دينيّة
29 تشرين الثاني 2020, 08:00

خاصّ– هل زيارة مريم لأليصابات هي قدوة لنا في زياراتنا؟

غلوريا بو خليل
كم اشتقنا أن نزور أحبّاءنا في زمن كورونا هذا، عسى اليوم على ضوء زيارة العذراء لنسيبتها أليصابات أن نتّخذ مريم مثالًا لنا، فنتعلّم أن تحمل زياراتنا المحبّة والتّواضع والخدمة، وتكون نوعيّة علاقاتنا مميّزة على خطى مريم. وللتّعمّق أكثر بهذه الزّيارة وفهم أبعادها ونوعيّتها، كان لموقعنا حديث روحيّ مع كاهن رعيّة بشلّلي في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم ليشرح لنا إنجيل القدّيس لوقا عن زيارة العذراء لأليصابات (1/ 39 – 45).

"يروي لوقا لقاء الإمرأتين ويلتقي من خلالهما الولدان المنتظران يسوع ويوحنّا. لقد مضت مريم مجدّةً في سيرها لتكون في خدمة نسيبتها فيما يتحقّق رمز تابوت العهد إذ قد صارت هيكلاً لله."

وتابع الخوري كرم مفنّدًا كلّ شخصيّة في هذا النّصّ الإنجيليّ، فقال: "حلّ إبن الله محتجبًا عن العيان، ولكن عينا أليصابات المؤمنة الممتلئة من الرّوح القدس، ستكتشف هذا الحضور الإلهيّ وتطوّب مريم على إيمانها.

يوحنّا، خاتمة أنبياء العهد القديم، لا قيمة له ولا معنى لوجوده، لم يرَ النّور إلّا ليحضّر الطّريق ليسوع بكر الإنسانيّة الجديدة. لذلك خلال لقاء الإمرأتين يلتقي الجنينان، فيمتلئ يوحنّا من الرّوح القدس وهو في الحشا الوالديّ، وتعلن أمّه بقوّة الرّوح القدس عينه عظمة مريم، الّتي تنبع من عظمة الجنين الّذي بدأ يتكوّن في حشاها.

مريم ممتلئة نعمة بحلول إبن الله فيها، ما إن وقع سلامها في أذني نسيبتها حتّى اهتزّ الجنين في بطنها، وامتلأت من الرّوح القدس. مريم إذاً تصبح بدورها ناقلة لسلام الله الّذي يملأ الغير من روحه، فهي حبلت بابن الله بقوّة الرّوح الّذي حلّ عليها فهو ليس ملكاً لها، بل إنّه بواسطتها كما بواسطة الملاك جبرائيل سابقًا ينتقل إلى الآخرين."

وأردف: "هذا اللّقاء يكشف لنا شفافيّة مريم، هي الّتي قبلت البشارة سرًّا وحلّ ابن الله محتجبًا فيها، لم تخفي بكلامها ومسلكها شفافيّة الحضور الإلهيّ. هكذا من يؤمن بحضور الرّبّ في قوّة العماد المقدّس والإفخارستيّا، يصبح أيضًا هيكلاً لله وحامل في قلب العالم على مثال العذراء."

وخلص كاهن رعيّة بشللّي إلى طريقة العيش على خطى مريم قائلًا: "وكم نحن المؤمنين نفتقر إلى مثل شفافيّة مريم، لنصبح بدورنا ناقلي الله إلى الآخرين، فمسلكنا وكلامنا وكلّ ما نقوم به من نشاطات وأعمال، ينبغي ألّا تخفي قوّة النّعمة الحالّة فينا؛ بل علينا أن نكون مرايا تعكس حضور الله وتفعل في الآخرين محرّكة عندهم الإيمان بالله والاعتراف به. فإيمان مريم المطلق وغير المتردّد بما قاله الملاك لها هو سرّ عظمتها. هذا التّفاعل الإيمانيّ الواضح من قبلها مع بشارة الملاك، جعل أمومتها لإبن الله ممكنة، فأصبحت المؤمنة الأولى بابنها، وموقف مريم المؤمنة مثال لنا: تسمع كلام الرّبّ وتحفظه متأمّلة به في قلبها، وتعمل بموجب هذه الكلمة."

وإختتم الخوري كرم سائلًا: "هل نحن في استقبالنا جسد الرّبّ في الإفخارستيّا وبالكلمة، يتجلّى هذا الحضور في حياتنا وتصرّفاتنا ومسيرتنا؟ هل زيارة مريم لأليصابات هي قدوة لنا في نوعيّة الزّيارة الّتي تنقل الحبّ وتجعل الرّوح القدس يتدفّق من أجوافنا لكي يملأ الآخرين بحبّ الرّبّ؟"