دينيّة
05 شباط 2022, 08:00

رفضت إغراءاته والتّخلّي عن إيمانها فقطع ثدييها

ريتا كرم
"إنّ خلاصي هو المسيح ربّي"... مقولة نقتبسها اليوم عن لسان الشّهيدة أغاثا البتول، مقولة تعكس قناعة لا بل أكثر من ذلك إيمانًا ما خافت أن تعبّر عنه وهي تحت الخطر.

 

هي إيطاليّة الأصل، رائعة الجمال وغنيّة المادّة. كلّ تلك المزايا الحلوة لم تغرّها ولم تأسرها، بل تخلّت عنها كلّها لتسمو نحو السّماء متعلّقة بالمسيح دون سواه.

لكن في المقابل، هذا الجمال لم يُخفَ عن نظر كلّ من التقاها وبخاصّة عن نظر القنصل الرّومانيّ كونتيانوس الّذي كان معروفًا بفظاظة أخلاقه وفسقه، والّذي راح يراودها محاولاً إغراءها، إلّا أنّها لم تستجب له بل كانت تنفر منه بشكل مستمرّ، ما دفعه إلى توقيفها بحجّة أنّها مسيحيّة، فأودعها السّجن غير مستسلم لمحاولاته.

أغاثا لم يهزّها شيء فبقيت صامدة صمود اللّبوة وراء تلك القضبان، ثابتة في هويّتها المسيحيّة وإيمانها "الحرّ" معلنة بأعلى صوتها "أنا حرّة ومن أسرة شريفة، لكنّني أنا آمة المسيح ولي الشّرف الأسمى بخدمة الإله الحقيقيّ". 

هذا الجواب استفزّ القنصل الّذي ردّ قائلاً: "ألسنا نحن من الشّرفاء نعرف الآلهة وشرفها؟"، فأجابته: "لقد أضعتم شرفكم وأصبحتم عبيدًا للخطيئة ولآلهة صمّاء من خشب وحجر".  

وفي تلك اللّحظة، أخرجت أغاثا من كونتيانوس كلّ غضب فهدّدها وأعادها إلى ظلمة سجنها الّذي أنارته بمحبّتها الثّابتة بيسوع، محبّة لم تبدّدها وحشة تلك اللّيلة ولم تردّها عن إيمانها أو ما وصفه القنصل الرّومانيّ بـ"العناد" حين سألها "هل تراجعت عن عنادك وفكّرتِ بخلاصك؟، فكان جوابها: "إنّ خلاصي هو المسيح ربّي".

هنا، لفّ الشّرّ كيانه فأمر بقطع ثدييها قبل أن يعيدها إلى سجنها حيث ظهر لها القدّيس بطرس بهيئة شيخ حكيم، في منتصف اللّيل، فعزّاها وشفاها باسم الرّبّ يسوع؛ وسطع حينها نور سماويّ بهر أنظار الحرّاس الّذين هربوا ذعرًا.

خبر الشّفاء وصل إلى مسامع كونتيانوس، فتمزّق الأخير غيظًا، وانتفت من داخله كلّ مشاعر الرّحمة والرّأفة، فأمر بجرّها على قطع من الخزف والجمر انتقامًا. نفّذ الحرّاس أوامر سيّدهم حتّى أسلمت أغاثا الرّوح سنة 254، قبل أن يغرق كونتيانوس ومركبته بعد أيّام في النّهر ويختفي.

أغاثا الّتي أحبّت يسوع أكثر من أيّ شيء، صنعت باسمه آيات كثيرة بعد مماتها. ونحن اليوم، في عيدها المبارك، نطلب شفاعتها لتثبّت كلّ من تزعزت أسس إيمانهم أو تأرجح أمام مغريات الحياة، فتكون لهم القدوة في التّخلّي عن كلّ المادّيّات والشّهوات، والصّمود صمود الجبابرة أمام كلّ شرّ داهم والتّغلّب عليه باسم الرّبّ يسوع.