لبنان
26 تشرين الأول 2021, 13:30

عبد السّاتر في قدّاس اليوم العالميّ للرّسالة: ماذا تربح أيّها المسؤول إن فزت في الانتخابات بمئة صوت في حين أنّ غالبيّة شعبك هجر بلده؟

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد السّاتر بالقدّاس الإلهيّ لمناسبة اليوم العالميّ للرّسالة، في كاتدرائيّة مار جرجس المارونيّة في بيروت، عاونه فيه الخوري جاد شلوق والخوري إميل داغر، بحضور عدد من المؤمنين العاملين في مختلف القطاعات، من قضاة ومحامين وأطبّاء ومهندسين وإعلاميّين ومعلّمين وغيرهم.

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد السّاتر عظة جاء فيها: "في هذا العالم الّذي نعيش فيه المليء بالتّعصّب الدّينيّ والانعزاليّة والانطواء على الذّات، علينا أن نكون مرسلين من نوع آخر، أيّ بحسب قلب ربّنا، في كلّ مكان نعيش فيه أو نقوم فيه بخدمة معيّنة. المُرسَل المسيحيّ هدفه الأوّل من الرّسالة أن يعرّف كلّ إنسان على حبّ الله الآب له، وأن يذكّره أنّه ليس وحيدًا في هذه الحياة وأنّ روح الله حاضرة فيه لتلهمه أعمال المحبّة وكلمات الخير والطّيبة.  

نحن مرسلون لنقول لكلّ إنسان، أيًّا يكن دينه أو عرقه أو وضعه الاجتماعيّ والثّقافيّ، إن الله يحبّك ونحن نحبّك.

إنّنا مدعوّون إلى قبول الآخر والحوار معه لنصغي للخير الّذي فيه وليعلم أنّه غالٍ على قلبنا وعلى قلب الله.

الحضور اليوم يضمّ أشخاصًا من مختلف القطاعات، قضاة ومحامين وأطبّاء ومهندسين وسواهم، ليستلهموا أمام الرّبّ كيف يمكنهم أن يكونوا رُسلاً ليسوع المسيح في عملهم.

فعلى المحامي الّذي يريد أن يكون رسولًا حقيقيًّا أن يشهد للحقّ، وأن يرفع الظّلم حتّى لو كلّفه الأمر خسارة موكّلٍ مقتدر مادّيًّا.

وعلى القاضي الّذي يريد أن يكون رسولًا ليسوع المسيح أن يحكم بالحقّ بحسب القانون الصّالح غير الجائر، غير عابئ بالضّغوطات السّياسيّة، لأنّ دوره بالأساس هو المحافظة على كرامة الإنسان، كلّ إنسان.

وعلى الطّبيب الّذي يريد أن يكون رسولًا، أن لا يهاجر في سبيل رغدٍ مادّيّ، وإنّما يجب عليه أن يهتمّ أوّلًا بمعالجة الّذين ليس لديهم إمكانيّات مادّيّة.

أمّا موظّف الدّولة الّذي يريد أن يكون رسولًا، فعليه أن يرفض تلقّي أيّ رشوة مقابل خدمة أو معاملة غير قانونيّة حتّى لو عاش في ضيقة ماليّة لبعض الوقت.

وعلى التّاجر الّذي يريد أن يكون رسول محبّة أن لا يغشّ بالأسعار والوزن، وألّا يلجأ للاحتكار ليزيد أرباحه، لأنّ ذلك يسبّب الموت من الجوع لأناس كثيرين.

وإذا كنت مسؤولًا في بلدنا أو رجل سياسة أو نائبًا أو وزيرًا أو رئيس جمهوريّة، وأردت أن تكون رسولًا لله، عليك أن تقوم بكلّ ما يلزم حتّى يكبر الإنسان في بلدنا بإنسانيّته ويختار العيش في لبنان، ولو كان ذلك على حسابك وحساب مصلحتك الشّخصيّة وحزبك ومنطقتك. فماذا تربح أيّها المسؤول إذا فزت في الانتخابات بمئة صوت في حين أنّ غالبيّة شعبك هجر بلده؟ إذا أردت أن تكون حاكمًا رسولًا، فعليك التّمتّع بالنّزاهة بعيدًا من الفساد، رافضًا الإغراءات، ومتحلّيًا بالتّواضع والبساطة من دون قوّة وبطش، لأنّك مسؤول أمام الله، في الدّينونة، عن كلّ إنسان سبّبت له، بشكل مباشر أو غير مباشر، القهر والظّلم والموت.

فلنَعِد الرّبّ أنّنا نريد فعلًا أن نكون رسلًا له بالمحبّة والعطاء والمجّانيّة وقبول الآخر متحاورين معه ومحترمين إيمانه ومعتقداته، فنتعاون جميعنا من أجل خلاص إنساننا وكنيستنا وبلدنا."