أوروبا
24 أيار 2023, 10:20

تواضروس الثّاني من فيينّا: لا خلاص خارج باب الكنيسة

تيلي لوميار/ نورسات
"إنّ السّيّد المسيح دائمًا يرحّب بكلّ إنسان، فهو الّذي قال: "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ... فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ" (مت ١١: ٢٨، ٢٩)"، هذا ما أكّده بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني في عظته خلال القدّاس الّذي ترأّسه الأحد في كنيسة "عذراء الزّيتون"- فيينّا، بمشاركة أسقف النّمسا الأنبا جابريل، وأسقف بني مزار الأنبا أنيانوس، والرّاهب القسّ كيرلّس الأنبا بيشوى مدير مكتبه، وعدد من الآباء الكهنة والرّهبان.

وتابع البابا مشيرًا في العظة إلى أنّ "المسيح هو رمز للطّريق، والسّلام الدّاخليّ هو أمان الطّريق، وهذا السّلام هو أحد الوسائل الّتي قدّمها المسيح لنا من خلال كنيستنا، فكنيسة الله المقدّسة يوجد بها الأمان، وهي المؤسّسة والكيان الوحيد على الأرض المرتبط بالسّماء، كما قال السّيّد المسيح عنها "وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي" (مت ١٦: ١٨)، وهذه هي المرّة الوحيدة في الإنجيل الّتي قال فيها "كَنِيسَتِي" بصيغة الملكيّة، ويقصد صخرة إعلان الإيمان، وقال- موجّهًا كلامه للكنيسة- "كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ" (مت ١٨: ١٨)، فلا خلاص خارج باب الكنيسة، ولا توجد وسيلة للوصول للسّماء بدون الكنيسة، لأنّه قال "كَنِيسَتِي" وهو الّذي أسّسها، ووضعها، وأعطى النّظام بها، وبالتّالي الكنيسة الأمينة والكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة ذات التّاريخ العريق هي كنيسة لها جذور وقدّيسين، والقدّيسين بمثابة جذور داخل الكنيسة، مثل الشّهيدة العفيفة دميانة والقدّيس أرسانيوس النّاسك معلّم أولاد الملوك والقدّيس باخوميوس "أب الشّركة" الّذي وضع نظام الشّركة في الرّهبنة، وأيضًا الشّهيد مار جرجس والشّهيد مار مرقس الرّسول، فالكنيسة هي أمان الطّريق إلى السّماء..".

وأضاف بحسب "المتحدّث بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة": "هذه الثّلاثة أيّها الأحبّاء الّتي قال عنها المسيح "أنا هو الطّريق الحقيقيّ للحياة"، لذلك نشكر ربّنا ليلًا ونهارًا على هذه النِّعم العظيمة، وأنّه أعطانا نعمة أن نسير في الطّريق دون انحراف، لذلك نقول إنّ الكنيسة مستقيمة الرّأي والفكر والعقيدة والحياة، وهي كنيستنا الأمينة وأمان طريقنا في المسيح، إذًا المسيح هو الطّريق الحقيقيّ للحياة، واليوم ونحن في الأحد الخامس في فترة الخماسين، ففي فترة الخماسين تُعلّمنا الكنيسة الامتلاء بالفرح، لأنّه بدون صليب المسيح ما كنّا نلنا هذا الفرح، والكنيسة تقول لنا إنّ السّماء تكون هكذا مليئة بالفرح والتّهليل، لأنّنا سرنا في الطّريق الّذي هو المسيح، وهو ذات الطّريق وهو رفيق الطّريق، والمسيح في الكنيسة هو أمان الطّريق."

