دينيّة
14 آذار 2017, 06:30

قدّيسو اليوم: 14 آذار 2017

تذكار القديسة فروسيا(بحسب الكنيسة المارونية) ولدت في القسطنطينية من اسرة شريفة. أبوها انكيتون من أعوان الملك تاودوسيوس الصغير. كان رجلاً تقياً، فاتفق مع امرأته وتفّرغا لعبادة الله. ولما مات انكيتون، وضعت امرأته ابنتها تحت حماية الملك تاوادوسيوس وعنايته. فعقد الملك خطبتها، وهي في الخامسة من عمرها على أحد أخصائه كعادة تلك الايام.

 

ثم مضت فروسيا مع والدتها الى زيارة النساك في بريَّة تيبايس، وأقامتا بقرب دير للرهبات، تكثران من التردّد اليه. فاعجبت فروسيا بسيرة الراهبات الملائكية. وشغفت بها. وطلبت برضى والدتها، أن تترهّب فلم تقبلها الرئيسة إِلاّ بعد إلحاحها الكثير. وبعد قليل توفّيت والدتها، فكتب الملك اليها ان تأتي الى عقد الزواج مع خطيبها، فاجابته:"أيجوز أن أترك عريسي السماوي الدائم الى الابد، لأكون لعريس آخر تنتهي حياته بالموت؟" وقالت انها عازمة أن تموت الف مرة، ولا تترك سيرتها الرهبانية، وسألته أن يوزّع أموالها على الفقراء، ويعتق عبيدها. فاندهش الملك من بسالتها ورسوخ ايمانها وسموّ فضيلتها. فاستصوب طلبها، وقرأ جوابها على ديوانه، معجباً به، وتركها تفعل ما تشاء.

فأخذت تسير بقدم راسخة في طريق الكمال الرهباني، عاكفة على الصلاة والتقشف. لذلك حسدها الشيطان، وأثار عليها التجارب، فانتصرت عليه بالصوم والصلاة. وما كانت تلك التجارب الا لتزيدها ثباتاً في جهادها وقد وهبها الله صنع الآيات: منها انّها أبرأت غلاماً كان أخرس أصمّ، وطردت الشيطان من امرأة ممسوسة ورقدت بالرب سنة 412. صلاتها معنا. آمين.

 

الإسم بنادكتس يعني مبارك باللاتينيّة ويقابله مكاريوس باليونانيّة (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

كتب سيرته القدّيس غريغوريوس الذيالوغوس أسقف رومية (25 آذار)، مستندًا إلى روايات أربع استقاها من تلاميذ القدّيس بنادكتس ممن رأسوا ديورة كان قد أنشأها. وقد ورد الكلام عنه في كتاب "الحوارات".

ولد القدّيس حوالي العام 480م في نورسيا الإيطالية لعائلة مرموقة. اسم أبيه أفتروبيوس. فلمّا بلغ سنًا تتيح له تحصيل العلم، بعث به والده إلى رومية. وإذ بدا أن الشاب الصغير كان قد نشأ على التقوى أقلقته عبثية بعض الشبان الذين تعرّف إليهم وكان مضطرًا إلى التحدّث معهم.

وإن هي سوى فترة قصيرة حتى قرّر اعتزال العالم لأنّه لم يشأ أن يكون عرضة لغوايته.

ترك المدينة سرًا واتجه ناحية البراري. مربيته كيرللا تبعته إلى ثلاثين ميلاً من رومية لكنّه عرف كيف يصرفها وتابع رحلته إلى أن جاء إلى بريّة جبال سوبلاكم، على بعد أربعين ميلاً من المدينة.

لباسه ثوب الرهبنة:

المكان عبارة عن سلسلة صخرية قاحلة قاسية تطل على نهر في الوادي وبحيرة. هناك التقى فينيدكتوس راهبًا اسمه رومانوس، من دير في الجوار. هذا ألبسه ثوب الرهبنة وزوّده بإرشادات نافعة وقاده إلى كهف ضيّقٍ في عمق الجبال. كاد أن يكون متعذّراً على الناس بلوغه. وإذ حفظ رومانوس أمر فينيدكتوس سراً، صار يأيته من وقت لآخر، ببعض الطعام يدليه بحبل علق فيه جرساً. عمر قدّيسنا، يومذاك، قرُب من ۱٥ سنة. القدّيس غريغوريوس الذيالوغوس قال أنّه كان ولدًا.

