لبنان
26 كانون الأول 2023, 14:50

عبد السّاتر في عظة عيد الميلاد: الفرح الّذي نعيشه في هذا اليوم، على الرّغم من الضّيقات، هو لأنّنا مخلَّصون ومحبوبون

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما أضاء عليه رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد السّاتر خلال عظة قدّاس عيد الميلاد الّذي ترأّسه في كاتدرائيّة مار جرجس- بيروت، عاونه فيه النّائب العامّ المونسنيور إغناطيوس الأسمر ومعاون خادم الكاتدرائيّة الخوري جورج قليعاني، بمشاركة الخوري يوحنّا مارون الحلو، وبحضور الرّئيسة العامّة للرّاهبات الأنطونيّات الأمّ نزهة الخوري، وعدد من الرّاهبات، وجمع من الفعاليّات وحشد من المؤمنين.

عبد السّاتر أكّد في عظته على أنّه "نحن كمسيحيّين ومسيحيّات مدعوّون إلى بدء حوار محبّة مع الآخر مهما كان دينه وهويّته. نحن مُلزمون بأن نبنيَ جسور تلاقٍ معه وبأن نعملَ وإيّاه من أجل خير الإنسان"، وقال: "كَم هو جميلٌ يا ربُّ هذا الصّباحُ لأنّ فيه نحتفلُ مرّةً جديدةً بحبّك المجّانيّ لكلّ واحد وواحدة منّا. هذا الحبُّ الّذي جعلك تأخذُ طبيعتَنا وتشابهُنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة. هذا الحبُّ الّذي بسببِه تخلَّيتَ عن عرشك في السّماء وتنازلتَ حتّى الامّحاء لتكونَ معنا فتحملَ أسقامنا وأوجاعنا وخطيئتنا وتحققَّ فينا الخلاصَ فتؤلِّهَنا.  

نعم يا إخوتي وأخواتي، جميلٌ هو هذا النّهار لأنَّ فيه نتذكَّرُ أنّنا محبوبون من الله الثّالوث ومخلَّصون بالله الابن، كنّا من كنّا. وكم يُحزنني أن أسمع البعض يقول إنَّ هذا اليومَ هو كغيرِه من الأيّامِ وإنَّه لا يشعرُ فيه بأيِّ فرح بسبب الأحوال الّتي يعيشها بلدُنا ومنطقتُنا. لننتبه! إنَّ جمال هذا النّهار هو في كونِه عيد تجسّد ابن الله ودنوِّه من كلّ واحد وواحدة منّا، وليس في جمال الزّينة على الطّرقات وفي صَخَبِ الحفلات. والفرح الّذي نعيشه في هذا اليوم، على الرّغم من الضّيقات، هو لأنّنا مخلَّصون ومحبوبون.

وهذا الصّباح هو بشرى سارّة لكلّ إنسان بأنّ الله يحبُّه وبأنَّه خلّصَه بيسوع المسيح. ولذلك نحن كمسيحيّين ومسيحيّات مدعوّون إلى بدء حوار محبّة مع الآخر مهما كان دينه وهويّته. نحن مُلزمون بأن نبنيَ جسور تلاقٍ معه وبأن نعملَ وإيّاه من أجل خير الإنسان. إذ لا يحقّ لنا نحن أتباعَ يسوع الّذي جاء ليخلّص كلّ البشر أن نغلق أبوابنا أو قلوبنا أمام أيّ أحد وننعزل في بقعة أرض نصوّنها بسور عالٍ، لأنَّ ذلك يُخالفُ إرادة فادينا.

وهذا الصّباح هو أيضًا تأكيد على التّضامن مع صغير هذا العالم والمتألّم والمنبوذ والمضطهد والفقير، لأنَّ هؤلاء جميعًا هم خاصّة الرّبّ. ولذلك لا يحقّ لنا أن نعيش حياتنا بشكل طبيعيّ ولنا إخوة وأخوات يُقتلون بوحشيّة أو يموتون جوعًا أو يُقهرون عمدًا أو يُسجنون ظلمًا. إنّه لأمر محزن أن نشمت بالآخر حين يتعرَّض لإساءة حتّى ولو أساء هو إلينا مرّات ومرّات. نحن المسيحيّين والمسيحيّات مدعوّون إلى محاربة الشّرّ وإلى الدّفاع عن المضطهَد والمظلوم وإلى إعانة المحتاج حتّى ولو كان عدوَّنا. وعلينا أن نقف في وجه المتسلّط وقاتل الأبرياء حتّى ولو كان حليفنا وأن نطالبه بالتّوقّف عن غيِّه وعن إجرامه.

وهذا الصّباح يجب أن يكون بداية توبة لنا جميعًا. والتّوبة ما هي إلّا عودة إلى الرّبِّ مع ما يرافقها من تغيير نهج حياةٍ وفكرٍ، وأساس التّوبة الحبّ وليس الخوف من العقاب. إخوتي وأخواتي، إنَّ حالَ بلدِنا تتدهور، وشعبنا يعاني، ومجتمعنا يتفكّك، وشبابنا يُهاجر، وكلّنا مسؤولون، وكلّنا نساهم في خراب بلدنا.  

والتّوبة في صباح عيد الميلاد تعني:  

للحاكم: أن يعود خادمًا للشّعب يعمل كلَّ ما يلزم لتأمين ازدهار البلد وخير كلّ مواطن. وهي تعني أيضًا أن يحترم القوانين وأن يتمّم واجباته الوطنيّة والبرلمانيّة وأن يحافظ على سيادة وطنه ولا يجعله مرتهنًا للخارج.

للمواطن: أن يعمل من موقعه، على تحقيق خير بلده وازدهاره. وهي تعني أيضًا أن يحاسب المسؤول الفاسد وأن يتعامل مع الآخر بصدق وأمانة ويتعاضد وإيّاه لما فيه خير الجميع وأن يبتعد عن السّعي المفرط خلف المصلحة الذّاتيّة وعن التّزلّم.

إخوتي وأخواتي، صباح عيد الميلاد هو صباح الفرح والخلاص. فلننطلق ونبشّر بالحبّ الإلهيّ، ولنعمل من أجل السّلام في عائلاتنا ومجتمعنا وعالمنا ومن أجل خير العالم والإنسان. ولنساهم في بناء حضارة تحترم الآخر في تمايزه وتشجّع على الحوار بين الأفراد والجماعات.

ولد المسيح، هلّلويا!".

وبعد القدّاس، التقى المطران عبد السّاتر المؤمنين والمؤمنات في صالون الكاتدرائيّة.