دينيّة
10 آذار 2019, 08:00

خاصّ - لماذا البداية مع شفاء الأبرص؟

غلوريا بو خليل
في العهد القديم، كان الشّعب يرى مرض البرص نجاسة معدية تتطلّب عقابًا ونبذًا ونفيًا؛ أمّا في العهد الجديد مع يسوع، فيستدعي الرّحمة والرّأفة والإحاطة مثله مثل الخاطىء. وللإضاءة على هذه الآية وعن الغاية من بدء آيات الشّفاء بها في زمن الصّوم، كان لموقع "نورنيوز" الإخباريّ حديث مع رئيس أنطش سيّدة التّلّة - دير القمر وخادمه، الرّاهب المارونيّ المريميّ الأب جوزف أبي عون الذي أجاب عن كلّ تساؤلاتنا قائلًا:

 

"تستهلّ كنيستنا المارونيّة آحاد الصّوم المبارك المركّزة على شفاءات مختلفة قام بها يسوع، بإنجيل شفاء الأبرص للقدّيس مرقس (١/ ٣٥-٤٣). ورُبَّ مؤمنٍ يسأل: "لماذا البداية مع شفاء الأبرص وليس مع شفاء آخر كالمرأة النّازفة مثلاً؟"، فشرح الأب أبي عون مجيبًا "شفاء الأبرص هو في الواقع الحدث الذي يفتح لنا الباب لندخل منه إلى واحات الصّوم الهادئة وخيراته الرّوحيّة. هو الحاجز القاسي والموجع  الفاصل بين قديم وجديد وحان وقت إزالته. هو الحجاب حاجب الرّؤيا ومكبّل الأنفس، فشرع يسوع بنزعه لتحريرها."

وإستطرد الأب أبي عون "أريد أن أشير بأنّ كلّ تلك الأنواع من الأمراض التي سنراها خلال أناجيل آحاد زمن الصّوم، والتي منها سيشفي يسوع  أصحابها بالرّغم من ألمها ووجعها، وبخاصّة من أحكام شريعة الفرّيسيّين الجائرة وكأنّها قصاصٌ من الله بحقّهم، لم تكن لتصل إلى حدّ فصلهم كليًّا عن المجتمع: بينما مرض البرص هو انفصال كامل وتامّ عن الحياة العائليّة والاجتماعيّة العاديّة، ووضعهم في مكان خاصّ بعيد "خالٍ من الحياة"،  والأصعب من ذلك إنسانيًّا، وجوب حامل هذا المرض تعليق جرس في العنق، يجب قرعه،  في كلّ مرّة شعر بأنّ أحدًا ما يقترب من ناحيته، فتكون بمثابة إنذار للابتعاد والرّحيل."

"وللتّمكّن من الدّخول في زمن الصّوم وعيشه بحرّيّة أبناء الله"، قال الأب أبي عون، "يجب الشّفاء من "مرض البرص" الفاصل بيننا وبين ذاتنا وبيننا وبين الله والآخرين. لا يمكن تذوّق طعم الرّبّ ومشاركته صليب الصّوم من دون فتح الباب وتسهيل الطّريق وتعبيدها."

وأكّد كاهن رعية دير القمر أنّ "شفاء الأبرص في بداية الصّوم، هو شفاء لنا من كلّ الأمراض النّفسيّة والرّوحيّة والاجتماعيّة التي أو تملّكتنا ففصلتنا، أو ملّكناها في الآخرين ففصلناهم."

وعن آية "إن شئتَ فأنتَ قادرٌ أن تُطهرّني"، أوضح الأب أبي عون شارحًا: "توسّل الأبرص ليسوع وهو ساجد أمامه. هو فعل إيمان صارخ من الأبرص تجاه يسوع، بأنّه قادر على كلّ شيء حتّى على شفائه من هذا المرض الأصعب والأقسى. إله الحبّ والرّحمة الذي لم يأتِ سوى من أجل هذا الحبّ والرّحمة، لم يتردّد بأن يمدّ يده، ويكسر شرائع منع لمس الأبرص وتقاليدها، فيلمسه ويقول له "قد شئتُ، فاطهر". فخرج هذا المسكين وراح يُذيع الخبر فرِحًا مبتهجًا سعيدًا بحيث لم يعدْ باستطاعة يسوع الدّخول إلى المدن علانيّةً لكثرة ازدحام النّاس."

وإختتم الأب أبي عون حديثه بصلاة متضرّعًا "إشفنا يا ربّ واجعل هذا الصّوم سبيلاً نعلنُ فيه عن إيماننا بكَ وشهادة حبّ منكّ تجاه جميع النّاس، آمين."