سلك بنادكتس، في ما زوّده به رومانوس من توجيهات، ثلاث سنوات قيل بعدها أن الله سُرّ أن يكشف أمره لآخرين ليكون لهم نورًا وهداية. فخلال العام 497م، فيما كان أحد الكهنة في تلك الأنحاء يعد لنفسه طعامًا، أحد الفصح المجيد، سمع صوتًا يقول له: " أنت تعد لنفسك مأدبة وخادمي بنادكتس، في سوبلاكم، يضنيه الجوع ". للحال خرج الكاهن يبحث عن الناسك ولم يعثر عليه إلّا بشق النفس. بعد ذلك بقليل التقى القدّيس، قرب المغارة، بعض الرعاة. أوّل رد فعل لديهم كان الدهش. ظنوه حيوانًا غريبًا لأنّه كان يلبس جلد الحيوان. فلما عرفوه أنّه رجل الله أُخذوا به حتى مال بعضهم إلى سيرة كسيرته. مذ ذاك ذاع صيته وأخذوا يزورونه ويمدّونه ببعض ما يحتاج إليه، وكان هو، بدوره، يزودهم بنصائحه وتوجيهاته.

من جهة أخرى كان صراع بنادكتس والشياطين شرسًا. وطأة التجارب عليه، أحيانًا، كانت قاسية عنيفة. 
من ذلك أن الشيطان أعاد إلى ذاكرة القدّيس صورة امرأة سبق أن التقاها في رومية. وقد أخذت الذكرى تقضّه وتضنيه حتى أخذ يفكر في مغادرة البريّة. لا شيء أتاح له أن يقوى على التجربة. التصقت بروحه وأبت أن تغادره.

أخيرًا، بعدما عيل صبره، ألقى بنفسه، عريانًا، بين الأشواك، وأخذ يتمرغ عليها حتى تجرّح كله وسالت منه الدماء. نتيجة ذلك، وفي خضم الآلام والجراح، انطفأ فيه، بنعمة الله، روح الزنى فغاب ولّما يعد.

رئاسته للدير: 
انتشر خبر بنادكتس وأخذ الزهّاد يشقّون طريقهم إليه. رهبان فيكوفارا، إثر وفاة رئيسهم، أرسلوا يسألونه إن كان يرضى أن يكون راعيًا لهم فرضي ولكن على مضض.

كان يحدوه شعور أنّه، في وسطهم، في غير موقعه. وبالفعل اجترأ عليه قوم ودسّوا له سُمًا ممزوجًا بخمرة، فلما صلّب على الكأس تكسّر. فوعظهم وعاد، من حيث أتى، إلى سوبلاكم حيث أخذ طلاب الرهبنة يُقبلون إليه فبنى الدير تلو الدير حتى بلغ مجموع ما أنشأه من ديورة، في ذلك الزمن، إثنى عشر، استقر في كلّ منها رئيس وإثنا عشر راهبًا.

 بعض من أعاجيبه:

بعض أخبار هذه الديورة حفظته الذاكرة وتداولته الألسن جيلاً بعد جيل. ففي دير القدّيس إيرونيموس كان أحد الرهبان يهمل الصلاة القليبة التي يبدو أنّها كانت تلي، في الكنيسة، الخدمة الليتورجية، فيخرج ويذهب إلى عمله. وعبثاً حاول رهبان الدير ثنيَ أخيهم عن هذه الشائنة فلم يرعو. فنقلوا خبره إلى القدّيس بنادكتس الذي دخل إلى الكنيسة في نهاية الخدمة مرّةً فرأى ولدًا أسود صغيرًا يسوق الراهب بكمّه خارجًا. فصلّى من أجله. ثم في اليوم الثالث رآه يهم بالخروج كعادته فضربه بعصى فهرب إبليس وعاد الراهب إلى نفسه.

وفي دير آخر هو دير القدّيس يوحنا، كانت الحاجة إلى المياه ماسة ولم يجد الرهبان إلى تأمين حاجتهم سبيلاً، فصلى القدّيس فخرجت المياه من الأرض. 

 وفي دير القدّيس اكليمنضوس، على ضفة البحيرة، فيما كان راهب غوطي يقطع الأشواك سقط حديد منجله في البحيرة فصلّى الرهبان وبشفاعة أبيهم جاؤوا بعود المنجل وجعلوه في الماء فاجتذب الحديد فسبحوا الله وشكروا.

