دينيّة
30 آب 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 30 آب 2017

تذكار القديس فيليكوس الشهيد(بحسب الكنيسة المارونية) كان هذا القديس كاهناً في روما، ولما اشتد الاضطهاد قبضوا عليه. وأُحضر امام والي المدينة المدعو دراكوس فأرسله هذا الى هيكل زاميس الصغير. فكلفه تقديمَ البخور للاصنام فأبى وحقّرها واخزاها. فأمر الوالي ان يضعوه على آلة عذاب لكي يعترف بأية قوة اسقط تماثيل الآلهة، فقال:" لا تظن، ايها الوالي، اني فعلت ذلك بقوة الشيطان، بل بالثقة التي لي بالله القادر على كل شيء وبالقوة التي اعطانيها ربي يسوع المسيح على آلهتكم الكذبة".

 

حينئذ امر الوالي ان يأخذوه خارج المدينة الى معبد للاصنام، فما وصل  القديس اليها وصلى باسم يسوع المسيح، حتى سقط المعبد فتحطم كل ما فيه. ولما عرف الوالي بذلك، حكم عليه بقطع رأسه. وبينما هم سائرون به التقوا برجل مجهول، عرف انهم ذاهبون بالقديس لكي يقتلوه لانه مسيحي، فقال لهم الرجل:" وانا ايضاً مسيحي مثله واريد ان اموت معه". وارتمى على القديس فعانقه وبينما هما يتبادلان قبلة السلام، ضربوا عنقهما بالسيف ففازا باكليل الشهادة سنة 313.وبما ان ذلك الرجل كان مجهول الهوية والاسم، سُمّي "أدوطوس" اي المضاف او الزائد، " لانه اضيف الى الشهيد فيليكوس".صلاتهما معنا. آمين.

 

القدّيس ألكسندروس بطريرك القسطنطينية(بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

قيل أنّه تسقّف على بيزنطية في حدود العام 314م. اشترك في المجمع المسكوني الأوّل في نيقية سنة 325م. خلف القدّيس متروفانيس(4 حزيران). كان من عائلة متواضعة. لم يتسنّ له أن يحصّل أيّة ثقافة عالميّة، لكنّه لمع بفضائله ومواهبه الرسوليّة. دافع عن الإيمان القويم متصدّياً لآريوس ومحازبيه. قيل إنّه جال في تراقيا ومقدونيا وتسّاليا والجزر كارزاً بإيمان مجمع نيقية. لمّا تمكّن آريوس من خداع الأمبراطور الذي ضغط على القدّيس ليقبل آريوس في الشركة، لجأ إلى كنيسة القدّيسة إير يني مصلّياً إلى الربّ سائلاً إعفاءه من التجربة. وفي السبت قبل الإحتفال بقبول آريوس توفي هذا الأخير وانحلّت مشورة الأقوياء على كنيسة المسيح.

رغم ذلك استمرّت الاضطرابات وواصل ألكسندروس الجهاد من أجل الأرثوذكسيّة. رقد بسلام بعد وفاة القدّيس قسطنطين بأشهر قليلة. كان قد بلغ من العمر الثامنة  والتسعين.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: القدّيس يوحنّا بطريرك القسطنطينية

 ليس واضحاً تماماً أيّاً من الذين تسمّوا بهذا الإسم في القسطنطنيّة هو. أغلب الظنّ أنّه يوحنّا الثامنXiphilinos الذي كانت أسقفيته بين العامين 1064 و 1075م. رقد في سنّ الخامسة والستين. أصله من تريبيزوند. نشأ في القسطنطنيّة، برز في العلوم القانونيّة وأسند إليه تدريس الحقوق في الجامعة الأمبراطوريّة. ترك العاصمة المتمّلكة إثر وشاية مغرضة. اقتبل الثوب الرهبانيّ وبقي عشر سنوات في أحد ديورة جبل الأوليمبوس في بيثينيا. استدعاه الأمبراطور إلى القسطنطنيّة وجعله بطريركاً مسكونيّاً. استبان رجل سلام ومصالحة وسعى إلى التقرّب من الكنيسة الأرمنيّة. سلك في فقر شديد ونقاوة كاملة. وزّع كلّ ما لديه حسنات. كان يقيم الذبيحة اإلهيّة كلّ يوم ويُجيد في شرح العقائد والضوابط القانونيّة في الكنيسة.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: القدّيس بولس الرابع بطريرك القسطنطينية

