دينيّة
06 نيسان 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 6 نيسان 2017

تذكار القديس افتيخيوس بطريرك القسطنطينية (بحسب الكنيسة المارونية) ولد افتيخيوس سنة 512 في فريجيا من آسيا الصغرى. وكان ابوه الاسكندر من قواد الجيش الروماني. فسلمه الى البار اسيسكيوس فعمده ورباه تربية صالحة. ولما شبّ ذهب الى القسطنطينية، فدرس على كبار اساتذتها ونبغ في علوم عصره كما نبغ في علم الكتب المقدسة. لكنه كان تواقاً الى خدمة الله في العزلة. رُسم شماساً انجيلياً. ورقي الى درجة الكهنوت ورشح الى الاسقفية. فأبى تواضعاً. لكن اسقف أماسيا اقامه كاتباً له. ثم أوفده الى القسطنطينية ليكون نائباً عنه في المجمع الخامس المنعقد فيها سنة 553. وفي تلك الاثناء توفي مينا بطريرك القسطنطينية. فانتخب افتيخيوس خلفاً له. فما تسلم عصا الرعاية حتى راح يغذي النفوس بتعليم الايمان الكاثوليكي الصحيح. ويوجه عناية خاصة بالكهنة.

 

وبمثل هذه الاعمال الرسولية بقي يسوس رعيته مدة اثنتي عشرة سنة. وما عتم ان وشي به المبتدعون الى الملك يوستينيانوس. فحطمه عن كرسيه ونفاه الى جزيرة بعيدة تدعى "الاميرة" بقي فيها منعكفاً على الصلاة واعمال النسك، التي كانت تصبو اليها نفسه. وفي خلوته هذه وضع التآليف النفيسة في حقيقة الايمان الكاثوليكي وضلال البدع. وأجرى الله على يده آيات عديدة. ولما مات يوستينيانوس الملك خلفه يوستينوس الثاني، عاد البطريرك القديس الى كرسيه. فأخذ يصلح في رعيته ما أفسدته البدع، مثابراً على الصلوات والتقشفات الى ان رقد بالرب في 5 نيسان يوم عيد الفصح سنة 582. صلاته معنا. آمين.

 

