دينيّة
13 كانون الأول 2020, 08:00

خاصّ- لا تخف!

غلوريا بو خليل
يتملّك الخوف العالم، ويسيطر على الإنسان ويضعفه، فيبعده عن فهم إرادة الله. ولكن في زمن الميلاد هذا وفي أحد البيان ليوسف بالتّحديد، يحثّنا ملاك الرّبّ على ألّا نخاف لأنّنا أبناء الرّجاء وأبناء القيامة. وللتّعمّق أكثر في إنجيل القدّيس متّى (1/ 18 – 25)، كان لنا حديث روحيّ مع كاهن رعيّة مار جرجس ومار ساسين - بيت مري الخوري بيار الشّماليّ الذي حدّثنا عن القدّيس يوسف وبيان الملاك له مشدّدًا على عدم الخوف والإيمان.

"إنّه خطّيب مريم، البارّ، حارس الفادي، حامي العائلة المقدّسة، شفيع الأبوّة والصّلاح وشفيع الكنيسة الجّامعة وقد كرّس له البابا فرنسيس هذه السّنة: إنّه يوسف!". بهذه المقدّمة استهلّ الخوري الشّمالي حديثه

واستطرد قائلًا: "نعم، هذا ما أصبحه نجّار النّاصرة، الغائص في سرّ الله إلى أقصى ما أخذته نفسه. فالبارّ هو الذي يجعل من الله رُكن حياته، ومن سرّ الله حضورًا تأمّليًّا دائمًا. فرغم ما نعرفه عن يوسف في تقليدنا الكنسيّ وفي تقوياتنا أكثر ما يجذبنا إليه أنّه رجلٌ يعيش في سرّ ذاته، وفي عمق الذّات قد أُعطيَ له أن يلقى جمال الله؛ وأنّه عرف كيف يستقبل عطيّة الله في حياته، وعرف أنّ الله إذ يُعطي، لا يُعطي شيئًا سوى ذاته؛ وأنّه أيقن كيف يتصرّف الرّجل البارّ بخفية، فلا يأخذ مكان الله، بل يترك له المكان الكافي لكي يعمل في حياته."

وتابع موضحًا: "لقد أصغى يوسف في العمق لصوت الله قائلًا له: ""لا تخف!" وكأنّ في هذه الكلمة الكثير من القوّة؛ ليس أيّ قوّة، إنّما قوّة الله. لا تخف يا يوسف من نظرة المجتمع والآخرين، وحتّى من كلام الشّريعة. لا تخف من ذاتك ومن ضعفك، لأنّ نعمة الله التي ظلّلت مريم ها هي تظلّلك وتمضي بك إلى الأمام."

وعن مساوء الخوف ونتائجه السّلبيّة شرح كاهن رعيّة بيت مري: "إنّ الخوف من أسوأ الشّرور فهو يكبّل الإنسان من الدّاخل، ويجهض كلّ المبادرات، ويقضي على كلّ طموح، ويحطّم كلّ تطوّر وتقدّم. الخوف يُدخل الإنسان في حالة من اليأس ويقيّد حرّيّته فيصبح عبد هواجسه وتخيّلاته. إنّه يقود الإنسان إذا ما استسلم إليه، إلى قعر الجحيم."

وإختتم الخوري بيار الشّماليّ حديثه بكلمة مشّدّدًا على عدم الخوف على غرار ما قاله الملاك ليوسف: "يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأتي بامرأتك مريم إِلى بيتك. فإنّ الّذي كوّن فيها هو من الرّوح القدس" (متّى 1/20). أمام الخوف الذي يسود عالمنا ويسيطر على البشر، ها هي كلمة الرّبّ يقولها لكلّ واحدٍ منّا: "لا تخف!"، فلنقم مثل يوسف نحن أيضًا ولنمضِ قدمًا لأنّ الرّبّ معنا."