يُسمّى الصغير فأصله من قبرص. كان قد لمع بأقواله وأعماله الفاضلة حين أختير، رغماً عنّه، بطريركاً، في الأحد الثاني من الصوم الكبير سنة 780م بعدما شغر الكرسي القسطنطينيّ طويلاً بسبب هرطقة محاربةالإيقونات. تعرّض لضغط شديد من الأمبراطور لاون الرابع ووقّع وثيقة تحرّم إكرام الإيقونات. كان أضعف من أن يقاوم رغم تمسّكه بالإيقونات. آثر الاستقالة والاعتزال في دير فلوروس تكفيراً. دعا إلى مجمع مسكونيّ يصلح الخطأ ويثبّت إكرام الإيقونات.

رقد بسلام بعد ذلك بأشهر قليلة سنة 784م. أكبر الجميع فضيلته وتقواه. وقد التأم المجمع المسكوني السابع، الذي حضّ على عقده، سنة 787م.   

 

تذكار آبائنا الأجلاّء في القديسين ألكسنذرس (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

أن القديس ألكسنذرس خَلفَ القديس متروفانس على كرسي بيزنطيّة، وكان له من العمر خمس وسبعون سنة. إلاّ أن تقواه، وما اتّصف به من الحزم وعلو الهمّة، جعل الأساقفة يقيمونه خلفاً صالحاً للقديس متروفانس الأمير إبن أخي الأمبراطور بروبس. وساس تلك الأبرشيّة مدّة ثلاثٍ وعشرين سنة بكل نشاط وغيرة وتفانٍ رسولي. فكان من كبار حملة الإعلام بين الأساقفة ضد البدعة الآريوسيّة الفظيعة، التي قامت تنكر على السيّد المسيح ألوهيته. فحفظ لرعيّته وديعة الإيمان المقدّس، ودافع دفاعاً مجيداً عن قرارات المجمع النيقاوي المسكوني الأول ضد آريوس وأصحابه. فكان الصخرة الثابتة للمؤمنين في تلك الأيام المضطربة.

وأن القديس غريغوريوس الثاولوغس، الذي خلفه في القرن الرابع نفسه على الكرسي القسطنطيني، يدعوه زينة الكنيسة القسطنطينيّة، والبطل الشجاع، وخطيب الثالوث الأقدس.

وكان ألكسنذرس القسطنطيني هذا صديقاً للقديس ألكسنذرس الإسكندري. وكتب له هذا كتاباً يحذّره فيه من أعمال آريوس الملحد الشقي ومن خبائثه. فلمّا تظاهر آريوس بالندامة على البدعة التي طلع بها على العالم، بالإذعان لقانون الإيمان الذي وضعه المجمع المسكوني النيقاوي، كسب رضى قسطنطين الملك. ثم أّنه بمساعي أصدقائه أفسافيوس أسقف نيكوميذية وأفسافيوس أسقف قيصريّة فلسطين وسواهما، حمل قسطنطين الملك على أن يطلب من ألكسنذرس أن يقبله في شركته ويعيده إلى ما كان له من الكرامة وسلطة الكهنوت.

فاضطرب ألكسنذرس لهذا النبأ، ومانع كثيراً في قبول آريوس، حتى أوشك أن يغضب قسطنطين. إلاّ أن الملك تصلّب في رأيه وشدّد في تنفيذ أوامره.

فاتّخذ الآريوسوين من ذلك وسيلة لكي يقوموا بتظاهرةٍ عظيمةٍ في مدينة العاصمة، ليثبتوا فيها قدمهم، ويبثّوا تعاليمهم تحت ستار القبول بإيمان المجمع المسكوني. فكاد ذلك الشيخ القديس ألكسنذرس يموت غمّاً من تلك المناورات النفاقية والمحاولات الخفيّة. فأشار عليه القديس يعقوب أسقف نصيبين، وكاد إذ ذاك ضيفاً عليه، بأن يفرض صلواتٍ تقام في جميع كنائس العاصمة مع صيام يدوم سبعة أيام، لكي يدرأ الرب عن شعبه ذلك الخطر الذي يهدد الإيمان الكاثوليكي المقدّس.