القدّيس إفتيخيوس بطريرك القسطنطينية (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
ولد القديس أفتيخيوس في بلدة من إقليم فيرجيا تدعىَ "الإلهية". تربىَّ تربيته المسيحية على يد جدَّه الكاهن الذي طبع في قلبه، منذُ الطفولية، محبّة الله والفضيلة وكذا العطف على الفقراء والبؤساء. كان الجد يصطحب الحفيد معه إلى الكنيسة فيوقفه بإزاء جرن المعمودية ويقول له: "اذكر يا بنيّ النعمة العظيمة التي أفاضها روح الربّ القدّوس عليك في هذا الجرن الطاهر فأضحيت أبناً لله، إيّاك أن تنسى ما وعدت به بفم إشبينك يوم اعتمدت، فإنك عاهدت الله على أن ترفض الشيطان وكل أعماله وكل عبادته، وكل أباطيله. كن أميناً تنل الحياة الأبدية والملكوت السماوي". وكان الجدّ، إلى ذلك، يردّد على مسمع صغيره القول الإنجيلي: "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلّه وخسر نفسه".
شماساً رئيساً للرهبان:
تعاليم الكاهن الجدّ لم تذهب في الهواء، فقد أخذ بها أفتيخيوس وحُفظ من خلالها من كُلِّ رذيلةٍ. ولمَّا بلغ الاثنتي عشرة أُرسل إلى القسطنطينية ليدرس على معلميها فبرع. كما أنكب على الكتب المقدسة يطالعها ويدرسها بعمق. هذه الحكمة البشرية بانت في عينيه دون قيمة أمام الحكمة الإلهية. ولمَّا آثر الزهد ورغب في خدمة الله سيم شمّاساً إنجيلياً واقتُرح للأسقفية، لكنه آثر الانكفاء، في أحد الديورة. فخرج من المدنية المتملكة وأقام راهباً في أماسيا. هناك برز وشعّت فضيلته فأقامه أسقف المحلّة رئيساً على الرهبان المنتشرين في أرجاء أسقفيته.
سنة 544م انعقد مجمع محلّي شارك فيه أفتيخيوس بدلاً من أسقف أماسيا الذي استحال عليه الذهاب. وفي ذلك المجمع المحلي لمع نجم قدّيسنا فأحبّه بطريرك القسطنطينية ميناس واحتضنه، لا سيما، كما قيل، بعد رؤيا إلهية أنبأته بأن أفتيخيوس سيكون خليفته العتيد. فلما رقد ميناس بالرب سمّاه الإمبراطور خليفةً له، فعمّت الفرحة الشعب على الأثر. 
شارك في المجمع المسكوني الخامس في القسطنطينية وكان رئيساً للمجمع. ضحدَ كُلَّ تعليمٍ مخالف للأرثوذكسية وثبتَت ما جائت عليه المجامع المسكونية الأربعة السابقة. حارب القائلين بالطبيعة الواحدة للمسيح.
نتيجة لمقاومته لأصحاب الطبيعة الواحدة ودفاعه عن الإيمان القويم، اقتحمت مجموعة من العسكر قصر هورميسداس، حيث كان البطريرك يقيم الذبيحة الإلهية، يوم الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني سنة 565. وسحبوه من الهيكل واحتجزوه في إحدى ديورة خلقيدونيا. وإن محكمة أسقفية ضمّت متزلّمين للملك قضت بإقالة البطريرك والحكم عليه بالنفي بحجّة أنه يأكل لحوماً شهية ويصلّي على ركبتيه ساعات طويلة. دام إبعاد قدّيس الله اثنتي عشرة سنة قضى قسماً منها في دير في جزيرة برنكيبوس وقسماً آخر في أماسيا. قَبِل ما جرى له بوداعة وقضى أيامه بالصوم والصلاة. وقد مَنّ عليه الربّ الإله بموهبة صنع العجائب فشفى المرضى وطرد الشياطين.
استُدعي أفتيخيوس إلى القسطنطينية في العام 577 من قِبَل الإمبراطورَين يوستينوس الثاني وطيبيريوس. وقد استُقبل بالهتاف: "مباركٌ الآتي باسم الرَّب!". خلال الفترة التالية من تولّيه الكرسي القسطنطيني ثبّت الكنيسة في الإيمان القويم. وقد رقد في الرب يوم أحد توما من السنة 582م بعدما أنبأ أن الإمبراطور طيبيريوس على وشك اللحاق به بعد أربعة أشهر. وقد دفُن في كنيسة الرسل القدّيسين، تحت المذبح، جنباً إلى جنب ورفات القدّيسين الرسل أندراوس ولوقا ويتموثاوس. وهامته اليوم موجودة في دير الخلندار الآثوسي.

 

تذكار أبينا الجليل في القديسين أفتيخيوس رئيس أساقفة القسطنطينيّة (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

ولد القديس أفتيخيوس سنة 512، في بلدة من إقليم فريجيا. وكان أبوه الإسكندر من قوّاد الجيش الروماني، تحت أمرة القائد الشهير بالساريوس. ولذلك عني بتهذيبه وربّاه على التقوى والصلاح جدّه المدعو أفتيخيوس أيضاً. وكان هذا رجلاً بارّاً تقيّاً، فطبع في قلب حفيده، منذ نعومة الأظفار، روح الفضيلة ومحبّة الله والعطف على الفقير البائس. ورسخت تلك التعاليم في عقل ذلك الفتى، فبقي يذكرها ويعمل بها طول أيام حياته. وكان أفتيخيوس الجدّ يقود مراراً حفيده الصغير إلى الكنيسة.

