متفرّقات
13 تشرين الثاني 2020, 07:21

المجذوب كرم التلميذة غيدا توتنجي لفوزها بمسابقة الإتحاد البريدي العالمي حول كتابة رسائل للشباب

الوكالة الوطنيّة للإعلام
سلم وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال الدكتور طارق المجذوب التلميذة اللبنانية غيدا بلال توتونجي من مدرسة "الإخاء الوطنية" في بيروت، شهادة تقدير على فوزها بمسابقة كتابة الرسائل للشباب لسنة 2019، وهي مسابقة على صعيد العالم ينظمها الإتحاد البريدي العالمي ومركزه في برن - سويسرا. ويتم تقويم الرسالة وفق معايير هيكل الرسالة، والتقيد بالموضوع، وروح الإبتكار، واستخدام اللغة. وقد اختار الاتحاد البريدي العالمي موضوعا للمسابقة هو "أكتب رسالة عن بطلك"، على ألا يتخطى حجمها ألف كلمة.

تم تسليم شهادة التقدير في اجتماع عقد في مكتب وزير التربية، بحضور مدير التسويق والتواصل في "ليبان بوست" روني ريشا، مدير المدرسة محمد حلواني، رئيسة قسم النشاط الثقافي في مصلحة الشؤون الثقافية في الوزارة هناء جمعة وذوي التلميذة.

 

ورحب المجذوب بالتلميذة "المتفوقة والمبدعة"، وهنأها على "إبداعها ورفع إسم لبنان في هذه المسابقة العالمية"، مشيدا بـ"اختيارها المرأة لتكون بطلتها، من خلال مقاربة واعية وعميقة". كما هنأ ذويها ومدير مدرستها، وأجرى اتصالا بمعلمتها نسرين شبقلو التي سهرت على إعدادها، منوها بدورها كـ"معلمة للغة العربية ومربية متميزة بكل ما للكلمة من معنى".

 

وأكد "أهمية الكتابة والعلاقة مع الحبر والورق، وأهمية استعادة تقليد كتابة الرسائل والبطاقات البريدية في ظل التواصل الإلكتروني العالمي"، مبديا تقديره للنشاط الثقافي الذي تقوم به إدارة البريد وليبان بوست"، داعيا إلى "تكثيف مثل هذه الأنشطة".

 

بدوره، رأى مدير المدرسة أن استقبال وزير التربية للتلميذة بمثابة "تشجيع واندفاع لمسيرتها في الحياة، وتحفيز لجميع التلامذة كي يسلكوا طريق الإبداع".

 

كما عبر ذووها عن عميق سرورهم وتقديرهم لهذه الإلتفاتة، فيما عبرت التلميذة عن فرحها واعتزازها بما حققته، شاكرة لوزير التربية على تشجيعه، خصوصا عندما طلب منها قراءة الرسالة التي فازت على أساسها في المسابقة بشهادة تقدير.

 

من جهته، أكد ريشا "اعتزاز ليبان بوست بهذا الإنجاز"، مشددا على ان "منظمات الأمم المتحدة والجمعيات العالمية تركز على إعطاء المرأة الحقوق والحرية وتشدد على تمكينها".

 

نص الرسالة

وجاء في نص الرسالة: "تحية طيبة أما بعد، فبعد السلام يحلو الكلام، إلى كل القيمين على الاتحاد البريدي العالمي، أتوجه إليكم باسم الطلاب، في كافة أنحاء العالم بالشكر الجزيل على حسن ظنكم بنا، نحن الجيل الناشىء، على هذه المناسبة السعيدة، وعلى هذا العمل الجلل، في إنشاء هذه المسابقة الدولية الثامنة والأربعين لكتابة الرسائل للشباب لسنة 2019، حيث تتنافس الأقلام، وتبدع القلوب والنفوس بأجمل الرؤى والأفكار.

 

أعزائي، جهل الأولون وظيفة المرأة، فلم يعرفوها إلا متاعا وزينة، فأحصوا عليها الأنفاس، وبثوا حولها العيون، فأمست قنية لا شريكة، مملوكة، لا مليكة، فحاربت القلوب المريضة، والنفوس الحقودة، كي تنال حقها في المجتمع ولا تزال، لذلك أتوج رسالتي إلى المرأة البطلة الحنون، صاحبة القلب الرؤوم.

