على الوحدة الحقيقيّة وتلك الزّائفة، البابا يعلّق!
وعن الدّرب الثّاني تابع قائلاً: "ولكن هناك الوحدة الزّائفة كتلك الّتي نجدها لدى متّهمي القدّيس بولس في القراءة الأولى الّتي تقدّمها لنا اللّيتورجيّة اليوم من أعمال الرّسل، الّتي نجد فيها اليهود متّحدين في توجيه الاتّهامات ضدّ بولس؛ لكنَّ بولُسُ كانَ يَعلَمُ أَنَّ فَريقًا مِنهُم صَدُّوقيّ، وفَريقًا فِرِّيسيّ؛ فصاحَ في المَجلِس: "أَيُّها الإخوَة، أَنا فِرِّيسيٌّ ابنُ فِرِّيسيّ، فمِن أَجلِ الرَّجاءِ في قِيامَةِ الأَمواتِ أُحاكَم". فما قالَ ذلك، حتَّى وَقعَ الخِلافُ بَينَ الفِرِّيسِيِّينَ والصَّدُّوقِيِّينَ، وانشَقَّ المَجلِس. نرى في اضطهادات أخرى للقدّيس بولس أنَّ الشّعب كان يصرخ بدون أن يعرف ما يقوله فيما كان أعضاء المجلس يلقنوه ما عليه قوله.
إنّ استعمال الشّعب هذا هو احتقار له لأنّه حوّله إلى مجرّد حشد. إنّه عنصر يتردّد كثيرًا منذ الأيّام الأولى حتّى يومنا هذا. لنفكّر بهذا الأمر. في أحد الشّعانين أعلن الجميع يسوع: "مبارك الآتي باسم الرّبّ!" ويوم الجمعة صرخ الجمع عينه: "اصلبه". ماذا حدث؟ غسلوا عقله وغيّروا له الأمور، وحوّلوه على جمع مدمِّر. يخلقون لأنفسهم أوضاعًا مظلمة ليحكموا على شخص ما ومن بعدها تنحلُّ الوحدة. بهذا الأسلوب أيضًا اضطهدوا يسوع وبولس وإسطفانوس وجميع الشّهداء؛ وهذا الأسلوب ولا زال يُستعمل اليوم في الحياة المدنيّة والحياة السّياسيّة عندما يريدون أن يقوموا بضربة للدّولة، فتبدأ وسائل الإعلام بالتّكلّم بالسّوء عن النّاس والمسؤولين وبالافتراءات وتشويه السّمعة فيفسدوه، فتصل العدالة وتحكم عليه وتتمّ الضّربة للدّولة. إضطهاد نراه أيضًا عندما كان النّاس يصرخون لرؤية الكفاح بين الشّهداء والحيوانات الشّرسة أو المبارزين.
إنّ الحلقة للوصول إلى هذه الإدانة هي على الدّوام بيئة الوحدة الزّائفة. وهذا الأمر يحصل أيضًا في جماعاتنا الرّاعويّة عندما يبدأ اثنان أو ثلاثة بانتقاد شخص آخر ويبدؤون باستغيابه... فيتّحدون- في وحدة زائفة-ليحكموا عليه؛ إذ تمنحهم هذه الوحدة الأمان فيحكمون عليهم ومن ثمَّ ينفصلون ويبدؤون بالثّرثرة على بعضهم البعض لأنّهم منقسمون، ولذلك فالثّرثرة هي موقف قاتل يقتل النّاس وسمعتهم.
الثّرثرة هي السّلاح الّذي استعملوه ضدّ يسوع لكي يُسفّهوه ومن ثمَّ قتلوه. لنفكّر بالدّعوة الكبيرة الّتي دُعينا إليها: الوحدة مع يسوع والآب. وعلينا أن نسير على هذه الدّرب ونكون رجالاً ونساء يتّحدون ويسعون على الدّوام للسّير قدمًا على درب الوحدة، لا درب الوحدة الزّائفة تلك الّتي تصلح فقط لإدانة النّاس وتحقيق مصالحها ومصالح أمير هذا العالم. ليعطنا الرّبّ النّعمة لكي نسير دائمًا على درب الوحدة الحقيقيّة!".