لبنان
02 حزيران 2020, 11:50

كلمة المطران مطر خلال تقليد مدير عام تيلي لوميار وسام البابا غريغوريوس الكبير من رتبة فارس

تيلي لوميار/ نورسات
وجّه رئيس أساقفة بيروت سابقًا المطران بولس مطر كلمة في قدّاس يوبيل تيلي لوميار اللّؤلؤيّ الّذي ترأّسه البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، لمناسبة تقليد مديرها العامّ السّيّد جاك كلّاسيّ وسام البابا غريغوريوس الكبير من رتبة فارس، وقال فيها:

"إسمحوا لي يا صاحب الغبطة والنّيافة مار بشارة بطرس الكلّيّ الطّوبى أن أتوّجه إليكم باسم اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام ولو كنتُ قد أنهيت مدّة رئاستي لها منذ بضعة أشهر، وذلك بعد أن أدّيتُ خدمتي في هذه اللّجنة من موقع رئاستها مدّة ثماني سنوات. وقد زادني شرفًا أن أكون قد تسلّمتُ هذه الرّئاسة من يدكم المباركة بعد أن اعتليتم بخيارٍ من الرّوح القدس ومن مجمع أساقفة كنيستنا المقدّس السّدّة البطريركيّة الّتي أعطيَ للجالس عليها مجد لبنان. كما كنتم في حمل مسؤوليّتكم لهذه اللّجنة، وفي أيّة مسؤوليّةٍ تقلّدتم في كنيسة المسيح، القدوة والمثال الّذي نتطلّع إليه جميعًا ونأخذ منه فيضًا من الإلهام ومن العزيمة.  

وقد أذن لي مشكورًا سيادة أخي المطران أنطوان نبيل العنداري النّائب البطريركيّ على منطقة جونية السّامي الاحترام، وهو الّذي خلفني في رئاسة هذه اللّجنة بفخرٍ لي واعتزاز، أن أنوب عنه في هذه الكلمة لأقدّم لغبطتكم حضرة الأخ والصّديق العزيز والابن البارّ لأبرشيّتكم الزّاهرة السّيّد جاك كلّاسي، مُلتمسًا لطفكم أن تُزيّنوا صدره بوسام البابا غريغوريوس الكبير، الّذي كنت قد طلبته له من قداسة البابا فرنسيس إبّان رئاستي للجنة الإعلام وبإسم هذه الرّئاسة وذلك منذ العام 2017. وإنّي لأعربُ عن خالص الامتنان والشّكر لهذا الإنعام البابويّ الكبير، وأرجو من سيادتكم يا سعادة السّفير البابويّ في لبنان المطران جوزيف سبيتاري السّامي الاحترام، أن ترفعوا إلى قداسته أسمى مشاعر العرفان والمحبّة على هذا الوسام الّذي خصّ به إعلاميّين اثنين من كنيستنا هما حضرة السّيّد جاك كلّاسي الّذي نحتفل اليوم بتسليمه شارات هذا الوسام الرّفيع، بوصفه قطبًا من أقطاب الإعلام عندنا والسّيّد أنطوان سعد المدير الإداريّ لمؤسّسة تيلي لوميار الّذّي تسلّم الوسام المخصّص له في أبرشيّة بيروت الّتي ينتمي إليها وضمن النّشاطات الّتي كنّا نقوم بها كراعٍ ورئيسٍ لأساقفتها.    

لن يسأل أحدٌ في هذه المناسبة عن الدّوافع الّتي حملتنا على التماس هذا التّكريم البابويّ للعزيز جاك كلّاسي ورفيقه. فالنّاس إن ذكروا في أيّ ظرف ومجال مؤسّسة تيلي لوميار، ذكروا بالمرادف لها اسم جاك كلّاسي بفخرٍ كبير. فهو الّذي رافق، منذ نشأتها، هذه المحطّة الإعلاميّة الّتي باتت تُغطّي القارّات الخمس حاملةً إليها رسالة الإنجيل المقدّس وناقلةً نشاط الكنيسة الّتي في لبنان وفي الشّرق الأوسط برمّته، إلى كلّ صقعٍ من أصقاع الدّنيا، وفي كلّ يوم من أيّامنا الصّعبة منها والسّهلة على السّواء. وهو الّذي أسكن هذه المحطّة في قلبه قبل أن يوسع لها مكانًا رحبًا في بيته ورزقه، والّذي مع كوكبةٍ من أهل الخير والعطاء ما زال يرفدها دون انقطاع وبلا حساب بما تحتاج إليه من أموالٍ لتُكمّل مسيرتها وتوسّع تغطيتها فتصل إلى كلّ الأعمار وإلى مختلف الفئات الشّعبيّة والإنسانيّة، قاصدًا في كلّ ذلك أن تسهم كنيستنا ومسيحيّونا من كلّ طائفةٍ ومذهب في نشر قيم الإنجيل وحضارة المحبّة في كلّ الأرض.  