هذا وقد بلغ صيت بنادكتس أسماع العديدين من مشاهير القوم في رومية وسواها فأخذوا يتدفّقون عليه ليسألوه النصح والصلاة ويلتمسوا بركة الرّب الإله على يديه.

وقد ذُكر أن بعض هؤلاء كانوا يتركون أولادهم لديه ليتسنّى لهم أن ينشأوا على السيرة الفاضلة منذ نعومة أظفارهم. من هؤلاء الشيخان أفتيخيوس وترتللوس اللذان كانا من مشاهير الفرس. هذان تركا ولديهما موروس وبلاسيدوس، سنة 522، وكلاهما صار للقديس تلميذًا مبّرزًا.

وإذ عاين إبليس ما أخذ القدّيس يصيبه من نجاح سلّط عليه واحدًا من الحسّاد من ضعفاء النفوس، فلورنتينوس، الذي كان كاهنًا في الجوار. هذا أشاع عن القدّيس أخبارًا مغرضة بقصد تشويه سمعته وإلحاق الأذى به وبعمله المبارك. ويبدو أنّه كان نافذًا وكثير الشرور حتى اضطر القدّيس إلى مغادرة مقرّه في سوبلاكم إلى قمة كاسينو. ولكن، في طريقه إلى هناك، بلغه خبر فلورنتيوس أنّه قضى نحبه بعدما سقط عليه الرواق. فحزن القدّيس لما جرى، فيما عبّر تلميذه موروس عن ارتياحه للخلاص من اضطهاد الكاهن لمعلّمه ورهبأنّه. فما كان من بنادكتس سوى أن أنزل بالتلميذ قصاصًا صعبًا.

كانت كاسينو، التي هي في نابولي، بلدة صغيرة مبنية على هضبة عالية. وكان يعلوها معبد قديم لأبولو تحيط به الأشجار الباسقة. إلى هناك كان لا يزال يأتي بعض الوثنيين ويقدّمون الذبائح. فلما أخذ القدّيس علمًا بذلك عمل بالكلمة والآيات على هداية العديدين إلى الإيمان بيسوع، ثم قام على الصنم فحطمه تحطيمًا وقلب المذبح ودك الهيكل وقطع الأشجار وأقام في المكان كنيستين. من ذلك الوقت أخذ ينشأ دير هضبة كاسينو ابتداء من السنة 529م. يومها كان بنادكتس قد بلغ الثامنة والأربعين. إلى ذلك ساس قديسنا ديرًا للراهبات قريبًا من المكان وآخر للرهبان في تيراسينا. كما أوفد تلميذه القدّيس بلاسيدس لتأسيس دير في جزيرة صقلية.
القدّيس بنادكتس كان يجهل علوم الدنيا لكنه امتلأ من العلم الإلهي. القدّيس غريغوريوس الذيالوغوس يقول عنه أنّه كان " جاهلاً على علم وحكيمًا على أميّة".

قالوا أنّه صار شماسًا وربما كاهنًا، لكن الأمر ليس مؤكدًا. الصورة التي رسمها له القدّيس غريغوريوس الذيالوغوس تبّين أنّه كان يعظ في بعض الأمكنة في الجوار وأنّه كان على محبّة فائقة، يمد يده إلى المحتاجين بكل ما أُوتى. كذلك اجتمع لديه من الإشراقات الإلهية والخبرة في قيادة النفوس ومداواتها ما خوّله وضع قانون رهباني فضّله القدّيس غريغوريوس الذيالوغوس على كلّ القوانين التي عرف.

وقد شاع هذا القانون حتى شمل الرهبان في الغرب قاطبة. أسُسه كانت الصمت والخلوة والصلاة والاتضاع والطاعة.

 كان بنادكتس في عيون تلاميذه نموذجًا كاملاً للرهبنة يُحتذى. وقد زوّده الرّب الإله بمواهب جمّة بينها صنع العجائب والتبصّر، فكان يشدد الرهبان ويطرد عنهم الشياطين بعلامة الصليب.

مرّةً، فيما تعذّر على الذين كانوا يبنون أحد أديرته أن يرفعوا صخرة من مكأنّها لثقلها، صلّى صلاة قصيرة فأضحت الصخرة على خفّة مدهشة.

