لبنان
18 نيسان 2017, 06:44

كلمة الراعي خلال حفل الغداء مع السّفير الفرنسي وأركان السّفارة الفرنسيّة

سعادة السّفير،

أعضاء البعثة الديبلوماسيّة الفرنسيّة في لبنان،

حضرات السّادة النّواب والوزراء السّابقين،

اخوتي واخواتي الأحباء،

1-  يسرني استقبالكم باسم صاحب الغبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير والأسرة البطريركية مع معاونيكم في يوم اثنين الفصح هذا، الذي يخلّد ذكرى تقليد عريق من العلاقات الخاصة بين فرنسا والبطريركية المارونية. لقد احتفلنا بالذبيحة الإلهية على نية فرنسا، وعلى نية الصداقة اللبنانية الفرنسية وبشكل خاص الصداقة الفرنسية المارونية.  هذه الصداقة المتينة التي اتيح لها فرصة الظهور عدة مرات على مدى التاريخ، ومما لا شك فيه، انه في قلب كل ماروني احساس خاص تجاه فرنسا، وفي قلب الشعب الفرنسي مكانة خاصة للبنان وللموارنة.

2-  ان ما نحتفل به اليوم ليس مجرد واجب بروتوكولي وانما هو احساس طبيعي يغذي علاقتنا المتبادلة. انها علاقات متجذرة في التاريخ وهي ترتكز على تبادل روحي وثقافي يتيح لها مواجهة الازمات التي تعترض طريقها. وبضوء انوار عيد الفصح يمكننا القول ان هذه العلاقات اللبنانية الفرنسية تعيش قيامة دائمة، وانه بين البطريركية والامة الفرنسية توجد شراكة ادراك ووعي لايمكن لأحد ان يعيقها.

3-  في زمننا اليوم واكثر من اي وقت مضى نحتاج الى تقوية صداقتنا ومنحها المزيد من الفرص لكي تظهر اكثر فأكثر هناك مثل لبناني شائع يقول "ان الصديق لوقت الضيق." وهنا اود ان اعبر عن امتناننا للمبادرات والجهود التي تبذلها فرنسا لصالح لبنان: دورها كوسيط في خلال فترة الشغور الرئاسي وتعطل عمل المؤسسات الدستورية، رعايتها للنشاط الثقافي الفرنكوفوني، مشاركتها في قوات اليونيفيل، دعمها للجيش اللبناني، واستقبال اللبنانيين الذين يبحثون عن حياة افضل والذين بامكانهم المساهمة في ازدهار المجتمع الفرنسي على الصعيد العلمي والثقافي والفني والإقتصادي والطبي والسياسي وغيره. اما بالنسبة لنا نحن اللبنانيين، وبصرف النظر عن ولائنا، نتشارك واياكم الصلاة والتمنيات لمسيرتكم الوطنية لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية يمكنه الإجابة على تطلعات الشعب الفرنسي، وان يكون على مستوى التحديات الراهنة التي تواجهها فرنسا. اود في هذه المناسبة شكر فخامة رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند على الإهتمام الذي اولاه للقضية اللبنانية وعلى اللقاءات الثلاثة الشيقة التي جمعتنا.    

4- ان لبنان فخور بفرانكوفونيته. فهي بقدر ما هي عليه من ثقافة وحضارة، تترجم مبادئ الحرية والاخوة والمساواة. ففرنسا هي الإبنة البكر للكنيسة وام العلمانية. وبدعمها لسلفي البطريرك الياس الحويك خادم الله في سعيه لإنشاء دولة لبنان الكبير عام 1920 كانت فرنسا دولة علمانية، اي دولة حقوق الإنسان. ان نضالنا المشترك كان وسيبقى نضالا من اجل حقوق كل انسان ومن اجل شعوب الشرق. فرنسا لم تدعم مسيحيي لبنان لكونهم جماعة دينية فقط وانما لكونهم شعبا غنيا بالقيم يحمل مشعل الحرية في هذا الشرق كما يحمل مشروع العلاقات الودية بين الاديان والثقافات.

5- لبنان اليوم في خطر لأنه من جهة يعيش النتائج المباشرة وغير مباشرة للحروب والإرهاب الذي يعصف بالعراق وسوريا واليمن، ومن جهة اخرى لأنه غارق في موجة تضم مليون ونصف مليون نازح سوري اضيفوا الى خمسمائة الف لاجئ فلسطيني من دون ذكر العراقيين. مليونان يشكلان عبئا ضخما على الصعيد الإقتصادي وتهديدا جديا على الصعيد الإجتماعي والثقافي وقنبلة موقوتة على الصعيد الامني والسياسي. وهذا الكل يزيد موجة الهجرة للقوى اللبنانية الحية.

6- كل هذه المشاكل وغيرها ليست بغريبة عنكم يا سعادة السفير انتم تعيشونها يوميا وتدركون كم هو مطلوب من فرنسا ان تلعب دورا هاما ومميزا في المنطقة بصفتها قوة عظمى وعضوا في مجلس الأمن في الأمم المتحدة وعضوا اساسيا في الإتحاد الاوروبي.

يجب بذل الجهود لوضع حد للحرب في سوريا والعراق وايجاد حل سلمي يتيح اعادة دمج كل مكونات المجتمع السوري والعراقي وحماية التنوع الديني والإتني والثقافي الذي يغني هذين المجتمعين.

وحده الحل السلمي يسمح بعودة الملايين من المواطنين الذين هاجروا الى سوريا والعراق ومنهم من تم استقبالهم في لبنان. لا يمكن لبلدنا ان يتحمل وحده هذه المأساة او ان ينتظر الحل النهائي في سوريا والعراق. لذلك يجب ايجاد حلول متوسطة وجزئية كإيجاد مناطق آمنة في سوريا بحيث يتمكن النازحون السوريون من الذهاب اليها والسكن فيها. ان حل كهذا يجب ان يعهد به الى الأسرة الدولية، وفرنسا بدورها يمكنها لعب دورا حاسما في هذا الإطار.

عاشت فرنسا عاش لبنان!