الفاتيكان
13 تموز 2018, 07:47

في الفاتيكان.. وداع للكاردينال توران

ترأّس البابا فرنسيس جنازة رئيس المجلس البابويّ للحوار بين الأديان الكاردينال جان لويس توران، في بازيليك القدّيس بطرس في الفاتيكان. وكانت للمناسبة عظة لعميد مجمع الكرادلة الكاردينال أنجلو سودانو، قال فيها نقلاً عن "إذاعة الفاتيكان":

 

"لقد اجتمعنا بتأثّر عميق حول مذبح الرّبّ لنودِّع الكاردينال الّذي لن ننساه ونكله إلى اليدين الرّحيمتين للآب الّذي في السّماوات. وفي ختام هذه الذّبيحة الإلهيّة سيمنح الحبر الأعظم البركة لجثمان أخينا الّذي كان البابا فرنسيس قد ذكره بكلمات مؤثِّرة في برقيّة التّعزية الّتي وجّهها لأخت الفقيد الحاضرة معنا هنا في لحظة الألم هذه.

لقد ذكّرتنا قراءات هذا القدّاس الإلهيّ ببعض الرّسائل التي تميِّز كلمة الله والّتي بإمكانها أن تعزّينا عند المحن. في القراءة الأولى أنارنا القدّيس يوحنّا قائلاً: "طوبى مُنذُ الآنَ لِلأَمْواتِ الَّذينَ يَموتونَ في الرَّبّ! أَجَل، يَقولُ الرُّوح، فلْيَستَريحوا مِن جُهودِهم، لأَنَّ أَعْمالَهم تَتبَعُهم". ومن ثمَّ ردّدنا في المزمور تلك الصّلاة الجميلة والشّهيرة: "من الأعماق صرخت إليك يا ربّ. يا ربّ، اسمع صوتي. لتكن أذناك مصغيتين إلى صوت تضرّعاتي". أمّا في القراءة الثّانية فقد دعانا القدّيس بولس لكي لا نيأس إزاء تجارب الحياة لأنَّ الرّبّ هو في قربنا على الدّوام ويقول: "لِذلكَ فنَحنُ لا تَفتُرُ هِمَّتُنا: فإِذا كانَ الإِنسانُ الظَّاهِرُ فينا يَخرَب، فالإِنسانُ الباطِنُ يَتَجدَّدُ يَومًا بَعدَ يَوم وإِنَّ الشِّدَّةَ الخَفيفةَ العابِرَة تُعِدُّ لَنا قَدْرًا فائِقًا أَبَدِيًّا مِنَ المَجْد، فإِنَّنا لا نَهدِفُ إِلى ما يُرى، بل إِلى ما لا يُرى. فالَّذي يُرى إِنَّما هو إِلى حِين، وأَمَّا ما لا يُرى فهو لِلأَبَد".ب

وفي النّهاية يقول في الإنجيل يذكّرنا يسوع بتطويبات المسيحيّ الحقيقيّة: "طوبى لِفُقراءِ الرُّوح، طوبى لِلوُدَعاء، طوبى لِلْمَحزُونين، طوبى لِلْجياعِ والعِطاش، طوبى لِلرُّحَماء، طوبى لأَطهارِ القُلوب طوبى لِلسَّاعينَ إِلى السَّلام". إنّها تطويبات أنارت على الدّوام حياة أخينا الرّاحل، كنجوم مضيئة في مسيرته، ولذلك نجتمع اليوم هنا لنشكر الرّبّ لأنّه أعطانا إيّاه مكرّرين صلاة القدّيس أغوسطينوس: يا ربّ نحن لا نتذمّر لأنّك أخذته من بيننا ولكننا نشكرك لأنّك أعطيتنا إيّاه".

أنا شخصيًّا قد شهدتُ لسنين عديدة على الرّوح الرّسوليّ الكبير لأخينا الرّاحل خلال سنوات الخدمة المشتركة للكرسيّ الرّسوليّ وسأحتفظ على الدّوام بتذكار ممتنٍّ لها. لقد كان مثالاً كبيرًا للكاهن والأسقف والكاردينال الّذي وكما كثيرين قد كرّس حياته لخدمة الكرسيّ الرّسوليّ والكنيسة، وفي الختام كرّسها للحوار مع جميع الأشخاص ذوي الإرادة الصّالحة، وبهذا الشّكل تبع الخطّ الّذي رسمه المجمع الفاتيكانيّ المسكونيّ الثّاني في الدّستور الرّعائيّ "فرح ورجاء" حول الكنيسة في العالم المعاصر إذ يكتب: "بما أن الله الآب هو مبدأ وغاية البشر أجمعين، فكلّنا مدعوّون لأن نكون إخوة. وبما أنّنا مهيّئون لنفس الدّعوة الإلهيّة، فبوسعنا أيضًا، بل يتحتّم علينا، أن نعمل معًا بدون عنف وبسلامة النّيّة، لبناء العالم في جوّ من السّلام الحقيقيّ". هكذا عمل أخانا الكاردينال الرّاحل جان لويس توران؛ فليكافئه الرّبّ الآن بمكافأة القدّيسين!".