الأراضي المقدّسة
03 نيسان 2023, 11:50

بيتسابالا في دورة الشّعانين: نحن ننتمي إلى هذه المدينة ولا يمكن لأحد أن يفصلنا عن حبّنا للمدينة المقدّسة

تيلي لوميار/ نورسات
جريًا للعادة السّنويّة، أقيمت في القدس الأحد دورة الشّعانين التّقليديّة في شوارعها.

وللمناسبة، كانت لبطريرك القدس للّاتين بييرباتيستا بيتسابالا كلمة جاء فيها بحسب إعلام البطريركيّة:

"الإخوة والأخوات الأعزّاء،

أُحيّي جميع أبناء رعايانا من مختلف أنحاء فلسطين وإسرائيل. معكم أُحيّي العديد من الحجّاج الّذين انضمّوا إلينا اليوم في هذا اليوم الجميل للاحتفال والصّلاة والشّركة. أساقفة وكهنة ورهبان وراهبات ومكرّسون والمؤمنون جميعًا. إتّحد الجميع بالفرح باسم يسوع، أجمل اسم على الإطلاق، ولن نتوقّف أبدًا عن ترديده والاحتفال به.

لذلك أنا سعيد معكم لهذه التّجربة الكنسيّة الجميلة. في نهاية هذا الموكب، قد نكون متعبين جسديًّا بعض الشّيء، لكنّنا بالتّأكيد سنغادر هنا مملوءين بالإيمان والشّركة. لأنّ الشّركة في المسيح، وحدة الجماعة، والشّعور بجميع الإخوة والأخوات باسم يسوع، تمنحنا القوّة المتجدّدة وتدفئ قلوبنا. نحن في حاجة إليها. نحن بحاجة إلى هذه الخبرات الّتي توحّدنا فيها قوّة الرّوح (روم 15 ، 19) وتعمل فينا بقوّة.

عندما تعودون إلى بيوتكم، إلى أوطانكم، من القدس إلى العديد من البلدان الّتي أتيتم منها، أخبروا الجميع بهذا الفرح وبالرّوح القدس الّذي جمعنا ونلناه جميعنا هنا اليوم. وأنتم تقولون مثل نساء الإنجيل: "لقد رأينا الرّبّ!" (يو 20 ، 25). لقد رأيناه في عيون الإخوة والأخوات الّذين لا نعرفهم، لكنّهم متّحدين معنا بفرح الشّركة في يسوع المسيح. نريدكم من القدس أن تنقلوا هذا الإعلان عن الحبّ والحرّيّة والحياة إلى العالم أجمع، كما حدث قبل ألفي عام.

نعم، القدس رغم كلّ شيء ما زالت قادرة على خلق هذه التّجربة. الأمر ليس مجرّد صراع وانقسام، وليس فقط توتّر سياسيّ ودينيّ، وليس مجرّد حيازة وإقصاء. إنّه أيضًا مكان لقاء، وإيمان، وصلاة، وفرح، وشركة ووحدة. كما شهدنا اليوم.

نعم، كما نعلم، شهدنا في الأسابيع الأخيرة العديد من حوادث العنف في هذه المدينة، حتّى ضدّ الكنائس والرّموز المسيحيّة. لكن يجب ألّا نخاف من الّذين يريدون الانقسام، ومن أولئك الّذين يريدون إبعادنا أو الاستيلاء على روح هذه المدينة المقدّسة. لن ينجحوا، لأنّ المدينة المقدّسة كانت دائمًا وستظلّ دائمًا بيتًا للصّلاة لجميع الشّعوب (إشعياء 56: 7)، ولن يتمكّن أحد من امتلاكها حصريًّا. وأنا أكرّر لكم، نحن ننتمي إلى هذه المدينة ولا يمكن لأحد أن يفصلنا عن حبّنا للمدينة المقدّسة، تمامًا كما لا يمكن لأحد أن يفصلنا عن محبّة المسيح (روم 8:35).

لأولئك الّذين يريدون الانقسام، نردّ بالرّغبة في بناء الوحدة. إلى أولئك الّذين يعبّرون عن الكراهيّة والازدراء، سنردّ بقوّة الشّفاء بالحبّ، لأولئك الّذين يريدون إبعادنا سنردّ باللّقاء والتّرحيب بهم.

لن نتخلّى أبدًا عن حبّنا لما تمثّله هذه المدينة: إنّها مكان موت المسيح وقيامته، مكان المصالحة والمحبّة الّتي تُخلّص والّتي تتجاوز حدود الألم والموت. وهذه هي أيضًا رسالتنا ككنيسة مقدسيّة: أن نبني، ونتّحد، ونكسر الحواجز، ونأمل مع كلّ رجاء (راجع رومية 4 ، 18)، ونشهد بثقة صادقة لأسلوب حياة خالٍ من قيود وأيّ شكل من أشكال الخوف.

لذلك في قلوبنا، في قلب المسيحيّين في القدس، لا مكان للبغضاء والحقد. لا نريد أن نكره أو نحتقر. إنّ محبّة المسيح الّتي تمتلكنا أقوى من أيّ تجربة مخالفة. وهذه هي قوّتنا وستظلّ دائمًا، وستظلّ هذه هي شهادتنا دائمًا، على الرّغم من القيود العديدة.

لذلك دعونا لا نشعر بالإحباط. دعونا لا نفقد القلب. دعونا لا نفقد الأمل. ودعونا لا نخاف، لكن دعونا ننظر بثقة ونجدّد مرّة أخرى التزامنا الصّادق والملموس للسّلام والوحدة، بثقة راسخة (عب 3 ، 14) في قوّة محبّة المسيح!

بعد قليل سأمنحكم البركة بذخيرة الصّليب المقدّس.

صليب المسيح هو فخرنا (غل 6:14)، إنّه مقياس محبّة الله لنا. في هذه الأيّام سنأخذها في شوارع المدينة المقدّسة، وخلفها سنحمل آلامنا وتضحياتنا، ورغبتنا في عيش وتحقيق حبّ المسيح مرّة أخرى. عسى أن يرافقنا هذا الصّليب دائمًا، ويعزّينا في كلّ ضيقاتنا (2 قورنتوس 1 ، 4) ، وينير دروبنا وويجعلنا قادرين على لقاء المسيح القائم من بين الأموات. آمين.

أتمنّى لكم أسبوع آلام مبارك".