دينيّة
22 آب 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 22 آب 2017

تذكار الشهيد سيمفوريانوس (بحسب الكنيسة المارونية) ولد هذا القديس في اوائل القرن الثاني في مدينة اوتون بفرنسا من ابوين مسيحيين ربياه على قواعد الدين والآداب وساعدهما على ذلك مرسَلون اتوا من ازمير الى فرنسا مبشرين بالانجيل وفد نزلوا ضيوفاً في بيتهما.

 

وكان قد انكب على درس الكتاب المقدس ومنه تلقن اسمى الفضائل التي تعشقها ونما فيها منذ حداثته. وكان يذهب الى قبور المرسَلين الذين استشهدوا في بلاده، ويصلي طالباً نعمة الاستشهاد نظيرهم.

وكان الوالي هرقل يطارد المسيحيين، وكان ممن استشهدوا في ذلك الاضطهاد القديسان بطرس واسطفانوس ابناء عم سيمفوريانوس. لذلك كان يشتاق هو جداً الى الاقتداء بهما. ولم يكن قد ناهز العشرين من عمره.

فلما كانت سنة 180، التقى بجماعة الوثنيين يحتفلون بعيد آلهتهم، فطلبوا اليه ان يضحي لها، فرفض بكل جرأة. فصاحوا: انه مسيحي، فأجاب:" نعم اني مسيحي واحتقر الاصنام". فقبضوا عليه واحضروه امام الوالي هرقل فأمر بضربه وحبسه فاحتمل القديس كل ذلك بصبر جميل وفرح جزيل من اجل المسيح.

فأخرجوه من السجن واخذ الوالي يتملقه ويعده بالوظائف والمال اذا ضحى للآلهة فلم يحفل بالوعود، بل اخذ يحث الوالي على الايمان بالمسيح. فأمر هذا بقطع رأسه. وبينما كانوا سائرين به الى محل الاستشهاد، ركضت امه اوغوسطا وشقت جماهير الوثنيين ومن اعلى السور هتفت: يا ابني سيمفوريانوس، حيٌّ هو الله الذي تموت لاجله، تشجع يا عزيزي، تشجع واذكر الحياة الابدية. وافع قلبك الى السماء ان لك فيها مجد لا يزول!... وما زالت تلك الام الباسلة تحرّض ابنها بمثل هذا الكلام، حتى قطعوا رأسه وفاز باكليل الظفر سنة 180. صلاته معنا. آمين!

 

القديس الشهيد أغاثونيكوس (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)‏ 

