غالاغر في الهند لتعزيز الرّوباط بين روما وكنيسة السّريان المالانكار
خلال الزّيارة، وبحسب "فاتيكان نيوز"، ترأّس غالاغر القدّاسّ الإلهيّ في تريفاندوم بحضور حشد غفير من المؤمنين والقادة الكنسيّين- في طليعتهم الكاردينال كليمس بازيليوس، رئيس أساقفة تريفاندوم للسّريان المالانكار- وألقى عظة سلّط فيها الضّوء على أهمّيّة الوحدة داخل الكنيسة الّتي لا ينبغي أن تكون تجانسًا بالضّرورة، بل لا بدّ أن ترتكز إلى الشّركة، الّتي تحترم التّنوّع وتعزّز المحبّة والتّفاهم المتبدّلَين. ولفت غالاغر إلى أنّ هذا هو الإرث الّذي تركه المكرّم مار إيفانوس، الّذي عاش بين عامي ١٨٨٢ و١٩٥٣، لعالم اليوم الّذي تسود فيه الانقسامات والصّراعات.
زيارة المسؤول الفاتيكانيّ إلى الهند الّتي بدأت في الثّالث عشر وتستمرّ حتّى التّاسع عشر من الجاري ترمي إلى تعزيز روابط الصّداقة والتّعاون، بين روما وكنيسة السّريان المالانكار في الهند، وحاول خلالها سيادته أن يسلّط الضّوء على حياة هذا المكرّم الّذي أسّس جمعيّتين رهبانيّتين للرّجال والنّساء تحت اسم "الاقتداء بالمسيح". وقال إنّ مار إيفانوس واجه الكثير من الصّعوبات- من الدّاخل والخارج على حدّ سواء- وعلى الرّغم من كلّ العراقيل الّتي اعترضت طريقه اتّخذ، لخمس وتسعين سنة خلت، قرارًا شجاعًا ألا وهو أن يقود كنيسة السّريان المالانكار في الهند نحو الشّركة التّامّة مع روما. وأضاف غالاغر أنّ ما حصل كان لحظة تاريخيّة، ليس بالنّسبة لولاية كيرالا الهنديّة وحسب، بل بالنّسبة للكنيسة الجامعة أيضًا، لأنّ ما صنعه لم يكن مجرّد "إجراء إداريّ" بل كان في الواقع إعلانًا روحيًّا وكنسيًّا عميقًا بشأن وحدة جميع المسيحيّين، الّتي تضرب جذورها في شخص يسوع المسيح.
رئيس الأساقفة غالاغر توقّف بشكل مسهب عند وحدة الكنيسة وقال إنّ المثال الّذي جسّده مار إيفانوس في حياته يشكّل بالنّسبة لنا اليوم تحدّيًا يدفعنا إلى النّظر أبعد من اختلافاتنا، والبحث عن أرضيّة مشتركة، ألا وهي الإيمان بالمسيح، وعلى بناء الجسور في كلّ مكان، مضيفًا أنّ هذا المكرّم يقود خطواتنا اليوم في عائلاتنا ورعايانا ومدارسنا ومجتمعاتنا، من أجل إرساء أسس المصالحة والسّلام، مدركين تمامًا أنّ الوحدة الحقيقيّة لا يمكن فرضها بالقوّة، بل ينبغي أن تولد من رحم الإنجيل.
بعدها أكّد المسؤول الفاتيكانيّ أنّ تعاليم وحياة وأعمال رسول الوحدة هذا تقدّم لنا اليوم حكمة خارج إطار الزّمن، قادرة على أن تقود خطواتنا في المسيرة الرّوحيّة وفي الحياة اليوميّة. وأضاف أنّ المكرّم الرّاحل كان شاهدًا لإيمان ديناميكيّ ومبدِّل، مع أنّ التزامه لصالح الوحدة لم يخل من المشاكل والصّعوبات، بيد أنّ أمانته الرّاسخة للإنجيل ولوحدة الكنيسة أعطته القوّة اللّازمة من أجل المثابرة. لفت غالاغر في هذا السّياق إلى أنّ عيش الإيمان الأصيل يمكن أن يتطلّب تضحيات وخيارات صعبة، ويقتضي أن نكون شهودًا شجعاء للمسيح في عائلاتنا وأماكن العمل والمجتمع، على الرّغم من كلّ الصّعوبات.
هذا ثمّ توقّف سيادته عند ميزة أخرى طبعت حياة وخدمة مار إيفانوس ألا وهي اهتمامه بالتّربية القادرة على تكوين الشّخص من الدّاخل، فضلًا عن انفتاحه على تربية الفتيات والنّساء في زمن لم يكن فيه هذا الأمر اعتياديًّا. كما تطرّق غالاغر إلى المواظبة على الإيمان عبر الأجيال، مشيرًا إلى الدّور الهامّ والأساسيّ الّذي لعبه شهود قدّيسون، تمكّنوا من تغذية الإيمان والرّوحانيّة المتجذّرة في العبادة الإفخارستيّة وفي تضحية الصّليب. وتوقّف سيادته أيضًا عند الصّلاة الّتي كانت ركيزة حياة مار إيفانوس، والّتي من دونها تفقد الأعمال معناها ووجهتها، لأنّه من خلال الصّلاة ننال القوّة والحكمة والسّلام كي نواجه تحدّيات الحياة.
في ختام عظته خلال القدّاس سلّط أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدّول والمنظّمات الدّوليّة الضّوء على أهمّيّة الوحدة في الإيمان، لافتًا إلى أنّ سيرة حياة المكرّم الهنديّ، تُظهر لنا أنّ هذه الوحدة ممكنة عندما تكون متجذّرة في المحبّة والحقيقة. وأكّد أنّ كلّ واحد منّا مدعوّ اليوم لأن يكون صانعًا للسّلام وبانيًا للجسور وشاهدًا للإنجيل، دون أن ننسى أنّ الوحدة الحقيقيّة تتضمّن العدالة والرّأفة تجاه الأشخاص المتألّمين."