دينيّة
08 تموز 2014, 21:00

القديسون والشهداء العظام تعلموا محاربة الشرير في حياتهم اليومية.

روما/ أليتيا (aleteia.org/ar). تقول كلمات الأغنية: \"ذهب الشرير إلى جورجيا بحثاً عن روح يخطفها\". لكنه بالطبع لم يتوقف هناك بل ظهر في مايو في هارفرد. وانتهى به الأمر بفقدان بعض الأرواح التي كانت في قبضته. السوء في المسألة هو فشل القداس الأسود الاحتفالي.
بات الآن أتباع عدو الشرير مقتنعين بأنه عاد إلى العالم السفلي وباتوا بالكاد يفكرون به حتى أنهم توقفوا عن رؤية قدومه.
 
هذا خطأ حاول سي إس لويس منعنا من ارتكابه. فقد كتب سنة 1939 مؤلفاً يرسم نهج الشرير بعنوان "رسائل سكروتايبوذلك عندما بدأت القنابل تسقط في بريطانيا. حاول لويس إعلام شركائه في الوطن بوجود عدو للمسيحيين أسوأ من النازيين.
 
الكتاب هو عبارة عن رسائل متبادلة بين شيطان غرّ قيد التدريب يدعى "وُرم وُود" وعمّه المشرف عليه "سكروتايب". يُسَرّ وُرم وُود عند إعلان الحرب آملاً في أن تنتج عن ذلك أعمال قتل واغتصاب ودمار وشر. يوبّخه سكروتايب بشدة موضحاً أن الحروب هي أيضاً فرص للبطولة والتضحية بالذات. فبإمكانها أن تكون محفزاً للعديد من الرجال والنساء لكي يخلصوا أنفسهم.
 
عندما أخبرتك ألا تملأ رسائلك بالهراء عن الحرب، قصدت بالطبع أنني لا أريد قراءة ملاحمك الشعرية الطفولية عن وفاة الناس ودمار المدن. بقدر ما تعني الحرب حالة المريض الروحية، أريد تقارير كاملة.
من المؤكد أن الألمان سيقصفون مدينة مريضك وأن واجباته ستبقيه في خطر، مما يُحتّم النظر في سياستنا. هل نصوّب نحو الجُبنأو الشجاعة مع الغرور الناشئ عنها، أو كراهية الألمان. (الرسالة 28 من سكروتايب إلى وُرم وُود).
 
ماذا عنّا؟ هل نمضي أيامنا بالتفكير في كيفية تصحيح الشرور في العالم، أم نحاول تنمية الندم على إخفاقاتنا الخاصة؟
 
تعرض رسائل سكروتايب عدداً من المعارك الصغيرة في الحياة اليومية التي يمكنها أن تكون مهمة لخلاصنا أكثر من الحملات الكبرى ضد الشرور العالمية.
يقترح سكروتايب أن تأليب المسيحيين ضد بعضهم البعض حول المسائل الأخلاقية هو سبيل عظيم لإثارة الغرورالذي يعتبر خطيئة مميتة. من الممكن أن يكون المسيحيون "مستقيمين" في موقفهم الأخلاقي وإنما "خاطئين" بسبب نفاقهم أو غرورهم. والشيطان يعلم ما يسبق الزلة، أليس كذلك؟
 
لربما من الأفضل أن يتأمل المرء في فشله في أن يكون زوجاً داعماً بحق بدلاً من أن يتذمر باستمرار بشأن أعمال المثليين. أو من الأفضل للمرء أن يكبح غضبه عندما يكون على وشك الانفجار بدلاً من أن يرثي لشرور الإرهاب. يمكن لكل شخص أن يضفي طابعاً خاصاً على قائمة الأولويات هذه بسبل شتى. وأنا متأكد من أن كل شخص قادر على إعداد قائمته الخاصة.
 
إن القديسين والشهداء العظام هم أشخاص أصبحوا ماهرين في محاربة الشيطان. أما مكان القتال فليس ساحة معركة أو كولوسيوم، لكنه كل ناحية من حياتكم اليومية.
تذكروا أولاً أن خلاصكم الأبدي هو الأولوية الأولى. والأمور الأخرى كلها نابعة منه. لقد أبدى سي إس لويس رأياً حازماً بشأن الأولوية التي يجب أن تُعطى للجوانب "الخارقة" للإيمان المسيحي، شأنه شأن الطبيب النفسي كارل مينينجر. حتى الخطايا الصغيرة مهمة:
 
قد تقول أن هذه خطايا صغيرة؛ وعلى مثال جميع المجرّبين، تتلهف لإظهار الشر المذهل. ولكن تذكر أن الأمر المهم الأوحد هو مدى فصلك الإنسان عن العدو. لا يهم إذا كانت الخطايا صغيرة، بشرط أن يؤدي تأثيرها التراكمي إلى إبعاد الإنسان عن النور وإخراجه إلى العدم. القتل ليس أفضل من أوراق اللعب إذا كانت الأخيرة قادرة على الخداع. (الرسالة 11 من سكروتايب إلى وُرم وُود).           
         
ثانياً، احذروا الإيديولوجيات أو القضايا الأخلاقية التي تدفع المسيحيين إلى محاربة بعضهم البعض. أشار لويس في أيامه إلى الحقد بين دعاة السلام وأولئك الذين كانوا يبذلون حياتهم من أجل بلادهم. كيف يمكن لدعاة السلام أن يكونوا مسيحيينمن الواضح أنهم كانوا جبناء. هنا، يتساءل المرء عن القضايا التي كان لويس لينتقيها في أيامنا والتي تحمل التأثير عينه.
 
"كل أمة تنقسم على ذاتها تخرب". هذا ليس قولاً للينكولن بل هو قول مأخوذ من العهد القديم.
من خلال التركيز على بعض المسائل الكبرى، قد ينسى البشر قضايا مهمة أخرى:
الطريقة المزدرية التي تحدثت بها عن النهم كسبيل لجذب النفوس في رسالتك الأخيرة لا تظهر سوى جهلك. إن أحد الإنجازات العظيمة الذي أحرز خلال السنوات المئة الأخيرة كان إماتة الضمير البشري حول تلك المسألة. والآن، ستجد بصعوبة عظة عنها أو ضميراً مضطرباً بسببها في أوروبا كلها بطولها وعرضها. (الرسالة 17، من سكروتايب إلى وُرم وُود).