ومرّة أقام أحد رهبأنّه من الموت بعدما سقط عليه حائط في هضبة كاسينو.

كذلك أنبأ بدموع كثيرة أن دير كاسينو سوف يُدنّس ويُهدم. وهذا حدث فعليًا على يد اللمبارديين، بعد ذلك بأربعين سنة، حوالي العام 580م. كذلك ذكر بنادكتس أنّه بالكاد تمكّن، في الصلاة من تحصيل العفو عن الناس في تلك الأنحاء.

من جهة أخرى كان محظّرًا، وفق قانون بنادكتس، أن يأكل الراهب خارج ديره إلا إذا كان على مسافة لا تسمح له بالعودة إلى ديره في نفس اليوم الذي خرج لقضاء حاجته. هذه القاعدة، كما ذكر غريغوريوس الذيالوغوس، كانت مرعية بالكامل. لا شيء، في اعتبار قدّيسنا، كان أخطر على الراهب، في تعاطي أمور العالم، من تناول الطعام والشراب في أوساط عالمية.

وكان بنادكتس يعرف بالروح زلّات رهبأنّه وأفكارهم وينبّههم ليتقوّموا. مرًّة جاءه راهب بقارورتي نبيذ فخبأ واحدة وأخذ الثانية إلى القدّيس قائلاً أنّها هدية من فلان، فلفته بنادكتس إلى ضرورة أن لا يشرب من الأخرى. فلما عاد الراهب إلى قلايته وفتح القارورة وجد فيها حية.

ومرّةً أخرى كان أحد الرهبان في نوبة الخدمة وكان يخدم القدّيس وهو يأكل. فخطر ببال الراهب فكر قال له: إن مقامك أرفع من مقام بنادكتس فكيف تقوم بخدمته. الرجل، فيما يبدو، كان من علّية القوم. للحال تطلّع إليه القدّيس وأمره أن يرسم على نفسه إشارة الصليب وصرفه. ولما استدعي باليساريوس، القائد العسكري، إلى القسطنطينية، غزا توتيلا، ملك الغوط، إيطاليا ونهبها. وإذ سمع بقداسة بنادكتس والآيات التي تجري على يديه وأراد أن يجربه، فأعلن أنّه مزمع أن يزور القدّيس. ولكن بدل أن يذهب إليه شخصيًا ألبس ثوبه أحد المقرّبين منه وجعله يدّعي أنّه هو الملك. فلما جاء الرجل المدّعي للحال بادره رجل الله بقوله: اخلع عنك يا بني هذه الثياب لأنّها ليست لك! أخيرًا جاء إليه توتيلا وألقى بنفسه عند قدميه ولم يقم من مكأنّه إلا بعدما أصّر عليه القدّيس.

وقد ورد أن بنادكتس وبّخ الملك بكلّ جسارة على الفظائع التي يرتكبها قائلاً: إنك تفعل شرًا عظيمًا وستفعل المزيد. سوف تحتّل رومية وتعبر البحر وتحكم تسع سنوات وفي السنة العاشرة تموت وتمثل أمام الله لتؤدي حسابًا عما فعلت. كلّ هذا الذي أخبر به بنادكتس تم بحذافيره كما تنبأ. فاستبدّت الرعدة بتوتيلا وطلب صلاة القدّيس. وقد ورد أن الملك صار، مذ ذاك، أكثر إنسانية من ذي قبل. ولما أخذ نابولي عامل الأسرى باللين. أما عن رومية فتكّهن أسقف كانوسا أمام القدّيس أن توتيلا سوف يتركها كومة حجارة ولن تكون آهلة بعد، فأجابه القدّيس: كلا، بل ستضربها العواصف والزلازل وتكون كشجرة يبست من فساد جذورها. هذه النبوءة التي تفوه بها القدّيس هي إياها ما حدث. القدّيس غريغورويوس الثيالوغوس شهد بذلك.

 رقاده:

 هذا ويبدو أن بنادكتس رقد بعد أخته سكولاستيكا في السنة التي تلت لقاءه بتوتيلا. وقد أخبر تلاميذه بيوم رقاده سلفًا وجعلهم يفتحون قبره قبل وفاته بستة أيام.