وكان ذلك الشيخ الجليل يحرص فوق كل شيء على أن يصون حفيده من العشرة الرديئة، لأنّها الداء الفتّاك الذي يقتل النفوس. لذلك لم يكن يسمح له بالخروج إلى نزهة إلاّ بصحبته.

وذهب أفتيخيوس إلى القسطنطينيّة، فدرس على كبار أساتذتها العلوم العصريّة ونبغ فيها، وصار بارعاً في البيان والخطابة والفلسفة. وطالع الكتب المقدّسة ودرسها درساً عميقاً. وهكذا أضحى من العلماء الإعلام في عصره. إلاّ أن نفسه الكبيرة مالت إلى الزهد في الدنيا، ورغبت بالأحرى في خدمة الهياكل، فانضمّ إلى الإكليرس القسطنطيني، فقُبل بفرح ورسم شمّاساً إنجيليّاً، وما لبث أن رُشّح للدرجة الأسقفيّة. لكن تواضعه أبى أن يرضى بتلك الرتبة السامية. فترك القسطنطينيّة، وذهب فترهّب في دير في مدينة أماسيا.

ولكن ما لبث أن لمع نوره وأضاءت فضيلته في تلك الأديار، قأقامه أسقف أماسيا  رئيساً عاماً على جميع الرهبان المنتشرين في أبرشيّته وتحت ولايته. فقد قصد افتيخيوس ديراً بعيداً عن ضوضاء العاصمة التي ألفها لينعم بالوحدة والخلوة، فوجد عملاً كبيراً ومهمّة شاقة. لكنّه أعدّ لها قلباً كبيراً وإيماناً قويّاً، وأخذ يسعى لتكون القداسة أساس الحياة الرهبانيّة في تلك الأديار، فنجح في ما أراد وابتغى، لأنّه هو نفسه كان مثالاً حيّاً لكل ما يرشد إليه ويأمر به.

لمّا تسلّم يُستيانس زمام الملك خلفاً لعمّه يُستينس الأول، سنة 527، وجّه عنايته إلى تنظيم أمور الدولة، ووضع ذلك التشريع العظيم الذي لا يزال أساساً لكل ما وضعه المشترعون من بعده، من الشرائع والأنظمة، وقد دعي بإسمه: مجموعة الشرائع اليستنيانيّة. لكنّه أراد أن تكون له اليد العليا في كل شيء، حتى في الشؤون الكنيسة والأمور اللاهوتيّة، فأصاب في بعضها وأخطأ كثيراً في البعض الآخر.

وفي أيام يُستنيانس قامت المعركة بين اللاهوتيين حول ثلاثة من الرهبان الأقدمين، واضطربت الكنيسة إضطراباً عظيماً، شرقاً وغرباً. فكان ذلك داعياً لإنعقاد المجمع المسكوني الخامس في القسطنطينيّة سنة 553.

فلمّا انعقد المجمع، عاقت بعض الموانع أسقف أماسيا عن أن يذهب إليه بنفسه، فأناب عنه الرئيس أفتيخيوس لِما كان يتحلّى به من سموّ الفضيلة وسعة المعارف. فلمّا وصل هذا إلى القسطنطينيّة لمع بين الأساقفة الحاضرين، فحامت حوله الأنظار. فوقع اختيار الملك يستنيانس عليه، ورغب فيه الأكليرس والشعب. فأقاموه بطريركاً على تلك العاصمة الكبرى.

وما كاد يتسلّم عصا الرعاية حتى بدأ ينزع زؤان الهرطقات من حقل الرب، ويلقي من ذلك المنبر العالي بذور الإيمان الصحيح والتقوى الصادقة. ووجّه عنايته إلى رجال بيته من الكهنة والشمامسة، فكان يرشدهم في طرق الكمال المسيحي ، ويسهر على راحتهم ويشرف على أعمالهم.

وكان شفيعاً على الفقراء، ولاسيّما على الأرامل واليتامي، كما كان يفعل الريسل. فأضحى الراعي الصالح والأب القديس.

