خاصّ- الحبل بلا دنس بقلم الأب جوزف أبي عون
"في عيد أمّنا مريم سلطانة الحبل بلا دنس، لن نجد أجمل وأفضل من كلام للقدّيسة الصّبيّة برناديت، كتبته بخطّ يدها عام ١٨٦٦، بعد دخولها الدّير، ونقلت فيه بطريقة رائعة وبسيطة وعميقة، ذاك الحوار التّاريخيّ والأخير بينها وبين العذراء مريم، والذي ستعرف بختامه إسم تلك "السّيّدة الجميلة"، كما كانت تدعوها، وذلك نزولًا عند طلب كاهن رعيّتها في بلدة لورد وإلحاحه.
فتقول برناديت: "لقد طلبتُ منها ولمدّة خمسة عشر يومًا أن تقول لي من هي، فكانت لا تُجيبني سوى بابتسامة ناعمة. بعد مرور الخمسة عشر يومًا، عدتُ وطلبتُ منها لثلاث مرّاتٍ متتالية، وكان الجواب نفسه، ابتسامتها. أخيرًا، وفي المرّة الرّابعة، قلتُ سأغامر وأسألها مجدّدًا. فكان أن قالت لي وهي تضمّ يديها إلى أعلى صدرها، بأنّها الحبل بلا دنس، وهذه كانت الكلمات الأخيرة التي توجّهت بهم إليّ".
بهذه الكلمات الجميلة والبسيطة، يتعيّن علينا أن نفهم وندركَ بأنّ الحبل بلا دنس هو أكثر من عقيدة لاهوتيّة مريميّة أعلنتها الكنيسة بشخص البابا القدّيس بيّوس التّاسع في الثّامن من كانون الأوّل ١٨٥٤ ونعلّمها وحسب، إنّما هو حياة مريم الحميمة السّرّيّة المقدّسة.
بجوابها المترافق مع الابتسامة النّاعمة والصّلاة المتخشّعة، كانت وكأنّها تصف ناحيةً عزيزة من حياتها، من شخصها وذاتها وكيانها، عاشتها بالصّمت والهدوء والسّكون طيلة حياتها الأرضيّة مع ابنها يسوع.
هي الحبل بلا دنس. هو نعمة عظيمة من الله عاشته مريم بوعي وإيمان وإدراك بأنّ الله برّأها من الخطيئة الأصليّة لحظة تكوّنها الطّبيعيّ في حشا أمّها القدّيسة حنّة لتكون نقيّة طاهرة بيضاء مثل ثلج صنّين وحرمون وتستقبل الله الكلمة، إبن الله، في حشاها. بالحبل بلا دنس صارت مريم عرش الله على الأرض وباب السّماء الذي من خلاله دخل الله حياتنا البشريّة، فأخذ ما لنا وأعطانا ما له.
أيّتها الحُبل بها بلا دنس، ساعدينا أن نتغلّب على كلّ دنس يُبعدنا عنكِ وعن ابنكِ يسوع ويشوّش طريقنا وأفكارنا، فنكون له كلًّا بالكلّ في مشروعه الخلاصيّ، آمين."