دينيّة
27 آذار 2017, 13:00

في سوق الغرب.. القدّيس جاورجيوس حيًّا

تمارا شقير
في قضاء عاليه، في بلدة سوق الغرب، يتّخذ دير القدّيس جاورجيوس التّابع لأبرشيّة بيروت للرّوم الأرثوذكس مقرًّا له، في هذه البلدة الّتي تعلو 780 مترًا عن سطح البحر وتبعد 22 كيلومترًا عن العاصمة بيروت، يقع هذا الدّير لينفح على أهالي البلدة نسمة خشوع وإيمان.

 

قبل القرن السّادس عشر، لم يكن لدى مسيحيّي المنطقة كنيسة للصّلاة وللمشاركة في القدّاس الإلهيّ. ولهذا، سعى عبدالله حنّا عطيّة وجرجس محفوظ، من أبناء منطقة سوق الغرب، جاهدين للحصول على إذن بناء كنيسة. وعندما أخبرهما متروبوليت بيروت وجبل لبنان برثانيوس الكوسباويّ أنّ إذن بناء كهذا لا يُستحصل عليه إلّا من السّلطات العثمانيّة، قاما بزيارة اسطنبول وتمّت الموافقة على طلبهما فشيّدت كنيسة الدّير وكُرّست على اسم القدّيس جاورجيوس، وكانت أوّل كنيسة خلال الحكم العثمانيّ.

وعام  1866 رمّمت، واعتُبرت لؤلؤة هندسيّة في عصرها ومن أضخم المباني الأرثوذكسيّة في لبنان. أما عام 1904، وبناءً على طلب متروبوليت بيروت جراسيموس مسرّة، بُنيت كنيسة جديدة أكبر حجمًا، إلا أنّه إبّان الحرب اللّبنانيّة، عام 1983 دُمّر الدّير والكنيسة، وفرّ أهالي المنطقة إلى بيروت ليُبادر بعدها، عام 1994، متروبوليت بيروت الياس عوده بإعادة بناء الكنيسة فكُرّست عام 1996. ويُذكر أنّ الرّعية باتت اليوم المسؤولة عن الكنيسة.

وتتميّز كنيسة دير القدّيس جاورجيوس برسومها الجداريّة، فعلى قبّة الهيكل رسم للعذراء مريم والطّفل يسوع داخل إطار مذهّب، وقد صُوّرت والدة الإله وفق التّقليد البيزنطيّ صاعدةً إلى السّماء تُزيّنها الأشعّة الشّمسيّة والغيوم. واللّافت أنّ الفنّ في اللّوحات والرّسوم غربيّ الاتّجاه، ففي التّجويف الأعلى مثلاً، لوحة زيتيّة تُصوّر ميلاد المسيح، فيها العذراء والقدّيس يوسف راكعين ومنحنين فوق الطّفل يسوع. وكما هو معروف في التّقليد الأرثوذكسيّ، تطوّق الباب الملوكيّ للكنيسة أيقونتان للمسيح الضّابط الكلّ، والعذراء والطّفل يسوع، إلى جانبهما أيقونة شفيع الكنيسة القدّيس جاورجيوس وأخرى للقدّيس يوحنا المعمدان.

يتربّع القدّيس جاورجيوس ملكًا على كنيسة ديره التّاريخيّة والأثريّة، هذه الكنيسة الّتي خضعت لترميمات عديدة وشهدت على الحرب اللّبنانيّة، ما زالت حتى اليوم تُسكر أبناءها بنفحة إيمان وتُعطّر أنفسهم عساهم ينشرون كلمة الله في كلّ زمان ومكان.