وساس أفتيخيوس رعيّته مدّة إثنتي عشرة سنة، بتلك الروح الرعائية والغيرة الرسوليّة التي امتاز بها منذ أول عهده. وإذا ببدعة جديدة تطلع على الكنيسة وهي بدعة جهنميّة هدّامة لسرّ التجسّد وسر الفداء، ولكل ما فعله المسيح في سبيل خلاص البشر.

وراقت تلك البدعة الجميلة في ظواهرها الملك يستنيانس، فقام يبشّر بها ويأمر بإتباعها. لكنّه لم يحسب حساباً للبطريرك أفتيخيوس.

فلمّا رأى أفتيخوس أن الشر يتفاقم، وأن الملك ماضٍ في ما أراده، جاهر بالعداء للملك وأخذ يدافع عن الإيمان بكل ما أوتي من علمٍ وفصاحة وسلطةٍ رسولية وقداسة. فغضب يستنيانس عليه ونفاه إلى جزيرة بعيدة تدعى "الأميرة" وأقام بدلاً عنه رجلاً دخيلاً يدعى يوحنا المدارسي، وذلك سنة 565.

وظن الملك في غروره أنّه أسكت ذلك الصوت الرعائي ولم يدرِ أن الله يخرج من الظلمة نوراً، وما كاد افتيخيوس أن يصل إلى مقر منفاه حتى وجد ما كانت تصبو إليه نفسه، وعاد إلى ما كان عليه قديماً من حياة النسك وأعمال الصلاة والصيام وقهر النفس في سبيل المسيح والكنيسة.

وبقي أفتيخيوس في منفاه إثنتي عشرة سنة، قضاها في الكتابة وممارسة الفضائل السامية.

ومات يستنيانس المضطهد، فخلفه على سرير الملك يستينس الثاني. ومات يوحنا البطريرك الدخيل أيضاً، فأعاد الملك الجديد البطريرك أفتيخيوس إلى رعيّته وكرسيّه. فدخل القسطنطينيّة دخول الفاتح الظافر، في 3 تشرين الأول (أكتوبر) من السنة 577. فخرجت الجماهير للقاء أبيها. وكانت دموع الفرح تهطل من كل المآقي. وجاءه أعداؤه صاغرين مستغفرين، فصفح عنهم. وعاد يصلّح في رعيّته ما أفسدته البدع وقوّضته الفتن.

ورقد ذلك القائد البطل بالرب وهو واقف على الأسوار يجاهد. وذهب إلى الرب موزّع الأكاليل، ليأخذ إكليله بحسب قول الرسول: "قد جاهدت الجهاد الجميل، وأتممت شوطي، وحفظت الإيمان. وإنّما يبقى إكليل العدل المحفوظ لي الذي يجزيني به في ذلك اليوم الرب الديّان العادل، لا إياي فقط بل جميع الذين يحبّون تجلّيه أيضاً".

 