 

نعم، المرأة بطلة! تحوي قلب محارب، وروح رسول، وفؤاد نبي، في جسد إنسان، فالأم بطلة، والمرأة العاملة المتجلدة بالصبر بطلة، والشقيقة الحنون بطلة، والمسعفة التي تضحي بحياتها في سبيل إنقاذ غيرها بطلة، والفلاحة التي تضرب الأرض بكل قواها، لتبث في باطن الأرض بذور الخير والبركات بطلة، والمعلمة بطلة، فهي شمعة تحرق جسدها، لتنير للآخرين دروبهم بالعلم والمعرفة.

 

بطلة لأنها تعيش في قلب المعاناة، تتألم، تئن وجعا، تصرخ دمعا، فتسيل من عينيها خيوط فضية أبية، تأبى الانكسار أمام براثن الذل والهوان. هي بطلة لمن اعترف بها، وساند حقوقها، وأحبها وقدرها، وكذلك بطلة لمن أجحف بحقها، لأنها أوته في روحها، وقلبها قبل جسدها، فامتص رحيق حنانها جنينا، واستمد قوته من رحم آلامها وتعبها.

 

والمرأة بطلة في نظر جبران خليل جبران، لأن المرأة من الأمة بمنزلة الشعاع من السراج، وهل يكون شعاع السراج ضئيلا، إن لم يكن زيته شحيحا؟ والمرأة بطلة في عين سقراط، لأنها التي تعلمنا كيف نحب ونحن نكره، وتعلمنا كيف نضحك ونحن نتألم، والمرأة البطلة نعمة من نعم الخالق، فهي الجانب المنظور من وجه الله عز وجل جلاله.

 

بطلة، لأن في حضنها ينشأ العظماء، ويرتع النوابغ، ويكبر العطاء، ومن بيتها ينبت رسل الإنسانية وروادها، ويتعاقب كل صانعي الأمم والأوطان، هي جوهرة ثمينة في صندوق مجوهرات الطبيعة، وأحجية الليل، ولؤلؤة الصباح. المرأة بطلة لأنها جندي مجهول في معركة الحياة، سلاحها الأمل، والتصميم، والمثابرة، وقوة الإرادة، والحب.

 

أحبابي، صدق الزيات حين سئل عن أهمية المرأة، فقال بأن غاية الكمال الاجتماعي تتمثل في أن يكون الرجل في كفة، والمرأة في كفة من ميزان المجتمع، وإلا أمسى هذا المجتمع أعرج، أشلا، بليدا، خشنا. فمجتمعنا، يا أيها الإنسان، أرجلا كنت أم امرأة، أعرج لأنه يمشي على رجل واحدة، وأشل لأنه يعمل بيد واحدة، وبليد لأنه مجرد من العواطف الجياشة، وخشن لأنه يفتقد وجود الأنثى في كيانه.

 

ونحن في معرض كلامنا هذا، لا ننتقص من دور الرجل، وأهمية وجوده في المجتمع والحياة معا، فله نورد قول ميخائيل نعيمة، الأديب اللبناني الكبير: إن كان للأب قلب، فللأم قلبان. وقال الحسين بن علي: "حق الوالد أعظم، وبر الوالدة ألزم". وكذلك فعل المنفلوطي حين صدح صوته عاليا بقوله: "علموا المرأة لتجعلوا منها مدرسة، يتعلم فيها أولادكم قبل المدرسة، وأدبوها لينشأ في حجرها المستقبل العظيم للوطن الكريم". وذكر فريدريش نيتشه: "المرأة لغز مفتاحه كلمة واحدة هي الحب".

 

فإليك يا أيتها المرأة كلماتي المعطرة بحب الرحمان، ولك مني ألف ألف تحية، وقبلة، وسلام،

"متعك الله بالسعادة، وجنبك مزالق الحياة، وعصمك من الزلل، وجعلك عضوا نافعا في مجتمعك، لائقا بإنسانيتك، أحبك، وأقدسك، لأنك ينبوع طهر، وشلال محبة، كلماتك غمزات النور عند الفجر، وزهرة الياقوت، ووجه الصباح، وسر الليل، أنت مطر روى القفر، فأيقظ فيه الأخضر، لتبتسم الحياة.

 

أنت سهول قمح فيها بركات السنين، وجبال صبر جوهرها الزمان، وغيث رحمة، وأمل، وتضحية حاكت أغطية الأمان. أنت عرس الدنيا يا أميرة الكون، وملكة القلوب، كم يليق بك التاج، وكم يسمو بك الصولجان.