فقامت كنيسة القسطنطينيّة، كهنةً وشعباً، تبتهل إلى الله أن لا يسمح بأن آريوس وجماعته يدنّسون بيت الله بدخولهم فيه وإقامتهم الذبيحة الإلهيّة على هياكله. أمّا الأسقف ألكسنذرس، فإنّه قضى تلك الأيام جاثياً أمام المذابح يبتهل ويتضرّع. إلاّ أن الرب بقي حاجباً وجهه وصوته، كأنّه لا يرى ولا يسمع.

وحلّ يوم الإنتصار لآريوس وجماعته. فألّفوا موكباً عظيماً، وحملوا آريوس وطافوا به في شوارع العاصمة، لكي يُعلنوا أمام الملاء أن هذا الذي أنكره الأساقفة وحرمه المجمع وعمل الآباء على إبعاده ظلماً، ها هوذا يعود وينتصر ويدخل الكنيسة الكبرى ظافراً ويحتفل فيها بالأسرار الإلهيّة.

وفيما كان آريوس يسير منتصراً، وجماعته تملأ الشوارع تهليلاً، إذا بالرب يتجلّى ويُسمع صوته الرهيب. وقبل أن يصل موكب آريوس إلى الكنيسة الكبرى ويدخلها ظافراً، إذا بأوجاعٍ شديدة تنتابه في أحشائه فتنعمه عن التقدّم إلى الأمام. فطلب أن يجدوا له مرحضاً قريباً، فدخله، وهناك إندلقت أمعاؤه، ومات أفظع ميتة في ذلك المكان القذر. فلمّا إستبطأه أنصاره، دخلوا عليه، فوجدوه على تلك الحالة المخيفة الشنعاء. فارتاعوا ورجعوا على الأعقاب خائبين. وانتصر الحق وخُذل الباطل، واندفع ألكسنذرس والكهنة والمؤمنون يسبّحون الرب على عظائمه وآياته. وهكذا نصر ذلك الأسقف القديس الإيمان المستقيم ومواعظه وصلواته.

ولم تطل أيام ألكسنذرس من بعد ذلك زماناً كثراً، بل رقد بالرب رقود القديسين سنة 336، وانضمّ إلى سائر الأحبار والآباء الذين ينتصرون مع المسيح الرب في مملكة السماء.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: القديس يوحنّا

منذ أواخر القرن الرابع، أي من بعد المجمع القسطنطيني الأول سنة 381، أخذ الأسقف القسطنطيني يُلقّب بالبطريرك. وبقيَ له هذا الإسم إلى يومنا هذا.

فالقديس يوحنّا هذا هو من البطاركة القديسين العظام، الذين لمعوا بعلمهم وقداستهم وجهادهم. فقد عاش في القرن السادس، أيام كانت الكنيسة تناضل ضد النسطوريين واليعاقبة. فجاهد الجهاد الحسن وحفظ الإيمان، ثم رقد بالرب سنة 520، تاركاً ذكراً معطّراً بأريج الفضائل والعلوم.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: القديس بولس الجديد

يُلقّب القديس بولس هذا بالجديد، تمييزاً له عن البطريرك القسطنطيني بولس الأول الكبير، الذي تحتفل الكنيسة بتذكاره في اليوم السادس من شهر تشرين الثاني.

عاش البطريرك بولس هذا في ذلك القرن الثامن، الذي فيه قام ملوك القسطنطينيّة يحاربون الأيقونات المقدّسة ويضطهدون من يكرّمها. فلمّا اختاروه للكرسي القسطنطيني، وكان رجلاً وديعاً مسالماً تقيّاً فاضلاً قديساً، لم يشأ أن يقاوم بعنفٍ عمل القياصرة والبلاط الملكي، ترك الكرسي البطريركي وانزوى في أحد الأديار، حيث عكف كالرهبان على الصلاة وأنواع الإماتات. فقضى الأيام الطوال يتضرّع إلى الله لكي يرأف بكنيسته ويخلّصها من محنتها.

