بيتسابالا: لماذا علينا أن نبقى ساهرين؟
وفي هذا السّياق، يتابع بيتسابالا ويقول بحسب موقع البطريركيّة الرّسميّ: "للحديث عن اليقظة، يروي يسوع مثلًا قصيرًا عن رجل يرحل من بلده تاركًا بيته بين يدي عبيده، ويكلّف كلّ واحد منهم بمهمّة مختلفة.
يعهد بحراسة المنزل إلى الحارس، مؤكّدًا بأنّ السّيّد سيعود عاجلاً أم آجلاً ويريد أن يرحّب به خدمه.
إنّ ما يخبرنا به نصّ الإنجيل هو بالتّحديد: أنّ الرّبّ يسوع ترك بيته ويريد العودة، وهو في رحلة للعودة. ولكن ما هو هذا المنزل وأين يقع؟
من المفيد أن نبدأ رحلة المجيء متذكّرين بأنّ نحن بيت الله: البشريّة جمعاء، الكنيسة، كلّ واحد منّا.
هذا هو بيته، لذلك سكن يسوع بيننا، وعلينا أن نعتبر هذا النّهج طريقًا لاتّباعه، لنصبح بيتًا للرّبّ، المكان الّذي يعود إليه ويعيش فيه.
لذلك يعهد يسوع للجميع ببيتهم، أيّ الإنسانيّة، ويطلب منهم أن يعتنوا به: هذه هي مهمّتنا في انتظار عودته.
لذلك، فإنّ السّهر لا يعني الانتظار بطريقة سلبيّة وخاملة: لقد رأينا ذلك مرارًا في الأمثال الّتي سمعناها في أيّام الآحاد الماضية.
الإنتظار يعني الاهتمام بالحياة بحيويّة وحبّ، كما تعتني بمنزلك.
لذا فإنّ زمن المجيء يبدأ بالدّعوة إلى اليقظة. دعوة تتكرّر أربع مرّات في الآيات الخمس من إنجيل اليوم، ويتمّ التّعبير عنها باللّغة الأصليّة بفعلين مختلفين.
الفعل الأوّل للدّلالة على المراقبة، وتؤكّد على ضرورة البقاء يقظًا، دون نوم، أيّ ألّا نعيش ونحن نائمون.
والفعل الثّاني للدّلالة على البقاء يقظًا وساهرًا وقائمًا، ولها نفس جذر الفعل الّذي يتكرّر في رواية عيد الفصح للإشارة على وجه التّحديد إلى القيامة من بين الأموات (مرقس 14.28؛ 16.6.14).
عندها يمكننا أن نقول هذا: إنّ الرّبّ يدعونا لعيش الحياة كأشخاص يقظين ومتنبّهين، وحتّى قائمين. إنّ الّذي يصبو إلى حياة كاملة وحرّة، عليه أن يصبح أكثر فأكثر حجرًا حيًّا في بيت الله، أن يعيش السّهر والانتظار.
ومع ذلك، فإنّ السّؤال المركزيّ الّذي يطرح نفسه هو: لماذا علينا أن نبقى ساهرين؟ ما الّذي يجب الانتباه إليه؟
نحن نسهر لأنّ هناك ما ننتظره، ولأنّنا نعلم بأنّ شيئًا ما قد حدث.
وما وجب أن يحدث نجده في بداية الآية التّالية (10. 33): "لِأَنَّكم لا تَعلَمونَ متى يَحينُ الوَقْت".
في اليونانيّة "الوقت" تعني kairos، وهي كلمة معروفة تعبّر عن اللّحظة المواتية، أيّ وقت النّعمة.
يبدأ إنجيل مرقس بنفس الكلمة في إنجيل اليوم، للإعلان عن الوقت المناسب، أيّ كايروس، قد بلغ ذروته (مرقس 1: 15)؛ ولكن في مقطع اليوم في نهاية الإنجيل، يقال لنا إنّه لا أحد يعرف متى يكون وقت النّعمة هذا. إذن، هل حان الوقت المناسب، أم أنّه لم يأت بعد؟
يخبرنا إنجيل اليوم أنّه مع يسوع، انفتح زمن النّعمة للجميع، وإمكانيّة حياة جديدة وكاملة.
ولكن فقط من يسهر، ومن ينتظر، وحده يدرك أنّ ملكوت الله حاضر.
وحدهم من هم في البيت يستطيعون أن يرحّبوا بالرّبّ الآتي، والّذي يريد أن يعود إلى بيته."