فلمّا فعلوا أصابته حمى. وفي اليوم السادس حملوه إلى الكنيسة حيث تناول القدسات. وبعدما زوّد رهبانه بتوجيهاته اتكأ على أحدهم ورفع يديه وأسلم الروح. كان اليوم سبتًا والتاريخ الثالث من أبريل، أغلب الظن عام 543م.

 كان قد بلغ من العمر الثالثة والستين. أكثر رفاته ما يزال موجودًا في دير كاسينو. وبعض عظامه نُقل إلى دير فلوري في فرنسا. المستشفّعون به يطلبون حمايته من مضار الحشرات وسمومها.

لما رقد شاهد أحد الرهبان الحاضرين رؤيا وشاهدها القدّيس موروس أيضًا وكان، إذ ذاك، في فرنسا رأى طريقًا واسعة يكسو أرضها السجّاد الفاخر وعلى جوانبها شموعًا مضاءة لا عد لها.

وإذا شيخ وقور يقول: هذه هي الطريق التي سلكها بنادكتس، حبيب الله، فأوصلته إلى السماء.

من تعاليمه أن للتواضع إثنتي عشرة درجة هي التالية:
1-  نخس القلب وخوف الله والسلوك في حضرته.
2- التخلّي عن الإرادة الذاتية.
3- الطاعة.
4- الصبر على الأتعاب والجراح.
5- كشف أفكارنا وتصوراتنا للأب الرئيس.
6- الرضى والفرح بالذل والأعمال الحقيرة والثياب الفقيرة واعتبار أنفسنا غير مستأهلين للكرامة والنظر إلى أنفسنا كعبيد بطّالين.
7- اعتبار أنفسنا دون الآخرين وأقل قيمة من الآخرين وحتى أعظم الخطأة.
8- اجتناب التفرد في الكلام والعمل.
9- أن نحب الصمت ونتعاطاه.
10- أن نتجنب المسرات المنحلّة والقهقهة.
11- أن نمتنع عن الكلام بصوت عال ونلزم الاحتشام.
12- أن نسلك في الاتضاع في كل عمل وأن تكون أعيننا إلى الأرض كالعشار ومنسّى التائب.
وقد أضاف القدّيس بنادكتس أن المحبّة الإلهية هي المكافأة التي تحصل من التواضع الصادق. وقد جعل نخس القلب والتخلّي عن المشيئة الذاتية قبل الطاعة.

 

تذكار القديس الشهيد أغابيوس والستة الشهداء الذين معه (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

كانت زوبعة الإضطهاد التي أثارها ذيوكلسيانس في أشدّها سنة 303. وكان أربانس والي مدينة قيصريّة فلسطين يفتك بالمسيحيين فتكاً مريعاً. فأتى مدينة غزّة، وقبض فيها على تيموثاوس، وأماته مشويّاً على النار، لثباته في الإعتراف بالمسيح. وان مدينة غزّة هي كثيرة العبادة لهذا الشهيد الباسل.

وقبض الوالي أيضاً في غزّة على أغابيوس وتقلا، وساقهما إلى قيصريّة، ليطرحهما هناك للوحوش الضاريّة، جزاء إيمانهما بالمسيح، فيتلّهى الشعب بهما فيما تمزّقهما تلك الضواري. وكان ذلك الوحش البشري قد قبض أيضاً في قيصريّة على بعض المسيحيين، ليجعلهم فريسة للوحوش يوم الإحتفال بعيد الأصنام، فيكون المهرجان أعظم والأفراح أعمّ. فحرّك الإيمان قلوب بعض الشبّان، وبإلهام الروح القدس قيّدوا ذواتهم بالحبال وذهبوا، تدفعهم حماسة الشباب، فاعترفوا بالمسيح أمام الوالي، غير مبالين بغضبه ولا حاسبين لعذاباته حساباً. وهذه أسماؤهم: تيمولاوس من بلاد البنطس، وذيونيسيوس من مدينة طرابلس الشام، ورومولوس الشمّاس الرسائلي من ذيوسبولي أي اللدّ، وباوسي من مصر، وألكسنذرس من غزّة. فأكبر الناس تلك الجرأة في جنود المسيح، وتعزّت وتشجّعت قلوب المسيحيين الموقوفين، وهم ينتظرون يوم الإنتصار تحت مخالب وأنياب الوحوش. فطرحهم الوالي في السجن ريثما يأتي يومهم مع رفاقهم.

