لبنان
11 تشرين الأول 2022, 08:45

كلمة المطران جورج إسكندر في سيامته الأسقفيّة

تيلي لوميار/ نورسات
خلال قدّاس سيامته متروبوليتًا على أبرشيّة صور للرّوم الملكيّين الكاثوليك والّذي ترأّسه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسيّ، في دير المخلّص- جون، عاونه فيه المطرانان إبراهيم مخايل إبراهيم وإيلي بشارة حدّاد، ألقى المطران الجديد جورج إسكندر كلمة جاء فيها:

"اليومَ فاضَ قلبي بحبِّك يا اللهُ، لأني سمعتُ صوتَك يناديني مرّةً جديدةً فعرفتُ أنّك ساهرٌ بقربي وعينُك لا تنام، ترصدُ خَطَواتي كي لا أعثرَ في شعابِ الطّريق. سمعتُ صوتَك فعرفتُ أنّك أنتَ من يناديني وسطَ صخَبِ الأصواتِ الّتي تثيرُ الضّوضاءَ في هذا العالم، وتذكّرتُ وقعَ قدميكَ على شاطئِ بحرِ الجليل، وصدى صوتِك يقرعُ في أذُنَي سمعانَ بطرس: "تعالَ اتبعْني، فسوف أجعلُكَ صيّادًا من نوعٍ آخرَ". وكما أطاعَ بطرسُ حين راحَ يجمعُ شِباكَ الصّيدِ ليسيرَ في إثْرِكَ ويتبعَ خطَواتِك، ها أنا يا ربُّ قد جمعتُ حَصَادي وذخيرةَ عمري الباقية، وأوقدتُ سِراجي بزيتِ الإيمانِ، ومشيتُ رهنَ مشيئتِكَ لأُلقيَ شبكتي في بحرِ مدينةِ صور، حيثُ الصّيدُ وافرٌ والنّفوسُ عطشى لسَماعِ كلمتِكَ، فأنتَ نُوري ومَالِئُ حياتي بِحُبِّك الأبويّ، الّذي يعضُدُني بالنّعمةِ والقوّةِ والرّجاء.  

أيُّها الأحبَّاء

اليومَ وأنا أقفُ بينكم في هذه السّاعةِ لا أجدُني مدعوًّا لأقرأَ على مسامعِكُم برنامجَ عملي للمرحلةِ القادمة، فاللهُ سوف يُمسِكُ بيدي ويقودُ خطايَ في مسؤوليّاتي الأسقفيّةِ إلى مراقي التّعليمِ والتّقديسِ والخدمة. ولكنّني سوف أُعلنُ أمامَكم عنوانَ رِحلتي المُرتقبةِ مع الله في أبرشيّتي الجديدة، وهذا العنوانُ مستوحىً من إنجيلِ القدّيسِ لوقا: "الوكيلُ الأمين": "كونوا مثلَ رجالٍ ينتظرونَ رجوعَ سيّدِهِم، حتّى إذا جاء وقرعَ البابَ يفتحونَ له من وقتِهم. وإذا جاء في الهزيعِ الثّاني أو الثّالثِ، وجدَهم على هذه الحالِ فطُوبى لهم".  

