لبنان
23 أيار 2019, 13:48

زحلة استقبلت ذخائر القدّيسة ريتا من كاسيا

إستقبل آلاف المصلّين في زحلة ذخائر القدّيسة ريتا الّتي استقدمها المهندس أسعد نكد من ديرها في كاسيا- إيطاليا، لتوضع بشكل دائم كابيلا القدّيسة ريتا في مقام سيّدة زحلة والبقاع.

 

وللمناسبة أقيم قدّاس احتفاليّ ترأّسه راعي أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع المطران عصام يوحنّا درويش بحضور الأسقفين أنطونيوس الصّوريّ وبولس سفر، والمونسنيور عبدو خوري ممثّلاً المطران جوزف معوّض ولفيف من الكهنة ورؤساء الأديرة، وحشد من الفاعليّات البلديّة والاختياريّة والجمعيّات الرّوحية في زحلة والبقاع وسيّدات لجنة الكابيلا.
وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى درويش كلمة قال فيها: "نحتفل معكم هذه اللّيلة بحضور وبركة أصحاب السّيادة، بعيد القدّيسة ريتا، الّتي تحمل لقب شفيعة الأمور المستحيلة لكثرة العجائب الّتي تَجري بشفاعتها وهي تساعد من يتشفّع بها في حلّ قضايا يبدو حلّها مستحيلاً.
في هذا العيد نتقدّم منكم جميعًا بالمعايدة ونصلّي معكم لتشفع بنا القدّيسة ريتا لدى عرش النّعمة فننعم بالطّمأنينة والسّلام. نشكر كلّ من تعب وحضر هذا الاحتفال، كاهن المقام حضرة الأب إيلي أبو شعيا ولجنة المقام. كما نشكر كلّ من يخدم كابيلا القدّيسة ريتا ويسهر على العناية بها ويصلّي فيها طالبًا شفاعتها.
كما نصلّي للمهندس أسعد نكد وعائلته على جهوده الكبيرة للاحتفال بهذا العيد، والّذي جعل من إكرام القدّيسة ريتا بشتّى الوسائل همّه الأكبر. فهو يبذل بسخاء في سبيل إكرامها ولا يتردّد لحظة تجاه أيّ طلب لمزيد من الاحتفال بعيدها.
يخبرنا إنجيل اليوم عن أعجوبة تكثير الخمسة أرغفة والسّمكتين، فالنّاس لازموا يسوع طوال النّهار وكانوا يستمعون لكلامه وينالون منه النّعمة والشّفاء. ولمَّا قرب المساء أراد يسوع أن يُشبع جسدهم كما أشبع روحهم بوعظه وعجائبه. ولم يجد التّلاميذ بين الجموع إلّا صبيًّا كان يحمل خمسة أرغفة من الشّعير وسمكتين. والإنجيليّ يركّز على أنّ عدد النّاس كان خمسة آلاف رجل ما عدا النّساء والأطفال. صلّى يسوع وبارك الخبزات والسّمكتين وطلب أن يوزّع الطّعام على المتّكئين وفي النّهاية بقي من الخبز "اثْنتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً، مِنْ خَمسةِ أَرْغِفَةِ الشَّعير".
يمكننا أن نستفيض طويلاً بشرح هذه الحادثة، لكنّني أودّ اليوم أن أركّز على نقطتين مهمّتين: الإفخارستيّا وحبُّ الله ورحمتُه.
أوّلاً: أراد الإنجيليّ يوحنّا أن يُشير عبر هذه الأعجوبة إلى المنّ النّازل من السّماء للحياة الأبديّة، أيّ الإفخارستيّا الّتي تطعم كلّ البشريّة، فالمسيح هو الخبز الحقيقيّ النّازل من السّماء.
بتكثيره الأرغفة، أراد يسوع أن يهيّئ تلاميذه ليوزّعوا لاحقًا جسده على المؤمنين في شكل الخبز، فالاثنتا عشرة سلّة الّتي بقيت أخذها الرّسل ليؤسّسوا من خلال هذا الطّعام الإلهيّ جماعات كثيرة في أنحاء العالم. وها نحن نأكل اليوم نعمة وبركة وغذاء روحيًّا من هذه السّلّات الّتي تركها لنا يسوع المسيح. ففي كلّ إفخارستيّا يوزّع الرّبّ علينا خبز الحياة لكي لا نجوع ولا نعطش، والمؤمن ينهلُ من ينبوع الحقّ الّذي لا ينضب، وفي قلبه اضطرام للمعرفة الّتي ألهبت قلبي التّلميذين على طريق عِمّاوس.
الكنيسة ولدت من السّرّ الفصحيّ ونحن معًا ولدنا، نولد باستمرار من الإفخارستيّا الّتي هي كنز المسيحيّ، وفي كلّ مرّة نحتفل بها، تصير هذه الإفخارستيّا حدثًا حاضرًا، ونحن فيه حاضرون، نستطيع أن نشارك فيها ونتذوّق ثمارها بطريقة لا تنضب. هذا هو الإيمان الّذي أحيا الأجيال المسيحيّة عبر القرون.
ثانيًا: لقد أحبّنا الله إلى المنتهى (يو13/1) والمنتهى هي الإفخارستيّا، هي أن نكون مع يسوع في ملكوته، المنتهى هو كمال المحبّة فينا، محبّةٌ تُثبِّتُ الله فينا، وقد قال لنا: "كما أَحبَّني الآبُ، أَنا أَيضًا أَحْبَبْتُكم: فاثْبُتوا في مَحَبَّتي (يو15/9). بإعطائنا هذا الزّاد السّماويّ حصلنا على تمام المحبّة، حصلنا على المحبّة عينها. فعندما أمّنَ يسوع الطّعام للجموع برهن لنا على كثرة رحمته، تحنّن على الجموع، شعر معهم، أرادهم أن يشتركوا في الخبز الواحد، ليكونوا متّحدين بعضهم ببعض في شركة روح قدسٍ واحد.
لقد أراد الإنجيليّ أن يركّز من خلال هذا الحدث على حنان يسوع وعلى رحمتِه وعلى جوعِنا إلى كلام الله. لأنّ الرّحمة هي خاصّة الله ومن طبيعته، وجوهرُه "ليس هو إلّا حبّ ورحمة" كما تقول القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع.
أيّها الأحبّاء اليوم يتوجّه يسوع إلينا ويقول لنا ما قاله للتّلاميذ: "أعطوهم ما يأكلون"، أعطوا أخوتكم المحبّة والانتباه، اهتمّوا بأخوتكم، كونوا معهم، أيقظوا في قلوبهم حنان الله ليكونوا رحماء على مثال رحمة الله، لأنّ الرّحمة هي إرادة الله فينا لنفعل الخير.
من جديد أعايدكم بعيد القدّيسة ريتا وأرفع الدّعاء ليبارك الرّبّ حياتكم. آمين!".