وكان في قيصريّة رجل يدعى أغابيوس أيضاً، وكان من أبطال المسيحيين، لا يهاب الموت ولا يخشى العذاب. وكان قد احتمل آلاماً كثيرة لأجل المسيح. فلمّا رأى أن السجون تغصّ بالمسيحيين، أخذ يتردّد عليهم مع رفيقٍ له يدعى ذيونيسيوس ويشجّعهم، ويحمل لهم الأطعمة ويقوّي عزائهم. فعلم الوالي بهما، فقبض عليهما وأودعهما السجن مع رفاقهما. ورأى الوالي أن هؤلاء الثمانية يشوّشون عليه عمله، ويبثّون روح الشجاعة في قلوب سائر المسيحيين، فأسرع وضرب أعناقهم ففازوا بإكليل الشهادة.

أن من نظر إلى العراك الدائم القائم بين الكنيسة وأعدائها على توالي الأجيال وتعاقب الأحقاب، يقف خاشعاً إذ يرى أن السيف قد كلّ من سفك الدماء ولم يُثنِ عزم الشهداء. ولا تزال الكنيسة منصورةً في هذه الحرب القائمة، منصورةً ببسالة بنيها وأيمانهم وجرأتهم وأقدامهم على الموت بشهامة واغتباط وتهليل، فيما ترى أعداءها، وقد تعبوا من التقتيل والتخريب، يقعون خائرين، ويفلت السيف من أيديهم، وتتلاشى جموعهم كأنّهم لم يكونوا، وهي سائرة بسلام، وبنوها من حولها، وعلَمها مرفوع، ورأسها يكلّله غار الظفر. لأن لهم الدنيا ولها الأبديّة.

وبعد أن ذبح ذلك الوالي أربانس الأثيم الشهداء الثمانية، أبقى على أغابيوس وتقلا اللذين من غزّة آملاً أن يظفر منهما بالخضوع. وبقي سنتين يعذبهما ويضيّق عليهما. ثم طرحهما للوحوش فمزّقت لحمانهما. وهكذا لحقا برفاقهما وفازا بإكليل المجد سنة 305.

 

نياحة الأنبا صرابامون أسقف دير انبا يحنس (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

فى مثل هذا اليوم تنيح الأب القديس الناسك العابد الأنبا صرابامون قمص دير أبو يحنس. وقد ترهب هذا القديس منذ صغره في دير القديس أبو يحنس. ومكث في العبادة وخدمة الشيوخ اثنتين وثلاثين سنة، ثم رسم قمصا على الدير وأوكلوا إليه أمر تدبيره، فتزايد في بره ونسكه، وكان يقضى نهاره صائما، من يوم ترهبه إلي يوم نياحته، وبعد أن قضى في تدبير الدير عشرين سنة حبس نفسه في إحدى (الكنائس ولم يعد يراه أحد مدة عشر سنوات. وكان في هذه المدة لا يفطر إلا في يومي السبت والأحد فقط. ولما دنت أيام وفاته ظهر له ملاك الرب أ! وقدم له صليبا من نار قائلا من نار قائلا: "(خذ هذا بيدك". فقال له: * كيف أستطيع أن أمسك النار بيدي !. فاجابه الملاك قائلا: "لأتخف فلا يجعل المسيح سلطانا لها عليك. فمد يده وتناول الصليب من الملاك. ثم قال له الملاك: (تقو وتقرب من الأسرار وبعد ثلاثة أيام آتي وآخذك". ولما استيقظ من نومه اعلم الشيوخ بالرؤيا فبكوا وودعوه طالبين منه أن يذكرهم.فطلب منهم أن يذكروه في صلواتهم. وتنيح في اليوم الثالث، والشيوخ حوله. صلاته تكون معنا. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : استشهاد القديسة ادوكسية