 

ضجت الكتب بالكلام عن المرأة، لأنك الحجارة التي نشيد بها صروح الأوطان، فأنت رأس مال الأسرة والوطن، ومن لا تهمه صيانة رأس ماله وتنميته؟

 

فها أنا ذا أخط على هذه الرسالة الحبر ممزوجا بالحب، وبأسمى معاني التقدير والاحترام، لأبث مشاعري نحوك، لأرسم مكانتك في قلبي، فقد لامس حبك قلبي دون استئذان وخيم فيه، ولأصور هذا القلب العظيم المحارب، الذي سطر قوته، وقدرته على تخطي الصعاب في جباه التاريخ، وعلى شفتي الزمان.

 

أنت منارة قلبي، أنت زهر في عطره أضيع، وفي حبه أتوه، وفي بحر جماله أسمو، كتب اسمك على صفحات النثر والشعر، صوتك ونعومتك تفتح أبواب سعادتي بمفتاح لمسته أنامل المرأة.

 

كلماتك ومواقفك تحرك رياح المشاعر في داخلي، وتهيج سفن الإحساس في قلبي، وبحار المحبة في كياني، فإن أعظم ما تتفوه به الشفاه البشرية لفظة "أمي".

 

صدق جبران خليل جبران، حين وصف المرأة بقوله: "هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف"، ونحن نقول بأن الضعف الحقيقي هو العيش في مجتمع يخلو من حنان وعاطفة الأنثى.

 

أعزائي، المرأة منبع اليقين، ومنبع الحب والسعادة، والثروات لا تعوض خسارتها. ولو خيرت أن أختار وطنا، لاخترت قلب أنثى، فهناك أنام مطمئنا، وأصحو بسلام، وراحة، ووئام.

 

فكل امرأة عصفور في مواجهة عواصف عاتية، ومركب يعبر بحار التحديات، ليصل فيرسو إلى بر الأمان، هي شجرة نخيل متجذرة عروقها في الأرض، ضاربة أعماق التراب، شامخة بجذعها القوي، تخلت عن أوراقها اليانعة، لكنها لم ولن تتخلى أبدا عن جذورها الواعدة، فلا تهزها الرياح، إذ تبدو كعجوز لا يفت من عضده دوي المدافع، ولا أزيز الرصاص، ترهقها توالي المواجهات والصدامات الشرسة، لكنها لا تقوى على اقتلاع روحها الأبية، المتدرعة بالصبر والأمل. فلم لا ننعتك بالبطلة؟

 

هي القمر الذي يطل بوجهه الملائكي المشرق في الليل الأعمى، يرقب العالم من بعيد، بعينيه النسريتين، فيشع على الدنيا بهاء، وينور درب كل إنسان، لتحقيق نجاحه رغم جراحه، فكم واجهت، وكم تحملت آلاما وأحزانا، تجثو أمام هولها الأرض والسماء، فما كسرتها يوما، بل راحت أغصانها تنمو، وتعلو لتلامس وجه الله، فتكشف سر الحياة والوجود.

 

المرأة بطلتي، لأنها لطيفة، تطفىء بقلبها نار الأحزان، لأنها نسمة صبح، وسمفونية طير، وطراوة زهرة، ودعاء عاشق محب، لأن روحها المجبولة بالأمل تجدل ضفائر الشمس، فيعزف لحن العمر، وبالإصرار الكامن فيك، تركل الصعاب، وتداس الوجوم.

 

صدق القائل: دعاء المرأة شفاء يخجل منه كل داء، فالمرأة الصالحة حديقة تجود بالورود، والبيت الخالي من البنات صحراء خالية تتحرق عطشا للنبات والخيرات.

 

أحبائي، اعلموا أن العيش في مجتمع ينتقص من حق المرأة، أشبه بجسد فارقته الروح، فهل الوصول إلى عصر تتلاشى فيه سحب الظلم بدخانه الأسود بات مستحيلا؟ وهل تحصيل حقوق المرأة أمسى معجزة؟ فكيف السبيل إذا إلى حمايتها، وصون كرامتها؟

 

وللمترصدين بحقوق المرأة نقول: الباطل أرض والحق سماء، والأرض أبدا تعلوها السماء".