دينيّة
05 تموز 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 5 تموز 2017

تذكار القديس مكاريوس الصليبي (بحسب الكنيسة المارونية) ولد في مصر العليا نحو سنة 301 من والدين فقيرين مسيحيين. ويلقَّب بالكبير تمييزاً له عن معاصره مكاريوس الاسكندري. كان معجباً بحياة القديس انطونيوس الكبير، تواقاً الى اتّباع طريقته النسكّية. فتتلمَذَ له ولازمه في آخر حياته وخلفه بعد مماته في تدبير النسّاك. قضى حياته بالأصوام والتقشفات الصارمة وممارسة الصلوات الدائمة والتأملات، وخاصّة في آلام المسيح. لا يأكل الاّ الحشائش وقليلاً من الخبز والماء.

 

فاشتهرت قداسته وتتلمذ له كثيرون من الشبان حتى بلغ عددهم الألف. وقد تحمل من المصائب والتهم الكاذبة ما دلّ على فضيلته الراسخة وصبره العجيب وتواضعه العميق. وقد اتُّهِمَ بالزنى. وأُهِينَ وضُرِب وهو صابر ولم يبّرئ نفسه. إِلاّ أنّ الله برّأه وأشهرَ قداسته لدى الناس، فكانوا يحترمونه ويكّرمونه. ولشدة تواضعه، هرب الى البرية متوغلاً فيها. وكان لا ينفكّ عن تلاوة الصلاة والأسهار الطويلة، لا ينام إِلاّ قليلاً، مستنداً الى الحائط... وقد ارتسم مكاريوس كاهناً سنة 340 ليقوم بتقدمة الذبيحة الالهيّة للرهبان. منحه الله موهبة صنع العجائب ولا سيما طرد الشياطين.

وكان البدعة الاريوسية قد تفشّت في الكنيسة وأقلقتها وقسمتها، وضعضعت صفوفها في تلك الأيام. فقام هو ومكاريوس الاسكندري الذي عاش معه ثلاث سنوات، يكافحانها بكلّ جرأة وغيرة، ويشجّعان رهبانهما على مقاومتها، ويثبّتان الناس في الايمان القويم. ولذلك قام عليهما لوشيوس بطريرك الاسكندرية الاريوسي وطلب من الملك فالنس زعيم الأريوسيّة، فأمر بنفيهما الى جزيرة قريبة من مصر. فكانا متفاهميَن صابرَين مثابرين على أعمال البرّ والقداسة، حتى ردّا أهل تلك الجزيرة الى الايمان بالمسيح.

فناصرهما الشهب الاسكندري وأجبر البطريرك المذكور على إرجاعهما الى اديرتهما. فعادا يواصلان جهادهما في ادارة شؤون رهبانهما وجماعة المؤمنين، بأمثلتهما المُعمِرّة ونصائحهما الرشيدة، الى أن رقدا بالرب بشيخوخة صالحة في عمر90 سنة. توفي مكاريوس الاسكندري نحو سنة 395. وتوفي مكاريوس الصليبي سنة 391. ويُلقَّب أيضاً بالصليبي لأنه كان يصلّي باسطاً يديه بشكل صليب ومات ودُفن كذلك.

وقد ترك تآليف عديدة في قوانين الرهبان والسيّاح، كلّها حكم ونصائح كثيرة مفيدة. وقد أخذت الرهبانيات عنها قوانين كثيرة. وكان القديس انطونيوس يحبّهما ويجلّهما كثيراً. والكنيسة تكّرمهما شرقاً وغرباً. صلاتهما معنا. آمين.

 

الإثنان والسبعون تلميذاً (بحسب الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة)

بعد هذا ميّز الرب إثنين وسبعين آخرين أيضاً وأرسلهم إثنين إثنين قدّام وجهه إلى كل مدينة وموضع أزمع أن يأتيه وقال لهم: "ألحصاد كثير والفعلة قليلون فاطلبوا إلى رب الحصاد أن يُخرجَ فعلة لحصاده... إذهبوا هاأنذا مرسلكم كالخراف بين الذئاب" (لو 10:1-16). فرجع الإثنان والسبعون بفرح قائلين "يا رب، الشياطين أيضاً تخضع لنا بإسمك...