عندما استعر اضطهاد الامبراطور الروماني مكسيميانوس للمسيحيين، أوفد الكونت أفتولميوس ليخضع المسيحيين. انتقل من نيقوميذية، العاصمة الشرقية للامبراطورية، الى البنطس واستباح دم المسيحيين حيثما حل. ولكن، بخلاف ما أمل، كان ذوو الارادة الطيبة، جنودا أو حتى لصوصا ، يعجبون بجسارة التلاميذ الحقيقيين للمسيح فيهتدون اليه ويجاهرون بايمانهم به. وقد هجر العديدون مدنهم الى الريف ليعيشوا في مجموعات صغيرة انسجاما وأحكام الانجيل. أهلك أفتولميوس منهم الكثيرين بالسيف وهدد من كانوا من علية القوم بتقييدهم بالسلاسل وسوقهم الى أمام الامبراطور. من قيصرية الجديدة وصل الى مدينة صغيرة هي كاربي في بيثينيا. هناك أسلم زوتيكوس اليه وهو أحد أعيان المسيحيين. سأله الكونت لماذا يعلم مواطنيه احتقار الذبائح المقدمة لآلهة الامبراطورية، فأجاب أنه يطيع بذلك كلمة الله المثبتة في الكتب المقدسة. فلما دعاه الى التضحية تحت طائلة الموت أجابه:" المسيح يشاؤني ضحية ليتمجد اسمه حتى الى أقاصي الأرض". على أثر محاكمة مقتضبة جرى به وببعض تلاميذه تنفيذ حكم الموت وقد أتى مؤمنون، فيما بعد، سرا، فاهتموا بمواراتهم الثرى.
اثر عودة أفتولميوس الى نيقوميذية استقبله الوثنيون والمداحون بأصوات التهليل. قد نقلوا اليه أنه بعد خروج الامبراطور الى تراقيا ، جرت هداية الشخصية الأولى في المدينة الى عقيدة المسيح من الحكيم أغثوينكوس، وأنهما يعيشان معا في قرية كوبينا. اغتاظ الكونت للخبر وأرسل جنودا لتوقيفهما. لما بلغ العسكر مقر اقامة القديس أغاثونيكوس مجد هذا الأخير الله ووعد بأن يسير الى منتهى الشهادة واثقا باقتدار المسيح. بازاء شجاعته واشعاع ثقته بالله اهتدى الجنود الى المسيح، لكنهم، اتماما لمهمتهم ، استاقوا القديس الى نيقوميذية.
أوقف أفتولميوس القديس أغاثونيكوس أمامه، في مكان يعرف ب" لامبسو"، وسأله اذا كان قد أقنع زعيم المشيخة المحلية بأن يصير مسيحيا. أجابه أن طاعة الله خير من طاعة الناس وذكره بالشهادة المجيدة التي أداها شهداء العصور الفائتة: القديس بابيلا(4 أيلول) والقديس رومانوس(18 تشرين الثاني) الذي استشهد معه، اذ كان بعد ولدا، وكان الحاكم أب القديس أغاثونيكوس، المدعو أسكلبياديس. كذلك ذكره بشهادة القديس أنثيموس ، أسقف نيقوميذية (3 أيلول .( دفاعيته جعلت الحاكم ومعاونيه في رومية، تبعا لنبوءة الهية، أضاف القديس بأن من ينبذ أراضيه وغناه وشهرته من أجل الانجيل، يأخذ مائة ضعف في هذه الحياة ويرث الحياة الأبدية( متى 29:19). أسلمه الكونت للجلد ثم أرسله الى السجن لتقديمه وسواه من النبلاء الذي أوقفهم الى الامبراطور. أما المسيحيون ذوو المكانة الوضيعة فأمر بتصفيتهم بحد السيف. على هذا جمعوا ، عددا كبيرا ، في احدى مرتفعات المدينة حيث صلوا بتواتر منتظرين ساعة موتهم من أجل الايمان بيسوع. أما الرجال النافذون في المدينة، فقد أقلقتهم النجاحات المتنامية لأغاثونيكوس فضغطوا الحاكم أن يبعث به، بلا تأخير ، الى الامبراطور، هو ورفاقه. على هذا انطلق أفتولميوس، في اليوم التالي، بالمساجين، فيما كان المؤمنون، في نيقوميذية، يتبعون الركب من بعيد حزانى على خسران رسولهم الجديد. فاستدار أغاثونيكوس نحوهم وقال لهم:"ان لكم يسوع والقديسين يصلون لكن من قلب نقي، فأسلكوا في مخافة الله والحق بقية أيام حياتكم".

أنهك الطاغية المسجونين من الجوع وسوء المعاملة. واذ عرج على قرية بوتامي أحضر لديه زينون واثنين من رفاقه، ثيوبريبيوس وأكاندينوس، وهم ضباك هداهم أغاثونيكوس الى المسيح. واذ استبان التعذيب في حقهم بلا نفع ، أماتهم بالمنجنيق.

