العراق
15 تشرين الثاني 2022, 10:30

ساكو: الأمن الرّوحيّ والأخلاقيّ هو الضّمان للسّلام والعيش المشترك

تيلي لوميار/ نورسات
بعد عودته من البحرين وأبو ظبي، ومشاركته بمنتدى "الشّرق والغرب من أجل تعايش إنسانيّ ومنتدى "عولمة الحرب وعالميّة السّلام، والمقتضيات والشّراكات"، خطّ بطريرك الكلدان مار لويس روفائيل ساكو همومًا وآمالاً في مقال جديد نشره موقع البطريركيّة الرّسمي، جاء فيه:

"أكتب هذه الأفكار على ضوء مشاركتي في ملتقى البحرين "الشّرق والغرب من أجل تعايش إنسانيّ" (3-4 تشرين الثّاني 2022)، ومنتدى أبو ظبي التّاسع للسّلم "عولمة الحرب وعالميّة السّلام، المقتضيات والشّراكات" (8- 10 تشرين الثّاني 2022). وقد اشترك فيهما مسيحيّون ومسلمون ويهود ومندوبون من ديانات أخرى.

همٌ كبيرٌ نحمله حول الأوضاع العامّة في العالم والشّرق الأوسط مهد الحضارات والدّيانات، وبخاصّة العراق.

العراق بيتُنا المشترك. نحن فيه إخوة وأخوات، ونجد أنفسنا في الخندق الواحد،  لذا نحتاج إلى قوّة وسند بعضنا البعض، وإلّا بصراحة فنحن جميعًا إلى الهلاك.

العالم أمام تحدٍّ كبير. صراعات منهكة هنا وهناك و تشدّد طائفيّ وقوميّ وفوضى وفساد، تمسّ حياة النّاس اليوميّة على المستوى الأمنيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ والدّينيّ.. وأمام تداعيات الحرب الرّوسيّة الأوكرانيّة والأزمة الغذائيّة والاحتباس المناخيّ وأزمة المياه والتّصحّر.

الحروب الصّغيرة قد تتحوّل إلى حروب كبيرة. فالعالم بحاجة إلى دور وسيط للمعالجات والحيلولة دون التّفاقم .

كلّنا نتحمّل مسؤوليّة ما يعيشه كوكبنا وبلدنا. والله سوف يحاسبنا. سوف لن يسألنا هل أنت مسلم شيعيّ أو سنّيّ، مسيحيّ كاثوليكيّ أو أرثوذكسيّ، سوف يسألنا عن قلقنا الواحد على الآخر، عمّا فعلنا بإخوتنا وأخواتنا. سوف يحاسبنا على محبّتنا وخدمتنا. هذه الأخلاق هي وحدها تؤسّس السّلام والأمان وهي وهج الحياة والطّريق إلى الأبديّة..

مسؤوليّة السّياسيّين: أن يهتمّوا بهذا البيت الواحد ويوفّر الأمن والأمان والخدمات للمواطنين ليعيشوا بحرّيّة وكرامة ويضمنوا لهم حقوق المواطنة الكاملة و يحترموا المال العامّ ويتعاونوا مع الجميع عبر الحوار والقنوات الدّبلوماسيّة لحلّ الأزمة وليس عبر السّلاح.

رسالة رجال الدّين: الدّين يحفظ القيم ولا يتحكّم بالسّياسة. ومرفوض أن يتحوّل رجال الدّين إلى رجال سياسة وأحزاب وتجارة. إنّهم يحملون رسالة إلهيّة لزرع روح المحبّة والأخوّة والتّعاون في قلوب النّاس وليس الكراهيّة والانقسام والتّقاتل.. عليهم أن يكتشفوا المعنى العميق للنّصوص المقدّسة وليس الوجه الخارجيّ، فالنّصّ المقدّس ليس أسير حرف أو زمن! عليهم أن يعلّموا النّاس الأخلاق الحميدة والآداب العامّة وقبول الاختلاف واحترام التّنوّع كما كرّر البابا فرنسيس في زيارته للعراق عام 2021 والبحرين 2022. وهنا أشدّد على أهمّيّة أن يتحاور السّنّة والشّيعة في المنطقة ويتصالحوا لخير البلاد والعباد.

الأمن الرّوحيّ والأخلاقيّ هو الضّمان للسّلام

- يقول المسيح في الإنجيل: "أحبّوا بعضكم بعضًا" (يوحنّا 15/12)، و"كما تريدون أن يفعل النّاس بكم، افعلوا أنتم أيضًا بهم" (لوقا 6/36).

- والقرآن: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ: (المائدة 2)، والحديث: لا يؤمن أحدكم حتّى يحبّ لأخيه، ما يحبّ لنفسه".

- الكتاب المقدّس والمسيح :لا تقتل لا تسرق لا تكذب (الخروج 1:20-17.. وإنجيل متّى 19: 16).

- والقرآن "مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا" ( المائدة 32) والحديث: "المسلم من سلم النّاس من لسانه ويده".

هذه التّعاليم الحميدة تؤسّس للسّلام وعدم الإكراه، ويتحتّم على رجال الدّين إشاعتها لتملأ قلوب المسيحيّين والمسلمين واليهود، من معاني الأخوّة والمحبّة والرّحمة والغفران، والتّعاون والفرح.. الأمن الرّوحيّ والأخلاقيّ هو الضّمان للسّلام والعيش المشترك، والدّين مهمّ هو الرّادع الحقيقيّ للشّرّ والظّلم".