فلمّا جلس الملك قسطنطين الصغير على سرير الملك، وقامت أمّه التقيّة الملكة إيريني تدبّر شؤون المملكة، أرجعت الأيقونات المقدّسة إلى الكنائس، وأعادت الأساقفة الكاثوليك إلى كراسيهم، ورغبت إلى البطريرك بولس القديس في أن يعود إلى منصبه في العاصمة وإلى أولاده. لكنّه أبى أن يرجع إلى ذلك الكرسي الرفيع، لأنّه لم يرَ نفسه أهلاً له. كان قد تركه أيام الشدّة، فلم يشأ أن يعود إليه أيام الرخاء. بل آثر أن يبقى راهباً بسيطاً وينهي أيامه في العزلة والإنفراد. فأشار على المملكة أن تختار لذلك المقام السامي رجلاً عظيماً يليق به. ودلّها على وزير الدولة أسيوس. فأقاموا أسيوس بطريركاً سنة 787، فلمع بفضائله وعلمه وقداسته ودفاعه المجيد عن إيمان الكنيسة الجامعة. وقد أتينا على تفصيل ذلك في حينه، في اليوم الخامس والعشرين من شهر شباط.

أمّا بولس، فإنّه عاد إلى ديره وإلى عباداته. ومات موت الرهبان القديسين المتوحّدين في أواخر القرن الثامن.

وفي مثل هذا اليوم أيضُا: القديسة روز دي ليما من الرهبانيّة الثالثة الدومنيكيّة

ولدت روز في مدينة ليما عاصمة بلاد البيرو، سنة 1586. وكان أبواها من الأشراف. وأبوها كان يُدعى غسبار دي فلور Gaspard des Fleurs، وأمّها ماري دي أوليفا. وميزتها العناية الإلهيّة منذ نعومة أظفارها بمواهب غزيرة جميلة هيّأتها للدعوة السامية التي دعتها إليها. فألِفت منذ الصغر حياة الصمت والصلاة والتأمّل والإماتة، وبذلك بدأت تصعد سلّم الكمال، على مثال من تقدّمها من العذارى البتولات.

وكان الصليب الدعامة الكبرى التي تأسست عليها حياتها. فحملته بشهامة وشجاعة. وبدأت هي تميت إرادتها وأهواءها وجسدها بكل الوسائل الممكنة لديها. ولمّا كانت بارعة الجمال، وكانت أمّها تغالي في زينتها، كانت هي تخضع لإرادة أمّها خضوعها للبتول مريم. ولكن لكي لا تستسلم للغرور وللإعجاب بنفسها، كانت تضع تحت ثيابها المزركشة وشرائطها الحريريّة الملوّنة إبراً وأشواكاً، لكي ينسيها الألم تلك البهرجة وما تثيره من لفت أنظار الناس إليها.

وآلت حال أهلها إلى الفقر، فلم تجزع، ولم تضطّرب، ولم تتذمّر  على تدبير العناية الإلهيّة. بل حملت صليبها بصبر، فرحة بأن تشابه الرب يسوع في فقره وأتعابه. وقامت تشتغل بيديها لكي تعول والديها. فكانت تقضي النهار تعتني بزراعة حديقة لها، وأمّا معظم ساعات الليل فكانت تخصّصها للصلاة ولشغل الإبرة. ولمّا مرض والداها كانت ملاكهما في محنتهما. فلم تعد تفارق سريرهما، كأنّها خُلقت لأجل التمريض ومؤاساة المرضى. وعافت الدنيا وزهدت فيها، ونذرت لله بتوليّتها. وكانت توصي البنات رفيقاتها أن يحذرن من خداع الدنيا وغرورها.

