دينيّة
08 أيار 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 8 أيار 2017

تذكار البار ارسانيوس الناسك (بحسب الكنيسة المارونية)ولد هذا البار في روما نحو سنة 354، من أبوين عريقين في الحسب والنسب.فتربى تربية عالية ونبغ في العلوم حتى أضحى من كبار علماء عصره، ونحو السنة 382، استدعاه الملك تاودوسيوس الكبير الى القسطنطينية، ليكون استاذاً ومهذباً لولديه اركاديوس وهنوريوس. فعظمت منزلته لدى الملك حتى منحه لقب "أبي المملكة والبطريق الشريف" وجعله مستشاراً في مجلس الاعيان.

 

كان ارسانيوس في تلك العاصمة عزيز الجانب موفور الكرامة تبسم له الدنيا بكل ما فيها من مسرات وامجاد وغنى، لكنها لم تكن لتملأ قلبه الكبير وعقله الثاقب، بل كان يعد كل ذلك كلا شيء ويفكر في الاسمى الدائم. فأخذ يتضرع الى الله ليلهمه ما يريده منه في هذه الحياة، فسمع صوتاً يقول له:" يا ارسانيوس، أهرب من معاشرة الناس فتخلص". فترك كل شيء وسافر الى الاسكندرية ومن هناك ذهب الى برية الاسقيط وله من العمر اربعون سنة. فوصل الى المناسك وطلب من الرهبان أن يقبلوه بينهم، دون أن يعلمهم من هو، بل قال انه رجل غريب يقصد خلاص نفسه. وبعد ان امتحنوه وجدوه راسخاً في الفضيلة. ولما وقفوا على سره، تهيَّبوه.

فأذن له الرئيس بالانفراد وحده لممارسة اعماله الروحية بحسب الطريقة التي يريدها. ولم يكن يخرج من قليته الا لضرورة ماسة. ليكون منصرفاً الى التأمل والاتحاد بالله، بمعزل عن كل محسوس، يمارس الاصوام وعمل اليد ويحيي الليالي بالصلاة والتأمل في كلمات الله. وبقوة الصلاة كان ينتصر على تجارب الشيطان. ولما دنت ساعة وفاته، رآه تلاميذه يبكي فقالوا له:" لِمَ تبكي يا ابانا اتخاف الموت بعد حياتك هذه الملائيكية؟"_ فأجابهم:" ان هذا الخوف يلازمني منذ صرت ناسكاً". قال هذا وما لبث ان رقد بالرب مملوءاً قداسة سنة 449 وله من العمر 95 سنة. صلاته معنا. آمين!

 

القدّيس يوحنّا الرسول (اللاهوتي- الثاولوغس) (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكيّة)

هو كاتب الإنجيل الرابع ورسائل المحبّة والرؤيا الخالدة. سُمّي إبن الرعد. وقد أجمع الآباء أن يوحنّا الإنجيلي فاق كل البشر بالكلام عن الإلهيات فدعوه بالثاولوغوس (أي اللاهوتي...) ولد في مدينة بيت صيدا على شاطئ بحيرة طبريّة او بحر الجليل، وبيت صيدا مدينة أندراوس وبطرس، وإسمه يعني حنان الله، وأبواه زبدى وسالومة. وزبدى سمّاك بحر الجليل وكان في سعة العيش وعنده خدم، وسالومة إنضمّت الى النسوة اللواتي تبعن يسوع بعد دعوة إبنيها يوحنّا ويعقوب وساعدنّه بأموالهنّ. كان أخوه يعقوب صديقاً حميماً ليسوع، وقد عمل  يوحنّا وأخوه يعقوب مع أبيهما زبدى في صيد السمك، وكانا شريكي سمعان بطرس. وتتلمذ يوحنّا ليوحنّا المعمدان قبل ان يتتلمذ ليسوع وهو إبن 22 سنة. وحينما شرع يسوع يتّخذ له تلاميذ، مشى على شاطئ  بحر الجليل ورأى أخوين آخرين وهما يعقوب ويوحنّا إبني زبدى في سفينة مع أبيهما يصلحان شباكهما فدعاهما وللوقت تركا السفينة وأباهما وتبعاه.

هو أول من تبع يسوع، وأكثر الرسل حبّاً له، الشاهد الأعظم على ألوهيته وأعماله. وصدى مواعظ الربّ في أورشليم واليهودية  والذي وصف خطاب يسوع في سرّ الإفخارستية وصفاً رائعاً. إنّه الشاهد على قيامة إبنة يائيروس وعلى التجلّي، وهو الذي أعدّ ما يلزم للفصح الأخير ورافق يسوع الى بستان الزيتون مع  بطرس ويعقوب لتعزيته.