لما وصلوا الى خلقيدونيا أتى كهان الأصنام الى أفتولميوس بشيخ اسمه سويريانوس كان هو الذي شدد القديسة أوفيمية قبل شهادتها، هذا اتهموه بأنه حول مقر داريوس الى مدرسة للتعليم المسيحي مجتذبا بذلك عددا متناميا من المسيحيين الى الايمان. استجوبه الكونت ، واذ وجده غيورا في ادانته للوثنيين والاعلان عن العقاب الالهي الذي ينظرهم ، أمر باعدامه للتو خارج المدينة. أما القديسون الآخرون فاستيقوا الى بيزنطية حيث مثلوا أمام المحكمة. دعي أغاثونيكوس، أولا، للخضوع لأوامر الامبراطور. أجاب أن كلمة الله في المزمور تدعونا الى نبذ مشورة المنافقين وعدم الوقوف في طريق الخاطئين (مز1:1) والتكمل في الايمان بالمسيح. فأردف القاضي بحنق:" اذا كان حقا هو الله والملك ذاك الذي تعترف به فكيف أماته اليهود؟ وكيف ترك ولم يخلص من الموت الذين، على مثاله، يناهضون آلهتنا؟ امتنع وتخل عن جنونك؟ أجابه القديس باعتراف ايماني بقدرة المخلص الذي تألم من أجلنا. واذ صدر عليه حكم الموت ، اقتادوه خارج المدينة ليسلخوه حيا. وفيما اختلط دمه ولحمانه بالتراب استدار في اتجاه رفاقه ليؤكد لهم أن آلام اللحظة الراهنة ليست شيئا قياسا بالمجد المزمع أن يظهر لخدام المسيح في الملكوت(رو18:8).وقد ورد أن كلامه المختلط بدمه، في يقين ما بعده يقين، جعل بعض القضاة والسكريين يهتدون الى الايمان.

وكان، بعد ذلك، أن بلغ أفتولميوس سيليبريا، في تراقيا، حيث كان مكسيميانوس، على ضفاف بحر مرمرا. وبعدما دفع اليه بتقرير في شأن ما فعله بالمسيحيين قدم له من هم من ذوي الرفعة بينهم. وكان لمكسيميانوس حديث مع أغاثونيكوس انتهى بتسليمه قديس الله ورفقته للموت، على أن يكتفى بهذا القدر من الاضطهاد بعدما تبين أنه لم يحد كفاية من انتشار الايمان بالمسيح. على هذا جرى قطع رأس أغاثونيكوس ورئيس مجلس الشيوخ ومسيحيين آخرين أسماؤهم مدونة في سفر الحياة. وقد اتخذ مسيحيو سيليبريا، فيما بعد، القديس أغاثونيكوس حاميا وشفيعا لمدينتهم. يذكر انه لما جرى اجلاء الروم الأرثوذكس سنة 1922، من آسيا الصغرى ، نقلت جمجمة القديس أغاثونيكوس الى كافالا في اليونان.

 

تذكار القديس الشهيد أغاثونيكس (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

كان هذا القديس من الرجال الفلاسفة المثقّفين، الذائعي الصيت بالعلم والتقوى في بلاد آسيا في أواخر القرن الثالث للمسيح. وكان يضع علومه ونفوذه في خدمة الإنجيل، ليثبّت المؤمنين ويحمل الوثنيين على الإيمان بالمسيح. وكان قد آمن على يده عدد عديد من سكان تلك البلاد، ولا سيّما من أشرافها ومن أكرم بيوتاتها، لأن مواعظ أغاثونيكس وقداسة حياته كانت تستغويهم وتظفر بعقولهم وقلوبهم، فتقودها صاغرة أمام الرب يسوع.

وكان بين الذين آمنوا بواسطة كلامه وإرشاداته رئيس مجلس الشورى في مدينة نيكوميذية العاصمة الشرقيّة الكبرى. وكان يدعى الأمير. وكانت نيكوميذية إذ ذاك مدينة القياصرة، ومركز الحكومة الرئيسيّة الرومانيّة. وكانت تموج بمئات الألوف من الناس من كل العناصر والملل. وكانت النصرانيّة قد انتشرت فيها إنتشاراً كبيراً، وباتت الألوف فيها تعرف الرب وتعبده بحرارة وثبات.