نياحة الملك قسطنطين الكبير (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم من سنة 53 ش. (337 م.) تنيح الإمبراطور القديس قسطنطين الكبير. وكان اسم أبيه قونسطا (1) قسطنديوس خلورس (الأخضر) وأمه هيلانه وكان أبوه ملكا علي بيزنطية ومكسيميانوس علي رومه ودقلديانوس علي إنطاكية ومصر وكان والد قونسطا وثنيا إلا أنه كان صالحا محبا للخير رحوما شفوقا. واتفق أنه مضي إلى الرها وهناك رأي هيلانة وأعجبته فتزوجها وكانت مسيحية فحملت منه بقسطنطين هذا. ثم تركها في الرها وعاد إلى بيزنطية فولدت قسطنطين وربته تربية حسنة وأدبته بكل أدب وكانت تبث في قلبه الرحمة والشفقة علي المسيحيين ولم تجسر أن تعمده ولا تعلمه أنها مسيحية فكبر وأصبح فارسا وذهب إلى أبيه ففرح به لما رأي فيه من الحكمة والمعرفة والفروسية وبعد وفاة أبيه تسلم المملكة ونشر العدل والأنصاف. ومنع المظالم فخضع الكل له وأحبوه وعم عدله سائر البلاد. فأرسل إليه أكابر رومه طالبين أن ينقذهم من ظلم مكسيميانوس. فزحف بجنده إلى إنقاذهم وفي أثناء الحرب رأي في السماء في نصف النهار صليبا مكونا من كواكب مكتوبا عليه باليونانية الكلمات التي تفسيرها " بهذا تغلب". وكان ضياؤه يشع أكثر من نور الشمس فأراه لوزرائه وكبراء مملكته فقرأوا ما هو مكتوب. ولم يدركوا السبب الموجب لظهوره. وفي تلك الليلة ظهر له ملاك الرب في رؤيا وقال له: اعمل مثال العلامة التي رأيتها وبها تغلب أعداءك ففي الصباح جهز علما كبيرا ورسم عليه علامة الصليب كما رسمها أيضا علي جميع الأسلحة واشتبك مع مكسيميانوس في حرب دارت رحاها علي الأخير الذي ارتد هاربا وعند عبوره جسر نهر التيبر سقط به فهلك هو وأغلب جنوده. ودخل قسطنطين روما فاستقبله أهلها بالفرح والتهليل وكان شعراؤها يمدحون الصليب وينعتونه بمخلص مدينتهم. ثم عيدوا للصليب سبعة أيام واصبح قسطنطين ملكا علي الشرق والغرب.

ولما استقر به المقام بروما تعمد وأغلب عسكره من سلبسطرس البابا في السنة الحادية عشرة من ملكه والرابعة من ظهور الصليب المجيد. ثم أصدر أمرا إلى سائر أنحاء المملكة بإطلاق المعتقلين وأمر ألا يشتغل أحد في أسبوع الآلام كأوامر الرسل وأرسل هيلانة إلى بيت المقدس فاكتشفت الصليب المقدس. وفي السنة السابعة عشرة من ملكه اجتمع المجمع المقدس الثلاثمائة وثمانية عشر بنيقيا في سنة 325 م. ورتب أمور المسيحيين علي أحسن نظام وأجوده ثم جدد بناء بيزنطية ودعاه باسمه القسطنطينية وجلب إليها أجساد كثيرون من الرسل والقديسين وتنيح بنيقوميدية. فوضعوه في تابوت من ذهب وحملوه إلى القسطنطينية. فاستقبله البطريرك والكهنة بالصلوات والقراءات والتراتيل الروحية ووضعوه في هيكل الرسل القديسين. وكانت مدة حياته خمسًا وسبعين سنة ولربنا المجد والقوة والعظمة وعلينا رحمته ونعمته إلى الأبد. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : نياحة القديس صرابامون أبو طرحة

