دينيّة
30 نيسان 2023, 07:00

خاصّ- الخوري كرم: هل تسعى لبناء علاقة شركة ومحبّة مع الرّبّ؟

نورسات
"يعطي يسوع لتلاميذه دليلًا على قيامته، وهي حقيقة غير عاديّة تتطلّب علامة غير عاديّة. نجد في هذا العمل بعض التّناقضات: النّهار يقاوم اللّيل، والصّيد المثمر يعارض الجّهد الباطل، واهتمام يسوع ببطرس، وهو ما أنكره." بهذه المقدّمة استهلّ الكاهن المتفرّغ لصلاة الشّفاء في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم تأمّله لموقعنا في الأحد الرّابع من زمن القيامة للقدّيس يوحنّا (21: 1- 14) المعنون "يسوع يتراءى لتلاميذه على بحيرة طبريّا".

وأكمل: "في الآيات 1- 3 نتأمَّل بالصَّيد الَّذي سيؤتي ثماره. قال يسوع في متّى (26: 32) "ولكن بعد قيامتي أسبقكم إلى الجليل"، وهذا ما أكّدته الملائكة يوم القيامة "واَذهَبا في الحالِ إلى تلاميذِهِ وقولا لهُم: قامَ مِنْ بَينِ الأمواتِ، وها هوَ يَسبُقُكُم إلى الجَليلِ، وهُناكَ ترَوْنَهُ. ها أنا قُلتُ لكُما" (متّى 28: 7). إذًا التّلاميذ التَقوا في الجليل حيث كان الرَّبّ ينتَظِرُهُم.

ومع ذلك، نكتشف أنّ حياة التّلاميذ تستأنف جوًّا من التّشتت والإحباط في مناخ من الفشل بسبب تزعزع  الرَّأس.

إجتمع الرُّسُل السَّبع للعودة لمُزاولة حياتهم القديمة. جوّ من الإحباط والتَّعثُّر. إنّهُم يصطادون طوال اللّيل بلا نجاح، بالرُّغم من أنَّ الرَّبّ حيّ وقد قام من الموت، حتّى لو وجدنا أنفُسنا حيثُ يُريدُنا الرَّبّ فإنّنا لا نستطيع أن نفعل شيئًا مفيدًا إذا اعتمدنا على أنفسنا.

الّرَب يُريد أن يُصبِح بطرس صيّادًا للبشر (متّى 4: 19).

في الآيات 4- 7 نتأمَّل بِظُهور الرَّبّ، نُقابِل بين حُضور الله في جنَّة عدن وهو يسير في برد النّهار طالِبًا الشَّرِكة مع الإنسان (تكوين 3: 8).

هُنا نرى يسوع واقِفًا على شاطئ البُحيرة ويسعى للتّواصل مع التَّلاميذ. لاحظ كلّ شيء أثناء اللّيل، رُغم أنَّه غير مرئيّ ويرغب بالاتِّصال بهم. إنّهُ يُريد الآن أن يَكشِفَ لهُم عن نفسه بإعتِباره ربَّهُم ويُعلِّمَهُم أن يتصرّفوا في طاعة لكلمته وليس بجهودهم الخاصَّة. يتدخّل يسوع عندما يبدو أنّ الجميع قد فَشِلوا. بخيبة أمل وانغلاق على أنفسهم، فقدوا كلّ قدرة على التّمييز روحيًّا: فهم لا يتعرّفون على الشّخص أو الصّوت. هذا المشهد هو دليل على ما قاله يسوع "بعيدًا عنّي لا يُمكِنُكُم فعل أيّ شيء" (يوحنّا 15: 5).  

هُناكَ أجرٌ عظيم في الإستماع إلى الله، "وأنا عبدُكَ أستَنيرُ بِها، ولي في حِفْظِها ثوابٌ عظيمٌ." (مزمور 19: 12)

نتأمّل في طريق المؤمن للوصول إلى علاقة مع الرّبّ، في الآية 5 نُجاهِر بالاعتِراف بالفشل، في الآية 6 نُعلن الطّاعة للرَّبّ، في الآية 7 نُكافأ بالبركة.

إنَّها المُعجِزة الأخيرة في يوحنّا الَّتي تمَّ الإبلاغ عنها بعد قيامة الرَّبّ- الأولى مثل الأخيرة تمَّت في عرس قانا الجليل وأظهر الرَّبّ مجده "في اليوم الثّالث". وفي الآية 14 في ظُهوره الثّالث أيضًا بعد القيامة يظهر الرَّبّ حُبَّه لتلاميذه، ولم تتغيّر شخصيّة التّلاميذ: كان يوحنّا أوّل من عرف يسوع ولكن بطرس هو أوَّل من تحرَّك. إستطاع يوحنّا الذي كان قريبًا من يسوع أن يلاحظ وجوده وقال: إنَّه إله!

نُواصِل التَّأمُّل بالآيات 8- 14 يسوع هو إبن الله وخادم بامتياز. عندما وصل التَّلاميذ إلى الضِّفَّة، رأوا وعاءًا به سمكة. لا بُدّ أنّ مشهد الجمر ذكَّر بطرس بالمشهد الذي ينكر فيه سيّده.

الرَّبّ تحوَّل من ضيف إلى مُضيف لم يكن بحاجة إلى سمكة تلاميذه، بل سبقهم بإحضار الطّعام بنفسه.

في بداية خدمته، قال الرَّبّ "تعاليا وانظرا" (يوحنّا 1: 39).

خلال خدمته دعا أيّ شخص أن يأتي ويشرب (يوحنّا 7: 37). والآن وقد انتهى عمله، يُمكِن للرَّبّ أن يقول "تعالوا تعشَّوا"."

وإختتم الخوري كرم تأمّله بعبرة للعيش، وكتب: "بعد قيامة يسوع قدَّم نفسه للرُّسُل، وبعد أن عرفه بطرس تمكّن من سحب الشّبكة بقوّة! هل تسعى لبناء علاقة شركة ومحبَّة مع الرَّبّ لكي توصِلك لجذب نفوس الأُمم لشبكة الكنيسة؟"