لبنان
05 أيار 2025, 11:15

عبد السّاتر: أن يكون الكاهن حاضرًا في كلّ يوم على مدى ٢٥ عامًا هو علامة على إيمان كبير

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة اليوبيل الفضّيّ الكهنوتيّ للخوري داني افرام، ترأّس راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد السّاتر القدّاس الإلهيّ مساء الجمعة في كنيسة القدّيسة تريز الطّفل يسوع بيت مري- المنصوريّة، احتفل به الخوري افرام، بمشاركة راعي أبرشيّة أنطلياس المارونيّة المطران أنطوان بو نجم، والنّائب الأسقفيّ لشؤون القطاعات المونسنيور بيار أبي صالح، والمونسنيور إيلي خوري، والقيّم العامّ الأبرشيّ الخوري جورج قليعاني، والمتقدّم بين الكهنة في قطاع ساحل المتن الشّمالي الخوري مروان عاقوري، ولفيف من الكهنة والرّهبان، بحضور فعاليّات ومؤمنين.

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد السّاتر عظة جاء فيها بحسب إعلام الأبرشيّة: "أن يكون الكاهن حاضرًا في كلّ يوم في المكان نفسه مع الجماعة في الكنيسة مصلّيًا ومصغيًا ومرافقًا وواضعًا الرّجاء في نفوس المرضى والمتألّمين واليائسين على مدى ٢٥ عامًا وتبقى الرّغبة في الخدمة موجودة في قلبه وعقله من دون كلل أو ملل، هو علامة على إيمان كبير بالرّبّ يسوع الّذي دعاه وعلى محبّة كبيرة للجماعة الّتي يخدمها. ويوبيل الـ٢٥ عامًا هو وقت يختلي فيه الكاهن بنفسه، ليراجع مسيرته حتّى اليوم ليرى ما إذا كان فيها الرّاعي الصّالح والأب المحبّ والأخ الأكبر، وما إذا أصغى كما يجب وساعد من كان محتاجًا لأيّ مساعدة، يرى ضعفه وإخفاقه أحيانًا وينظر إلى المصلوب متضرّعًا إليه ومتذكّرًا أنّه انتصر على الموت واضعًا نفسه وفشله واخفاقاته ونجاحاته وخدمته بين يديه ليكون كلّ ما يعيشه من أجل قيامة الجماعة الّتي يخدمها. لا ينسى ضعفه ولكن لا يغرق فيه، يرى إنجازاته وهو عالم أنّه بدون الرّبّ لا يستطيع شيئًا.

الخوري داني كاهن عاش ويعيش كلّ يوم محبّته للرّبّ ولكلّ واحد وواحدة من بينكم ويحمل همّكم ويرافقكم بصلاته، ووجودكم في هذا المساء هو خير دليل على ذلك. تأكّدوا أنّ في كلّ قدّاس إلهيّ يحتفل به يرفع الصّلاة للرّبّ على نيّتكم لتتقدّسوا وتتعزّوا في أيّام الشّدّة، وليبقى الرّجاء في قلوبكم في لحظات اليأس، ولتقوموا وتكملوا الطّريق بعد كلّ محنة.

أبونا داني، بإسم الأبرشيّة وبإسم الجماعة الموجودة، أشكرك على كلّ مرّة أصغيت فيها إلى ولد حائر وإلى شخص راشد متعب ويائس ووضعت الرّجاء والفرح في قلبه. أشكرك على كلّ مرّة رافقت فيها مريضًا أو مريضة وكنت بقربهم الكاهن الّذي ينقل إليهم جسد الرّبّ، خبز الحياة الأبديّة، ومحبّته وسلامه. أشكرك على كلّ مرّة جمعت فيها اثنين في هذه الكنيسة ليكونا علامة على محبّة ربّنا للإنسان ومحبّة الإنسان لربّنا. أشكرك على الصّبر الّذي تتمتّع به والّذي يجعلك مبتسمًا دومًا. أشكرك لأنّك تعلم أنّ كلّ الخير الّذي تقوم به بجهدك هو نعمة من عند الرّبّ من أجل الجماعة. وأشكرك أخيرًا على عائلتك المباركة الّتي كان أفرادها علامات أمامك على الإيمان والرّجاء والمحبّة، ممّا جعلك تلبّي دعوة الرّبّ وتصبح كاهنًا.

