الفاتيكان
29 تشرين الثاني 2022, 08:50

شخصيّتان دعا البابا فرنسيس الشّباب إلى الاقتداء بهما في مسيرة السّلام، من هما؟

تيلي لوميار/ نورسات
"القدّيس فرنسيس قد أثار إعجاب كثيرين من بينهم أنا حتّى أنّي اخترت أن أحمل اسمه"، قال البابا فرنسيس في كلمة توجّه بها إلى الطّلّاب والمعلّمين المشاركين في لقاء محوره التّربية على السّلام والرّعاية تنظّمه الشّبكة الدّوليّة للمدارس من أجل السّلام، وذلك خلال استقبالهم الإثنين، متوقّفًا عند ما قدّمه هذا "الشّاب الحالم" الّذي "يظلّ حتّى اليوم ينبوع إلهام فيما يتعلّق بالسّلام والأخوّة ومحبّة الفقراء، الإيكولوجيا والاقتصاد".

كلام البابا جاء في إطار تهنئته للطّلّاب والمربّين على برنامج التّنشئة الثّريّ الّذي يتبعونه والّذي سيُختتم بمسيرة  بيروجا أسيزي في شهر أيّار/ مايو، حيث سيتمكّنون من تقديم نتائج عملهم ومقترحاتهم، لافتًا إلى ما تجسّده أسيزي اليوم كمركز عالميّ لتعزيز السّلام بفضل "الشّخصيّة الكاريزميّة" لمار فرنسيس.

وشدّد البابا في سياق كلمته، على أنّه "لا يمكن أن يكون هناك سلام بدون رعاية"، فـ"غالبًا ما نتحدّث عن السّلام حين نشعر بأنّنا مهدَّدون بشكل مباشر أمام خطر هجوم نوويّ أو حرب مثلاً، وذلك تمامًا مثلما نهتمّ بحقوق المهاجرين عندما يكون لدينا قريب أو صديق مهاجر، إلّا أنّ السّلام أمر يعنينا دائمًا كما يعني الآخرين، الأخ والأخت، وعلينا الاهتمام بالأخ والأخت ورعايتهما"، ضاربًا المثل بالسّامريّ الصّالح الّذي أسعف شخصًا مجهولاً رآه جريحا على الطّريق، فقال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّ السّامريّ لم يكن يعرف إن كان هذا الجريح شخصًا جيّدًا أم سيّئًا، غنيًّا أم فقيرًا، متعلّمًا أم جاهلاً، عبرانيًّا أم سامريًّا مثله أم غريبًا، ولم يكن يعرف إن كان قد تسبّب الجريح فيما حدث له أم لا، فالإنجيل يقول "رآه فأشفق عليه". وكان آخرون قد رأوا هذا الرّجل الجريح قبل السّامريّ الصّالح لكنّهم واصلوا سيرهم، السّامريّ لم يطرح تساؤلات في المقابل حيث اتّبع درب الشّفقة".

وأكّد أنّ "بإمكاننا في زمننا أيضًا أن نجد شهادات جيّدة لأشخاص أو مؤسّسات يعملون من أجل السّلام ويعتنون بمن هم في عوز"، مشيرًا إلى الحائزين على جائزة نوبل للسّلام وأيضًا إلى كثيرين آخرين غير معروفين يعملون في صمت، متوقّفًا بشكل خاصّ عند البابا يوحنّا الثّالث والعشرين الّذي عُرف أيضًا ببابا السّلام والّذي نشر الرّسالة العامّة النّبويّة Pacem in terris (السّلام في الأرض) وذلك في بداية ستّينيّات القرن العشرين، فترة طبعتها توتّرات قويّة ما بين بناء جدار برلين وأزمة كوبا والحرب الباردة والتّهديد النّوويّ." وتابع البابا فرنسيس أنّ "العام القادم سيمرّ 60 عامًا على هذه الوثيقة الّتي تظلّ آنيّة والّتي يتوجّه فيها البابا يوحنّا السّادس والعشرون إلى جميع الأشخاص ذوي الإرادة الطّيّبة سائلاً إيّاهم البحث عن حلّ سلميّ لكلّ الحروب من خلال الحوار ونزع السّلاح. وقد قوبل هذا النّداء باهتمام كبير في العالم تجاوز الجماعة المسيحيّة، وذلك لأنّه مسّ احتياجًا للبشريّة بأسرها لا يزال قائمًا اليوم". ودعا البابا إلى قراءة هذه الرّسالة العامّة وإلى السّير على هذه الدّرب من أجل الدّفاع عن السّلام ونشره.

كما توقّف عند الشّاهد الثّاني فأشار إلى أنّه "بعد أشهر قليلة من صدور الرّسالة العامّة للبابا يوحنّا السّادس والعشرين نطق مارتن لوثر كينغ بحديثه الشّهير الّذي يتضمّن جملته "لدي حلم". إنّ مارتن لوثر كينغ، وفي الولايات المتّحدة الّتي طبعها بقوّة في تلك الفترة التّمييز العنصريّ، قد جعل الجميع يحلمون بفكرة عالم من العدالة والحرّيّة والمساواة". وذكَّر البابا بحديث مارتن لوثر كينغ عن حلمه بأن يعيش أبناؤه الأربعة يومًا ما في أمّة لا يعامَلون فيها على أساس لون بشرتهم بل انطلاقًا من كرامتهم كأشخاص.

وإنطلاقًا من هذه الكلمات وجّه البابا فرنسيس سؤالاً إلى الفتية الحاضرين حول عالم اليوم والغد الّذي يحلمون به، وشجّعهم على الأحلام الكبيرة مثل هذين الشّاهدين، داعيًا إيّاهم إلى المشاركة في اليوم العالميّ القادم للشّباب في لشبونة إمّا حضورًا أو عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ، من أجل اختبار حلم الأخوّة القائمة على الإيمان بالله الّذي هو السّلام.

وفي الختام، تمنّى البابا لضيوفة مسيرة مكوّنة من أفعال سلام صغيرة كثيرة بشكل يوميّ في زمن المجيء هذا، "أفعال استقبال ولقاء وتفاهم، قرب ومغفرة وخدمة، أفعال تنطلق من القلب كخطوات نحو بيت لحم، نحو يسوع سلطان السّلام بل السّلام ذاته."