هذه الوكالةُ تَعْني لي بأن يكونَ الأسقفُ حاضرًا على الدّوام، وحاملاً وديعةَ المسيحِ في قلبِه وعقلهِ، ليُعلنَ مع رعيّتهِ في كلِّ ساعةٍ بشرى الخلاصِ، انطلاقًا من مفاهيمِ العصرِ وحاجاتِ البيئة. أسقفٌ يَحملُ ملءَ الكهنوتِ، ويسهرُ على الإيمان الّذي يُعطيه للمؤمنين غذاءَ اللهِ الحيً، أيْ أسرارَهُ، وليس احتفالاتٍ خارجيّةً وشعائرَ تقليديّةً، بل يَفْرُزُهُ من عمقِ كيانِهِ ومِلءِ محبّتِه، ليحوًلَ المؤمنين إلى حجارةٍ حيًةٍ، تُشَيِّدُ الكنيسةَ الّتي هي جسدُ المسيح. وهذا الاتّحادُ الكيانيُّ ما بين الأسقفِ والمؤمنينَ هو ما عبَّر عنهُ القدّيسُ أغناطيوس الأنطاكيّ عندما قال: "لا يَكُنْ لَكُمْ مَعَ أُسقُفِكُم إلّا فكرٌ واحدٌ، وأن تكونوا متّحدينَ به اتّحادَ الأوتارِ بالقيثارةِ، بحيثُ يرتفعُ من اتّفاقِ عواطفِكُم ومحبّتِكم إلى يسوعَ نشيدُ المديحِ والتّمجيدِ، وتُرنِّمونَ بصوتٍ واحدٍ للآبِ الّذي يَسْمَعُكُم ويعرِفُ من أعمالِكم الصّالحةِ أنكم أعضاءٌ في الكنيسة". كما أنَ الإرشادَ الرّسوليَّ في الرّسالةِ الموجّهةِ إلى الأساقفةِ تحت عنوان "رعاةُ القطيع" يؤكِّدُ: "أنَّ صورةَ يسوعَ الرّاعي الصّالحِ هي الصّورةُ المفضّلةُ الّتي يجبُ العودةُ إليها على الدّوام، لأنّه لا يمكنُ لأحدٍ أن يَعتبرَ نفسَهُ راعيًا جديرًا بهذا الاسمِ، إلّا إذا جَعَلَتْهُ المحبّةُ واحدًا مع المسيح".

بهذه الرّؤيةِ التّجديديّةِ سوفَ أنطلقُ إلى مسؤوليّاتي الأسقفيّةِ الجديدةِ لأعيشَ كلمةَ المخلّصِ في أبرشيّةِ صور ومنطقتِها، بين أبنائِها، وبناتِها، أطفاِلها وشبابِها، كهولِها وشيوخِها، ومع بقيّةِ الطّوائفِ والمذاهب، ومع كلِّ إنسانٍ ألْتَقي به في طريقي إلى الرّبّ، لأزْرَعَ بِذْرةَ الشّهادةِ، وأُهدِّئَ النّفوسَ المضطربةَ في هِياجِ العاصفةِ الّتي تَضْرِبُ وطنَنا الحبيبَ لبنان.

أيّها الأحبَّاء

بعدَ كلِّ ذلكَ لن يفوتَني الالتفاتُ لشُكرِ الّذين رافقوني في دعوتي الكهنوتيّة من كهنةٍ ورهبانٍ وراهباتٍ وعَلمانيّين، وسدّدوا خُطايَ في مسيرةِ الإيمانِ والعملِ والرّسالة، وفي طليعةِ هؤلاءِ جميعًا أمّي الرّهبانيّةُ المخلّصيّةُ الّتي احتضنتْ هذه الدّعوةَ بالتّربيةِ الصّالحةِ والمتابعةِ الحثيثةِ على دروبِ الخدمةِ في شتّى النّواحي الرّوحيّةِ والاجتماعيّةِ والرّسوليّة. أشكرُ الأبَ العامَّ الحاليّ الأرشمندريت أنطوان ديب المحترم وإخوتي الرّهبانِ، الأحيَاءَ منهم والرّاقدين بالرّبّ، وقد وقفوا تِباعًا إلى جانبي من أجلِ تثبيتِ دعوتي ونهوضي إلى اليومِ الّذي أنا فيه.  

الشّكرُ أيضًا إلى غبطةِ أبينا البطريرك يوسف العبسيّ الكلّيِّ الوقار على محبّتهِ ورعايتهِ وهو السّاهرُ الأوّلُ على شؤونِ كنيستِنا واحتياجاتِها الرّوحيّةِ والزّمنيّة، وإلى إخوتي الأساقفةِ أعضاءِ السّينودسِ المقدّس الّذين محَضُوني ثقتَهُم الغالية لنيلِ هذه الرّتبةِ الكنسيّةِ المقدّسة.

محبّتي وشكري العميق إلى قداسةِ أبينا الحَبرِ الأعظم البابا فرنسيس الّذي ثبّتَ انتخابي في أسقفيّتي على أبرشيّةِ صور ببركتهِ وصلاتهِ ومحبّتِه.  