أبونا داني "نيالك وصلت لهون" ونصلّي لتصل لأبعد من ذلك في قربك من الرّبّ أوّلًا وفي القداسة ثانيًا من خلال استسلامك بين يدي الرّبّ ليحوّلك إلى صورة حيّة عنه، ونتمنّى لك العمر الطّويل.

وأشكركم أنتم، أبناء وبنات هذه الرّعيّة ولجنة الوقف والمجلس الرّعويّ والحركات الرّسوليّة والكشفية، لأنّه لولا وجودكم إلى جانب الخوري داني والخوري أغسطينوس بو عبدالله وصلواتكم على نيّتهما ومساندتكم لهما بمحبّتكم ونصائحكم لشقّت عليهما خدمتهما".

وفي ختام القدّاس الإلهيّ الّذي خدمته جوقة الرّعيّة، كانت كلمة للخوري داني افرام قال فيها:

"بماذا اكافئ الرّبّ عن كلّ ما أعطاني؟

في هذا اليوم المبارك لا يسعني إلّا أن أرفع قلبي شاكرًا الرّبّ أوّلًا وأخيرًا معطي الحياة، الّذي وهبني هذه النّعمة ومن دون إستحقاق. فهو الّذي يقود خطواتي المتعثّرة بمشيئته المستقيمة.

أشكر صاحب السّيادة المطران بولس عبد السّاتر راعي الأبرشيّة السّامي الاحترام، إنّه أبٌ وأخ، فقد عرفته منذ بداية حياتي الكهنوتيّة وكان لي السّند على كلّ الأصعدة، ولا أنسى كيف دعمني قُبيل سفري التّخصّصيّ إلى فرنسا وعند رجوعي وتسلّّمي أولى مسؤوليّاتي في مدارس الحكمة، فكان لي الأب الرّئيس الّذي يصغي ويعلّم بإدارته وحسن تمييزه، وعلى مدى طيلة السّنوات من العمل المشترك كان لي خير مشورة ودعم وخصوصًا في مواكبته لي، وأشكر الرّبّ عليه في هذه المرحلة الّتي أعطاني فيها أن أتفرّغ للرّعيّة وللعمل في حقل أحببته وتخصّصت من أجله ألا وهو التّعليم المسيحيّ.

فألف شكر وتقدير يا صاحب السّيادة وأطلب من الله أن يهبكم الصّحّة والقوّة للاستمرار في هذه المسيرة وأنا معكم في مشاركتكم هذه الرّسالة حتّى الرّمق الأخير.

الشّكر لصاحب السّيادة المطران أنطوان بو نجم الصّديق الّذي تربطني به علاقة أخوّة وصداقة إذ نتشارك في ذات الرّوحانيّة فلقد تعرّفت عليه في أوّل سنين الإكليريكيّة وقد كان كاهنًا جديدًا آنذاك. فمعه في حركة الفوكولاري توطّدت العلاقة من صداقة انسانيّة إلى صداقة روحيّة وحاليًّا نعمل سويًّا في خدمة التّعليم المسيحيّ في لبنان فألف شكر لك على ثقتك ومحبّتك غير المحدودة.

الشّكر لحركة الفوكولاري الّتي ساعدتني في تمييز دعوتي واختياري لله كمثال في خدمتي الكهنوتيّة وعلّمتني الطّاعة والوحدة في الكنيسة، وما زلت أستقي من هذه الرّوحانيّة وأقول شكرًا لكيارا لوبيك مؤسّسة الحركة على إعطائنا هذا المثال لنعيشه في العالم والكنيسة.

الشّكر لكهنة الأبرشيّة هؤلاء هم أخوتي بالرّوح رفاق الرّسالة الّذين رافقوني وشجّعوني في الأوقات الصّعبة وفرحوا معي في اللّحظات المضيئة، فأنتم السّند الّذي أتّكي عليه، وبكم ومعكم اختبرت جمال الشّراكة الكهنوتيّة الّتي تجمعنا في جسد المسيح.

