ثلاثة دروس تقدّمها المرأة التّأمّليّة إلى الكنيسة، ما هي؟
وللمناسبة، قال الأب الأقدس بحسب "فاتيكان نيوز": "أرحّب بكم وأنا ممتنّ لتمكّني من استقبالكم بمناسبة المؤتمر الدّوليّ حول المكرّمة ماريا دي خيسوس دي آغريدا، حدث يعقد في إطار الحلقة الدّراسيّة حول القدّيسة بياتريس دي سيلفا. هذه الحلقة الدّراسيّة، الّتي أنشأتها الأكاديميّة الحبريّة المريميّة الدّوليّة، هي مبادرة جميلة، ليس فقط لما تمثّله لدراسة سرّ الحبل بلا دنس، وإنّما أيضًا لأنّها ولدت بدفع رهبانيّة تأمّليّة نسائيّة.
لقد كانت الأمّ آغريدا امرأة مميّزة، أردتم أن تصفوها بأنّها "مغرمة بالكتاب المقدّس"، و"صوفيّة مريميّة"، و"مبشّرة أميركا". هذه العناوين جعلتني أفكّر في ثلاثة دروس يمكن للمرأة التّأمّليّة أن تقدّمها للكنيسة. الدّرس الأوّل الصّمت، وموقف الإصغاء، من أجل قبول صوت المحبوب، كلمة الآب الأبديّة، في القلب. من المثير للدّهشة كيف أنّ بعض الأخوات الرّاهبات، حتّى بدون أيّة تنشئة محدّدة، قد بلغنَ معرفة ملحوظة بالكتاب المقدّس، وشربن منه في مدرسة الصّلاة كما ولو من ينبوع حي. لذلك فإنّ تسميتهنَّ "مُغرمات" بالكتاب المقدّس هو مجرّد تعبير يذهب أبعد من الثّناء على استخدامه في كتاباتهنَّ، بل هو رؤية المسيح نفسه يتحدّث إليهنَّ ويتحدّث إلينا من خلال كلمته، ويطلب منّا أن نحفظ على مثال مريم كلَّ شيء في قلوبنا.
الدّرس الثّاني هو التّصوّف، أيّ العلاقة مع الله الّتي تولد من موقف الإصغاء هذا، ومن هذه القراءة المتجسّدة للكتاب المقدّس. خبرة نشوة، نعم، ولكن بكلمة "نشوة" أنا أعني الخروج من ذواتنا، ومن وسائل الرّاحة الخاصّة بنا، ومن الأنا الأنانيّ الّذي يحاول دائمًا أن يسيطر علينا. يتعلّق الأمر بأن نفسح المجال لله لكي، وإذ نطيع للرّوح القدس، "رقيب" الملك، نستقبله في منزلنا. هذا هو مثال مريم الّتي استقبلته في قلبها الطّاهر قبل أن يدخل في حشاها البتوليّ. وبهذا المعنى، تعلّمنا الرّاهبات التّأمّليّات، من خلال مسيرة النّسك والاستسلام والأمانة، فرح أن نعيش له وحده.
الدّرس الثّالث هو الرّسالة. إنَّ الأمّ آغريدا وراهبات الحبل بلا دنس، اللّواتي كنّ أوّل راهبات محصّنات وصلن إلى أميركا، يقدّمن لنا الدّليل على هذه الرّوح الإرساليّة للحياة التّأمّليّة، والّتي سلّطت عليها القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع الضّوء لاحقًا. وبالتّالي ليس من قبيل الصّدفة أن تكون صوفيّة عظيمة أخرى، القدّيسة روزا دي ليما، أوّل قدّيسة في القارّة.
لذلك يمكننا أن نفهم أنّ الأمّ آغريدا أحسّت بدعوة الرّبّ للصّلاة من أجل تلك النّفوس الّتي لم تكن تعرفه بعد، وأنّ تلك الصّلاة كانت مثمرة في نفوس الّذين، بحسب المرسلين، كانوا على استعداد لكي ينالوا المعموديّة. نحن لا ندرك عادة قوّة صلاة الشّفاعة في حياتنا، ولكن، كما علّمتنا مريم في عرس قانا، يمكننا نحن أيضًا أن نعرف من أين يأتي الخمر الجديد من خلال الّذين يعضدونا بصلواتهم ويبنوننا بمثالهم. ولا تنسَينَ تصرّف مريم العظيم الّذي كشفته لنا في عرس قانا. إنَّ مريم تشير إلى ابنها، وتكشف عنه في قانا. "افعلوا ما يقوله لكم." هي تحمل لنا يسوع، وتولِّده فينا، وعلينا أن نتشبّه بهذا الموقف الجميل، ونشير بدورنا إلى الرّبّ".