دينيّة
30 تشرين الأول 2022, 08:00

خاصّ- الخوري كرم: الرّبّ يمسح الدّموع ويمنح الفرح

نورسات
"نكتشف خلال هذا النّصّ من إنجيل القدّيس متّى (25: 31-46) تعليم يخصّ الأزمنة النّهيويّة الأخيرة. نتأمّل دور يسوع الملك، الجالس على العرش متمّمًا عمل الدّينونة. إنّها صورة إبن الإنسان الآتي بالمجد الّتي تعكس رؤيا دانيال "كنت أرى في رؤى اللّيل وإذا مع سحب السّماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيّام، فقرّبوه قدّامه. فأعطي سلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتتعبّد له كلّ الشّعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطانٌ أبديٌّ ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض" (دانيال 7: 13-14). إنّها تعود أيضًا إلى بعض نصوص القدّيس متّى حيث يعلن عن حكم الدّينونة كما نقرأ في متّى (24: 30-31.)" بهذه المقدّمة الغنيّة استهلّ الكاهن المتفرّغ لصلاة الشّفاء في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم تأمّله لموقعنا في الأسبوع السّابع بعد عيد الصّليب.

وتابع: "يسوع يحذّر تلاميذه في فصل 24 من أيّام الظّلام وظهور الأنبياء الكذبة التّي ستعمّ البلاد وكثيرون الذين يفقدون الإيمان. يعلن الرّبّ أنّ الآلام تتوقّف عند ظهور إبن الإنسان الآتي على سحب السّماء بقوّة ومجد في متّى (24: 30) وسيرسل ملائكته لجمع المختارين "فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصّوت، فيجمعون مختاريه من الأربع الرّياح، من أقصاء السّماوات إلى أقصائها." (متّى 24: 31).

في الأزمنة الأخيرة، يأتي إبن الإنسان مع ملائكته، جالس على عرش وهو يدعى الملك "ثمّ يقول الملك للّذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعدّ لكم منذ تأسيس العالم." (متّى 25: 34)

يسوع ديّان العالم كلّه، لأنّ كلّ الأمم تحشد أمام مجده.

الملك الجالس على العرش يستعمل سلطته لتمييز وفصل الشّعوب.

الملك يظهر أيضًا كراعي يميّز الخراف عن الجداء.

الخراف تحصل على المجد وترث ملكوت الملك، "ثمّ يقول الملك للّذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعدّ لكم منذ تأسيس العالم." (متّى 25: 34).

يسوع يعتبر أنّ الخراف هم مباركون من الآب، إنّهم أبناء التّطويبات.

مباركون لأنّهم يعلنون أمانتهم في تتميم أعمال الرّحمة والمحبّة.

الإهتمام بالمرضى والفقراء يتجلّى في خدمة يسوع في حياته التّاريخيّة وقد كان يجول صانعًا خيرًا، يعلن الكلمة ويدعم الكلمة بالآيات ومعجزات الرّبّ الإلهيّة.

لقد كشف ذلك في الكتاب المقدّس حيث أعلن يسوع مجيء ملكوت الله في شفاء المرض والتّعاطف مع المتألّمين. "ولمّا جاء إلى العبر إلى كورة الجرجسيّين، استقبله مجنونان خارجان من القبور هائجان جدًّا، حتّى لم يكن أحدٌ يقدر أن يجتاز من تلك الطّريق." (متّى 8: 28). "فلمّا رأى الجموع تعجّبوا ومجّدوا الله الّذي أعطى النّاس سلطانًا مثل هذا." (متّى 9: 8). "ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشّياطين، فقد أقبل عليكم ملكوت الله!" (متّى 12: 28).

لذلك طلب يسوع من تلاميذه حمل هذه الخدمة والعمل بموجب مشورته "وقال لهم: «إذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلّها." (مرقس 16: 15).

المباركون هم الذّين يخدمون شخص يسوع من خلال الفقراء والمهمّشين والمعوزين "فيجيب الملك ويقول لهم: الحقّ أقول لكم: بما أنّكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي فعلتم." (متّى 25: 40). الذّين يهملون حاجات المعوزين، هم الذّين لم يروا يسوع أبدًا، لم يسيروا على خطى يسوع، لم يواصلوا عمل يسوع الّذي دعاهم إليه، لم يكتشفوا أنّه يسوع الملك، لم يعطوا لملك يسوع المقام الأوّل في حياتهم.

المباركون هم ورثة الملكوت هم الذّين تبعوا يسوع وتحمّلوا الاضطهادات بدون تراجع. لقد اكتشفوا أنّ يسوع الملك يختلف تمامًا عن بقيّة ملوك العالم. أعلن يسوع في الكتاب المقدّس مجيء ملكوت الله في شفاء المرضى، وهو يتماهى في المهملين والمتروكين.

المباركون ورثة الملكوت هم الذين تبعوا يسوع وتحمّلوا الاضطهادات بدون تراجع "ولكن الّذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص." (متّى 24: 13). لقد اختبروا ملكوت الله ولم يتراجعوا، لقد اكتشفوا يسوع الملك الذي يختلف تمامًا عن بقيّة ملوك العالم. إنّهم يعرفون الملك الذّي يمنح السّلام، ينظر بحنان، يساعد المحتاجين ويسمع صراخ المتألّمين. يعرفون أنّه في ملكوت الله لا يوجد أيّ جائع، عريان أو مريض... والرّبّ يمسح الدّموع ويمنح الفرح. إنّهم شهود للمسيح الملك ويعلنون ملكوت الله "الآن" من خلال خدمة المحبّة.

وإختتم الخوري كرم تأمّله بعبرة للعيش، فقال: "هل تفرح في الخدمة والعطاء، ناظرًا إلى يسوع يتهلّل بالفرح ويقبّلك قبلة الحبّ؟ هل ترى المحتاج بنظرة إيجابيّة، عالمًا أنّه أداة لخلاص النّفوس؟"