كان الطوباوي العظيم والقديس الكبير أنبا صرابامون مطران المنوفية الشهير بأبي طرحه من أشهر الأساقفة التي قام برسامتهم البابا بطرس السابع البطريرك ال 109، وقد منحه الله موهبة شفاء المرضى وأخراج الأرواح النجسة. وقد أخرج روحا نجسة من الأميرة زهرى هانم كريمة محمد على باشا الكبير والى مصر، ولم يرغب في شئ مما قدمه إليه الأمير العظيم، واكتفى بطلب بعض المؤونة والكسوة لرهبان الأديرة وإرجاع الموظفين إلى الدواوين كما كانوا في سالف الزمان فأعجب به الوالي وأجاب طلبه، في أثناء وجوده في الأسقفية عمل عجائب كثيرة منها إخراج الشياطين، وشفاء المرضى بكل بلدة يحل فيها، مسلمين ونصارى، وقد شاهده كثيرا القمص سيداروس روفائيل عم القمص سيداروس اسحق مؤسس كنيسة المطرانية بشبين الكوم فقال: "كان يؤتي إليه بالمصابين بالأرواح النجسة، ويضعونهم أمامه وخلفه، فكان يأخذ بيده قلة ماء، ويتلو على كل واحد منهم مزمور "خاصم يارب مخاصمي". فلا يفرغ من قراءة ربعه، أو نصفه حتى يصرخ الروح النجس بحالة إزعاج شديد " في "عرضك في عرضك "، فيقول بلغته الصعيدية "همله يا أبوي". ثم يصب جانبا من ماء القلة، ويرش به المصاب في وجهه ثلاث مرات، وفي كل مرة يقول إيسوس بي إخرستوس (يسوع المسيح). ففي الحال يخرج الروح النجس. وذات مرة كان بالبتانون في أيام القمص منصور فرج، وعند زيارة البلدة سأل القمص منصور فرج،- وكان الأسقف لا يميل إلى خلفة البنات - " عندكش وليدات اليوم يا أبوي منصور "؟ فأجابه " عندي بنت " فقال: بنت كبه". وقبل أن يفارق الأسقف البلدة ماتت البنت. وتكرر هذا في زيارة ثانية. ثم أعطاه الله بنتا ثالثة. وعند ذهابه إلى مصر ذهب القمص منصور لزيارته – وكان يصلى في كنيسة حارة زويلة – فسأله الأسقف " عندكش وليدات فأجابه القمص بحزن وصعوبة " ما باقولش يا اخوي " قال الأسقف " ليه يا أبوي " أجابه " أقول تقولي كبه وآنا في احتياج لظفر بنت. الله يجيب وآنت تودي. قال له الأسقف " ما عدتش أقول يا أبوي " وأوقفه أمام الهيكل وقال " يا يسوع الناصري ولدين لأبوي منصور. وأجاب الله طلبه الأسقف وخلف أربعة أولاد هم القمص منصور خليفته وفرج رئيس حسابات المديرية وتوما الذي توظف بالمديرية ومرقس. كما يذكر تاريخه عجائب وتصرفات حكيمة وقد كتبت هذه فقط علي سبيل المثال (انظر كتاب نوابغ الأقباط في القرن التاسع عشر. توفيق اسكاروس ج 1).

وقد أجرى الله عجائب كثيرة على. يدي البابا بطرس السابع، اشهرها حادثة وفاء النيل فقد حدث أن النيل لم يف بمقداره المعتاد لآرواء البلاد في إحدى السنين، فخاف الناس من وطأة الغلاء وشده الجوع إذا أجدبت الأرض، واستعانوا بالباشا طالبين منه أن يأمر برفع الأدعية والصلوات إلى الله تعالي لكي يبارك مياه النيل ويزيدها فيضانا حتى تروي الأراضي فتأتي بالثمار الطيبة ولا تقع المجاعة علي الناس فاستدعي البابا بطرس السابع رجال الاكليروس وجماعة الأساقفة وخرج بهم إلى شاطئ النهر واحتفل بتقديم سر الشكر وبعد إتمام الصلاة غسل أواني الخدمة المقدسة من ماء النهر وطرح الماء مع قربانة البركة في النهر فعجت أمواجه واضطرب ماؤه وفاض فأسرع تلاميذ البابا إلى رفع أدوات الاحتفال خشية الغرق فعظمت منزلة البطريرك لدي الباشا وقربه إليه وكرم رجال أمته وزادهم حظوة ونعمة.

ومن هذه العجائب المدهشة أيضا حادثة النور في القدس الشريف فقد حدث أن الأمير إبراهيم باشا نجل محمد علي باشا بعد أن فتح بيت المقدس والشام سنة 1832 م. أنه دعا البابا بطرس السابع لزيارة القدس الشريف ومباشرة خدمة ظهور النور في يوم سبت الفرح من قبر السيد المسيح بأورشليم كما يفعل بطاركة الروم في كل سنة، فلبي البابا الدعوة ولما وصل فلسطين قوبل بكل حفاوة وإكرام ودخل مدينة القدس بموكب كبير واحتفال فخم اشترك فيه الوالي والحكام ورؤساء الطوائف المسيحية.