إنّ أعمالًا مثل هذه وتضحياتٍ تُبذل بهذا الحجم وعلى مدى سنواتٍ وسنوات لا يمكن تصوّرها في إنسان ما لم يكن أوّلًا وقبل كلّ شيء رجل إيمانٍ ورجل صلاة ورجل محبّة تنبع من الرّوح القدس. ولقد تسنّى لي أن ألمس هذه الصّفات في العزيز جاك كلّاسي أثناء الرّحلات الّتي كنّا نقوم بها معًا إلى دول العالم شرقًا وغربًا لنشارك في ندوات مسكونيّة وحواريّة بين الأديان وذلك من خلال اندفاعه لخدمة المسيح مجّانًا ولمجرّد إيمانه به والاستعداد التامّ لإنفاذ مشيئته. وأكاد أقول بنقص الرّأي أنّ القدّيس بولس الرّسول لو عاد إلى الدّنيا ليقوم من جديد برسالة نشر الإنجيل في أرجائها كافّةً لكان اصطحب معه جاك كلّاسي وأمثاله في رحلاته مع آلات التّصوير والأقراص المُدمّجة الّتي في جعبته ولكان جاك كلّاسي وافق مسرورًا على هذا الاصطحاب ولو كان ركوب الأخطار على أنواعها مرافقًا لها.

وأكمل شهادتي بالرّجل انطلاقًا من جوهر الرّسالة الّتي يريدها قداسة البابا فرنسيس محرّكةً لكلّ إعلاميّ مؤمن. فقداسته يشير إلى أنّ رسالة الإعلاميّ ليست في نقل الحقيقة إلى النّاس وحسب، بل في خدمة السّلام والوفاق والتّقارب بين النّاس. فالإعلاميّ يُساهم عبر عمله في بناء المجتمعات بناءً سليمًا ومرتكزًا على الأخوّة الصّادقة بين النّاس والكرامة للجميع والتّعاون المخلّص فيما بينهم ليصلّوا معًا إلى المشاركة في فرح الحياة. أفلا يقول لنا الكتاب: "طوبى للإخوة إذا اجتمعوا معًا" (مز 1:133).

إنّ جاك كلّاسي يسعى في حياته إلى تخطّي الحواجز بين النّاس وبناء الجسور بين الحضارات عن طريق الإعلام الرّوحيّ والإنسانيّ الصّافي. وهذا ما أراد قداسة البابا أن يكرّمه فيه ومن أجله. فنعم التّكريم ونعم المُكرَّم.

وإذا ما نظرنا إلى هذه اللّحظة الرّوحيّة المباركة الّتي نحياها الآن في الصّرح البطريركيّ، وببركة صاحب الغبطة والنّيافة ومشاركة سعادة السّفير البابويّ والإخوة الأساقفة والكهنة والعلمانيّين فإنّ لنا فيها ما يطمئننا إلى أنّ نضال الخير بوجه شرور الدّنيا كلّها هو الأبقى وهو المنتصر. وإنّ كلّ عتمات المرحلة الحاليّة لن تثنينا عن تلمّس فجر الأنوار الإلهيّة الطّالعة في حياتنا وعن الإيمان بأنّ العناية الإلهيّة تحملنا وتقودنا إلى شاطئ الأمان. فللرّبّ الشّكر على كلّ عطاياه وهنيئًا لك يا جاك هذا الوسام الّذي يُدخل إلى قلبك وإلى قلوبنا جمًّا من الفرح".