هاأنذا أعطيتكم السلطان لتدوسوا الحيّات والعقارب (لو 10:17-24).

أنّ هؤلاء التلاميذ رافقوا الرسل طوال المدّة التي قضاها الرب بينهم منذ أن عمّده يوحنّا إلى يوم ارتفع عنهم... وقد اختير واحداً منهم ليكون شاهداً مع الرسل على قيامة يسوع وكان متياس واحداً من الإثنين والسبعين تلميذاً.

أنّ الترجمة السريانيّة البسيطة تجعل هؤلاء التلاميذ المبشّرين سبعين إلاّ أن معلّمي الكنيسة السريانيّة قاطبة جهلوهم إثنين وسبعين كما هي الحال في الترجمة اللاتينيّة... وهكذا إعتبرهم آباء الكنيسة اليونانيّة أيضاً.

 

القدّيس أثناسيوس الآثوسي (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

وُلدَ القديس أثناسيوس حوالي العام 930م في تريبيزوند البنطس من والدين نبيلين وأعطيَ، في المعمودية،اسم أبراميوس. تيتمَ بعد قليل من مولده واحتضنته إحدى قريبات أمه.كان ميّالاً إلى الوحدة منذ طفوليته، ومحباً للدرس، ذكياً، شديد الانتباه، حذق في تصرفاته. هذا لفت انتباه موظف ملكي كبير وفد على المدينة في مهمة فمال إليه وأخذه معه إلى القسطنطينية. هناك تابع دروسه على معلّم مشهور اسمه أثناسيوس وصار استناداً مساعداً رغم حداثته.

لطالما أحبَّ أبراميوس حياة الوحدة، وعيش الرهبان.حتىَّ أنه اعتزل مهنة التدريس متجهاً إلى جبل كيميناس حيثُ ترهَّب واتخذ اسم أثناسيوس، بعد أن تعَّرف برئيس دير جبل كيميناس واتخذه أباً روحياً له يُرشده إلى ضالته المنشودة.
سلك أثناسيوس في حياة الطاعة لأبيه الروحي، تقدَّم في الفضيلة وعيش حياة نسكية قاسية. فكان صواماً، ورجل صلاة، وصبرٍ، ومحارباً صنديداً لكلِّ أنواع التجارب الشيطانية.
غادر أثناسيوس إلى جبل أثوس بعد أن لاحظ الجميع فضائله وراحت المدائح تأتيه من كلِّ ناحية وصوب. في جبل أثوس أعجبته بساطة العيش الرهباني، وجعلته يخفي اسمه ويدعي أنه برنابا ليعيش البساطة بتواضعٍ، بعيداً عن عظمة الحياة، مما دفعه إلى القول بأنه لا يجيد القراءة والكتابة.

في سهرانية عيد الميلاد، ولماَّ كان الرهبان الأثوسيين مجتمعين في كنيسة بروتاتون في كرياس عاصمة الجبل المقدَّس، أمر إستفانوس وهو المتقدم بين الرهبان، الراهب الذي ادعى أنه برنابا وأُنه لا يجيد القراءة والكتابة، بأن يقرأ عظة القديس غريغوريوس اللاهوتي. فأخذ يقرأ وكأنه ولد. فقال له الرئيس إستفانوس أن يقرأ كما يعرف ولا يتظاهر بأنه جاهل. فإذا لم يعد بمقدور أثناسيوس أن يخفي نفسه أخذ يقرأ بطريقة بديعة أثارت إعجاب كل الرهبان فتقدَّموا منهُ وعملوا له مطانية.
أخذ الرئيس أثناسيوس على حدى واستعلمه الحقيقة، ثمَ وعده بألا يفضح أمره. ثمَّ عينَ له قلاّية منعزلة على بعد ثلاثة فراسخ من كرياس، حيث بإمكانه أن يناجي الله وحده وليس من يلهيه. وقد رضي القديس بالمقابل، أن يوفر حاجات الرئيس لجهة نسخ الكتب الكنسية. فأبدى من المهارة في عمله قدراً جعله ينسخ،بكتابة أٌنيقة مرتية، كتاب المزامير كل أسبوع.