Merci à Sa Sainteté le Pape François, qui m'a accepté dans la communion ecclésiale, qui, par sa simplicité, sa vie et sa proximité avec les pauvres et les opprimés, révèle la vérité du Seigneur Jésus et nous rappelle l'essence de notre vocation chrétienne. Je tiens cette occasion pour lui transmettre à travers le chargé d'affaire à la Nonciature Apostolique, son excellence Paolo Giovanni Bicchierri, tout mon respect, ma loyauté et ma pleine coopération avec lui durant mon service.

أشكرُ مدينةَ زحلة، أبناءَها جميعًا ومحيطَها الواسع من كلِّ الأطيافِ والتّوجّهات الّذين عِشتُ معهم معنى رسالتي طيلةَ خَمْسَةَ عشَرَ عامًا بِدءًا من مؤسّسةِ دارِ الصّداقة الّتي تضمّ قرية الصّداقة في كسارة والمعهد الفنّيّ في الفرزل، إلى ديرِ مار الياس المخلّصيّة في السّنواتِ الثّلاثِ الأخيرة. يَسُرُّني أنْ أتوجَّهَ إلى كلِّ واحدٍ مِنْهُم بِلُغَةِ المحبَّةِ وفي طليعَتِهم أصحابُ السّيادة الّذين تعاقبوا على كرسيِّ الأبرشيّة من المثلّثِ الرّحَمَات المطران أندريه حدّاد الّذي أنقذ زحلة من قلبِ العاصفة، وكان لي بمثابةِ الأبِ والصّديق، إلى صاحبِ السّيادة المطران عصام يوحنّا درويش الأخ الأكبر الّذي يعود إليه الفضلُ في إطلاق دار الصّداقة وتحويلها من مجرّد ميتم عاديّ إلى مؤسّسة اجتماعيّة رائدة، كما قام بورشة إعمارٍ جديدة في الأبرشيّة. وإلى أخي سيادة المطران ابراهيم ابراهيم راعي الأبرشيّةِ الحاليّ الّذي يقودُ مسيرتها بحكمةٍ ومحبّة ونشاط، ويسعى إلى العبور بالمؤمنين إلى شاطئ الأمان في هذه الظّروف الصّعبة، وفَّقَهُ اللهُ في مسؤوليّاته الجديدة. كما أشكرُ إخوتي الرّهبانَ والرّاهباتِ والكهنةَ والفعاليّاتِ السّياسيّةَ والاجتماعيّةَ والاقتصاديّة في زحلة الّذين تعاونتُ معهم بصدقٍ وأمانةٍ، وأتوجَّهُ إلى العَلمانيّين الّذين رافقوني في كلِّ هذه المحطّاتِ وكانوا لي إخوةً وأصدقاء.

شكري إلى العاملينَ معي في المحكمةِ الرّوحيّةِ من قضاةٍ ومحامي عدلٍ ووثاقٍ وموظّفين، بعد أن عملنا معًا مدّةَ خمسةَ عشرَ عامًا بتوجيهٍ من المشرفين على المحكمة أصحابِ السّيادةِ المطران يوسف كلّاس، المطران كيرلّس سليم بسترس، والمطران جورج بقعوني، بهدفِ تحقيقِ العدالةِ وحفظِ السّلام في الأسرة.  

أشكر سيادةَ المطران ايلي بشارة الحدّاد، المدبّرَ الرّسوليّ على أبرشيّةِ صور سابقًا ورئيسَ المحكمةِ البطريركيّةِ الاستئنافيّة بكافَّةِ درجاتِها، وقد واكبني في التّنشئةِ الرّهبانيّة، وفي المحكمةِ الرّوحيّةِ وكان لي طيلةَ هذه المسيرةِ أخًا وصديقًا، شكري له خصوصًا لأنّه أدار شؤونَ أبرشيّةِ صور طيلةَ الفترةِ الماضية، بالإضافة إلى مسؤوليّاتِه الأساسيّةِ في أبرشيّةِ صيدا وديرِ القمر، أدارها بفيضِ المحبّةِ وحُسنِ الرّعاية.