في مثل هذا اليوم تذكار القديسة أوذوكسية، التي تفسيرها مسرة. هذه القديسة كانت سامريه المذهب، من أهل بعلبك، واسم أبيها يونان، واسم أمها حكيمة. وعاشت أوذوكسية في أول عمرها غير طاهرة. حيث كانت بجمال وجهها وحسن قوامها تعثر الكثيرين، وتوقعهم في الخطية، حتى اقتنت مالًا كثيرًا. وسمع بها راهب قديس من أهل القدس يسمى جرمانس فذهب إليها ووعظها بالأقوال الرهيبة المخيفة، وذكر لها جهنم والدود والظلمة وأنواع العذابات المؤلمة. فسألته: "وهل بعد الموت تقام هذه الأجساد بعد أن تصير ترابا وتحاسب؟) فقال لها: "نعم. قالت: "وما دليل قولك! ولم تذكره التوراة التي أعطاها الله لموسى النبي، ولا قال به آبائي؟ فأوضح لها ذلك بالبراهين الكتابية والعقلية، حتى ثبت قوله في عقلها، واقتنعت، ثم قالت له: وهل إذا رجعت عن أفعالي الذميمة هذه يقبلني الله إليه؟، فأجابها: "إن أنت آمنت بالسيد المسيح انه قد جاء إلى العالم، وانه حمل خطايانا بصلبه عنا وتبت الآن توبة صادقة، وتعمدت، فأنه يقبلك، ولا يذكر لك شيئًا مما صنعت، بل تكونين كأنك ولدت الآن من بطن أمك ": فانفتح قلبها للأيمان، وطلبت منه إتمام ذلك. فأخذها إلى أسقف بعلبك. وأقرت أمامه بالثالوث المقدس وبتجسد الكلمة وصلبه. وحينما وقف يصلى على الماء لتعميدها، فتح الرب عقلها، فرأت ملاكا يجذبها إلى السماء، وملائكة آخرين مسرورين بذلك. ثم رأت شخصا مفزعا أسود قبيح المنظر يجتذبها منهم وهو حانق عليها. فزادها مار أته رغبة في العماد والتوبة. ولما تعمدت فرقت ما كانت جمعته من ثمرة الآثم على الفقراء والمساكين، وذهبت إلى دير الراهبات، ولبست زي الرهبنة وهناك جاهدت جهادا كاملا. فدخل الشيطان في بعض أصدقائها، وأعلموا الأمير بأمرها، فاستحضرها، ولما حضرت وجدت في بيته جنازة وبكاء على ابنه. فدخلت إليه وصلت على ابنه، وطلبت من السيد المسيح من أجله فأقامه من الموت. فآمن الأمير بالمسيح على يدها. وسمع بها أمير آخر يدعى ديوجانس، فاستحضرها فأبصرت أمامه جنديًا فاقد بصر إحدى عينيه. فصلت وصلبت عليها، فأبصر فأطلق الأمير سراحها. وبعد مدة تولى أمير آخر يسمى بيكفيوس (ورد في مخطوط بشبين الكرم (بلنفيوس) وبلغه خبرها فاستحضرها، فسالت السيد المسيح أن يجعل لها حظًا مع الشهداء. فأمر الأمير بقطع رأسها بالسيف، ونالت إكليل الشهادة. شفاعتها تكون معنا. آمين..

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : نياحة القديس بطرس القس

فى مثل هذا اليوم تنيح القس الجليل القديس بطرس، وكان هذا الأب يقضى كل زمانه صائما وكان يحبس نفسه ويلتزم إقامة الصلوات في الليل والنهار فوهبه الله نعمة العلم بالغيب، وشفاء المرضي بالماء والزيت بعد الصلاة عليهما. وقد رسم قسا بعد امتناع كبير، حتى اضطر إلى الخضوع للأمر. وكان يقوم برفع البخور واقامة القداس يوميا. وكان أهل المدينة فرحين به قائلين ان الله يهبنا مغفرة خطايانا بصلاته وتضرعاته. وكان من عاداته المأثورة أنه إذا سمع بان اثنين من أبناء الكنيسة متخاصمان أسرع إلى إقامة الصلح بينهما. وكان متحليا بالصفات الكاملة. وفي أثناء صلاته ذات ليلة ظهر له بطرس الرسول، وقال له: "السلام لك يأمن حفظت الكهنوت بلا عيب. السلام لك وعليك يأمن صعدت صلواته وقداساته كرائحة الطيب العطرة". أما هو فلما رآه فزع وخاف منه. فقال له: "(أنا بطرس الرسول، لا تخف ولا تجزع، لأن الرب أرسلني لأعزيك وأعرفك أنك ستنتقل من هذه الدنيا المتعبة إلى الملكوت الأبدى. فأبشر بذلك وتعز ! ففرح القس بذلك وقال: "اذكرني يا أبى " ولما قال هذا تنيح بمجد وكرامة وسعادة. رحمنا الله بصلواته وبركاته. ولربنا المجد دائما. آمين..