاعفًا بسبب الإقصاء وسوء المعاملة والعنف، لا لأنّهنّ غالبًا ما يحرمن من وسائل الدّفاع عن حقوقهنّ. (الفقرة 23).

3. على الرّغم ممّا وضع المجتمع الدّوليّ من اتّفاقات واستراتيجيّات هادفة إلى وضع حدّ للعبوديّة بجميع أشكالها، ما زال اليوم ملايين من الأشخاص، أطفال ورجال ونساء على اختلاف أعمارهم، يُحرمون الحرّيّة، ويُرغمون على العيش في ظروف مشابهة للعبوديّة. ذلك أنّ مفهومًا للإنسان يقبل إمكانيّة معاملته كغرض (objet). هذا الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله يُحرم من حرّيّته بواسطة الخداع والإكراه الجسديّ أو النّفسيّ، ويتحوّل إلى سلعة، ويصبح مجرّد سلعة لأحدهم، ويُعامَل كأداة لا كغاية.

-تكنولوجيا معلوماتيّة حديثة تستدرج شبّانًا ويافعين في أنحاء العالم. من أشكال العبوديّة الحديثة أيضًا:

- تُخضع المرأة ثمّ تُجبر على الإجهاض.

- إختطاف الأشخاص بهدف بيع أعضائهم.

هذا الإتجار بالأشخاص وسواه من أشكال العبوديّة يتحوّل إلى مشكلة عالميّة تتطلّب جديّة وعملاً مشتركًا وشاملاً ومنظّمًا بشبكات تنسيقيّة للقضاء على هذه الظّاهرة (الفقرة 24)."