لبنان
13 آب 2018, 07:47

المطران درويش: المحبّة ليست مجرّد وصيّة وإنّما هي تضحية

بدعوة من جماعة الخدمة الصّالحة، إحتفل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران عصام يوحنّا درويش بالذّبيحة الإلهيّة، في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة- زحلة، تكريمًا لرئيسة ثانويّة القلبين الأقدسين في زحلة الأخت ماري أنجيل مراد لمناسبة نهاية خدمته وانتقالها إلى كفرذبيان، بحضور الرّئيسة العامّة لراهبات القلبين الأقدسين الأمّ دانييلا حرّوق وأسرة الثّانوية في زحلة وعدد كبير من المؤمنين.

 

وللمناسبة، ألقى المطران درويش عظة قال فيها: "ماذا أعمل من الصّلاح؟ ما هو الصّلاح؟ وما هي متطلّباته؟
المبدأ الأوّل: أن أعيش ما أقول. كثيرون هم الّذين يتكلّمون عن المبادئ ولا يعيشونها.. وكذلك عن الإيمان، نردّد كثيرًا أنّني إنسان مؤمن ولكن لا أفعل ما يطلبه الإيمان منّي.
الإيمان ليس كلامًا نظريًّا ولا هو أقوال ولا هو شعر، إنّه أوّلاً قبول رسالة الله لنعرفه ونعرف مشروعه لنا. المسيحيّ يحيا بالإيمان لأنّه يعرف أنّ الرّبّ يسوع حاضر في حياته وفي تاريخه. لكنّ الإيمان وحده لا يكفي! يقول الرّسول يعقوب في رسالته "ماذا ينفع يا أخوتي أن يقول أحد إنّه يؤمن إن لم يعمل؟ أبوسع الإيمان أن يخلّصه؟ فإن كان فيكم أخ عريان أو أخت عريانة ينقصهما قوت يومهما وقال لهما أحدكم: "إذهبا بسلام فاستدفئا واشبعا"، ولم تعطوهما ما يحتاج إليه جسدهما فماذا ينفع قولكم؟ وكذلك الإيمان فإن لم يقترن بالأعمال كان ميتًا في حدّ ذاته. وربّ قائل يقول: "أنت لك الإيمان وأنا لي الأعمال فأرني إيمانك من غير أعمال، أريك أنا إيماني بأعمالي" (يعقوب 2/ 14- 18). يسوع نفسه يعلمنا ويقول لنا: "إفعل هذا فتحيا"
واضاف "المبدأ الثّاني: أن أعيش في المحبّة".
أجمل كلمات وردت في الكتاب المقدّس هي عن المحبّة، ويوحنّا يقدّم لنا في رسالته الأولى أجمل تعبير عنها: "من ثبت في المحبّة، ثبتَ في الله وثبت الله فيه" (1يو 4/16). هذه الكلمات تُعبّر بوضوح عن أساس الإيمان المسيحيّ، ونحن لا نتصوّر المسيحيّة بدون محبّة، فبالمحبّة يستطيع المسيحيّ أن يعبِّر عن إيمانه وعن وجوده. ويسوع جمع وصيّتين معًا: محبّة الله ومحبّة القريب: "أحبب قريبك كنفسكَ" ومعه لم تعد المحبّة وصيّة بل صارت منهج حياة وجوابًا على محبّة الله لنا: "الله أحبّنا أوّلاً" (يو4/10). صار المسيحيّ مدعوًا أن يحبّ كما يحبّ المسيح وأن ينظر إلى الآخر ليس بعينيه فقط ولا بعواطفه، إنّما من وجهة نظر يسوع، فينظر ويرى بعيني المسيح ويتصرّف كما يتصرّف المسيح.
تذكرون مثل السّامريّ الصّالح الّذي وقع بأيدي اللّصوص، كيف ضمَّدَ جراحاته ودفع ثمن طبابته وسكب الزّيت والخمر على جراحه، اهتمّ به ومكث معه واعتنى به.. عندما أهتمّ بالقريب وأخدمه أفتح عينيّ على ما يصنعه الرّبّ معي وأفهم أكثر أنّه يحبّني.
المحبّة ليست مجرّد وصيّة إنّما هي تضحية، وليست موقفًا للحظة ولا كلامًا وليست نظريّة فلسفيّة، إنّما هي استمراريّة وحياة ومنهج، تنبع من الله وإذا كان الله معي تنبع من داخلي.
ماذا أعمل من الصّلاح لأرث الحياة الأبديّة؟
الله يريدنا أن نكون صالحين، أن نعيش في الصّلاح، والصّلاح سلوك في المحبّة، ويسوع يدعونا لنفتح قلوبنا للمحبّة والرّحمة والخير.
المهمّ أن نكون منتصرين في نهاية حياتنا ونرث الحياة الأبديّة! لكن من هو المنتصر؟ "كلُ من ولد من الله يغلبُ العالم" (1يو 5/4). "وكلَّ الّذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله"، أيّ المؤتمنين باسمه" (يو 1/12) وعندما نصير أولاد الله نكون ورثة الحياة الأبديّة.
كثيرون هم المسيحيّون الّذين يحيون بالمحبّة، وكلَّ أعمالهم ناتجة عن المحبّة. من هؤلاء راهبة نكرّمها اليوم، وهي عنوان للمحبّة والتّواضع والخدمة، الأخت ماري أنجل مراد، خلال 18 سنة ربَّت أولادنا وشبابنا وجعلت من مدرسة القلبين الأقدسين منارة تربويّة وإنسانيّة، وقد عبّرت في خدمتها زحلة عن منهج حياتها وجعلت المجتمع حولها صالحًا، وهي بذلك تشبّهت بمريم العذراء، أمَّ الإيمان، الّتي أرادت بِنَعَمِها أن تكون "آمةً للرّبّ"".

وفي الختام، قدّم المطران دريوش درعًا تكريميًّا للأخت مراد.