إن حب أثناسيوس للسكينة، جعله يهرب من جديد، مبتعداً عن كلِّ مدحٍ أو مشورة. خاصةً وأن الرهبان توافدوا عليه بغية للنصح، لأنه كان بفضائله كمنارةٍ على جبل. فاختار مكاناً قاحلاً تضربه الأهوية بتواتر اسمه ميلانا. هناك جرّبه إبليس بقسوة، بتجربة الضجر. إلى أن تمكن بعون الله من الانتصار على إبليس.
في ميلانا انضم إلى أثناسيوس أحد أبنائه الروحيين، نيقيفورس فوقا القائد الأعلى للجيش البيزنطي، الذي طالما حلم بأن يكون وأثناسيوس. بنيا قلالٍ على اسم السابق وكنيسة لوالدة الإله ودير كبير في الموضع المسمّى ميلانا. حيث راح الرهبان يتوافدون إليه من كلِّ ناحيةٍ وصوب، وبانت فاعلية النعمة الإلهية التي على أثناسيوس، الذي صار أباً ورئيساً لهم بعد أن اقتبل الإسكيم الكبير من ناسك في الجوار اسمه إشعياء.

لمّا زاد عدد الرهبان في الدير الذي ابتنى أثناسيوس، راح هذا الأخير، ينظم الشركة، ضابطاً إلى أبعد التفاصيل، الخدم الليتورجية ورسوم الحياة اليومية على مثال دير ستوديون في القسطنطينية متمماً كل أمر بلياقة وترتيب ليتسنّى للرهبان السالكين في القفر وقطع المشيئة، أن يثابروا، بقلب واحد وبلا همٍّ على التمجيد الدائم لله.

في 5 تموز سنة 1001م وبعد قداسٍ أخيرٍ اشترك فيه أثناسيوس، رقد بالرب إثر انهيار قبة كنيسة كان يشرف عليها خلال تفقده لها. حيث تهدّمت فوقه وستٌ من الرهبان معه.
بقي تحت الأنقاض ثلاث ساعات، وكان يسمع صوته وهو يقول: "المجد لك يا الله. أيها الرب يسوع المسيح بادر إلى معونتي".

 

تذكار أمّنا البارة مرتا أم القديس سمعان العجيب (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

ولدت القديسة مرتا في مدينة أنطاكية، في تلك العاصمة السوريّة التي كانت منذ عهد الرسولين بولس وبرنابا إلى ما بعد الفتح العربي منبتاً يانعاً للقدّيسات وللقدّيسين. وقضت حداثتها في التقوى والفضيلة وطهارة النفس والجسد. فلمّا بلغت أشدّها إقترنت بسرّ الزواج برجلٍ كان يسابقها في أعمال العبادة والبرّ والصلاح.

ورزقهما الله ولداً دعياه سمعان وعُنيا بتربيته عناية فائقة. فشبّ تظيرهما على الفضيلة وتعلّق بأهداب التقى. ثم زهد في الدنيا، وترك بين أبويه، وذهب فنسك على عمود، وصار من كبار الرهبان القدّيسين.

أمّا حياة تلك المرأة المسيحيّة الصالحة، فكانت حياة من لا تعرف سوى قيامها بواجباتها الدينيّة، وواجباتها البيتيّة، وخدمة القريب في نفسه وفي جسده على حسب طاقتها. فكانت الأولى في الكنائس، وفي حضور الحفلات الدينيّة، وفي الإصغاء بخشوع وورعٍ إلى كلام الله، وفي التقرّب إلى الأسرار المقدّسة. وكانت في بيتها المرأة الوديعة المتواضعة الخدومة الصامتة، وبذلك كانت نعيماً لأسرتها. وكانت تحمل صليبها بصبر، فلا يعرف التذمّر والتأفّف إلى قلبها سبيلاً. وكانت مُحبّة للمساكين، تعمل بيديها وتقدّم لهم دراهم وكسوة وتمزج حسناتها بشيء من البشاشة واللطف كانا أشهى على قلب الفقير ممّا يناله منها من الصدقة والإحسان.