وما كادت تبلغ السن الملائمة للزواج حتى حام حولها الشبّان يخطبون ودّها. فأعرضت عنهم وسجنت نفسها في بيتها أشهراً عديدة، ولم تعد تخرج مطلقاً إلاّ خلسةً للصلاة. فلحظت أمّها ذلك منها، فأخذت توبّخها. ولمّا عرضت عليها الزواج ورفضت، شرعت تعنّفها وتضايقها وتشدّد النكير عليها، ولكن بلا جدوى ولا فائدة. وكانت روز قد اتّخذت القديسة كاترينا السيانية مثلاً أعلى لحياتها، وشفيعة لها. فصارت تبتهل إليها لكي تسعفها في محنتها. فبادرت تلك البتول القديسة إلى معونتها. فقوّتها وشجّعتها، وألهمت أهلها أن يحترموا نذورها ودعوتها، وأن يتركوها وشأنها.

وهكذا، برضى أهلها وموافقتهم، ألبسها الأب ألفونس فِلكيز مرشدها، في كنيسة الورديّة المقدّسة، ثوب الرهبانيّة الثالثة الدومنيكيّة. فتمّت بذلك رغائب قلبها. وسمحت لها والدتها بأن تخصّص لها منسكاً في حديقة بيتها، فلازمته، وقامت تمارس فيه أسمى الفضائل النسكيّة، التي رفعت رهبان وراهبات الصعيد والبراري الفلسطينيّة في العصور الغابرة إلى ذروة القداسة المسيحيّة.

ومنذ تفرّغت لعباداتها أعرضت عن الدنيا وما فيها بكل جوارح قلبها، وتفرّغت لعبادة الله وخدمته. فقسّمت أيامها ولياليها بين الصلاة وشغل الأيدي، لتقدّس نفسها، وتسعف القريب بصلاتها وعمل يديها. ولازمت الصمت حتى لم تعد تكلّم أحداً، لكي يلهيها شيء عن اتّحادها الدائم بالله.

وكانت تحافظ كل المحافظة على نقاوة قلبها، فكانت تكثر من الصيامات، ومن الإماتات. وتقهر نفسها، وتجلد جسدها حتى الدم، وتلجم عينيها عن التطلّع إلى الدنيا وزخرفها. ولقد أكّد أحد عشر أباً من الآباء الأجلاّء اليسوعيين والدومنيكيّين الذين سمعوا إعترافاتها وكانوا يرشدونها في روحياتها، أنّها حافظت طول حياتها على بتوليتها، فلم تدنس نفسها، ولا بخطيئة واحدة مخالفة للطهارة.

وكانت كل يوم تتفنّن في إماتة جسدها. فكانت كل صباح تغسل فمها بمرارة، لكي يكون طعامها كلّه مرّاً. وتعوّدت أن تقضي أيام الصوم الأربعيني ممسكة عن الطعام. فلم تكن تأكل سوى رغيف واحد مع قليل من الماء. وكانت كل يوم تجلد نفسها بالمجالد، وتلبس المسح على جسدها الغض الناعم. وكانت تضع في سريرها فخّاراً مكسّراً لكي يؤلمها وقت رقادها. وبدل الوسادة كانت تجعل حجراً مهشّماً تحت رأسها. وهكذا كانت هذه الإبنة الناعمة، رغم وجودها في بيتها، وتحت نظر والدتها، تمارس أشد أنواع الإماتات هولاً وإيلاماً. أمّا نعيمها الوحيد على الأرض فكان تناولها لجسد الرب، وعبادتها البنويّة للبتول مريم، وتلاوة الورديّة كل يوم إكراماً لها، وصلاتها العقليّة الدائمة.

فراقت هذه الحياة الملائكيّة في عين عروس العذارى وسيّد الملائكة، فغمرها بمواهبه، وصار يظهر لها، ويصبّ سيولاً من التعزية والأفراح في قلبها. وتراءى لها يوماً وهي تصلّي في كنيسة الآباء الدومنكيّين وقال لها: "يا وردة قلبي، إنّي إتّخذتك عروسة لي". فأجابته البتول، وقد أخذتها عاطفة الإتّضاع والسرور: "أنا أمَتُكَ يا إلهي، وإنّي لا أستحق أن أكون أكثر من ذلك، ولا أطمع في أكثر منه". فظهرت لها البتول، وأكّدت لها ما قاله لها إبنها يسوع، وأردفت هي أيضاً: "يا روز حبيبة إبني يسوع، لقد صرتِ حقيقةً عروسته". ومنذ هذه الرؤيا أضحت صورة يسوع ومريم لا تفارق ذهنها مهما عملت وأينما اتّجهت.