وقد قدّم يسوع بطرس ويوحنّا، الأول ليكون خلفاً له والثاني صديقاً. لذا نراه يغار عليه الى حد التهوّر فيقول مثلاً: "يا معلّم رأينا واحداً يخرج الشياطين بإسمك فمنعناه لأنّه لا يتبعنا". وثار مع يعقوب  على السامريين لأنّهم لم يقبلوا يسوع. واستأذن الربّ ليطلبا من السماء ناراً فتنزل عليهم وتفنيهم كما فعل إيليّا سابقاً.

ودار الطمع في قلب سالومة لما رأت من عطف يسوع على إبنيها فطلبت أن يجلس الواحد عن يمينه والآخر عن شماله في مجده وهذه كانت أمنية كل إسرائيلي. فتنهّد يسوع وقال :"إنّكما لا تعلمان ما تطلبان" ولمّا سمع العشرة غضبوا على يعقوب ويوحنّا.

هو الذي إتّكأ على صدر يسوع في العشاء الأخير، وسأله مَن الذي يسلّمه، وتبع يسوع الى الجلجلة حيث وقف الى جانب مريم، فراق ليسوع مشاركة أمّه وتلميذه له، فقال لأمّه :"يا إمرأة هوذا إبنك"، ثم قال للتلميذ:"هذه أمّك" ومن تلك الساعة أخذها يوحنّا الى بيته...
وأنزل يوحنّا مع يوسف الرامي ونيقوديمس جسد يسوع عن الصليب ووضعه في القبر. وهو الذي ذهب فجر الأحد مع بطرس الى القبر فرأى وآمن أن الربّ قام، وعاين ظهور يسوع للتلاميذ على بحيرة طبريّة بعد قيامته.

لمّا حلّ الروح القدس، رافق يوحنّا بطرس في التبشير الى ان رحل بطرس الى آسيا وروما. أمّا يوحنّا فبقي في أورشليم واليهودية.

لقد لازم مريم في أورشليم في الصلاة، وإن ما نراه من البدائع الإلهية في إنجيل يوحنّا قد يكون أخذه من فمها طوال السنين التي قضاها معها. وعاش معهما يعقوب الصغير أخو الربّ أول أسقف لأورشليم. ولا نعلم عن حياة يوحنّا في أورشليم شيئاً مفصّلاً.

ترك يوحنّا اليهودية وأقام في أفسسس وتابع عمل أبولُس وبولس. وبعد إستشهاد بولس أشرف من أفسس على بلاد آسيا كسرديس وفيلادلفية... أمّا موضوع مواعظه فنعرف من رسائله وهذيذه في الإلهيات وفي أسمى العقائد والمبادئ المسيحية... ويذكر ان هذا الرسول أنشأ في أفسس فرقة ملائكية من البنات البتولات... ويُذكر أن يوحنّا ذهب الى روما حيث قبض عليه دومتيانس وألقاه في قدر مملوء بالزيت المغلي، ولكنّه خرج منه دون ان يُصاب بأذى... ثم نفي الى جزيرة بطمس حيث كتب سفر الرؤيا. وهكذا لم يُحرم شرف الإستشهاد، وعاد بعد موت دمتيانس سنة 95 الى أفسس في عهد الملك نرفا وتابع عنايته بكنائس آسيا، وعاش الى شيخوخة متقدّمة، وبقي محافظاً على تقاليد اليهود. فكانوا يجلّونه لسمو قداسته وفائق عبادته. وكان يحمل على جبهته قطعة من الذهب كما يحملها أحبار العهد القديم ليدل على ان الكهنوت  إنتقل الى الكنيسة. وفي أواخر القرن الثاتي كتب تلميذه بوليكرس الى البابا فكتور يقول:"بين الكواكب التي اطفأ نورها في آسيا يجب ان لا ننسى يوحنّا الذي إتّكأ على صدر يسوع وكان حبراً ويحمل على جبهته قطعة الذهب. فهو الشهيد والمعلّم وقبره في أفسس".

وبقي الرسول المحبّة في إنجيله وكرازته ورسائله. ولمّا شاخ كان يُحمل  الى الكنيسة  فيردّد "يا أولادي أحبّوا بعضكم بعضاً" ولمّا سألوه "لماذا هذه فقط؟ قال:"لأنّ المحبّة هي وصيّة الربّ وهي خلاصة الشريعة". وجاوز يوحنّا المئة سنة من العمر حين مات ودفن في مدينة أفسس.

