الفاتيكان
08 نيسان 2020, 12:30

في يوم الخيانة البابا يصلّي لأجل ارتداد المتاجرين بالمحتاجين

تيلي لوميار/ نورسات
على نيّة الأشخاص الّذين يتاجرون بالمحتاجين في هذا الظّرف الصّعب الّذي نعيشه بسبب تفشّي فيروس كورونا، والّذين يحاولون الاستفادة من عوز الآخرين كمن يمارسون الرّبا والمافيويّين وغيرهم، صلّى البابا فرنسيس في كابيلا القدّيسة مرتا خلال القدّاس الإلهيّ صباح اليوم، أربعاء الآلام، "يوم الخيانة": خيانة يهوذا، سائلاً الله أن يلمس قلوبهم فيرتدّوا.

وفي عظته، قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "عندما نفكّر ببيع النّاس يأتي إلى ذهننا الاتّجار بالعبيد في أفريقيا وكيف نُقلوا ليُباعوا في أميركا، أو الاتجار بالفتيات الأيزيديّات على يد تنظيم داعش. لكن الاتجار بالنّاس يحمل بعدًا آخر، ويُمارَس يوميًّا. فثمّة أشخاص اليوم كيهوذا يبيعون أخوة وأخوات لهم، يستغلّونهم في سوق العمل، لا يسدّدون لهم مستحقّاتهم، ولا يقومون بواجباتهم.  وهذا الأمر ينطبق أيضًا على أقرب المقرّبين منهم، مثلاً عندما يُرسل أحد ما والدَيه المسنَّين إلى دار للعجزة ولا يزورهما إطلاقًا".

وذكّر البابا أنّ الإنسان لا يستطيع أن يخدم الله والمال وحذّر من "وجود أشخاص يدّعون أنّهم يخدمون الله لكنّهم في الواقع يخدمون المال، إنّهم من يستغلّون الآخرين، مع أنّهم يبدون في مظهر لائق. إنّهم يتاجرون بكلّ شيء حتّى بالبشر لأنّ استغلال النّاس هو ضرب من الاتجار بالبشر".

ثمّ توقّف عند خيانة يهوذا الّذي ترك وراءه "تلامذة إبليس" قائلاً: "إنّ هذا الرّجل عاش ربّما حياة عاديّة، كان شابًّا طبيعيًّا. ودعاه الرّبّ ليكون تلميذًا له. كان رجلاً ضعيفًا لكن الرّبّ أحبّه. مع ذلك يقول لنا الإنجيل إنّه كان يحبّ المال"، ما دفعه على السّرقة، وانتقاله إلى الخيانة لم يتطلّب سوى لحظة، "لأنّ من يحبّ المال يخون الآخرين كي يحصل على المزيد من المال ويحقّق المزيد من الأرباح. فقد ذهب يهوذا إلى رؤساء الكهنة واقترح عليهم أن يسلّمهم يسوع مقابل مبلغ من المال". ومع ذلك كلّه لم يصف يسوع يهوذا بـ"الخائن" بل قال له "يا صديقي" عندما قبّله في بستان الزّيتون. وأضاف البابا: "إنّ إبليس دخل في يهوذا كما يروي الإنجيل وكان هو من حمله على خيانة يسوع وتسليمه. وماذا حصل في نهاية المطاف؟ تبيّن أنّ وعود إبليس لا تقود إلى أيّ أمر إيجابيّ. لا يمكن أن نثق به. إنّ إبليس يعد الإنسان بكلّ شيء، ويُريه كلّ شيء وفي نهاية المطاف يتركه فريسةً ليأسه فيُقدم على الانتحار ويشنق نفسه!

إنّ قلب يهوذا كان قلقًا ومعذّبًا بالجشح وفي الوقت نفسه كان مثقلاً بالمحبّة حيال يسوع، مع أنّ هذه المحبّة لم تتحقّق. لقد مرّ يهوذا في مرحلة ضبابيّة بعد فعلته، وعاد إلى رؤساء الكهنة مقرًّا بخطأه وطالبًا المغفرة، لكنّهم أجابوه بالقول "ما لنا ولك. هذا شأنك". هذه هي في الواقع الكلمات الّتي يتفوّه بها إبليس ويتركنا فريسة ليأسنا.

لنفكّر أيضًا بيهوذا الصّغير الموجود داخل كلّ واحد منّا، لدى اتّخاذ القرارات ولحظة الاختيار بين الوفاء والمصلحة. إنّ كلّ واحد منّا قادر على خيانة الآخرين، قادر على بيع النّاس واختيار ما يناسبه ويصبّ في مصلحته. أمام كلّ واحد منّا فرصة السّعي وراء حبّ المال والخيور المادّيّة والرّخاء في المستقبل"، مختتمًا عظته بسؤال: "أودّ أن أطرح سؤالاً على كلّ واحد منّا: "أين أنت يا يهوذا؟ أين أنت يا يهوذا الصّغير الموجود بداخلنا؟".