دينيّة
05 نيسان 2018, 07:00

خاصّ- كفن المسيح في بكفيّا- لبنان

ريتا كرم
إلى كنيسة مار جرجس للرّوم الملكيّين المحيدثة في بكفيّا يدخل المؤمنون مذهولين وخاشعين في آن واحد. هم مذهولون لما تحتويه قطعة كتّان مستطيلة الشّكل معروضة في صدر الكنيسة من أسرار وحقائق علميّة، وخاشعون لأنّها فرصة مباركة ربّما لن تتكرّر مرّة جديدة، فرصة تتيح لهم الإصغاء بعمق إلى حدث القيامة. نحن نتكلّم عن "كفن المسيح" المقدّس الّذي تستضيفه كنيسة مار جرجس منذ سبت لعازر حتّى يوم الأحد 8 نيسان/ إبريل، مشرّعة أبوابها بين السّادسة والثّامنة مساء لزيارات المؤمنين الآتين من كلّ لبنان للتّبرّك و"للوقوف وجهًا لوجه أمام صورة رجل الكفن".

 

وفي التّفاصيل، هو نسخة عن كفن تورينو ترسلها الكنيسة إلى رعايا العالم من أجل أن يتبرّك منها المؤمنون غير القادرين على السّفر إلى إيطاليا وزيارته يوضح كاهن الرّعيّة الأب نقولا رياشي في حديث خاصّ لموقع "نورنيوز" الإخباريّ. وللمناسبة، استعانت الرّعيّة بالطّبيب الجرّاح د. شربل ساسين الّذي أضاء على الكفن المعروض من النّاحية العلميّة، في حين يرافق كاهن الرّعيّة الزّوّار في شرح لاهوتيّ يغذّي إيمانهم بيسوع القائم من الموت. 
ويردّ الأب رياشي أهمّيّة الكفن إلى كونه "الشّاهد الأوّل والأهمّ على حدث قيامة يسوع المسيح"، فعليه طُبعت سمات يسوع وآلامه إضافة إلى صورته بطريقة حيّرت العلماء" منذ أن بدأت الدّراسات في العام 1898 مع المحامي سيكوندو بيا المصوّر الأوّل للكفن، والّتي أثبتت اليوم أنّ رجل الكفن هو 99.99% نفسه يسوع النّاصريّ الّذي كان الرّجل الوحيد عبر التّاريخ الّذي صُلب وعلى رأسه إكليل شوك، علمًا أنّ ظاهرة الجلد والصّلب كانت شائعة لدى الرّومان في ذاك الزّمان. ويضيف الأب رياشي أنّ ما يراه الزّائر في كفن المسيح اليوم في بكفيّا هو تمامًا ما سيراه في تورينو؛ فالكفن هو نسخة ثلاثيّة الأبعاد، تظهر صورة المسيح "الشّرقيّ الملامح" على وجهي القماشة وإنّما مع فراغ في الوسط مشيرًا إلى أمر غريب وغير عاديّ، أمر زاد من حيرة العلماء عبر الزّمن بخاصّة أنّهم لم يتوصّلوا لغاية الآن إلى إصدار نسخة طبق الأصل عن هذا الكفن بأبعاده الثّلاثيّة؛ ومع ذلك فإنّ "كلّ تلك المواصفات المطبوعة على رجل الكفن، إضافة إلى الدّراسات الّتي أحاطت بالحمض النّوويّ وفحص دم رجل الكفن مقارنة مع منديل المسيح الموجود في إسبانيا وأعاجيب القربان المقدّس الّتي حصلت في العالم، والّتي أكّدت مرّة جديدة على فئة دم يسوع المسيح أيّ AB، تثبت أنّ الكفن يعود ليسوع". 
وها هي هذه الزّيارة لرعيّة مار جرجس المحيدثة- بكفيّا تأتي في زمن القيامة لدى الطّوائف الغربيّة والأسبوع العظيم لدى الطّوائف الشّرقيّة، كفرصة للمؤمنين للتّأمّل في أحداث الآلام وموت يسوع المسيح، وكشاهد أوّل على حدث القيامة يتيح لنا المجال للغوص في خفايا هذا السّرّ العجيب، يختم الأب رياشي. 
إشارة إلى أنّ معدّل طول كفن المسيح 4.42 مترًا وعرضه 1.13 مترًا، تميّزه الآثار الواضحة لجسم إنسان مصلوب يضع يديه الواحدة فوق الأخرى، رجلاه ممدودتان وشعره مسدل على وجهه. له شاربان ولحية منتوفة من الوسط. وعلى جسمه من الخلف بقع حمراء من الدّمّ، وعلى يديه ورجليه آثار مسامير، وعلى رأسه آثار نزيف قويّ ناتج عن إكليل الشّوك. أمّا على ظهره فعلامات الجلد واضحة، وجنبه الأيمن مطعون بحربة. وكلّها تشير إلى أنّ الكفن يعود إلى المسيح نفسه الّذي أظهرت الدّراسات أنّه لا يشبه أكفان أيّ أجساد أخرى والّتي أظهرت خلال فحصها تحلّلاً لجسد أصحابها.
ويُعرض اليوم الكفن الحقيقيّ للمسيح في كاتدرائيّة القدّيس يوحنّا المعمدان في تورينو- إيطاليا حيث يُحفظ في أطر صحّيّة مقاومة للحريق، ويُعرض في أوقات معيّنة ومناسبات خاصّة، خوفًا من تأثيرات العوامل الطّبيعيّة عليه وتجنّبًا لأعمال التّخريب.