فلمّا اثار ذيو كلسيانس ومكسميانس زوبعة الإضطهاد على المسيحيين وقاما يفتكان فتكاً ذريعاً بتلك الجماهير المسالمة الآمنة، أرسل الملك مكسميانس الكونت أفتونومس إلى بلاد آسيا، بصفة مفوّض فوق العادة، وزوّده بالتعليمات المشدّدة لكي يشرف على مرسوم ملاحقة المسيحيين وإبادتهم. فاشتد الإضطهاد، وراح الحكّام يطاردون أولئك المساكين في الكنائس وفي البيوت وفي شوارع المدن وفي البراري النائية، فجرت الدماء كالأنهار، وذهبت الألوف ضحيّة الظلم والإستبداد في كل أنحاء البلاد. وأن الأقباط في مصر لكثرة الذين قدّموا حياتهم بكل بسالةٍ على مذابح الرب في تلك الأيام الصعبة، دعوا ذلك العهد عهد الشهداء، وجعلوه بدء التاريخ الذي يسيرون عليه إلى يومنا هذا.

ووُشي إلى الكونت أفتونومس بأن رئيس مجلس الشورى في نيكوميذية، الذي يدعى الأمير، قد انتحل الديانة المسيحيّة على يد الفيلسوف أغاثونيكس. فأرسل للحال فقبض على الإثنين، وأتى بها إلى ديوانه. فسأل أغاثونيكس عن معتقده، فأخذ ذلك الفيلسوف الغيّور يشرح له بطريقته الرائعة أسرار الديانة المسيحيّة السامية، وآدابها العالية، حتى أن الحاضرين أخذوا بفصاحته وبراعته. ولكن أنّى للكبرياء أن تُذعن لصوت الحق. فضربوه وكبّلوه بالسلاسل هو والأمير الشريف وطرحوهما في السجن.

وقبض أفتونومس أيضاً على ثلاثةٍ من قوّاد الجيش المرابط في نيكوميذيّة، وهم زينون وبرأبّا وأكنذنُس، وعلى كثيرين غيرهم من أشراف القوم ومن عامة الشعب، فقيّدوهم وطرحوهم في غياهب السجون.

فلمّا عزم أفتونومس على الشخوص إلى ثراقيا للمثول بحضرة الملك مكسميانس، أمر بأن يُسلق أغاثونيكس والأمير والقوّاد الثلاثة وبعض الأشراف، وراء عربته مكبّلين بالسلاسل، ليقدّمهم إلى الملك. أمّا الباقون فإنّه أمر بإخراجهم وبضرب أعناقهم. فقطعوا هاماتهم المكرّمة، وساقوا أولئك مثقلين بقيودهم. فسار الشهداء على الأقدام، يقطعون المسافات الشاسعة وراء عربة الكونت، وهم يعانون الآلام الشديدة، ولاسيّما من جرّاء ما نالهم في نيكوميذية من ضرب السياط والمجالد.

ورأى الكونت أفتونومس الشرس أن قوى سجنائه تخور، فأمر بالقوّاد وببعض الأشراف فقطعوا لهم أوصالهم، ثم أماتوهم تحت العذاب. واستبقى معه أغاثونيكس والأمير وعدداً قليلاً من الشهداء، إلى أن مثل بحضرة الملك، وقصَّ عليه ما أتاه من الأعمال المجيدة في إبادة الألوف من المسيحيين. ثم أحضر أغاثونيكس الفيلسوف والأمير الشريف ورفاقهما أمامه، ليرى فيهم رأيه. فسألهم الملك هل تجرأون حقاً على الكفر بآلهة المملكة وعلى أتباع تعاليم رجلٍ يدعى المسيح، كان أحد الولاة الرومانيين قد أماته على الصليب؟.

فانبرى أغاثونيكس يبيّن له من هو المسيح، وكيف عاش وكيف صُلب، وأخذ يشرح له ما هي العقائد المسيحيّة السامية، وكيف هي ترفع الإنسان من الماديّات الحقيرة والمطامع الدنيئة إلى أسمى العواطف النبيلة والفضائل الجميلة. فهزَّ مكسميانس رأسه تهكّماً وسخر بأغاثونيكس وبفلسفته، وأمره أمراً بأن يترك تلك الأوهام، ويعود إلى إيمان المملكة والأوثان. لكن أغاثونيكس لم يكن من أولئك الذين تروّعهم تهديدات الملوك. فبقي ثابتاً في إيمانه، وانضمّ إليه رفيقه الشريف الأمير وسائر الشهداء الذين معه. فغضب الملك وأسلمهم إلى العذاب. فعذبّوهم كثيراً وشدّدوا في التنكيل بهم. أخيراً قطعوا لهم هاماتهم، ففازوا بإكليل المجد التي لا تبلى، وراحوا يمرحون ويفرحون في المملكة العلوية مع المسيح الملك إلى الأبد.

