دينيّة
06 آذار 2022, 08:00

خاصّ– الأب أبي عون: لا خوف بعد الآن ولا تردّد

نورسات
"إنجيل شفاء الأبرص هو إنجيل الأحد الثّاني من زمن الصّوم للقدّيس مرقس (1/ 35-45) بحسب ليتورجيّة الكنيسة المارونيّة، ومعه نبدأ مشوارًا روحيًّا غنيًّا عبر أناجيل آحاد الصّوم محوره لقاء مباشر بين الرّبّ يسوع المخلّص والشّافي والإنسان المجروح والمتألّم". هكذا استهلّ رئيس أنطش سيّدة التّلّة - دير القمر وخادمه، الأب جوزف أبي عون الرّاهب المارونيّ المريميّ تأمّله لموقعنا في أولى شفاءات زمن الصّوم الكبير.

وتابع: "لهذا الإنسان المجروح والمتألّم، أتى يسوع لملاقاته ولشفائه متحديًّا حرفيّة شريعة، زادت على وجع مرضه وجع العزلة والتّهميش والانفصال.

وهنا نتلاقى مع قداسة البابا فرنسيس بأهداف السّينودس "نسير معًا" حيث دعانا فيه لأن نذهب نحو الأبعدين المهمّشيّن المنسيّين، هم أيضًا جزء أساسيّ من شعب الله وعلينا الإصغاء إليهم."

وشرح قائلًا: "وهذا بالضّبط ما حصل مع يسوع في إنجيلنا اليوم، عندما أتاه بطرس والتّلاميذ حيث كان يصلّي، قائلين له وبإلحاح "الجميع يطلبونك"، فما كان منه وبموقف مُلفت يُظهر فيه صورة الله الحقّة غير التي اعتادوا عليها مع تعاليم الكتبة والفرّيسيّين "لنذهب إلى مكانٍ آخر، إلى القرى المجاورة، لأبشّر هناك أيضًا، فإنّي لهذا خرجتُ". كانوا يريدونه أن يلبّي رغباتهم ويذهب معهم إلى حيث هم مرتاحون مع الجموع الذين يطلبونه، بعيدًا عن باقي القرى المجاورة الأقلّ شأنًا. في معتقدهم، ربّما ثمّة أفضليّة بين النّاس. أرادوا أن يأخذوه إلى حيث هم، إلى حيث اعتادوا أن يكونوا، فأخذهم هو إلى حيث هو يريد أن يكون وإلى ما يجب أن يكونوا عليه فيما بعد. كسرَ نمطيّة إجراءٍ يميّز بين النّاس ويشوّه صورة الله الحقّة في الرّحمة والعطف والحنان. نحو تلك القرى المجاورة، ما يُطلق عليها البابا فرنسيس "الأطراف المنسيّة"، سار يسوع وكرز في مجامعهم وطرد الشّياطين لأنّه "خرج أيضًا لهم". هناك، على طرقات تلك القرى المجاورة البسيطة، وبين الأمكنة المنسيّة، سيتمّ اللّقاء بين الأبرص ويسوع. لقاءٌ سيطبعُ التّلاميذ ويُصبح مشروع حياة للكنيسة في قربِها للإنسان كلّ إنسان، كما كان يقول البابا القدّيس بولس السّادس "الكنيسة هي صوتُ الذين لا صوتَ لهم".أتاه الأبرص معتبرًا أنّ مروره من ناحيته، وهو القابع أطراف تلك القرى بعيدًا معزولاً، هي الفرصة الأهم في حياته ليَطهر. كأنّه لم يّصدّق نفسه بأنّ يسوع مارٌّ من قربِه. ركضَ قبل أنْ يبتعدَ عنه، متخطيًّا نواميس القطع والمنع، وجثى أمامه متوسلًّا إليه وبكلّ إيمان وثقة "إنْ شئتَ فأنتَ قادرٌ أن تُطهرّني". أمام هذا المشهد المؤثّر، الذي من أجله "خرج يسوع ابنُ الله وابن الإنسان"، وقفَ وتحنّن عليه متّخذًا القرار التّاريخيّ التّغييريّ مقارنة مع الشّريعة اليهوديّة التي كانت تحول دون لمسَ الأبرص، فمدّ يدَه ولمسَه قائلاً له "قد شئتُ، فاطهرْ". فكان الشّفاء التّام."

وبعبرةٍ توجيهيّة اختتم الأب أبي عون تأمّله قائلًا: "في زمن الصّوم المبارك وضمن مسيرة أعمال السّينودس في الشّركة والمشاركة والرّسالة، نحن مدعوّون لأن نجدّد نظرتَنا نحو بعضنا البعض انطلاقًا من نظرة يسوع المسيح إلينا، فنوطّد المحبّة ونتبادل الحياة. مع شفاء الأبرص، وتحقيقًا لرغبة البابا فرنسيس، لا خوف بعد الآن ولا تردّد، لا انغلاق ولا تهميش، بل السّير معًا بشجاعة على طريق الرّبّ في كنيسة سينودسيّة حيثُ لكلّ أحدٍ مكانه المحفوظ والمرموق، فيكون الشّفاء التّام.".