 

القديس الرسول الإنجيلي يوحنا اللاهوتي (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)

هو يوحنا بن زبدي أخو يعقوب، من بيت صيدا في الجليل. دعاه الرب يسوع وأخيه يعقوب فيما كانا في السفينة مع زبدي أبيهما يصلحان الشباك، فتركا السفينة للوقت وأباهما وتبعاه (متى 21:4-22).
صفاتُهُ:
كان يوحنا أكثر تلاميذ الرب يسوع تعلقاً بالبتولية والنسك، حتى أن الكنيسة وصفته بالرسول: البتول المعادل الملائكة. كما أن محبته للمسيح كانت عظيمة وسيرته ممتازة فعرف بالتلميذ "الحبيب". يوحنا كان الأقرب إلى قلب المسيح. كُتُبنا الليتورجية تسميه صديق المسيح وتقول عنه أنه ساكن المسيح منذُ الطفولة، ربما دلالةً على صلة القربى التي يُظن أنها كانت بينهما من خلال أم يوحنّا المدعوة سالومي والتي قيل إنها كانت إحدى بنات يوسف البار، رجل مريم، من زواجه الأول.
بشارتُهُ: 
ورد في تقليدنا الكنسي أن بشارة يوحنّا، كانت في أسيا الصغرى حيثُ كانت جذور الوثنية عميقة وحيثُ انتشرت الأفكار والتيارات، على اختلاف توجُّهها، بكثافة وعلى نطاق واسع.
أفسس هي المدينة البارزة في أسيا الصغرى التي تركز فيها عمل الرسول يوحنا الكرازي. وقد لاقىَ هناك مقاومة شديدة وواجه الموت أكثر من مرّة لأن عبادة الآلهة ارتميس وتعلق أهل المدينة بها أثار عليه سخط جماعات كثيرة، كما تحرّك السحرة بكل قواهم وأعاجيبهم ضده، لكنه بنعمة الله وآيات كثيرة حُفظ سالماً وهدى كثيرين وعمّدهم.
رُقادُهُ:
بقي يوحنا في أفسس إلى أن رقد. كان قد بلغ من العمر ما يربو على المئة سنة وخمس. كان رقادُهُ طبيعياً دون استشهاد. وهناك تقليدٌ كنسي يقول أن طيباً عطراً كان يخرج من قبره كل عام ويشفي المرضىَ. والكنيسة تعيد لذلك سنوياً في الثامن من أيار.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : القدّيس أرسانيوس الكبير

وُلد القديس أرسانيوس، حوالي العام 354م، في عائلة رومانية امتازت بنبلها وغناها. برع في العلوم حتى أضحى أحد أبرز علماء إيطاليا، في زمانه، في اللغة اليونانية واللاتينية وبقيَّة العلوم.
ذاعت شهرته حتى بلغت أسماع الإمبراطور ثيودوسيوس الكبير، فاستقدمه إلى القسطنطينية ليكون مربِّياً لأولاده. وصل إلى القصر الملكي في حدود العام 383م. كان قد بلغ التاسعة والعشرين.
بدا أرسانيوس، في القصر، وجهاً بارزاً، يتزين من الأزياء بأفخرها،وله من الأثاث أفخمه. وكان، إلى ذلك، يتعطَّر من الأطياب بأثمنها، وله في خدمته ألف من الخدم يرفلون بأثوابهم الغنيَّة. وقد جعل الإمبراطور أرسانيوس في رتبة الشيوخ وأعطاه لقب البطريق، بحسب ما ذكر القديس سمعان المترجم.
رفضُهُ مجد وأباطيل العالم:
كان أرسانيوس من وقت إلى آخر يعود إلى نفسه ويفطن أن رفعته وغناه كانا عابرين وأن الجميع، في نهاية المطاف مجبرون على إخلاء مواقعهم. إذ ذاك لا يأخذون معهم سوى أفعالهم. وكانت النعمة الإلهية إلى هذه المعاينة الداخلية، تحرَّك فيه خوفاً شديداً على خسران نفسه. ولذا كان يلقي بنفسه عند قدمي الله ويذرف الدموع ويرفع الصلاة سائلاً إيَّاه بصدق كبير أن يعرفه بما عليه أن يفعله ليخلص. ويبدو أنه ثابر في هذا المنحى إلى أن حظي من إلهه بنعمة أخرجته من مخاض الرهبة والتساؤل إلى ولادة جديدة للتوبة. فذات يوم، إذ كان يطرح على رَّبه همَّ قلبه بدموع وتوسلات، إذ به يسمع صوتاً يقول له: "فرّ، يا أرسانيوس، من صحبة الناس فتخلص". اقتبل أرسانيوس كلام الله، فقام سرَّاً وارتحل. سافر في سفينة إلى الإسكندرية ومنها انتقل إلى بريَّة الإسقيط ليقبل حياة التوحد. عمره كان حوالي الأربعين. إذ كانت السنة في حدود 394م.
اقتباله حياة التوحد:
في بريّة الإسقيط تعرَّف أرسانيوس على الأب يوحنا القصير، الذي تتلمذ عليه. وتلقَّن منهُ فروض الحالة الجديدة التي جعل نفسه فيها. فحقق في فترة قصيرة، طريق الكمال وفاق بتجلده على أفعال التوبة، كبار شيوخ البريَّة, وكذلك بصبره وشجاعته وتصميمه على مواجهة الأهواء، وإبليس. وكما كان مميزاً بعلمه في العالم، بات في البريَّة مميزاً بتواضعه وتشدده على نفسه. كل هذا جعل أباه الروحي يتبين عمل الله فيه فلم يستبقه طويلاً وتركه يذهب ليتعلم على حدة وحده.
متوحِّداً ناسكاً:
توغَّل أرسانيوس في البريَّة ليتسنى له أن يكون بمنأى عن خلطة الناس كما طلب منه الله، لازم قلايته، التي كانت مغارة ولم يغادرها. كان يتجنب الزائرين. ويقضي معظم وقته في الصلاة ووجهه متجه نحو الشرق ويداه متجهتان نحو السماء. كان محارباً صنديداً لأهوائه، صواماً، لا يترك نفسه ترتاح من دون تضرع إلى الله السماوي. كانت الدموع رفيقةً له. حتى حين يعمل في شغل الأيدي، لم يكن استغراقه في الإلهيات لينقطع. كان مأخوذاً أبداً بحضرة الله. لهذا السبب كان دائماً ما يستعين بمنديل ليمسح دموعه المترقرقة من عينيه، أثناء العمل وخارج أوقات العمل. سواء بسواء. ذكرُ الموت كان حاضراً لديه دائماً. صرامة أحكام الله في عينيه كانت تزيده رعدة مقدَّسة.
رقادُهُ:
لما دنت ساعة موته قال لتلاميذه، ومنهم دانيال، ألا يجمعوا حسنات عنه بعد موته، إذ أراد أن يحتفَّ به الفقر في حياته وفي موته معاً. فقط طلب أن يُذكر في الذبيحة الإلهية حتى إذا ما كان قد صنع صالحة في حياته وجدها لدى رَّبه. كذلك أوصاهم ألا يعطوا شيئاً من جسده ليُحفظ بمثابة رفات مقدَّسة. وهدَّدهم إن خالفوه اشتكى عليهم لدى منبر الله. عاش في التواري طويلاً. كذلك طلب أن يربطوا رجليه بحبل ويُجرِّوه إلى الجبل ليدفنوه هناك.
ولما بات مستعداً للموت أخذ يبكي فاستغرب تلاميذه وسألوه: "لِمَ تبكي، يا أبانا؟ أأنت أيضاً تخشى الموت كباقي الناس؟" أجاب: "أجل، من دون شك، وهذا الخوف لم يفارقني منذُ أن توحدت".
بمشاعر الاتضاع هذه أسلم الروح مكمَّلاً بالفضائل بعدما بلغ الخامسة والتسعين. سنة رُقاده، كما يحسبها الدارسون، هي بين العامين 449- 450م.

