لبنان
12 حزيران 2020, 05:55

زحلة أحيت عيد أعيادها بالرّغم من الظّروف الاستثنائيّة

تيلي لوميار/ نورسات
تحت شعار "أنت وحدك شفاؤنا"، بارك القربان المقدّس زحلة في خميس الجسد الإلهيّ للسّنة الخامسة والتّسعين بعد المئة، في احتفال اختلف عن احتفالات السّنوات السّابقة بسبب كورونا، إذ اقتصر على إقامة قدّاس احتفاليّ في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة ترأّسه راعي أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع المطران عصام يوحنّا درويش، بمشاركة كهنة الأبرشيّة وحضور رئيس بلديّة زحلة– المعلّقة وتعنايل المهندس أسعد زغيب، ومدير عامّ وزارة الزّراعة المهندس لويس لحّود، وقائد الشّرطة العسكريّة في البقاع العقيد أندره حرّوق، وحشد من المؤمنين.

وبعد الإنجيل المقدّس ألقى المطران درويش عظة تحدّث فيها عن معاني العيد فقال :"نحتفل اليوم بخميس الجسد الإلهيّ، أيّ بحضور يسوع المسيح بيننا ومعنا، إنّه عيد مدينة زحلة، لا بل هو عيد أعيادها، وقد اتّخذنا لهذه السّنة شعارًا من واقع حياتنا: "أنت وحدك تشفينا". فالله يعرف مرضنا وهو وحده القادر أن يشفينا. يشفي أوّلاً قلبنا ثمّ يشفي جسدنا، لأنّ رحمته لا حدود لها. إنّه الطّبيب الحقيقيّ الّذي يشفي مرضنا.

صحيح أنّ يسوع هو دومًا معنا كما وعدنا بأنّه لن يتركنا وبأنّه يرسل لنا بشكل دائم روحه القدّوس ليثبّتنا وينمّي فينا كلمة الله، لكنّنا اليوم وفي هذا العيد، ننفض عنّا غُبارَ تقصيرِنا وخطيئتِنا وإهمالِنا، لنواكبَ، بمحبّتِنا وخضوعِنا وصلواتِنا، يسوعَ الفادي في سرّ الإفخارستيّا. نواكبُهُ وقلوبُنا عامرة بالإيمان والرّجاء، فالإفخارستيّا هي كنزُنا نحن المؤمنين، وهي سرُّ إيماننا وغذاؤنا الرّوحيّ، وهي أثمنُ ما نمتلك في هذا العالم. لذلك نعتبر أنّ التّطواف بالقربان المقدّس هو نعمة من الله تُعطى للّذين يشاركون فيه.  

هذه السّنة وبشكل استثنائيّ، لن نتمكّن من إقامة الزّيّاح كعادتنا سيرًا على الأقدام وإعطاء البركة أمام الصّمدات، لكنّنا سنطوف بالقربان المقدّس ليبارك الرّبّ من جديد، مدينَتنا، ويُبعد عنها كلَّ جائحة، وكما أبْعدَ عن آبائنا وأجدادنا الطّاعون عام 1825 وشفاهم منه، هكذا سيشفينا من الأوبئة الّتي تجتاحُ بلادَنا، فأيّ عدوّ مهما عظُمت قوتُه، لن يصمُدَ أمام صلواتكم ودعاكم، فالمسيح أحبَّ خاصَتهُ ومنحهم "جسده ودمه مأكلاً ومشربًا حقيقيّين".

أيّها الأحبّاء، أبناء مدينة زحلة، يجول يسوع بينكم اليوم بالإفخارستيّا منتصرًا، إنّه الحبُّ المنسكبُ على محبّيه، إنّه النّورُ الّذي ينير حياتنا، إنّه النّار الّتي تُصيّرنا أنقياء، إنّه المأكل الّذي يَسُدُّ جوعَنا، والمشرب الّذي يروينا. فيا ربّ نسألك، أن تنظر بعطفك وحنانك إلى شعبك المؤمن وإلى رعيّتك الّتي اخترتها، فتُبعدَ عنهم هذا الوباء الّذي ابتلت البشريّة به.

يمرّ يسوع في شوارع المدينة فلنسأله أن يشفينا ويُبعدَ عن بلدنا طاعون الفساد المتأصّل في نفوسنا، وأطلب منكم أن يكون يوم الخميس القادم 18 حزيران، وهو وداع عيد الجسد، يوم صلاة ليستأصل الرّبّ منّا كلَّ فساد يعيق تقدّم لبنان ورفاه شعبه. وسيشترك معنا في الصّلاة في هذا اليوم، أخوة وأخوات لنا في الولايات المتّحدة وكندا وأستراليا.

نسأل الله أن يوحّد مدينتنا ويباركها، ويبارك إرادتنا الخيّرة. نشكره لأنّه جعلنا شركاء له في ذبيحته الشّخصيّة وجعلنا شعبًا إفخارستيًّا، على مثال مريم العذراء الّتي نطلب اليوم شفاعتها. آمين."

وبعد القدّاس انطلق موكب الجسد في السّيّارات نحو كاتدرائيّة مار مارون في كسارة حيث عزفت موسيقى الكشّاف المارونيّ تكريمًا للجسد المقدّس، وانضم مطران الموارنة في زحلة جوزف معوّض إلى الموكب لفترة قصيرة لاضطراره إلى المشاركة في مأتم المثلّث الرّحمة المطران يوسف بشارة في بيروت، وسلك الموكب طرق حوش الأمراء حيث أعطيث البركة أمام الكنائس، وصولاً إلى كنيسة السّيّدة في حيّ السّيّدة حيث انضمّ مطران السّريان الأرثوذكس بولس سفر إلى الموكب. بعدها سلك الموكب طريق المعلّقة– حوش الزّراعنة وصولاً إلى كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس حيث انضمّ إليه مطران الرّوم الأرثوذكس أنطونيوس الصّوريّ .

وأمام سراي زحلة أعطى الأساقفة البركة بحضور محافظ البقاع القاضي كمال أبو جودة، والنّائب سليم عون والقادة الأمنيّين، وكانت كلمة للمطران عايد فيها الزّحليّين، وأطلق دعوة للصّلاة من أجل استئصال الفساد في لبنان، يوم الخميس في 18 حزيران/ يونيو الجاري، طالبًا من الجميع المشاركة في الصّلاة على هذه الّنيّة.

وتابع الموكب طريقه سالكًا البولفار وصولاً إلى الكلّيّة الشّرقيّة، وكان مديرها الأب شربل أوبا بالاستقبال، وعزفت موسيقى الكشّاف اللّبنانيّ نشيد التّعظيم وصُمد القربان بمشاركة عدد من الطّلّاب، قبل أن يتوجّه الموكب القربانيّ إلى محطّته الأخيرة: مطرانيّة سيّدة النّجاة، وأقيمت رتبة خاصّة شارك فيها الأساقفة وأعطوا في نهايتها البركة للمؤمنين.