الشّكر لكهنة الحركة الفوكولاري، وخصوصًا الخوري شربل خشّان الصّديق، الّذين ننموا معًا في الإصغاء لكلمة الله والعيش بحسب مشيئته.

الشّكر لرؤساء البلديّات والمخاتير في بيت مري والمنصوريّة الّذين تعاونوا معي طيلة هذه الفترة بكلّ حبّ واحترام ولا يزالون. فكلّ التّوفيق غدًا في خدمة شعب الله.

الشّكر لضيعتي الحبيبة المزاريب ولرئيس بلديتها العزيز، الّذي بادر بكلّ محبّة وحرص على أبناء البلدة القريبين والبعيدين وجعل من هذه القرية صورة عن القرية النّموذجيّة فوجودكم ودعمكم أضفى على هذا اليوبيل بعدًا إنسانيًّا ووطنيًّا عزيزًا على قلبي.

الشّكر الكبير والامتنان إلى رعيّتي العزيزة، أنتم كنزي الثّمين، أنتم الّذين منحتموني الثّقة والمحبّة بلا شروط، وكنتم الأرض الّتي زرع الله فيها كلمته من خلالي رغم ضعفي، رِفقتكم لي هي بركة لا تقدّر، أنتم النّعمة اليوميّة الّتي أعيشها، أنتم من شاركني الصّلاة والفرح ومن حمل معي أثقال الخدمة ومسؤوليّة الرّسالة. تعلّمت منكم كيف أكون أبًا وأخًا وصديقًا، فنحن نختبر سويًّا محبّة الله لنا، وعملنا كما تقول القدّيسة تريز شفيعتنا بأن نحبّ الله ونجعله محبوبًا من الجميع. فأشكر لجنة الوقف– المجلس الرّعويّ– والجماعات والأخويّات والحركة الرّسوليّة وفوج الكشّاف وإيمان ونور والجماعة العيليّة والجوقات– لن أتوقّف عند الأسماء فالرّبّ هو سوف يجازيكم لكلّ دعم تقدّمونه لي وللرّعيّة. ولكن اسمحوا لي أن أشكر بشكل خاصّ جورج وراغدة نصر فأطلب من الله أن يهب لكلّ رعيّة مثلهما في العمل والتّفاني والطّاعة للكنيسة.

الشّكر إلى عائلتي الحبيبة أمّي وأخواتي وعائلاتهم، فلولاكم لما كنت أستطيع أن أقف هنا أمامكم. الشّكر لوالدي الّذي علّمني كبر النّفس والقيم الإنسانيّة والمسيحيّة. يا ليته هنا فهو يكنّ لكلّ واحدٍ منكم أخلص العواطف وقد خطفه الموت في سنة أليمة ولكنّه الآن بالقرب من الرّبّ يسوع يفرح للقائنا.

ووالدتي الحنون الّتي بفضل صلواتها وسهرها اليوميّ أشعر دومًا بقرب الله لي أطال الله في عمرك.

الشّكر لإخوتي الأحبّاء وعائلاتهم، أنتم من كنتم الحضن الأوّل والمدرسة الأولى والكنيسة الأولى الّتي تعلّمت فيها كيف أبذل نفسي لله. أنتم الّذين رافقتموني منذ البدايات في الصّمت والرّجاء في التضحيات والصّلوات، كنتم النّور في لحظات الظّلمة والصّوت الّذي يهمس في أعماقي: "تابع الله معك".

شكرًا يا أمّي ويا إخوتي على كلّ صلاة رفعت لأجلي ولكلّ دمعة خبّأتموها عنّي، ولكلّ كلمة دعم وكلّ لحظة إنتظار. فيكم اختبرت رحمة الله وصبره ووفاءه. ومن قلبي بقلكن: "وجودكن بحياتي نعمة ومحبّتكن قوّتي، الله يخليلي ياكن ويحميكن".

أيّها الإخوة الأحبّاء، نجتمع اليوم لنشكر الله على نعمته الّتي حفظتني خلال هذه السّنوات الخمس والعشرين من الخدمة الكهنوتيّة.