 

تذكار القدّيس المجيد والرسول الكلّي المديح يوحنّا الحبيب الإنجيلي البتول (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

إنّ القدّيس الرسول يوحنّا الحبيب هو، مع بولس الرسول، مِن أبدع وأعظم وأروع وأقوى الأشخاص بين الرسل الإلهيين الأطهار. هو الرسول "الذي كان يسوع يحبّه"، وهو الذي "إتّكأ على صدره" في العشاء السرّي. هو رسول يسوع المسيح، الذي أخذ عن المعلّم الإلهي حبّ البتوليّة، والعظمة الحقيقيّة، والبساطة الرسوليّة، مع حنان يندر أن نجده في قلب أحنّ الأمهات. هو النسر الجبّار الذي حلّق في سماء الألهيّات، وشاهد شمس العدل في سنى إشراقها، فنثر على الدنيا كلمات ما نطق بها إنسان من قبله، ولن ينطق بها إنسان من بعده. هو رسول محبّة القلب الإلهي للبشريّة المسكينة المتألّمة المتعطّشة إلى رحمة والحنان. هو واضع الإنجيل الرابع، إنجيل ألوهيّة يسوع المسيح وعظمته، ومحبّته، وحنان قلبه الإلهي. وهو صاحب رسائل المحبّة وتلك الرؤيا الرائعة الخالدة. هو رجل المحبّة الصادقة المنبثقة من التضحية. هو ابن الرعد كما هو أيضاً مثال الرحمة، تلك التي تبذل نفسها بحب، وتفيض بسخاء، وتتكمّل في التضحية. هو ابن مريم البتول ليقوم لديها مقام يسوع، وهو أيضاً رفيق مريم العذراء ليقوم لديها مقام خطيبها يوسف البتول.

