مصر
28 أيلول 2023, 11:15

تواضروس الثّاني: علامة الصّليب رحمة وغفران

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة عيد الصّليب الّذي تحتفل به الكنيسة القبطيّة غدًا ولمدّة ثلاثة أيّام، تأمّل بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني بعلامة الصّليب، خلال عظته الأسبوعيّة في اجتماع الأربعاء، أشار فيه إلى أنّ علامة الصّليب هي رحمة وغفران للإنسان.

وفي تعليمه، تناول تواضروس عيد الصّليب من أكثر من منظور، إذ أشار- بحسب "المتحدّث بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة"- إلى أنّ "الصّليب هو شعار المسيحيّة، فبالرّغم من أنّ علامة الصّليب في التّاريخ هي علامة للعار ولإعدام أعتى المجرمين، ولكن السّيّد المسيح حوّلها إلى معنى آخر، "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو ٣: ١٦)."

وتوسّع في حديثه وتوقّف عند سؤال "ماذا قدّم لنا الصّليب؟"، وأجاب أنّه يقدّم: "حقّ الاقتراب إلى الله" شارحًا أنّه: "ظهرت عداوة بين الله والإنسان بعصيان آدم للوصيّة وكسر قلب الله، فظهرت العداوة أيضًا بين الإنسان والإنسان، وتُشير خشبة الصّليب الطّوليّة إلى إزالة العداوة والتّصالح مع الله، بينما تُشير خشبة الصّليب العرضيّة إلى إزالة العداوة بين الإنسان وأخيه الإنسان، لذلك خشبة الصّليب ترمز في معناها إلى فتح طريق بين الله والإنسان، والصّليب هو حقّ مُنح لكلّ البشر، "عَامِلًا الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ" (كو ١: ٢٠)."  

كما يقدّم الصّليب "حقّ إمكانيّة التّحرّر من الخطايا"، فـ" لخطيئة هي مرض الرّوح، وتجعل الإنسان مقيّدًا بسلاسل من المتاعب الّتي تصل به إلى الجريمة والعنف والانتحار، لذلك مع الخطيئة لا يوجد سلام ولا غفران ولا حرّيّة، ويغيب الفرح عن الإنسان، "كَثَوْبِ عِدَّةٍ كُلُّ أَعْمَالِ بِرِّنَا" (إش ٦٤: ٦)، أمّا إذا طرح الإنسان خطاياه في الصّليب يشعر بالفرح والرّاحة، "تَحْتَ ظِلِّهِ اشْتَهَيْتُ أَنْ أَجْلِسَ" (نش ٢: ٣)."

هذا ويقدّم "حقّ التّمتّع بنعمة الخلاص والبراءة، إذ أنّ "الإنسان يولد بمرض الخطيئة، ويميل إلى عمل الشّرّ، بينما كل مَنْ يأتي إلى السّيّد المسيح في الصّليب يتمتّع بالخلاص، فصار الصّليب هو المكسب للإنسان، "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ" (يو ١: ١٢)، كما توضح الآية "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ (في السّماء) الْعَالَمَ (على الأرض) حَتَّى بَذَلَ (صُلب من أجلنا ودمه يمحو كلّ خطايا البشر) ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ (الخدمة والكرازة)، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ (يعود للسّماء)".

ثمّ شرح على ضوء كتابات داود كاتب المزمور 103 الّذي رسم الصّليب بالكلمات قبل مجيء السّيّد المسيح بألف سنة، أنّ الخشبة الطّوليّة ترمز إلى الرّحمة وتلك العرضيّة إلى الغفران.

وأضاف البابا موضحًا انّ الصّليب "يبرز محبّة الله ورعايته للإنسان (الخير) في صورة الخشبة الطّوليّة، كما يبرز محبّة الإنسان للآخر لأنّه خليقة الله (الغير) في صورة الخشبة العرضيّة."

وذكّر أخيرًا أن الاحتفال بعيد الصّليب في الكنيسة القبطيّة يتمّ ثلاث مرّات في العام: "الأولى في شهر برمهات في الصّوم الكبير، والثّانية في توت والّتي نصلّي فيها بنغمة الفرح، والثّالثة في جمعة الصّلبوت"، لافتًا إلى أنّ الاحتفال بهذا العيد يعود إلى اكتشاف الملكة هيلانة لمكان الصّليب المقدّس والمسامير في عام 326، مشيرًا إلى أنّ ابنها الملك قسطنطين استخدم المسامير في خوذته كعلامة نصرة في الحروب.