للطّفولة قدّيس شهيد، من هو؟
تربّى "ماما" على الوداعة والتّواضع والقناعة والتّقوى ومخافة الله، فكان يرعى الغنم في النّهار مقدّمًا عمله لله ومجده، متأمّلاً بعظمة الكائنات؛ وفي اللّيل كان يراقب النّجوم ويناجي خالقها المبدع.
لم يُكتب لهذا الصّبيّ أن يعيش طويلاً، فعندما بلغ الخامسة عشرة أبدى حماسة كبيرة للمسيح، فمضى يجاهر بإيمانه ويبشّر به أمام رفاقه ساخرًا من الأصنام من دون أن يخاف من ردود الفعل ولا من موجة اضطهاد المسيحيّين الّتي أخذت تشتدّ في عهد الإمبراطور أورليانوس، فقُبض عليه وأُرغم على تقديم الذّبائح للأصنام غير أنّه أعلن رفضه وسيق أمام الإمبراطور الّذي اغتاظ من حنكته ولم يرضَ بما طُلب منه فقال بقناعة: "لم أضحّ ولن أضحّي، ولست مستعدّاً لإنكار سيّدي وإلهي يسوع المسيح".
على الفور سُلّم إلى رجال الإمبراطور الّذين عذّبوه وضربوه وأحرقوا أطرافه وطعنوه قبل أن يلقوا به في البحر وينال إكليل الشّهادة سنة 275.
وكم من ولد وشابّ وأفراد لقيوا حتفهم خلال التّاريخ ولا يزالون ونالوا المصير نفسه! وكم من مضطهِد يتخطّى كلّ القيم الإنسانيّة ليبثّ شرورًا وسمومًا في كلّ من أحبّ الله باسم أمجاد باطلة؟!
اليوم، في عيد مار ماما، نطلب شفاعته ليبارك بإكليله الظّافر كلّ من تهدّدت حياته ووُضع السّيف على عنقه، فيعطيه جرأته وشجاعته للثّبات بإيمانه حتّى لو سيق إلى الذّبح.