ولقد وقف الآباء القدّيسون خاشعين أمام هذا المعلّم السامي، حبيب يسوع وحامل لواء حبّه. وأجمعوا على أن يوحنّا الإنجيلي فاق كل بشر في كلامه عن الألوهيّة وعظمتها وإقتدارها وحنانها. ولذلك دعوه بالثاولوغس أي اللآهوتي أو المتكلّم بالألهيّات.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : البار أرسانيوس الكبير

أرسانيوس هو أيضاً من أعاظم رجال الحياة النسكية، ولذلك لُقّب بالكبير. وهو من مشاهير القدّيسين الذين عطّروا الفلوات المصرية بعبير فضائلهم وكمال سيرتهم، فأضحوا مثالاً للفضائل المسيحيّة والكمالات الرهبانيّة.

ولد أرسانيوس في رومة العظمى من أبوين شريفين عريقين في الحسب والنسب. وتربّى تربية عالية، ونبغ في أنواع المعارف والعلوم، حتى أضحى نور زمانه ومن كبار علماء عصره في بلاده. فطار صيته في الآفاق. وسمع به الإمبراطور ثاوذوسيوس، فدعاه الى القسطنطينية ووكّل إليه أمر تربية ولديه أركاذيوس وهنوريوس. فزاد شرفه شرفاً وغناه غنى، وأضحى رجل المملكة، نافذ الكلمة، محترماً مهيباً. وجعله الملك في مجلس الأعيان، ومنحه لقب البطريق الشريف.

وعاش أرسانيوس في تلك العاصمة الملكية عيشة البذخ والترف. فلم يكن أحد يجاريه في أناقة ملبسه، وفي رياشه الفاخر، وقصوره البديعة، وأراضيه الواسعة، وكثرة خدمه حتى أنّه كان لديه ألف من الخدم، يرفلون كلّهم بالثياب الحريريّة المزركشة الثمينة. وكان يحبّ العطور ويكثر من التضمّخ بها. وكانت تُضرب الأمثال بمائدته وآنيتها الذهبية ومأكولاتها الفاخرة وفاكهتها النادرة. وكان الناس يدعونه أبا القياصرة. ولقد أبقى له هذا اللقب كاتبو سيرة حياته، وثاوذورس الأستوديتي يلقّبه به.

إلاّ أن عقله الثاقب، وفطنته السامية، كان دائماً يدفعه الى التبصّر في أمور هذه الدنيا وسرعة زوالها، ويفكّر في ما عساه أن يعمل ليكون في مأمنٍ من غرورها ولا يهلك نفسه في أباطيلها. فأخذ يصلّي ويطلب الى الله ان يلهمها الى ما يريده منه في هذه الحياة لكي يخلّص نفسه. فسمع صوتاً يقول له: "يا أرسانيوس، أهرب من معاشرة الناس تخلص". فلم يشكّ لحظةً في أن الله يدعوه الى حياة الخلوة وأعمال النسك. فقرّر في نفسه ان يهجر العالم ويتبع المسيح في طريقه وكمالاته.

وترك ذات يوم سرّاً كل شيء، وركب سفينةً وأقلع الى الإسكندرية، ومن هناك ذهب توّاً الى الصحراء الأسقيطيّة، وكان له من العمر إذ ذاك أربعون سنة. فوصل الى المناسك ودخل على الرهبان وطلب إليهم ان يقبلوه في عدادهم، ولم يُعلمهم من هو، ولا من أي المناصب الرفيعة جاءهم ليعيش في كنفهم ويتبع تعاليمهم ومشواراتهم. فما زالوا به يستدرجونه حتى أعلمهم بحاله، فتهيّبوه وحاروا في أمرهم وفي من يكون منهم مرشداً لرجل نظيره, شريف عظيم عالم خبير في أمور الحياة. فوقع إختيارهم على ناسك طاعن في السنّ فاضل تقي عالم بطرق الحياة الروحيّة والكمالات الإنجيليّة، يدعى يوحنّا الصغير. فذهبوا به إليه وأخبروه بأمره.

فتفرّس يوحنّا فيه، فرأى أمامه، رجلاً قد علت المهابة محياه وانبعث النور من عينيه. فلم يرعه منظره، بل رفع عينيه الى السماء كمن يستوحي الربّ . ثم دعا أخوته الرهبان الى الطعام، وترك أرسانيوس واقفاً ولم يَدعه، وتظاهر بعدم الإلتفات إليه وقلّة الإكتراث لشأنه. وفيما هم يأكلون أخذ يوحنّا رغيفاً يابساً، ورمى به الى أرسانيوس، وقال له وهو لا ينظر إليه: خذ هذا وكل إذا كانت لك رغبة في الأكل. فلمّ أرسانيوس الرغيف وقام يأكله. فلمّا رأى يوحنّا منه ذلك أكبر في تلميذه الجديد عمله هذا العظيم، وهمس في آذان الرهبان الجالسين: إنّ هذا الرجل سوف يبلغ شأواً كبيراً في الحياة النسكية والفضائل الرهبانية. ولمّا انتهوا من الطعام قال يوحنّا لهم: دعونا وسيروا على بركة الله. وبقي ارسانيوس عنده وتتلمذ له.