وهكذا عاشت مرتا بالقداسة المسيحيّة الزوجيّة سنين طويلة. ولمّا أوحى الله إليها أن يومها الأخير قد حان لتنتقل إلى حياة السعادة الدائمة، ذهبت إلى إبنها تودّعه وتطلب أدعيته، وقالت له: إنّي أتيتك يا بني، لكي تبتهل إلى الله لأجلي لأن ساعتي أضحت على الأبواب. فقال لها ولدها القدّيس: لا تنسيني أنتِ أيضاً في صلواتكِ يا أمّاه، واذكريني أمام الله عند مثولكِ أمام عرشه في السماء. وبمثل هذا الكلام تفارقا، فعادت الأم إلى بيتها تتأهّب لدنو ساعتها. وما لبثت أن طارت نفسها إلى الأخدار السماويّة سنة 551.

وحمل القديس سمعان رفات والدته القديسة ودفنها بالقرب من عموده ليتبرّك بها ويقتدي بفضائلها وينال بشفاعتها النعمة التي تقوّيه على متابعة حياة النسك والأصوام والصلوات وأنواع الإماتات الرهبانيّة.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً: البار أثناسيوس الذي في جبل آثوس

ولد البار أثناسيوس في مدينة ترابزوندا الكبيرة القائمة على ضفاف البحر الأسود، في أوائل القرن العاشر. وكانت أسرته من أشرف أسَر تلك المدينة وأوسعها ثروةً وأعظمها إسماً. وكانت غنيّة بالفضائل المسيحيّة بقدر ما كانت غنيّة بالأموال والخيرات العالميّة. فتأصّلت في نفس أثناسيوس منذ أيام الصبا تلك الصفات العالية التي امتاز بها طول حياته.

فكان كبير النفس، عالي الهمّة، رصيناً، كثير التأمّل والتفكير. وكان في حداثته يُدعى إبراهيم.

وأكبّ الولد على اقتباس العلوم، فنال منها حظّاً وافراً، ونبغ في الخطابة والبيان. ولمّا كان يطمع بأعلى الرتب، ترك مسقط رأسه وذهب يطلب المزيد من العلوم في مدينة القسطنطينيّة عاصمة المملكة الرومانيّة الشرقيّة. وهناك أضحى من الشبّان المعدودين بثقافته وغناه ورصانته وتقواه. إلاّ أنّه كان كلّما تقدّم في علوم الدنيا وخبر مباهج الحياة، إزداد فيها زهداً ولشأنها إستصغاراً. وما لبث أن عافت نفسه ضوضاء الدنيا الغرور فترك كل شيء، وذهب يطلب الكمال المسيحي والحكمة الحقيقيّة في مناسك البريّة.

فاجتاز إلى آسيا، وقصد هناك جبلاً عالياً من جبالها يُدعى كيميناس، حيث كان دير كبير للرهبان. فطرق بابه وطلب أن يقبلوه بينهم ويكون أصغرهم وأحقرهم. فلمّا عرف الرئيس من هو القادم الجديد، فرح به وتوسّم فيه أكثر الخير وأسمى الفضائل. فقبله ودعاه أثناسيوس، وسلّم قيادة نفسه إلى واحد من كبار الرهبان الخبيرين في الأمور الروحيّة، القادرين على قيادة الأنفس الكبيرة في طرق الكمالات الإنجيليّة.

ولم يكن أثناسيوس من أولئك الرجال الذين يطمعون في حياة النسك هرباً من متاعب الدنيا وشقائها، ورغبةً في حياة هادئة هانئة يجدون فيها راحة النفس وراحة الجسد. كان شاباً مقداماً في دنياه، فحمل إلى الدير نشاطاً ورغبةً في الكمال تفوق كل رغائبه في العالم. فجدَّ في طلب الفضائل، وروّض نفسه على الصوم والصلاة والتأمّل وأنواع الإماتات. وكان يعتبر نفسه آخر الكل وأحقر الكل، فصار يخدم الكل، ولا يأنف من تعاطي أصغر الأشغال وأذلِّها، بل يوقن في دواخله أنّه خُلق لها.

