خاصّ- الأبرار والصّدّيقون... والقدّيس مارون
إستهلّ الأب عبّود حديثه بمقاربتين قائلًا: "في أحد الأبرار والصّدّيقين، الذي يتزامن اليوم مع عيد القدّيس مارون، نسمع الرّبّ يدعونا: "تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المُعَدّ لكم منذ إنشاء العالم". إنّها دعوة سماويّة نتحضّر لها في مسيرة الحياة نحو الأبديّة. أيّ مؤمن لا يرغب أن يسمعها ويسكن السّماء مع يسوع برفقة أمّنا مريم والقدّيسين؟ والسّؤال: "ماذا تفعل لتلبّيها؟"، الجواب واضح وصريح: "هو أن ترى يسوع وتخدمه في كلّ فقير". فالله لن يدينك في آخر الحياة عمّا اقتنيته من المعارف والشّهرة والثّروات، ولا عن الأبنية والمشاريع التي نفّذت، بل سيسألك عن فقير عرفته وطرق بابك، كما سأل قايين في بداية التّكوين: "أين أخوك؟" فماذا سيكون جوابك؟"
وتابع الرّاهب الكرمليّ مجيبًا عن هذه الأسئلة: "لكي ترى المسيح في كلّ فقير، عليك أن تراه في ذاتك، فأنت العطشان إليه "هو ينبوع الحياة"، أنت الجائع إلى كلمته "فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، أنت السّجين في قضبان خطيئتك "فالحقّ وحده يحرّرك"، أنت العريان من ثوب المحبّة "فالبس عواطف الرّأفة والحنان، ولا توسّخ ثوب المعموديّة"، أنت الشّريد في غربة هذه الحياة و"قلبه هو المأوى الوحيد والآمن"، وأنت المريض المصاب بداء الخطيئة الفتّاك و"هو الطّبيب الذي أنتَ محتاج إليه"."
وتابع: "هذا ما فهمه وعاشه القدّيس مارون، حين ذهب إلى العراء وعاش التّنسّك على جبل قورش، فلم يذهب إلى هناك لكي يؤسّس الكنيسة المارونيّة ويكون له أتباع في كلّ المعمورة، ولم يذهب ليكون زعيمًا معروفًا على مستوى العالم. لا، بل ذهب ليلتقي بالحبيب السّاكن في أعماق ذاته ويرتوي من حضوره ليسقي النّفوس التي لحقته وارتوت من تعاليمه وشُفيت بعجائبه."
وإختتم الأب عبّود حديثه متسائلًا: "واليوم نسأل ذاتنا نحن الذي نعتدّ بانتمائنا للقدّيس مارون: أين نحن من روحانيّته ومثال حياته؟ هل ما يعيشه الموارنة مطابق لما ابتغاه القدّيس مارون؟"، ليُجيب: "في بعض الأماكن نعم، نشكر الله على نعمه الموجودة في بعض القلوب التي فهمت سرّ دعوتها المسيحيّة وانتمائها المارونيّ، ولكن نأسف كلّ الأسف فالكثير استغلّ انتماءه للنّفوذ والمناصب، وتقوقع في أنانيّته على حساب الفقراء والمعوزين."