وأقام أرسانيوس مع يوحنّا مرشده مدّة قصيرة، بلغ فيها شأواً كبيراً في طرق القداسة. لذلك أطلقه يوحنا وتركه يعيش وحده، كما يشتهس وكما تصبو إليه نفسه. فتوغّل في الصحراء واختار له منسكاً منفرداً بين الصخور بعيداً عن مخالطة الناس، وبدأ هناك بشدّة وقساوةٍ عجيبتين تلك الحياة الملائكية، حياة الصوم والصلاة وسهر الليالي والإتّحاد الدائم بالربّ. وكان يقسم أوقاته بين شغل الأيدي والتأمّل في بدائع الخالق وعظم محبّة الفادي للبشر.

وبقدر ما كان أرسانيوس يرغب في الإبتعاد عن مخالطة الناس ويهرب من مجالستهم ومحادثتهم، حتى النساك والرهبان منهم، كان الناسك القدّيس موسى الحبشي، ذاك الذي كان في اول امره زعيماً للّصوص، يرحّب بزواره  ويؤانسهم ويُقريهم ويخدمهم. ولمّا كان كثير من النسّاك يفضّلون طريقة موسى على طريقة أرسانيوس، سأل الربّ يوماً واحد منهم أن يكشف له أي الطريقتين هي الأفضل. فأراه الربّ مركبين يمخران عباب النيل، وأراه في الواحد منهما أرسانيوس جالساً بهدوءٍ وطمأنينةٍ وسلام، والروح القدس يقود سفينته. وأراه في الثاني موسى، والملائكة تسيّر مركبه فمه عسلاً شهيّاً. وبذلك أفهمه الربّ أنّه يرضى بالطريقتين، وأن لكلّ من القدّيسين دعوةً تناسبه دعاه إليها ليسير في سبلها.

فكان أرسانيوس يجد نعيم نفسه في الهدوء والسكينة  والمحافظة على الصمت، وكان يمضي ليلة الأحد كلّها مشبوح اليدين، ينظر الى الشرق، وقلبه يناجي الخالق في سكون الليل الرهيب، ولا يفيق من صلاته وتأمّلاته إلاّ حينما تشرق شمس الصبح عليه، وتسطع بأشّعتها على عينيه.

وامتاز أيضاً بتواضعه العميق وبإذلال نفسه. فكان يحسب ذاته لا شيء، وعلمه جهلاً، وخبرته صبيانية، وفضيلته أقل من عادية. وكان لشدّة تواضعه يلبس أحقر الثياب. وكما كان في القسطنطينية زعيم المتأنقين في لباسه، أضحى في حياة النسك آخر الرهبان في ما يرتديه. وجاءه يوماً أحد ضبّاط الإمبراطور، حاملاً إليه وصيةً لواحدٍ من مجلس الشيوخ يترك له بها أموالاً طائلة. فأخذ أرسانيوس الوصيّة وكاد يمزّقها. فصرخ الضابط به ان لا يفعل، لئلاّ يؤاخذ هو على إبادتها، فأعادها إليه وأردف قائلاً: كيف يجعلني هذا الرجل وريثاً له، وهو لم يَمُت إلاّ من زمن قصير، وأنا قد صار لي دهر في عالم الأموات؟.

 ومرض مرةً، فلم يجد عنده قميصاً يستبدل به قميصاه العتيق، ولا درهماً يشتري به ما يحتاج إليه. فأحسن إليه بقميص. فقال متهللاً: "أشكرك يا ربّ، لأنّك أهللتني أن أضطر اللا الإستعطاء من أجل إسمك.

وبقدر ما كان في دنياه مرفّفهاً، صار في خلوته عاملاً على قهر نفسه بأنواع الإماتات. كان رجلاً مثقّفاً شغوفاً بالظهور، فلازم الصمت والإنفراد الى حدّ ٍ لم يتفوّق عليه فيه راهب او ناسك. كان غنيّاً مُسرفا ً يبذل الأموال بلا حساب في سبيل راحته وعنائه وشعبه ولبسه ومجده، فعكف على الأخذ بأهداب الفقر والتجرّد والصيام والأسهار، ليعرّض عن الأيام التي قضاها في الجهل والغرور. كان في العالم يكثر من التضمخ بأنواع العطور فأضحى لا يأنف من الروائح الكريهة، بل يرغب فيها تكفيراً عن تلك اللذات القديمة.

ومنحه الله موهبة الدموع والإتّحاد الدائم به. فكان كثير ابكاء، يندب فتوره السابق في عبادة الله، دائم الـتأمّل في مراحم الله وبدائعه ونعيمه الأبدي، لا يفتر عن شكره على ما أولاه من نعم، ويبتهل إليه نهار من أجل الكنيسة ورعاتها وبنيها المؤمنين.