 

صعود جسد القديسة مريم العذراء(بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم كان صعود جسد سيدتنا الطاهرة مريم والدة الإله فأنها بينما كانت ملازمة الصلاة في القبر المقدس ومنتظرة ذلك الوقت السعيد الذي فيه تنطلق من رباطات الجسد أعلمها الروح القدس بانتقالها سريعا من هذا العالم الزائل ولما دنا الوقت حضر التلاميذ وعذارى جبل الزيتون وكانت السيدة مضطجعة علي سريرها. وإذا بالسيد المسيح قد حضر إليها وحوله ألوف ألوف من الملائكة. فعزاها وأعلمها بسعادتها الدائمة المعدة لها فسرت بذلك ومدت يدها وباركت التلاميذ والعذارى ثم أسلمت روحها الطاهرة بيد ابنها وألهها يسوع المسيح فأصعدها إلى المساكن العلوية آما الجسد الطاهر فكفنوه وحملوه إلى الجسمانية وفيما هم ذاهبون به خرج بعض اليهود في وجه التلاميذ لمنع دفنه وأمسك أحدهم بالتابوت فانفصلت يداه من جسمه وبقيتا معلقتين حتى آمن وندم علي سوء فعله وبصلوات التلاميذ القديسين عادت يداه إلى جسمه كما كانتا. ولم يكن توما الرسول حاضرا وقت نياحتها، واتفق حضوره عند دفنها فرأي جسدها الطاهر مع الملائكة صاعدين به فقال له أحدهم: "أسرع وقبل جسدالطاهرة القديسة مريم " فأسرع وقبله. وعند حضوره إلى التلاميذ أعلموه بنياحتها فقال: "أنا لا أصدق حتى أعاين جسدها فأنتم تعرفون كيف أني شككت في قيامة السيد المسيح". فمضوا معه إلى القبر وكشفوا عن الجسد فلم يجدوه فدهش الكل وتعجبوا فعرفهم توما الرسول كيف أنه شاهد الجسد الطاهر مع الملائكة صاعدين به.

وقال لهم الروح القدس: "أن الرب لم يشأ أن يبقي جسدها في الأرض " وكان الرب قد وعد رسله الأطهار أن يريها لهم في الجسد مرة أخري فكانوا منتظرين إتمام ذلك الوعد الصادق حتى اليوم السادس عشر من شهر مسرى حيث تم الوعد لهم برؤيتها وهي جالسة عن يمين ابنها وإلهها وحولها طغمات الملائكة وتمت بذلك نبوة داود القائلة: "قامت الملكة عن يمين الملك " وكانت سنو حياتها علي الأرض ستين سنة. جازت منها اثنتي عشرة سنة في الهيكل وثلاثين سنة في بيت القديس يوسف البار. وأربع عشرة سنة عند القديس يوحنا الإنجيلي، كوصية الرب القائل له: "هذا ابنك " وليوحنا: "هذه أمك".

شفاعتها تكون معنا. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً: نياحة البابا القديس متاؤس الرابع البطريرك الـ102