ولما رأي بحكمته أن انفراده بالخدمة علي القبر المقدس يترتب عليه عداوة بين القبط والروم اعتذر للباشا لإعفائه من هذه الخدمة فطلب إليه أن يشترك مع بطريرك الروم – علي أن يكون هو ثالثهم لأنه كان يرتاب في حقيقة النور. وفي يوم سبت النور غصت كنيسة القيامة بالجماهير حتى ضاقت بالمصلين فأمر الباشا بإخراج الشعب خارجا بالفناء الكبير. ولما حان وقت الصلاة دخل البطريركان مع الباشا إلى القبر المقدس وبدأت الصلاة المعتادة. وفي الوقت المعين انبثق النور من القبر بحالة ارتعب منها الباشا وصار في حالة ذهول فأسعفه البابا بطرس حتى أفاق. أما الشعب الذي في الخارج فكانوا أسعد حظا ممن كانوا بداخل الكنيسة فان أحد أعمدة باب القيامة الغربي انشق وظهر لهم منه النور، وقد زادت هذه الحادثة مركز البابا بطرس هيبة واحتراما لدي الباشا وقام قداسته بإصلاحات كبيرة في كنيسة القيامة.

وفي أيام هذا البابا أراد محمد علي باشا ضم الكنيسة القبطية إلى كنيسة روما بناء علي سعي أحد قادته البابويين وذلك مقابل خدمات القادة والعلماء الفرنسيين الذين عاونوا محمد علي باشا في تنظيم المملكة المصرية. فاستدعي الباشا المعلم غالي وابنه وابنه باسيليوس وعرض عليهما الموضوع فأجابا الباشا بأنه سيترتب علي هذا الضم ثورات وقلاقل بين أفراد الآمة القبطية وحقنا للدماء وتشجيعا لأمر الضم. سيعتنق هو وأولاده المذهب البابوي بشرط أن لا يكرهوا علي تغيير طقوسهم وعوائدهم الشرقية فقبل الباشا منهما هذا الحل وأعلنا بناء علي ذلك اعتناقهما المذهب البابوي. ولم ينضم إليهما سوي بعض الاتباع واستمروا جميعا مع ذلك يمارسون العبادة في الكنائس القبطية

وفي أيامه نبغ بين رهبان القديس أنطونيوس الراهب داود وتولي رئاسة الدير فظهرت ثمرات أعماله في تنظيم الدير وترقية حال رهبانه فاختار البابا بطرس - لفرط ذكائه وحسن تدبيره -في مهمة كنيسة في بلاد أثيوبيا فأحسن القيام بها وكانت عودته لمصر بعد نياحة البابا بطرس.

ومما يخلد ذكر البابا بطرس أن إمبراطور روسيا أوفد إليه أحد أفراد عائلته ليعرض عليه وضع الكنيسة تحت حماية القيصر فرفض العرض بلباقة قائلا: أنه يفضل أن يكون حامي الكنيسة هو راعيها الحقيقي. الملك الذي لا يموت فأعجب الأمير بقوة إيمان البابا وقدم له كل إكرام وخضوع وتزود من بركته وأنصرف من حضرته مقرا بأنه حقيقة الخليفة الصالح للملك الأبدي المسيح الفادي

وأقام علي الكرسي البطريركي 42 سنة و3 شهور و12 يوما وخلي الكرسي بعده سنة واحدة و12 يوما. صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما آمين..