وكان يسأل نفسه مرتين كل يوم هل الله راضٍ عن سلوكه وعبادته ومحبّته. ولم يكن ذكر الموت والأبدية يبرح من فكره ومن مخيّلته، بل كان غذاءً لنفسه، ينشطها ويقوّيها في متابعة حياة العبادة والإتّحاد بالله.

فكان من البديهي ان يهاجمه الشيطان بأنواع التجارب والمحن، فكان يصمد لهجماته وصدّها بسلاح الصوم والصلاة.

أمّا أسلحته في ذلك الجهاد الدائم، فكانت الصلاة والتواضع والتوكّل الكامل على عناية الربّ وتدبيره، لأنّه لا يخيّب المتوكّلين عليه.

وامتحنه الله في ما كانت نفسه تصبو وترتاح إليه أكثر من سواه، أعني بحياة الخلوة والسكينة. فأرسل قبيلة من البرابرة هاجمت المناسك والأديار، وقتلت بعض الرهبان، وشتّتت النساك في البلاد. فاضطر أرسانيوس الى الهرب من وجههم، ورحل الى مصر السفلى، الى كانوبا وهي ابو قير الحالية، ولبث هناك. لكنّه رغم الأ سفار والأخطار بقي يحافظ على الصمت والإتّحاد بالله.

وفيما كان هناك، وصلت الى الإسكندرية إمرأة رومانية من كبار بيوتات تلك العاصمة، وجاءت الى البطريرك ثاوفيلس وطلبت إليه ان يسهّل لها الطريق لزيارة أرسانيوس والتبرّك منه. لأنّها كثيراً ما سمعت بعظم تضحيته وقداسة حياته، فجاءت من تلك البلاد القاصية إلاّ ان أرسانيوس ان ارسانيوس بسط بكل إحترام ووداعة كيف يأنف من زيارة النساء له، وكيف تعاف نفسه تلك التظاهرات التي يُبتغى بها إكرامه.

ولمّا وصلت الى مكانه وجدته خارج منسكه ينعم بنسيم النهار. فانطرحت عند قدميه وغفرت جبهتها بالتراب. فقال لها: "إذا كانت رغبتك في النظر الى وجهي فها أنا ذا، فانظري لإليّ". فارتاعت ولم ترفع رأسها. فأردف وقال : إذا كان الناس قد حكوا لكِ عنّي خيراً، فقد كان الأجدر بكِ ان تذكري ذلك الخير في دواخلك ولا تعاني ركوب البحار لتأتي وتشاهديني. إن من واجبات النساء ان يلزمن بيوتهنّ. هلاّ وصلتِ الى ههنا ليكون لكِ المجد الباطل بأنّكِ قد شاهدتِ ارسانيوس، حتى إذا رجعتِ الى بلادكِ تصيرين موضوع حسد لغيركِ من النساء فيعملن على التشبّه بكِ!

فعادت تلك السيّدة مكسورة الخاطر. وما كادت تصل الى الإسكندرية حتى أصابتها حمّى شديدة. فذهب إليها البطريرك يعودها، وطيّب خاطرها، وقال لها: أن ارسانيوس أراد بكلامه أنّه يريد ان ينسى هيئتها وملامحها، لكنّه لن ينسى نفسها، وأنّه سوف يذكرها ولا شك في صلواته وتضرّعاته. وهكذا تعزّت وانشرح خاطرها وعادت الى بلادها قررة العين.

ولمّا رحل البرابرة عن صحراء الأسقيط عاد ارسانيوس الى منسكه الأول. لكن البرابرة أعادوا الكرّة وأقلقوا الديورة والرهبان. فرحل ارسانيوس من جديد ونزل الى مصر السفلى، وأقام في ترويا، وبقي هناك عشر سنوات، يتابع حياة الصلاة والصوم وشغل الأيدي، حتى صار شيخاً كبيراً طاعناً في السنّ.

 

استشهاد مارمرقس الرسول اول باباوات الاسكندرية (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم الموافق 26 أبريل سنة 68 م. إستشهد الرسول العظيم القديس مرقس كاروز الديار المصرية وأول باباوات الإسكندرية واحد السبعين رسولًا كان اسمه أولا يوحنا كما يقول الكتاب: أن الرسل كانوا يصلون في بيت مريم أم يوحنا المدعو مرقس (أع 12: 12) وهو الذي أشار إليه السيد المسيح له المجد بقوله لتلاميذه: "إذهبوا إلى المدينة إلى فلان وقولوا له. المعلم يقول وقتي قريب وعندك أصنع الفصح مع تلاميذي (مت 26: 18) " ولقد كان بيته أول كنيسة مسيحية حيث فيه أكلوا الفصح وفيه أختبأوا بعد موت السيد المسيح وفي عليته حل عليهم الروح القدس.