في مثل هذا اليوم من سنة 1391 ش. (15 أغسطس سنة 1675 م.) تنيح البابا متاؤس الرابع البطريرك أل 102. وهو يعرف باسم متي الميرى. ولد هذا الأب من أبوين مسيحيين تقيين كانا من الأبرار الصالحين يعملان الصدقات والحسنات وهما من أغنياء أهل مير من إقليم الأشمونين بكرسي قسقام المعروف بالمحرق وكانت لهما أراض زراعية متسعة ومواشي. وقد رزقا ثلاثة أولاد ذكور أحدهم هذا الأب الفاضل وكان أحب اخوته عند والديه وكان اسمه أولا جرجس. وقد اعتنيا بتربيته وهذباه بكل أدب ووقار، ولم يكلفاه كأخويه بالعمل في الحقل والزراعة ولا برعي المواشي بل جعلاه ينصرف إلى القراءة والتعليم حتى صار عالما بالكتب المقدسة أكثر من أهل جيله وأصبح قادرا علي تفسير معانيها لمن أشكل عليه أمرها ولما كبر زهد هذا العالم الزائل ومضي إلى دير السيدة العذراء المعروف بالبراموس في برية شيهيت وأقام به ست سنوات فتراءى له في حلم أن أبويه حزينان عليه وعرفا عنه أنه مات لأنهما لم يهتديا إلى مكانه. فقام لوقته وأعلم اخوته في الدير فأشاروا عليه بالتوجه إلى بلده لرؤية والديه فمضي إلى مير وسلم عليهما. فلما وقع نظرهما عليه فرحا فرحا عظيما وبعد ذلك أرادا أن يزوجاه فلما علم القديس من أخ صديق له بما اعتزما عليه هرب وعاد إلى ديره ثانيا فتلقاه اخوته الرهبان بالترحاب والسرور وسكن مع هؤلاء القديسين، وسلك معهم سبيل المحبة والإخلاص وخدمهم الخدمات الصادقة فزكوه للرهبنة وبعد ذلك رسم قسا علي الدير وبعد أيام من ذلك لبس الإسكيم المقدس. وصار يجهد نفسه بالسهر والصلاة والعبادة والسجود أكثر مما فرض علي غيره من الرهبان فكان يصوم من الليل إلى الليل وفي زمن الشتاء كان يصوم يومين يومين واستمر علي هذا المنوال مدة حياته حتى اكتسب رضاء الرب بأعماله الصالحة وعبادته المرضية وتقشفه التقوي.

ولما أنتقل إلى رحمة الله البابا مرقس السادس البطريرك أل 101 وطلب الآباء والكهنة والأراخنه أن يقيموا لهم راعيا صالحا عوضا عنه سألوا رهبان البراري والأديرة عمن يصلح لهذا المركز السامي فأرشدهم إلى هذا الأب فطلبوا إليه الحضور إلى مصر فرفض إجابة الطلب فاضطروا أن يرسلوا جنديا من قبل الدولة فقبض عليه وأتي به مقيدا.

وأما أهل مصر فأمسكوا قسا آخر من الرجال القديسين يسمي يوحنا وأرادوا أن يرسموه بطريركا فوقع خلاف بسبب ذلك فقبض الوالي علي المرشحين الاثنين وحبسهما عنده مدة أربعين يوما ولما طال الآمر اجتمع الأساقفة وأشاروا بعمل قرعة هيكلية فعملت القرعة أمام الجمهور كما عمل الجند أيضا قرعة فيما بينهم بدار الولاية وفي كل مرة كان يسحب اسم جرجس في القرعة وفي بعض الليالي كان يشاهد جند الوالي شبه قنديل مضيء فوق رأس الأب جرجس أثناء وجوده في السجن فوقع عليه الاختيار بعد الاختلاف الكبير ورضي به الشعب فرسم في يوم الأحد 30 هاتور سنة 1377 ش. (6 ديسمبر سنة 1660 م.) في عهد السلطان محمد الرابع العثماني

وكان الاحتفال برسامته فخما عظيما حضره كثيرون من طوائف المسيحيين علي اختلاف مذاهبهم ولما اعتلي الكرسي البطريركي في القلاية البطريركية بحارة زويلة نظر في الأحكام الشرعية والأمور الكنسية بلا هوادة ولا محاباة وكان متواضعا وديعا لا يحب الظهور والعظمة فما كان يجلس علي كرسي في الكنيسة بل كان يقف بجانبه إلى انتهاء الصلاة. ومن فضائله أنه كان يفتقد الأرامل والأيتام وكان يزور المحبوسين في السجون وينظر إلى الرهبان المنقطعين بالأديرة ويعتني بأمرهم ويقضي ما يحتاجون إليه وكان محبا للأديرة والكنائس وكانت معيشته بسيطة كعيشة الرهبان في البرية. وساد في أيامه الهدوء والطمأنينة وقد استنارت الكنيسة بغبطته مدة رئاسته، وفي سنة 1387 ش. (1671 م.) حصل وباء عظيم في مصر أفني الكثير.