وما هي سنون معدودة حتى أضحى من الأئمّة بين رهبان ذلك الدير، يحترمه الكبير والصغير، ويطمع في إرشاداته الشيخ الهرم والراهب الحديث. فخاف على نفسه من الكبرياء، فترك بغتةً ذلك الدير وركب البحر وأقلع قاصداً جبل آثوس. فقامت في البحر زوبعة كادت تغرّق السفينة بمن فيها. فابتهل أثناسيوس إلى الرب، فسكن البحر ووصلوا بسلام. فلمّا صعد إلى اليابسة سجد لله وقدّم لعزّته الشكر على إنقاذه إيّاه ورفاقه من الموت في المياه، ثم قام وقصد جبل آثوس وقد أشرق بالمناسك والأديار. فطاف في أنحائه وصعد إلى قممه الموحشة فوجد ناسكاً منفرداً هناك قد سكن كهفاً فتتلمذ له.

وسار أثناسيوس في حياته الجديدة شوطاً بعيداً في الكمال المسيحي حتى أضحى من كبار الرهبان القدّيسن الكثيري الخبرة في الأمور الروحيّة. فلمّا تمّ له ما أراد رغب في الحياة المنفردة وفي العزلة الكاملة، فترك معلّمه واتّخذ له كهفاً عميقاً، وقام هناك يمارس ما شاءَت نفسه من الصوم الشديد والصلاة العقليّة المتواصلة والإتّحاد الدائم بالله. فكان ملاك ذلك الجبل، وملاك الكنيسة التي إنّما تعتمد على تضرّعات وعبادات النسّاك والرهبان الأنقياء الأطهار لتحسّن القيام بخدمة النفوس وتقديسها وخلاصها.

لكن الله لم يشأ أن يبقى ذلك النور مُخبّأً تحت المكيال بل أراده على منارةٍ عالية ليضيء على كل ما حوله من الأقطار. فأرسل إليه تلاميذ فقبلهم وأخذ يقودهم في طرق الكمال. فكثر عددهم، فبنى لهم ديراً ثم أدياراً ومناسك عديدة، وأقام لهم في وسطها كنيسةً كبيرة على إسم والدة الإله. وأنفق عن سعةٍ في بناء وتزيين تلك الكنيسة، من الدراهم التي أتته من الملك نكفورس فأشرقت تلك الفلوات بالفضائل، وتعطّرت بأصوات التسابيح والنشائد، وكثرت في كنيسة والدة الإله العجائب، وأضحت تلك الكنيسة وذلك الدير مزاراً يأتيه المؤمنون من كل البلاد، طلباً لأنوار النفوس وشفاء الأجسام من أنواع الأسقام.

وعمّر البار أثناسيوس كثيراً، وقاد بكل عناية وفطنة ودراية قطيع رهبانه في مسالك الفضائل الحقّة. ثم رقد بسلامٍ مملوء اليدين من الكنوز السماويّة، في أواخر القرن العاشر. ولا تزال كنيسة البتول ودير البار أثناسيوس في جبل آثوس مزاراً شهيراً إلى يومنا هذا.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً: البار لمباذس

هو من نسّاك جبل آثوس ايضاً، ومن كبار المتوحّدين، الذين تلألأوا بالفضائل الرهبانيّة وعطروا تلك الفلوات بعبير قداستهم. إلاّ أنّ التاريخ لم يحفظ لنا شيئاً عن سيرة هذا الناسك البار. بل جلّ ما نعرفه عنه قد أخذناه من المدائح التي تمدحه بها الكنيسة. فهي تقول أنّه كان مثالاً للكمالات الإنجيليّة، وأنّه عاش على الأرض كملاك سماوي. فكان منفرداً في أحد الكهوف، متعبّداً لله بالصوم والصلاة والأسهار. وشرّفه الله بصنع العجائب في حياته وبعد موته، فبقي ذكره حيّاً وشفاعته مقبولة لدى الله.

