دينيّة
15 آب 2023, 07:00

خاصّ- الخوري موره: مريم تدعونا لنعيد النّظر في نوعيّة إيماننا وصلاتنا ومحبّتنا

نورسات
لمناسبة عيد انتقال السّيّدة مريم العذراء بالنّفس والجسد إلى السّماء خصّ خادم رعيَّة إهدن - زغرتا والمرشد العام للسّجون في لبنان الخوري جان موره موقعنا بتأمّل روحيّ معمّق، فكتب:

"آمنت الكنيسة على مرّ العصور "أنّ أمّ الله الطّاهرة، في ختام حياتها الأرضيّة، قد نقلت نفسًا وجسدًا إلى المجد السّماويّ". وّهذا مّا حّدّدّه البابا بيوس الثّاني عشر في الأوّل من شهر تشرين الثّاني عام 1950، عقيدةً إيمانيّة، حيث قال: "إنّها لحقيقة إيمانيّة أوحى الله بها، أنّ مريم والدة الإله الدّائمة البتوليّة والمنزّهة عن كلّ عيب، بعد إتمامها مسيرة حياتها على الأرض نقلت بجسدها ونفسها إلى المجد السّماويّ". ويبيّن البابا أنّ هذا العيد “لا يذكر فقط أنّ الفساد لم ينل من جسد مريم العذراء، بل يذكر انتصارها على الموت أيضًا، وتمجيدها في السّماء، على مثال ابنها ووحيدها يسوع المسيح."

إنّ مريم بانتقالها إلى السّماء تدعونا، اليوم في هذا العيد المجيد، لنعيد النّظر في نوعيّة إيماننا وصلاتنا ومحبّتنا. إنّها تريد أن ننتقل من اليأس إلى الرّجاء، من الخطيئة إلى البرارة، من الحقد إلى المسامحة. إنّها تدعونا لكي نزيل الحواجز من أعماقنا فننفتح على الله وعلى الآخرين بالمحبّة والتّسامح والغفران، وبخاصّةً الّذين يجمعنا معهم الإيمان الواحد.

إنّ مريم بانتقالها إلى السّماء، تدعونا، على مثالها واقتداءً بها، لتجسيد كلمات رسالة مار بولس في هذا العيد، والّتي تحوي برنامج حياة لكلّ إنسان يريد أن يحيا مسيحيّته بصدق وفعاليّة، وهو ما جسّدته واقعيًّا في حياتها، فاستحقّت الطّوبى من كلّ الأجيال: “فها منذ الآن تطوّبني جميع الأجيال"...

العذراء أحبّت بصدق (بلا رياء) زارعة الخير حيثما حلّت، منذ طفولة الرّبّ يسوع مرورًا بعرس قانا الجليل ووصولاً إلى الصّليب، حيث لم تنتقم ولا دعت إلى الانتقام بل شاركت ابنها في الغفران ولازمت الخير!

لقد جسّدت عمليًّا المحبّة بتواضع فبادرت إلى خدمة نسيبتها أليصابات رغم حملها، فاجتهدت مسرعةً لتصل إلى بيتها كما أعلمنا الإنجيل. ولم تيأس مريم يومًا بل عاشت الرّجاء رغم كلّ الصّعوبات، وبقيت ثابتةً في صلاتها وفي قناعتها بمحبّة الله للإنسان...

مريم مدرسةٌ لنا في الغفران، وأيضًا في التّضامن مع النّاس الّذين شاركتهم، وما زالت لليوم، أفراحهم وأتراحهم...

لكلّ هذا، استحقّت مريم الإنعامات الّتي أغدقها الرّبّ عليها. فكانت، بعد قيامة الرّبّ يسوع، أوّل المنتقلين بالنّفس والجسد إلى السّماء... وعلى مثالها وخطاها، لنسر، اليوم، بكلّ إيمان وثقة، ورجاء ومحبّة، في درب الرّبّ فيهدينا إلى درب القيامة به ومعه!".