ولد هذا القديس في ترنا بوليس (من الخمس مدن الغربية بشمال أفريقيا) من أب اسمه أرسطو بولس وأم أسمها مريم. إسرائيلي المذهب وذي يسار وجاه عريض، فعلماه وهذباه بالآداب اليونانية والعبرانية ولقب بمرقس بعد نزوح والديه إلى أورشليم حيث كان بطرس قد تلمذ للسيد المسيح. ولأن بطرس كان متزوجا بابنة عم أرسطو بولس فكان مرقس يتردد على بيته كثيرا ومنه درس التعاليم المسيحية.

وحدث أن أرسطو بولس وولده مرقس كانا يسيران بالقرب من الأردن وخرج عليهما أسد ولبؤة وهما يزمجران فخاف أبوه وأيقن بالهلاك ودفعته الشفقة على ولده أن يأمره بالهروب للنجاة بنفسه ولكن مرقس طمأنه قائلا لا تخف يا أبي فالمسيح الذي أنا مؤمن به ينجينا منهما. ولما اقتربا منهما صاح بهما القديس قائلا "السيد المسيح ابن الله الحي يأمركما أن تنشقا وينقطع جنسكما من هذا الجبل " فانشقا ووقعا على الأرض مائتين فتعجب والده وطلب من ابنه أن يعرفه عن المسيح فأرشده إلى ذلك وآمن والده وعمده بالسيد المسيح له المجد.

وبعد صعود السيد المسيح استصحبه بولس وبرنابا للبشارة بالإنجيل في أنطاكية وسلوكية وقبرص وسلاميس وبرجة بمفيلية حيث تركهما وعاد إلى أورشليم وبعد انتهاء المجمع الرسولي بأورشليم استصحبه برنابا معه إلى قبرص.

وبعد نياحة برنابا ذهب مرقس بأمر السيد المسيح إلى أفريقية وبرقة والخمس المدن الغربية. ونادي في تلك الجهات بالإنجيل فآمن على يده أكثر أهلها. ومن هناك ذهب إلى الإسكندرية في أول بشنس سنة 61 م. وعندما دخل المدينة انقطع حذاؤه وكان عند الباب إسكافي أسمه إنيانوس، فقدم له الحذاء وفيما هو قائم بتصليحه جرح المخراز إصبعه فصاح من الألم وقال باليونانية " اس ثيؤس" (يا الله الواحد) فقال له القديس مرقس: "هل تعرفون الله؟ " فقال " لا وإنما ندعو باسمه ولا نعرفه". فتفل على التراب ووضع على الجرح فشفي للحال، ثم أخذ يشرح له من بدء ما خلق الله السماء والأرض فمخالفة آدم ومجيء الطوفان إلى إرسال موسى وإخراج بني إسرائيل من مصر وإعطائهم الشريعة وسبي بابل ثم سرد له نبوات الأنبياء الشاهدة بمجيء المسيح فدعاه إلى بيته وأحضر له أولاده فوعظهم جميعا وعمدهم باسم الأب والابن والروح القدس.

ولما كثر المؤمنون باسم المسيح وسمع أهل المدينة بهذا الآمر جدوا في طلبه لقتله. فرسم إنيانوس أسقفا وثلاثة قسوس وسبعة شمامسة ثم سافر إلى الخمس المدن الغربية وأقام هناك سنتين يبشر ويرسم أساقفة وقسوسًا وشمامسة.

وعاد إلى الإسكندرية فوجد المؤمنين قد ازدادوا وبنوا لهم كنيسة في الموضع المعروف ببوكوليا (دار البقر) شرقي الإسكندرية على شاطئ البحر وحدث وهو يحتفل بعيد الفصح يوم تسعة وعشرين برمودة سنة 68 م. وكان الوثنيون في اليوم نفسه يعيدون لألههم سرابيس، أنهم خرجوا من معبدهم إلى حيث القديس قبضوا عليه وطوقوا عنقه بحبل وكانوا يسحبونه وهم يصيحون "جروا الثور في دار البقر" فتناثر لحمه وتلطخت أرض المدينة من دمه المقدس وفي المساء أودعوه السجن فظهر له ملاك الرب وقال له "افرح يا مرقس عبد الإله، هودا اسمك قد كتب في سفر الحياة وقد حسبت ضمن جماعة القديسين". وتواري عنه الملاك ثم ظهر له السيد المسيح وأعطاه السلام فابتهجت نفسه وتهللت".

وفي اليوم التالي (30 برمودة) أخرجوه من السجن وأعادوا سحبه في المدينة حتى أسلم روحه الطاهرة ولما أضرموا نارا عظيمة لحرقه حدثت زلازل ورعود وبروق وهطلت أمطار غزيرة فارتاع الوثنيون وولوا مذعورين. وأخذ المؤمنون جسده المقدس إلى الكنيسة التي شيدوها وكفنوه وصلوا عليه وجعلوه في تابوت ووضعوه في مكان خفي من هذه الكنيسة.