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : نياحة البابا بطرس السابع البطريرك الـ 109

فى مثل هذا اليوم من سنة 1568 ش. (5أبريل سنه 1852 م.) تنيح القديس البابا بطرس السابع البطريرك ال 109 ولد هذا الأب بقرية الجاولى مركز منفلوط، وكان اسمه أولا منقريوس. زهد العالم منذ صغره فقادته العناية الإلهية إلى دير القديس العظيم أنطونيوس فترهب فيه وتعمق في العبادة والنسك والطهارة كما تفرغ إلى مطالعة الكتب الكنسية وتزود بالعلوم الطقسية واللاهوتية الآمر الذي دعا إلى رسامته قسا علي الدير ففاق أقرانه في ممارسة الفضائل وتأدية الفرائض وقد دعي القس مرقوريوس، ثم رقي قمصا لتقشفه وغيرته وطهارة قلبه

ولما وصلت أخباره إلى مسامع البابا مرقس الثامن استدعاه إليه. وكان قد حضر جماعة من الأثيوبيين من قبل ملك أثيوبيا يطلبون مطرانا بدل المتنيح الأنبا يوساب مطرانهم السابق ومعهم خطابات إلى حاكم مصر والي البابا مرقس الثامن فبحث البابا عن رجل صالح وعالم فاضل فلم ير أمامه إلا القمص مرقوريوس فاختاره لمطرانية أثيوبيا فرسمه مطرانا إلا أنه في وقت الرسامة لم يقلده علي أثيوبيا بل جعله مطرانا علي بيعة الله المقدسة وسماه ثاوفيلس ورسم بدلا منه الأنبا مكاريوس الثاني مطرانا لمملكة أثيوبيا في سنة 1808

وبعد رسامة الأنبا ثاوفيلس مطرانا عاما استبقاه البابا معه في القلاية البطريركية، يعاونه في تصريف أمور الكنيسة وشؤون الأمة القبطية.

ولما تنيح البابا مرقس الثامن في يوم 13 كيهك سنة 1526 ش. (21 ديسمبر سنة 1809 م.) وكان الاساقفه موجودين بمصر فاجتمعوا مع أراخنة الشعب وأجمع رأيهم علي أن يكون خليفة له فرسموه بطريركًا في الكنيسة المرقسية بالازبكية بعد ثلاثة أيام من نياحة البابا مرقس أي في يوم الأحد 16 كيهك سنة 1526 ش. (24 ديسمبر سنة 1809 م.). ودعي أسمه بطرس السابع واشتهر باسم بطرس الجاولي وكان أبا وديعا متواضعا حكيما ذا فطنه عظيمة وذكاء فائق وسياسة سامية لرعاية الشعب والكتب المقدسة. وقد وضع كتابا قيما دافع فيه عن الكنيسة وتعاليمها كما قام بتزويد المكتبة البطريركية بالكتب النفيسة وفي عهده رفرف السلام علي البلاد فنالت الكنيسة الراحة التامة والحرية الكاملة في العبادة وتجددت الكنائس في الوجهين القبلي والبحري

. وفي مدة رئاسته عاد إلى الكرسى الإسكندري كرسى النوبة والسودان، بعد أن انفصل مدة خمسمائة عام. ويرجع فضل عودة النوبة إلى الحظيرة المرقسية إلى أن عزيز مصر محمد على باشا الكبير فتح السودان وامتلك أراضيه وضمها إلى الأقطار المصرية فعاد كثيرون من أهل السودان إلى الدين المسيحى، كما استوطن فيه الكثيرون من كتاب الدولة النصارى ورجال الجيش وبنوا الكنائس. ثم طلبوا من البابا بطرس أن يرسل لهم أسقفا ليرعى الشعب المسيحى بهذه الأقطار فرسم لهم أسقفا زكاه شعب السودان من بين الرهبان اسمه داميانوس. وقد تنيح هذا الأسقف في أيام البابا بطرس فرسم لهم أسقفا غيره. ومن ذلك الحين تجدد كرسى النوبة الذي هو السودان. وقام هذا البابا في مدة توليه الكرسى الإسكندري برسامة خمسة وعشرين أسقفا على أبرشيات القطر المصري والنوبة، كما رسم مطرانين لأثيوبيا: الأول الأنبا كيرلس الرابع في سنة 1820 والثاني في سنة 1833 م.