لبنان
07 كانون الأول 2022, 11:20

القدّيس شربل وليلة الميلاد... أبو دقشتو يا آب الحقّ

تيلي لوميار/ نورسات
عن شربل النّاسك الحبيس، قدّيس لبنان والعالم الّذي عانق السّماء في ليلة عيد الميلاد، يكتب البروفيسور الأب يوسف مونّس مع الاقتراب من ليلة العيد، ويقول:

"الثّلج يغمر التّلّة والسّنديانات والمحبسة. الرّيح الباردة تصفر في الوديان وعلى التّلال والقلالي. الصّقيع القارس يتجوّل في القلالي والأروقة والكنيسة الصّغيرة، وشربل النّاسك ساجد على طبق القصب يصلّي، يصلّي استعدادًا لقدّاسه الّذي لا يعرف أنّه سيكون الأخير قبل ليلة الميلاد... وجسده النّحيل يرتجف من البرد.

وإبتدأ القدّاس وشربل يرتجف على المذبح من البرد والصّقيع لأنّ جسده الضّعيف الّذي أنهكه الصّوم والتّقشّف والسّهر والرّقاد على بساط خشن في القلّاية الصّغيرة لم يعد قادرًا على التّحمّل. وما أن وصل إلى رفعة الكأس والنّشيد: أبو دقشتو، يا آب الحقّ، حتّى ضربه الفالج، فأخذ الأب مكاريوس رفيقه في المحبسة القربان والكأس من يده.

ونقل شربل إلى غرفة مجاورة ومدّدوه على جلد على الأرض قرب نار الموقدة الوحيدة في المحبسة.

أجراس الكنائس تقرع في نصف اللّيل مبشّرة بميلاد يسوع مخلّص العالم. وشربل يلفظ أنفاسه الأخيرة وتصعد روحه إلى السّماء في ليلة عيد الميلاد. والصّومعة تردّد: أبو دقوشتو: يا آب الحقّ.

وإبتدأت الأنوار والعجائب

وإمتزجت أنوار بشارة عيد الميلاد والتّجسّد والخلاص بالأنوار المشعّة من الجسد في كنيسة دير عنّايا حيث كان الجثمان، والأب يوحنّا خوند يشاهد النّور ويركض صارخًا: "النّور، النّور أبونا الرّيّس، النّور..."

وأخذ النّور يظهر على القبر ويشاهده أهل القرية المجاورة: العويني. وفُتح القبر فإذا جسد شربل ينضح دمًا وماء، وثيابه تغرق بهما والجسد ما زال طريًّا.

وتفجّر وما زال حدث شربل

صمت حبيس المحبسة الغارق بالصّلاة والتّأمّل بسرّ المسيح، صار ضجيجًا في الكون. حياة الرّاهب السّاكن العزلة والوحدة صارت حدثًا اجتماعيًّا رسوليًّا يملأ جوانب الكون. صار القدّيس شربل الطّبيب والمستشفى والشّافي والحاضر في كلّ بيت وصلاة ودعاء وصراخ كلّ مريض. وأعطى شربل معنى من اللّاشيء إلى كلّ شيء. فيا شربل ساعدنا. يا شربل احمينا...".