أشكر ممثّلي المسؤولين الرّسميّين فخامةَ رئيسِ الجمهوريّة العماد ميشال عون بشخصِ معالي الوزير الدّكتور هيكتور حجّار المحترم

ودولةَ رئيسِ مجلسِ النّوّاب الأستاذ نبيه برّي بشخصِ معالي النّائب الدّكتور ميشال موسى المحترم

ودولةَ رئيسِ مجلسِ الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي ممثّلاً بشخص الوزير الدّكتورجورج كلّاس المحترم

وقائدَ الجيش العماد جوزيف عون ممثّلاً بالعقيد الرّكن دايفيد بشعلاني المحترم

أشكرُ السّادةَ الوزراءَ والنّوّابَ والأساقفةَ والرّؤساءَ العامّين والرّئيساتِ العامّات والكهنةَ والرّهبانَ والرّاهبات وأعضاءَ السِّلك القضائيّ والقنصليّ والسّلكَ العسكريّ ورؤساءَ الإداراتِ الرّسميّة والمجالسَ البلديّة والاختياريّة والفعاليّاتِ الحزبيّة والسّياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة ووسائلَ الإعلام الّتي واكبت تغطيةَ هذا الحدثَ المقدّس، خصوصًا محطّة Télé-Lumière الّتي نقلت وقائع هذه الرّسامة الأسقفيّة مباشرة،

Also, I extend my thanks to the UNIFIL leadership, for their role in implementing the peace mission in our region, and for their participation with us on this occasion.

ولا أنسى أيضًا كلّ الّذين تعبوا في تنظيم هذا الاحتفال كي يكونَ لائقًا بالمناسبة، كما أشكرُ الجوقةَ المخلّصيّةَ الّتي خدمت هذه الذّبيحةَ الإلهيّةَ بقيادةِ الأبِ الصّديق مكاريوس هيدموس، كافأكُم المخلّصُ على تعبِكم وتضحياتِكم. الشّكرُ إلى كلّ الّذين حَضَروا من قريبٍ أو بعيدٍ من كندا وأستراليا وبلجيكا وفرنسا والبقاعِ والجنوب والشّمال وبيروت وجبل لبنان، وأخصُّ بالذِّكر أبناءَ بلدتي عين المير، والقرى المجاورة، كَافَأَكُمْ اللهُ بالنّعمِ الغزيرة.

أتوجَّهُ بالشّكرِ إلى أفرادِ عائلتي الحبيبة، فقد كُنْتُمْ التّربَةَ الصّالحةَ لنمّوِ دعوتي الكهنوتيّة في حضنِ المرحومَين والدتي ووالدي، اللّذَيْنِ كانا لي المثالَ الأوّلَ في الإيمانِ والصّلاةِ وخدمةِ الكنيسة، وقد استجابَ اللهُ لدعواتهِما من أجلي، وإنّني أصلّي في هذه السّاعةِ، لكي يتغمَّدَ المسيحُ روحيهِما في جوارِ الآبِ السّماويّ. وأشكرُ إخوتي وأخواتي فردًا فردًا، وقد نَشَأتُمْ مُنْذُ نعومةِ الأظافرِ في رحابِ الإيمانِ والعملِ الرّسوليّ، داخلَ الحركاتِ الشّبابيّة في دار العناية وأبرشيّةِ صيدا، وكان لَكُمْ فيما بعدُ مواقعُ متقدّمةٌ في الوطنِ على المستوياتِ القضائيّةِ والعسكريّةِ والتّربويّة والعملِ الاجتماعيّ.

أتوجَّهُ أخيرًا بالشّكرِ إلى أبناءِ أبرشيّتي الجديدةِ في صورَ وتوابعِها لقد غمرتموني بمحبّتِكُم واتّصالاتِكُم وحضورِكُم منذُ اللّحظةِ الأولى لسماعِكُم خَبَرَ انتخابي، على أن يكونَ لي لقاءٌ قريبٌ معكم في احتفالاتِ التّسلُّمِ والتّسليم.

في الختام أرفعُ صَلواتي إلى المخلّص لكي يحفظَكُمْ ويباركَكُم جميعًا، واذكروني في صلواتِكم كي يقيمَني الرّبُّ، الأسقفَ الأمينَ على وديعتهِ في حياةِ الكنيسةِ وفي رحابِ الوطن. بنعمةِ الآبِ والابنِ الرّوحِ القدس آمين."