 

نياحة البابا ثاؤذورس "33"  (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم من سنة 283 ش. (22 يونيو سنة 567 م.) تنيح القديس ثاؤدسيوس البطريرك الثالث والثلاثين من باباوات الكرازة المرقسية. وذلك أنه بعد نياحة تيموثاوس أجتمع الأساقفة والشعب الأرثوذكسي ورسموا هذا الأب بطريركا وكان عالما حافظا لكتب الكنيسة وبعد أيام أثار عليه عدو الخير قوما أشرارا من أهل المدينة وأخذوا فاكيوس رئيس شمامسة كنيسة الإسكندرية ورسموه بطريركا بمعاونة يوليانوس. الذي كان البابا تيموثاوس قد حرمه لموافقته لمجمع خلقيدونية.ولما رسم فاكيوس نفوا البابا ثاؤدسيوس إلى جرسيمانوس وكان القديس ساويرس الأنطاكي يقيم في سخا من بلاد مصر وكان يعزيه ويصبره ذاكرا له ماخري للرسل وليوحنا ذهبي الفم. وبعد ستة أشهر من نفيه ذهب إلى مليج وأقام بها سنتين وبعد ذلك تقدم أهل الإسكندرية إلى الوالي وطلبوا منه أن يأمر بإعادة راعيهم الشرعي وطرد فاكيوس الدخيل ووصل الخبر إلى الملك يوستينيانوس والملكة المحبة للإله ثاؤذورا. فأرسلت تسأل عن صحة رسامة البابا ثاؤدسيوس حتى إذا كانت طبق القانون يتسلم كرسيه فعقدوا مجمعا من الشعب ومائة وعشرين كاهنا وأجمعوا علي أن ثاؤدسيوس رسم باتفاق الأساقفة والشعب وفقا للقانون. وكان فاكيوس حاضرا في المجمع فوقف معترفا بأنه هو المعتدي وطلب مسامحته علي أن يبقي رئيس شمامسة كما كان قبلا وأرسلوا للملكة بذلك غير أنه لما كان الملك موافقا علي معتقد غير الصحيح فكتب إلى نائبه في الإسكندرية يقول: "إذا اتفق معنا البطريرك ثاؤدسيوس في الإيمان فتضاف إليه مع البطريركية الولاية علي الإسكندرية وإذ لم يوافق يخرج من المدينة " فلما سمع البطريرك هذا القول قال: "هكذا الشيطان قال للسيد المسيح بعد ما أراه جميع مماليك العالم ومجدها أعطيك هذه جميعها أن خررت وسجدت لي" (مت 4: 8 و9) ثم خرج من المدينة ومضي إلى الصعيد وأقام هناك يثبت ثم استدعاه الملك إلى القسطنطينية فذهب إليها مع بعض الكهنة العلماء فتلقاه الملك بإكرام عظيم وأجلسه في مكان ممتاز واخذ بتملقه ويخاطبه بلطف لكي يوافق علي معتقد مجمع خلقيدونية وإذ لم يوافقه نفاه إلى صعيد مصر وأقام عوضا عنه شخصا يسمي بولس فلما وصل هذا إلى الإسكندرية لم يقبله أهلها ولبث سنة لم يتقرب إليه إلا نفر قليل. ولما وصل هذا الآمر إلى الملك آمر بإغلاق الكنائس حتى يخضعوا للبطريرك الذي عينه الملك فبني المؤمنون كنيسة علي اسم القديس مرقس خارج المدينة وأخري علي اسم القديسين قزمان ودميان وكانوا يتقربون فيهما ويعمدون أولادهم.

ولما سمع الملك بذلك عاد فأمر بفتح الكنائس فلما سمع البابا ثاؤدسيوس بهذا الآمر خشي أن يكون الملك قد قصد بذلك أن يستميلهم فكتب لهم رسالة يثبتهم علي الإيمان المستقيم ويحذرهم من خداع ذلك المخالف. وأقام في المنفي ثمان وعشرين سنة في صعيد مصر وأربع سنين في مدينة الإسكندرية وأمضي في البطريركية واحدا وثلاثين سنة وأربعة أشهر وخمسة عشر يوما وقد وضع هذا البابا ميامر وتعاليم كثيرة صلاته تكون معنا. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً: تذكار تكريس كنيسة الأنبا صرابامون أسقف نيقيوس

في هذا اليوم نعيد بتذكار تكريس كنيسة الشهيد الأنبا صرابامون أسقف نقيوس.

صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما. آمين.