إلاّ أن حياتها الداخليّة لم تكن كلّها نعيم قلب وبهجة وغبطة. بل إفتقدها الله بتجارب شديدة، ولاسيّما باليبوسة، حتى أنّها كانت تشعر كل يوم، في ساعة من الساعات، بيأس عميق يستحوذ عليها فتكاد تموت حزناً وغمّاً. فكانت تصلّي بحرارة، وتبتهل إلى عروس نفسها أن يُبعد عنها هذه الكاس المرّة، التي كانت أشدّ إيلاماً لها من جميع العذابات والإماتات. لكن إضطراباتها لم تكن إلاّ لتزيدها ثقة بالله، واتّكالاً عليه.

وهكذا قضت حياتها في السهر على نفسها، وإماتة جسدها، وحبّها لعروسها الإلهي، حتى صار لها من العمر إحدى وثلاثون سنة. فرأى عروس نفسها أن قد آن قطاف هذه الزنبقة البهيّة، فأعلمها بيوم وفاتها.

واستعدّت روز لملاقاة ربّها إستعداد العروسات البتولات النقيّات. فرقدت بالرب وهي غائصة في بحر من الحب الإلهي ليسوع الرب الفادي.

فاجتمعت المدينة حول نعشها ليشيّعوا جثتها. وكثرت العجائب جدّاً بشفاعتها، حتى إضطرّ أسقف ليما أن ينتظر يويمن كاملين قبل أن يتمكّن من الإحتفال بجنّازها ودفنها، لكثرة ما توافد من الزوّار عليها لكي يتبرّكوا منها. ولم يستطع الآباء الدومنكيّون الذين تولّوا حراستها أن يردّوا هجوم الناس عنها، وتقطيعهم لثيابها، لتكون لهم تلك القطع ذخائر ثمينة مقدّسة. واضطرّوا أن يبدّلوا لها ثيابها بغيرها ست مرّات متوالية.

ثم دفنها الآباء الدومنكيّون في كنيستهم. ولكثرة ما أجرى الله من العجائب على ضريحها، أعلنت الكنيسة قداستها سنة 1671، وجعلتها شفيعة بلاد البيرو، مكرّمة بذلك فضائلها وعجائبها.

 