وعن الأوضاع في السّودان، قال البابا: "أريد أن أقول كلمة خاصّة لشعبنا في السّودان، طبعًا نحن نصلّي من أجل السّودان ومن أجل الأزمة الحادّة الموجودة فيه، ومن أجل الصّراع الموجود بين طرفين سودانيّين، ونرحّب باتّفاق الهدنة الّذي بدأ أن يصل إليه الطّرفان في المفاوضات في جدّة في السّعوديّة، وأظنّ سيوقّعونه اليوم، أتمنّى أن تكون هدنة حقيقيّة من الأعمال الصّعبة الّتي حدثت في السّودان، فهي أزمة شديدة تعرّض لها السّودان وأبناءنا الأحبّاء السّودانيّين والأقباط في السّودان، والبعض صاروا ضحايا لهذه الصّراعات، وعشرات من النّاس أصيبوا، نحن نصلّي من أجل هؤلاء كلّهم، ونصلّي من أجل السّلام في السّودان، فالسّودان هو الشّقيق القريب جدًّا لنا، حتّى على المستوى القوميّ تُعتبر مصر والسّودان حماية وسند لبعضهما البعض، ونصلّي من أجل السّلام لكي يحلّ في القلوب والعقول أوّلًا، وأن يعودوا أحبّاءً، ولا يُعطوا مكانًا لإبليس ولا للعنف القائم.  

وطبعًا ندين بشدّة جدًّا الاعتداء على كنائسنا ومطرانيّاتنا، والاعتداء الّذي تمّ، أنّهم أخذوا بعض الكنائس وحوّلوها إلى ثكنات عسكريّة هو أمر مؤلم جدًّا، وكان لا يليق، لأنّ البيت الّذي يُذكر فيه اسم الله لا يليق الاعتداء عليه من بشر.  

وأنا تحدّثت تليفونيًّا مع نيافة الأنبا صرابامون أكثر من مرّة، واطمأنّيت على الأحوال هناك، وطبعًا الأمور المادّيّة يمكن تعويضها، ولكن يهمّنا النّفوس والأمان هناك، ويوجد مع نيافة الأنبا صرابامون نيافة الأنبا إيليا، فالأنبا صرابامون هو أسقف أم درمان والأنبا إيليا هو أسقف الخرطوم ودولة جنوب السّودان، وهما تركا مكان المطرانيّة، وموجودان الآن في أماكن أخرى بعيدة عن الصّراع، ولكنّهما موجودين بالسّودان ونحاول الاطمئنان عليهما، فالكثير من السّودانيّين نزحوا إلى مصر، آلاف من النّاس– لأنّ هذه هي الدّولة الجارة، وعلى مستوى الكنيسة وبإمكانيّاتنا المحدودة نحاول أن نساعد وندعّم النّاس الّذين أتوا، لأنّهم جاءوا بدون أيّ ممتلكات لهم، لأنّه لم تكن هناك فرصة لهم أن يأخذوا أيّ شيء معهم في الطّريق.  

ومن خلال أسقفيّة الخدمات نيافة الأنبا يوليوس الأسقف العامّ والمسؤول عن أسقفيّة الخدمات ومعالجة الأزمات، ومن خلال خدمة أبونا داود لمعي (خدمة الأنبا أبرآم) بدأنا عمل بعض الوسائل لكي نساعد إخوتنا السّودانيّين في هذه الأزمة الحادّة والشّديدة الفجائيّة، ونصلّي أنّ ربّنا يُطيّب الخواطر، ويحلّ بروحه وسلامه في وسط النّاس هناك، وأن يحمي السّودان من هذه الصّراعات الدّاخليّة، فما أصعب أن يوجد في دولة حرب أهليّة، وشعبها يتحارب مع بعضه البعض، لذلك صلواتنا من القلب، وأطلب منكم جميعًا أن تصلّوا من أجل السّودانيّين ومن أجل بلاد السّودان الجميلة، لأنّها هي بلاد جميلة جدًّا وخير ربّنا متوفّر بها جدًّا، لكن أحيانًا عدو الخير يثير هذه القلاقل، نصلّي ونحاول التّدعيم.  

أريد أن أقول لكم إنّه منذ بدء الأزمة في أوّل الشّهر ونحن نتابع كلّ صغيرة وكبيرة فيها، وحتّى أثناء سفري في الفترة الماضية كنت على استمرار متابعًا للأخبار واللّقاءات الّتي تتمّ، وعلى الإمكانيّات الّتي نحاول تقديمها لخدمة إخوتنا في السّودان، صلّوا من أجل السّودان".

في ختام العظة، توقّف عند زيارته للڤاتيكان والّتي "كانت زيارة محبّة".