أمامكم أجدّد عهدي للرّبّ ولكم يا صاحب السّيادة، أؤكّد من جديد تمسّكي برسالة المسيح ورعاية قطيعه: "ربّي يسوع المسيح، الرّاعي الصّالح أشكرك اليوم من كلّ قلبي على دعوتي لخدمتك ككاهن. بمناسبة اليوبيل الفضّيّ لسيامتي، أجدّد أمامك وبحضور راعي الأبرشيّة والآباء وإخوتي المؤمنين نذوري الكهنوتيّة:

- الإيمان بالثّالوث الأقدس.

- الطّاعة للكنيسة ولرعاتها.

-خدمة شعبك بمحبّة وتضحية.

ساعدني يا ربّ أن أبقى أمينًا لهذه النّذور، وأن أكون أداةً لنعمتك حتّى نهاية عمري. امنحني قوّة الرّوح القدس لأخدم بشجاعة وإيمان، وأن أكون شاهدًا لمحبّتك أمام العالم. بشفاعة العذراء مريم والقدّيسة تريز الطّفل يسوع آمين".

كما كانت كلمة ألقاها بإسم الرّعيّة أمين عامّ المجلس الرّعويّ المحامي إدغار الطّحّان قال فيها: "نجتمع في هذا اليوم المميّز لنحتفل معًا بيوبيل ليس كباقي الأعياد، 

بيوبيل مطرّز بالعطاء والتّفاني، 

بيوبيل الفضّة الّتي تلمع في قلب كاهن كرّس حياته لخدمة الله والنّاس، نحتفل باليوبيل الفضّيّ لسيامة أبينا العزيز، الأب داني افرام، كاهنًا مباركًا على مذبح الرّبّ.

أبونا داني، 

خمسة وعشرون عامًا مضت، 

حملت خلالها الصّليب بمحبّة، 

ووزّعت نعمة الكلمة والسّرّ على كلّ من قصدك، فكنت الرّاعي والأب، الصّديق والمرشد، القريب من القلب والمحبّ من دون حدود.

في رعيّة القدّيسة تريز الطّفل يسوع، لست مجرّد كاهن يخدم، بل أنت شعلة ديناميكيّة لا تنطفئ، دائم السّعي نحو الأفضل، تحمل أفكارًا خلّاقة، وتقود الرّعيّة بحكمة ورؤية مميّزة.

لم تقبل يومًا بنصف عمل، بل كان الكمال والدّقة طريقك، والحقّ والعدل رفيقيك.

تحت قيادتك، تحوّلت الرّعيّة إلى منارة مضيئة، ومضرب مثل بين سائر الرّعايا. فصارت النّشاطات الّتي تنبض بالحياة شاهدة على روح لا تهدأ، وقلب ينبض بمحبّة الرّعيّة وأبنائها.

أبونا داني، 

في يومك هذا، نقول لك شكرًا.

شكرًا لأنّك اخترت أن تكون كاهنًا في زمن قلّت فيه الدّعوات، 

شكرًا لأنّك أعطيت من ذاتك بلا حساب، 

شكرًا لأنّك علّمتنا كيف نكون جماعة مؤمنة، وكيف نحبّ كنيستنا كما تحبّها أنت.

نصلّي أن يمنحك الرّبّ المزيد من النّعم، والقوّة لتتابع رسالتك، وأن يبقى عطاؤك ينير درب الأجيال القادمة.

أبونا داني، 

بمناسبة مرور خمسة وعشرين عامًا على سيامتك الكهنوتيّة، واعترافًا بعطائك اللّامحدود، وتقديرًا لما زرعته من محبّة وإيمان في قلوبنا نحن أبناء الرّعيّة، يشرّفني أن أقدّم لك باسم لجنة الوقف وباسم المجلس الرّعويّ وباسم الجماعات الرّسوليّة والكشفيّة، وباسم أبناء رعيّتنا، هذا الدّرع الفضّيّ، وهذه الهديّة الرّمزيّة، عربون وفاء وشكر منّا جميعًا. هو رمز صغير أمام ما قدمت، لكنّه يحمل في طيّاته امتنانًا كبيرًا، وتقديرًا صادقًا لمسيرتك المباركة.

كلّ يوبيل وأنتم بركة بيننا".

وبعد القدّاس الإلهيّ، تقبّل الخوري داني افرام التّهاني في باحة الكنيسة.