العراق
29 كانون الأول 2022, 14:50

عام جديد 2023 هل تتغيّر القلوب وتتحقّق العدالة ويعمّ السّلام؟

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما تساءله بطريرك الكلدان الكاردينال لويس روفائيل ساكو قبل أيّام قليلة من العام الجديد.

وفي هذا السّياق، كتب ساكو بحسب إعلام البطريركيّة: "بعد ثلاثة أيّام نَطوي العام 2022 الثّقيل بالأحداث والمآسي: الحرب المستعرة في أوكرانيا وتبعاتها على الاقتصاد العالميّ، وصراعات في العديد من المناطق ومنها العراق حيث تهيمن حالة من عدم الاستقرار والهشاشة بسبب النّزاعات الّتي تهجّر النّاس، وجشع المتنفّذين الّذين ينهبون المال العام ويعبثون بالاقتصاد الوطنيّ ويفقّرون النّاس، وكأنّ المال العام لا صاحب له، في حين أنّ أصحابه هم كلّ المواطنين. وفوق كلّ هذا، الفكر المتشدّد التّكفيريّ الّذي يبثّ الكراهيّة ويلغي الآخر، ويهدّد الاستقرار ويهجّر المواطنين الأبرياء. كلّ هذه الممارسات مغلوطة بنحو فاضح لأنّها تتقاطع مع الأخلاق الإنسانيّة والدّينيّة.

وسنستقبل قريبًا العام الجديد 2023 وهو بحدّ ذاته سبب للأمل.  

الزّمن فسحة كبيرة اُعطي لنا لكي نتواضع ونتعلّم، وننضج ونتغيّر، ونقوّي أواصر الأخوّة والمحبّة والتّعاضد، فنسير معًا نحو السّنة الجديدة تاركين وراءنا تداعيات السّنة الماضية بما حملت من تعاسات.

الأوّل من كلّ عام مخصّص عالميًّا لنشر السّلام في كافّة أنحاء العالم والتّخلّص من الخلافات والنّزاعات والعداوات والعنف، هذه العقبات الّتي تقف في وجه تحقيق السّلام والرّفاهيّة للنّاس.  

السّلام عندنا هو قبل كلّ شيء تحيّة: السّلام عليكم. ويضيف إخوتنا المسلمون عبارة جميلة جدًّا: ورحمة الله وبركاته. مضمون هذه التّحيّة المتداولة عميق، يعبّر عن الفرح والسّعادة بلقاء الآخر. هذه التّحيّة نحتاج أن نقولها وأن نسمعها بدفء أكثر، خصوصًا عندما تكون صادقة ونابعة من الوجدان. تحيّة ينبغي أن نعيشها حقًّا.

السّلام اُمنية كلِّ إنسان لأنّ لا حياة حرّة وكريمة من دونه

على الصّعيد المسيحيّ بشرى عيد الميلاد الّذي احتفلنا به قبل أسبوع كانت "السّلام على الأرض" هذه الأرض غير المستقرّة. والمسيح قال في الخطبة على الجبل: "طوبى لصانعي السّلام، فإنّهم أبناء الله يُدعَون" (متّى 5/ 9).

وفي القرآن نجد عدّة آيات عن السّلام: "سَلَامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ" (يس 58). وإنّ أحد أسماء الله الحسنى هو السّلام... أساسًا كلمة "الإسلام" تعود إلى جذر كلمة سلم– سلامًا، أيّ أن يسلّم المسلم ذاته تسليمًا لله. هكذا يُنتظر ان تكون روحانيّة المسلم!  

في مطلع السّنة الجديدة هذه يجدر بالجميع المصالحة مع الذّات ومع الله ومع الآخرين، والعمل على توعية النّاس وتربيتهم على ثقافة السّلام. السّلام الدّاخليّ في قلبنا عندما يُستأصل منه الحقد والكراهيّة، وتُنزع روح الانتقام، وتعزّز قيم السّلام والأخوّة والاحترام في البيت والمدرسة والمجتمع.

الوضع كارثيّ والأوقات صعبة. لذا على السّياسيّين أن يهتمّوا بالسّلام والمصالحة والعدالة. وهذه مسؤوليّة مدنيّة وشرعيّة وأخلاقيّة. وعلى رجال الدّين نشر الأخلاق الحميدة والقيم الإنسانيّة والوطنيّة والرّوحيّة الّتي تراجعت كثيرًا، وإشاعة حفظ المال العام شرعًا، وتذنيب بثّ الكراهيّة وإلغاء الآخر.

وعلى كلّ من أذى العراقيّين أن يطلب العفو منهم، ومن نهبَ المال العامّ أن يعيده لأنّه حرام… وأن يعمل الجميع على استعادة هيبة المساءلة القانونيّة، وتشخيص الإساءات.

يمكن أن تؤدّي هذه الطّريقة ذات الصّلة الإيمانيّة والرّوحيّة الى خطوة جدّيّة للتّغيّر. هكذا نبدأ العام الجديد بالعودة إلى أصالتنا وقيمنا وعلاقتنا الأخويّة والوطنيّة الصّحيحة ونعيش حالة أكثر سلامًا واُخوّة وأقلّ مشاكل. يمكن تحقيق هذا الأمل برؤية متبصّرة وحكيمة للواقع، وتذليل الصّعوبات، لأنّه إذا استمرّ الوضع على حاله فالكلّ خاسر…

العراق يستحقّ السّلام والأمان والاستقرار.

كلّ عام وأنتم بأمان".