دينيّة
20 كانون الثاني 2017, 06:30

ديرٌ أرثوذكسيّ لدخول السّيّدة.. في بيروت

تمارا شقير
هو دير دخول السّيّدة العذراء، يقع على تلّة قرب غابة الحسينيّة وعلى تخوم مدينة بيروت. بُني في الأشرفيّة، وكُرّس تزامنًا مع عيد دخول السّيّدة إلى الهيكل في 21 تشرين الثّاني/ نوفمبر ببركة متروبوليت بيروت للرّوم الأرثوذكس المطران جراسيموس مسرّة الّذي أطلق عليه اسم "دير الرّاهبات اللّواتي لا ينمن" كون الصّلوات فيه كانت متواصلة ليلاً نهارًا.

يتميّز الدّير بموقعه الخاصّ فيقع على الحدود بين منطقة السّيوفي الغنيّة وبين منطقة كرم الزّيتون الّتي يقطنها أحفاد المسيحيّين الّذين نزحوا من حوران عام 1925. وتعتبر كنيسته اليوم موقع التقاء المؤمنين من طبقات اجتماعيّة مختلفة.

أسّست دير دخول السّيّدة ورهبنته الأمّ كاترين كركبي الّتي عاشت في منزلها في بيروت ناسكة بعد وفاة زوجها عام 1888 قبل أن ينضمّ إليها عدد من الفتيات اللّواتي كُنَّ يَتُقن إلى عيش الحياة الرّهبانيّة. وبعد مرور عشر سنوات، أي عام 1898، اعتُرف بالأخت كركبي راهبةً. أمّا عام 1902 فبادر كلّ من السّيّد متري غلام وزوجته سعدى أبو الرّوس بتكريم السّيّدة العذراء بعد شفائهما من مرض عضال، وقدّما إحدى أراضيهما هبة لبناء ديرٍ وكنيسة. وهكذا أبصرت الرّهبانيّة والدّير النّور وأُطلق على كنيستهما اسم "سيّدة الظّهورات" نسبةً لظهورات العذراء العجائبيّة الّتي حصلت فيه لأكثر من مرّة. ويُذكر أنّ الرّاهبات في الدّير يعشن من عائدات عملهنّ في خياطة ملابس الرّهبان والإكليروس، وما زلن يتّبعن النّظام الرّهبانيّ الأورشليميّ الّذي يعتبر الدّير ملجأ للمضطهدين والبؤساء.

توّفيّت المؤسّسة الأخت كركبي عام 1915 وخلفتها في الرّئاسة الأخت مريم قربان الّتي عملت على توسيع الدّير وشراء بعض الأراضي المجاورة. وخلال عام 1929 انتخبت الأخت إفدوكيّا مجدلاني رئيسة للدّير فابتاعت بدورها بستانًا وأرضًا ملاصقين للدّير خدمة لرسالته. واشتهر الأخير خلال عهد مجدلاني باستقبال الفتيات اليتيمات وعُهِد العمل إليهنّ.

توّفيت الأخت مجدلاني عام 1954 وتبعتها الأخت أنستازيا أيّوب وتقلا عازار، فبقِيَ الدّير من دون رئيسة حتى عام 1964 حين عيّن متروبوليت بيروت إيليّا الصّليبي الأخت ماريغو تبشراني رئيسةً له.

أسسّت الأخت بيلاجيا تبشراني، شقيقة الأمّ ماريغو استديو داخل الدّير لكتابة الأيقونات، وذاع صيت عمل الرّاهبات الفنّيّ ورُفعت الأيقونات المكتوبة في عدد من الكنائس اللّبنانيّة كما في كنيسة الدّير المزيّنة بعدد من الأيقونات الّتي تُمثّل المسيح الضّابط الكلّ، ويوحنّا المعمدان السّابق لمجيء المسيح، ودخول السّيّدة العذراء إلى الهيكل ومراحل حياتها، وشفيع بيروت القدّيس جاورجيوس.

أمّا في ما يختّص بهندسة الدّير وجماليّته فنمط الهندسة نسخة محلّيّة عن الفنّ الجديد الفرنسيّ الّذي ازدهر في بداية القرن العشرين في بيروت. ويعتبر دير دخول السّيّدة أحد أديرة العاصمة المعاصرة القليلة في لبنان المبنيّة على الطّراز الغربيّ.

بُني دير دخول السّيّدة منذ أكثر من 100 عام وهو ما زال قائمًا حتّى الآن فأروقته العابقة بالخشوع تغمر الرّاهبات برجاء كبير يساعدهنّ على الثّبات في رسالتهنّ فينشرن المحبّة والإيمان بكلّ فرح وأمانة.