لبنان
23 آب 2022, 09:30

سويف من عرجس: نعمة كبيرة للبنان أن تكون كنيسته من الكنائس الأولى في العالم

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما أكّده راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف مشدّدًا مسؤوليّة الكنيسة الكبيرة، وذلك خلال قدّاس إلهيّ ترأّسه في رعيّة مار سركيس وباخوس في عرجس، واحتفل به خادم الرّعيّة الخوري سركيس عبدالله، وتخلّله تكريم الخوري أنطونيوس يزبك، وتلاه تدشين بيت الرّعيّة وإطلاق العمل الرّسوليّ الخاصّ بالحركة المريميّة الرّسوليّة في بعض قرى قضاء زغرتا بمباركة المطران سويف.

وفي عظته، ألقى سويف عظة على ضوء إنجيل المرأة الكنعانيّة فقال: "فلنشكر الرّبّ أوّلاً على نعمة الإيمان الّتي وهبنا إيّاها، فبكلّ بساطة نحن كمعمّدين يطلق علينا تسمية مسيحيّين لأنّنا نلنا نعمة الإيمان من خلال المعموديّة، والإيمان هو أكبر وأجمل عطيّة في هذه الحياة وأكبر ثرواتها وكنزها الحقيقيّ.

إيماننا واضح وموجّه نحو يسوع المسيح الّذي هو ابن الله وكلمته، فالله تكلّم ووهب الحياة بمحبّة من خلال الكلمة الّذي صار جسدًا وحلّ فينا فأبصرنا مجده، مجد ابن وحيد من الأب، أيّ أنّنا رأينا يسوع وشعرنا به وتعرّفنا عليه كمخلّص للبشريّة والإنسان من عبوديّة الخطيئة والشّرّ والموت.

إيماننا هو بشخض المسيح ابن الله الحيّ، الّذي حرّر البشريّة مجتمعة والجنس البشريّ كاملاً، لا فئة واحدة أو مجموعة واحدة منه عبر موته وقيامته، ويسوع وهبنا الحرّيّة حتّى نعيش الخلاص.

نشكر يسوع على نعمة الخلاص الّذي تهيّأ تدريجيًّا منذ العهد القديم، حيث كان الله يرافق الشّعب إلى ملء الزّمن، فلمّا تمّ ملء الزّمن أرسل الله ابنه الوحيد مولودًا من امرأة.

في إطار إنجيل اليوم الّذي يحدّثنا عن المرأة الكنعانيّة أيّ اللّبنانيّة، رأينا زيارة يسوع إلى صيدا وصور، ورأينا كيف أتت الكنعانيّة إلى يسوع حاملة مشاكلها لاسيّما قضيّة ابنتها الّتي يسكنها الشّيطان على الرّغم من أنّ شعبها الكنعانيّ كان ما زال غارقًا في عبادة الوثن ولم يعترف بيسوع المسيح إلهًا واحدًا ومخلّصًا للعالم.

أتت الكنعانيّة إلى يسوع طارحة مشكلتها وقائلة "يا ربّ" وهنا اعتراف من امرأة وثنيّة بأنّ يسوع المسيح هو الرّبّ الإله وهذا هو الإيمان بحدّ ذاته، فتوما بعد اختبار الشّكّ وبعد نيله نعمة الإيمان قال ليسوع "ربّي وإلهي".

الكنعانيّة قالت ليسوع "يا ابن داود" وهنا إشارة إلى سلالته الّتي أتى من خلالها ليخلّص البشريّة، ناداته طالبة الرّحمة والخلاص لها ولابنتها، فاعتبر يسوع أنّ هذا هو الوقت المناسب ليبدأ إطلالته على الشّعوب الأخرى وعلى الأمم، أيّ على الشّعوب الّتي لم تتهيّأ بشكل صحيح، ومن خلال هذه الإطلالة رسالة إلى اليهود وإلى التّلاميذ أنّ هدف يسوع المسيح هو خلاص كلّ العالم دون استثناء أو تمييز.

نحن اليوم كأبناء هذا الإيمان كأبناء الكنيسة، نعيش تجربتنا الكبرى عندما نفكّر أو نعتقد أنّ يسوع هو حكر علينا، هذه خطيئتنا الكبيرة وهذه أزمة الإيمان الكبرى، فيسوع من خلالنا ومن خلال نعمة الإيمان الّتي وهبنا إيّاها أتى ليخلّص كلّ العالم وطلب منّا أن نكون شهودًا للإيمان في مختلف تفاصيل حياتنا وأمام كلّ العالم.

أجمل رسائلنا في الحياة هي إعلاننا إيماننا بيسوع المسيح في قلوبنا وشفاهنا وحياتنا الاجتماعيّة وحضورنا بين العالم، وهذا الإعلان لا يكون بقوّتنا إنّما بنعمة الرّوح القدس الّذي عبره نستطيع أن نجعل مجتمعنا مؤمنًا بالرّبّ فيتغيّر ويتبدّل ويتحوّل من مجتمع يعيش إيمانه بطريقة مسطّحة واجتماعيّة فيبدو متخلّيًا عن المغفرة والمحبّة والتّسامح وبناء الجسور والسّلام في قلب كنيستنا وقرانا وبلداتنا ورعايانا ووطننا، إلى مجتمع مدرك عمق الإيمان فيدخل في صلب الحياة المسيحيّة.

مع إنجيل اليوم ومع المرأة الكنعانيّة والوثنيّة واللّبنانيّة، وأشدّد على اللّبنانيّة، يهمّني أن أقول إنّ كنيسة لبنان بدأت تتأسّس منذ ذاك الوقت، وهذه نعمة كبيرة للبنان أن تكون كنيسته من الكنائس الأولى في العالم، لذلك تبدو مسؤوليّتنا كبيرة جدًّا.

في هذه المناسبة، نصلّي للرّبّ قائلين له أنت الوحيد القادر أن تشفي نفوسنا وأجسادنا وبيوتنا وعائلاتنا وكنيستنا ووطننا.

واليوم، نشكر الرّبّ على رعيّة مار سركيس وباخوس في عرجس الّتي تحتفل وتشكر الخوري أنطونيوس الّذي خدمها أكثر من 45 سنة بمحبّة وتواضع وبساطة وبكلّ ما منحه الرّبّ من قوّة ومواهب.

الخوري أنطونيوس، كان يحمل في قلبة طوقًا دائمًا ومن خلاله على مثال الكنعانيّة كان يسأل الرّبّ أن يساعده في خدمته برعيّة عرجس وداريّا وبكلّ مكان وجد فيه، وهذا يعني أنّ كهنوت الكاهن ليس منه ولا ملكه، بل من المسيح.

سرّ الكهنوت الّذي يتحلّى به الكاهن هو موجّه نحو الإنسان والجماعة والكنيسة والفقراء ولخلق الفرح والسّلام.

نشكر الرّبّ على نعمة الكهنوت الّتي منحت لنا جميعًا في سرّ المعموديّة وعلى كهنوت المذبح أيضًا.

في هذه المناسبة، أصلّي للرّبّ حتّى يبارك الخوري أنطونيوس، حتّى يتمكّن من متابعة خدمته الكهنوتيّة بأطر وأساليب مختلفة، فيكون مرشدًا ومعرّفًا وحاضرًا في أكثر مكان، فالكهنوت لا يتوقّف."