نياحة القديس تكلاهيمانوت الحبشى(بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم تنيح القديس المغبوط والناسك العظيم تكلاهيمانوت الحبشي وقد ولد في 24 كيهك في قرية قرب أورشليم كانت نصيبا لصادوق وأبياثار الكاهنين في عهد الملك سليمان بن داود فصادوق هذا ولد عزاريا. وعزاريا ولد صادوق علي اسم والده وصادوق هذا ولد لآوي. وهكذا إلى أن ولد والد هذا القديس وكان اسمه سجاز آب (أي نعمة الأب) ثم تزوج بامرأة اسمها سارة وكانا كلاهما بارين خائفين الله وغنيين جدا وكانا يعملان تذكارا لرئيس الملائكة الجليل ميخائيل في اليوم الثاني عشر من كل شهر ويقدمان صدقة للفقراء والمساكين أما سارة والدة هذا القديس فكانت حسنة المنظر جميلة الطبع متحلية بفضائل كثيرة لذلك دعوها اكزيهاريه (أي مختارة الله) غير أنها كانت مرة النفس متوجعة القلب هي وزوجها لأنهما لم يرزقا ولدا يقر عينيها وكان زوجها أيضا يذهب إلى الكنيسة وقت رفع البخور ويعلم الشعب أصول الإيمان وفي كل مرة كان يأخذ معه من ماله الخاص تقدمه لبيت الله ثم اتفق الاثنان علي توزيع أموالهما علي الفقراء والمعوزين والأديرة والكنائس. وفي ذلك الحين مات الملك وجلس ملك آخر عابد الأوثان. فهدم الكنائس وبني هياكل الأوثان وظلم وسلب وسبي النساء وضمنهن اكزيهاريه أم القدس ولكنها عادت إلى زوجها بسلام فمجد الله وسبح اسمه القدوس وبعد ذلك ظهر لهما ملاك الرب في رؤيا الليل وبشرهما بميلاد هذا القديس فلما ولد وبلغ من العمر سنة ونصفا حدث جوع في أثيوبيا وكان اليوم الثاني عشر من شهر برمهات تذكار الجليل رئيس الطغمات السمائية قد اقترب فصارت أم الطفل تبكي حزينة علي خلو يدها وعدم إمكانها القيام بعمل التذكار فمسح الطفل دموعها بيديه الصغيرتين ولعدم إمكانه النطق أشار إليها بيده أن تدخله إلى حيث كان هناك طبق فيه قليل من الدقيق فأدخلته ووضع يده في ذلك الدقيق القليل فصار كثيرا حتى بدأ يتدفق إلى الأرض فأحضرت قففا وكان كلما فرغت الطبق عاد إلى الامتلاء. وهكذا إلى أن امتلأت اثنتا عشرة قفة فعلمت أمه أن الرب معه وقدمت إليه قدور السمن والزيت الفارغة فوضع يده عليها فامتلأت أيضا بقوة الله. ولما حضر أبوه من الكنيسة وعلم بالآمر مجد الله كثيرا ثم عمل التذكار وأطعم الفقراء وكل الجيران وقد شرفه الله بعمل آيات كثيرة في حياته وبعد مماته ولما أكمل سعيه الصالح تنيح بسلام.

صلاته تكون معنا آمين.

وفي مثل هذا اليوم ايضًا: نياحة القديس توما أسقف مرعش

وفي مثل هذا اليوم تنيح الأب المجاهد القديس توما أسقف مرعش(سوريا)كان عابدا ناسكًا مداومًا علي الصلاة والصوم كثير الرحمة لذلك رسموه أسقفا علي مدينة مرعش فرعي شعب المسيح أحسن رعاية ولما ملك دقلديانوس الوثني وأحضر أحد نوابه إلى مدينة مرعش لتعذيب المسيحيين بدأ بهذا القديس فاستحضره وعرض عليه عبادة الأوثان فلم يطعه بل وبخه علي عبادته فعذبه عذابات أليمة بالضرب وتقطيع الأعضاء وبعد ذلك طرحه في سجن مهجور وكان من حين لآخر يأمر بقطع أحد أعضائه فقطعوا أولا أذنيه وأنفه وشفتيه ورجليه كما قلعوا أسنانه ثم تركوه في سجنه مدة اثنتين وعشرين سنة وظن شعبه أنه قد مات فصاروا يعملون له تذكار في كل سنة وكانت امرأة مؤمنة تأتيه ليلا وترمي له من طاقة صغيرة ما يقتات به وظل هكذا إلى أن ملك قسطنطين البار وأظهر مجد الدين المسيحي وأمر بإطلاق المؤمنين من السجون فأعلمت المرأة بعض الكهنة بمكان هذا القديس فحضروا إليه وحملوه إلى الكنيسة بالتراتيل والتسابيح وتقدم الشعب وتبارك منه وقبلوا محل الأعضاء المقطوعة.

ولما جمع الملك قسطنطين مجمع نيقية كان هذا الأب أحد المجتمعين فيه فدخل الملك وسجد أمام الآباء وقبل أيديهم ولما عرف بأمر هذا الأب تبارك منه. ولما انتهي المجمع من أعماله ورجع الأساقفة إلى كراسيهم عاد الأب إلى كرسيه وجمع كهنته وشعبه وقرأ عليهم قانون الإيمان الذي وضعه المجمع وشرح لهم ما صعب عليهم فهمه وعاش بعد ذلك قليلا ثم تنيح بسلام وكانت مدة رئاسته نحو أربعين سنة.

صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائمًا. آمين.