لبنان
29 أيلول 2020, 09:15

للتّقوى الشّعبيّة قدرة تبشيريّة، ما هي؟

تيلي لوميار/ نورسات
واصل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، خلال التّنشئة المسيحيّة، نقل الفصل الثّالث من الإرشاد الرّسوليّ "فرح الإنجيل"، وعنوانه "إعلان الإنجيل" فتناول "القدرة التّبشيريّة للتّقوى الشّعبيّة" (الفقرات 122- 127)، وقال:

"1.بما أنّ التّقوى الشّعبيّة هي ثمرة الإنجيل المنثقف في شعب، فلها قدرة ناشطة للأنجلة. فعندما ينثقف الإنجيل في شعب، ينقل هذا الشّعب الإيمان، في مسار تناقل ثقافته، بطرق دائمة التّجدّد. ما يعني أنّ الكائن البشرّي هو في آن ابن الثّقافة الّتي ينتمي إليها ورائدها. فلا بدّ من فهم الأنجلة كانثقاف. كلّ قسم من شعب الله، فيما ينقل عطيّة الله لحياته الخاصّة وفقًا لعبقريّته، يؤدّي شهادة للإيمان الّذي تقبّله، ويغنيه بتعابير جديدة وبليغة.

2. هنا تكمن أهمّيّة التّقوى الشّعبيّة كتعبيرٍ صادقٍ للنّشاط الإرساليّ العفويّ الّذي يقوم به شعب الله. في هذا المسار الدّائم التّطوّر، الرّوح القدس هو الفاعل الأوّل (الكنيسة في آسيا،21) (الفقرة 122).

أ. التّقوى الشّعبيّة، تُمكّننا من أن نرى كيف يصبح الإيمان، بعد قبوله، مجسَّدًا في ثقافة شعب، وكيف يتناقل بتواصل.

ب. التّقوى الشّعبيّة، تُظهر عطشًا إلى الله، يمكن أن يعرفه فقط الفقراء والبسطاء، وتجعل الشّعب مؤهّلاً للسّخاء والتّضحية حتّى درجة البطولة، عندما تدعو الحاجة ليشهد للإيمان (القدّيس البابا بولس السّادس).

ج. التّقوى الشعبيّة لتقوى الشعبيّة، هي كنز الكنيسة النّفيس الذّي نرى فيه روح الشّعوب (البابا بندكتوس السّادس عشر) (الفقرة 123).

د. التّقوى الشّعبيّة هي طريقة شرعيّة لعيش الإيمان، وطريقة للشّعور بالانتماء إلى الكنيسة وشكلٌ لنكون مرسلين. إنّها تحمل معها نعمة الكينونة كمرسلين نخرج من ذواتنا، ونسير في طريق الحجّ.

3. تعتبر الكنيسة أنّ الرّوح القدس يُفيض ثروات روحيّة على التّقوى الشّعبيّة بحيث أنّها تسمّى "روحانيّة شعبيّة" و"صوفيّة الشّعب". إنّها في الحقيقة روحانيّة مجسَّدة في ثقافة الوضعاء. ليست فارغة من فحوى، بل تكشفه وتعبّر عنه بالرّموز أكثر منها بالخطاب الفكريّ. في شأن الإيمان تركّز على الإيمان بالله (Credere in Deum)، أكثر منه على الإيمان بما يقول الله (Credere Deum) (القدّيس توما الأكوينيّ.

إنّه لعمل تبشيريّ بالإنجيل الزّيارة التّقويّة معًا إلى مزاراتٍ دينيّة، والمشاركة في تظاهرات أُخرى من التّقوى الشّعبيّة، وأيضًا برفقة أولادنا وآخرين ندعوهم للمشاركة. فلا نُضعفنَّ هذه القدرة الإرساليّة، ولا نعملنّ للسّيطرة عليها (الفقرة 24).  

4. بنظرة الرّاعي الصّالح الذّي يسعى ليحبّ، لا ليدين، نستطيع أن نقدّر الحياة اللّاهوتيّة في تقوى الشّعب المسيحيّ.

فلنفكّر بإيمان الأمّهات الرّاسخ، عند سرير ولدهنّ المريض، المتمرّسات بتلاوة الورديّة بينما ربّما لا يعرفنّ قانون الإيمان.

ولنفكّر برجاء الّذين يعبّرون عنه بإضاءة شمعة في كوخٍ وضيع، التماسًا لمساعدة من مريم العذراء.

ولنفكّر بتلك النّظرات إلى المصلوب المملوءة حبًّا عميقًا.

كلّ هذه الأعمال هي تعبيرات عن حياة لاهوتيّة ينعشها عمل الرّوح القدس الّذي أُفيض في قلوبنا (روم 5: 5) (الفقرة 125).

5. من أجل كلّ هذه الاعتبارات، لا يمكن الاستخفاف بالتّقوى الشّعبيّة وإلّا نتنكّر لعمل الرّوح القدس. نحن مدعوّون بالأحرى لتشجيعها وتقويتها، تعميقًا لمسار الانثقاف الّذي لا يكتمل أبدًا. إنّنا نتعلّم الكثير من التّقوى الشّعبيّة، لأنّها بالحقيقة موقع لاهوتيّ (الفقرة 126)."