وقام برسامة مطرانين علي التعاقب لمملكة أثيوبيا بعد وفاة مطرانها يؤنس الثالث عشر، الأول الأنبا خرستوذللو الثاني، وأقام هذا المطران علي الكرسي من سنة 1665 م. إلى سنة 1672 م. في مدة الملك واسيليدس، والثاني الأنبا شنوده الأول. وأقام علي الكرسي البطريركي من سنة 1672 إلى سنة 1694 م. في أيام يوحنا الأول.

والبابا متاؤس الرابع كان آخر من سكن القلاية البطريركية في حارة زويلة لأنه نقل كرسيه إلى حارة الروم في سنة 1660 م. أول أيام رسامته.

وقد قاسي بعض الشدائد إذ دخل الشيطان في قلب رجل مسيحي فصار يمضي إلى بيت جامع الضرائب ويغرم المسيحيين فاشتد بهم الحال فشكوه إلى البابا فأرسل إليه وأحضره ونهاه فلم يرتدع عن غيه فحرمه ومات شر ميتة، ومرة أخري أتت إليه امرأة تشكو له بعلها بأنه طلقها وتزوج بأخرى فأرسل وأحضره ومعه امرأته الثانية وأمر بالتفرقة بينهما فامتنعت المرأة وقالت: كيف يكون هذا وأنا قد حملت منه؟ " فقال لها البابا البطريرك: "ان السيد المسيح يفصل بين الشرعين" (بينك وبينها) ولم تكد المرأة تخرج من القلاية حتى نزل الجنين من بطنها فحصل خوف عظيم بسبب هذا الحادث وانفصل الرجل عنها وعاد إلى امرأته الأولي وصار هذا البابا محترما مكرما مهابا من شعبه.

وفي مرة أخري أراد بعض المخالفين أن يهدموا كنيسة القديس مرقوريوس أبي سيفين بمصر القديمة ودخلوا الديوان وعينوا رئيسا لهذا الآمر فبلغ الخبر مسامع البابا فاغتم كثيرا وقضي تلك الليلة ساهرا متضرعا إلى الله تعالي متشفعا بالشهيد مرقوريوس كي يحبط مؤامرة الأشرار وينجي الكنيسة من الهدم فحدث والجند نيام أن سقط عليهم حائط فماتوا جميعا وشاع هذا الخبر في المدينة كلها وبطلت تلك المؤامرة الرديئة فمجدوا الله تعالي.

وفي أيامه كان عدو الخير يهيج غير المؤمنين علي المسيحيين وكان المسيح عز شأنه يبدد مشورتهم ويهلكهم ببركة صلواته لأنه كان يرعى رعية المسيح الرعاية الصالحة.

ولما دنا وقت نياحته مضي إلى المقبرة التي تحوي أجساد البطاركة بمصر وقال لها: "انفتحي واقبليني لأسكن بين أخوتي الأبرار " ولما عاد إلى مكانه مرض مرض الموت فأرسل إلى الأساقفة والكهنة واحضرهم وأوصاهم علي رعية المسيح كما احضر الرئيسة من الدير وأعطاها كل ما عنده وأوصاها أن تسلمه لمن يأتي بعده لأنه وقف القيامة " ثم تنيح بسلام في شيخوخة صالحة بعد أن أقام علي الكرسي المرقسي مدة أربع عشرة سنة وثمانية شهور وتسعة أيام. وكانت مدة حياته خمسة وسبعين سنة ودفن في مقبرة البطاركة بكنيسة القديس مرقوريوس بمصر القديمة وخلا الكرسي بعده سبع أشهر.

صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.