أوروبا
16 أيار 2023, 05:55

للمرّة الثّالثة تواضروس الثّاني يزور أبرشيّة ميلانو

تيلي لوميار/ نورسات
بعد زيارتها عامي 2015 و2017، وفي ساعة متأخّرة من مساء الأحد، وصل بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني إلى أبرشيّة ميلانو مستكملاً زيارته إلى إيطاليا، فحطّ رحاله في دير القدّيس الأنبا شنودة رئيس المتوحّدين حيث كان في استقباله أسقف ميلانو ورئيس الدّير الأنبا أنطونيو، وأسقف وسط أوروبا الأنبا چيوڤاني، إضافة إلى رهبان الدّير وكهنة الأبرشيّة وعدد من أبنائها.

وللمناسبة، زار تواضروس الثّاني مزار المثلّث الرّحمات المتنيّح الأنبا كيرلّس، مطران الأبرشيّة السّابق، وحدّث مستقبليه عنه فقال: "نتذكّر بالخير سيّدنا الحبيب مؤسّس الدّير ومؤسّس الأبرشيّة، وهو نموذج الرّاعي الأمين الّذي وجدنا بعد نياحته أنّه منظّم لكلّ أحوال الأبرشيّة وكلّ أمورها مرّت بسلام، فالخادم الأمين يزرع الثّمر الجيّد حتّى بعد انتقاله".

أمّا صباح الإثنين فالتقى بابا الأقباط بأبناء الأبرشيّة في دير الأنبا شنودة، وعبّر لهم عن سعادته بالزّيارة، الّتي أتت بعد "أيّام فرح ومحبّة" في روما، وتأمّل بالآية "وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ" (يوحنّا ٢٠: ٢٠)، وقال: "أريد أن أتحدّث معكم عن حياة الفرح، فالمسيح جاء ليعطينا الفداء والخلاص، ولكن من ناحية أخرى المسيح جاء ليملأ حياتنا فرحًا ويعطينا الفرح الدّائم ويعلّمنا الكتاب فرح متهلّل بالرّوح، مهما كانت صعوبات الحياة يكون الإنسان في سلام وفرح".

وفي هذا السّياق، عدّد البابا خمسة أنواع من الفرح:  

"1- فرح اللّقاء: وهو فرح تجسّده مريم المجدليّة، وفيه نلتقي بفرح مع المسيح في القدّاس، في العشيّة، بالتّسبحة، كلّها أوقات يمنحها الله لنا للفرح به.

2- فرح المعرفة: يعلّمنا الكتاب "هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ" (هوشع ٤: ٦) فعليكم يا أحبّائي أن تعيشوا مع الكتاب المقدّس فالّذي يعيش الإنجيل يعيش الوصيّة والّذي يعيش الوصيّة يعيش عمق الفرح مع المسيح، وربّما تجد نفسك في شخصيّة من شخصيّات الكتاب وتتعلّم منها.  

3- فرح الرّؤية: نحن نرى بالعين وهذا ما يسمّى بالبصر، وكلّنا نرى أيضًا بالقلب وهي العين الدّاخليّة وما نسمّيها البصيرة وعلينا أن نرى ونفرح بعين قلوبنا.

4- فرح الإيمان: وهو الفرح الّذي يأتي من اليقين، وهو ما فعله المسيح مع توما ليصل به إلى اليقين. وهو فرح بكنيستنا القبطيّة الأرثوذكسيّة حيث كلمة أرثوذكسيّة تعني استقامة الرّأي أيّ أنّها مستقيمة الرّأي والعقيدة منذ أيّام المسيح وإلى المنتهى.

5- فرح الحبّ: وهو الفرح الّذي يحلّ كلّ المشاكل وهو أسمى أنواع الفرح، فيا أحبّائي لا يعالج الزّعل إلّا الحبّ، مثل بطرس حينما شعر بصغر النّفس وقال له المسيح بحبّ بكلمة واحدة "أتحبّني؟" فردّ بطرس: نعم يا ربّ أنت تعلم إنّي أحبّك فقال له السّيّد المسيح ارع خرافي".  

في نهاية اللّقاء، بارك البابا الموجودين وصافحهم جميعًا، وحرص على أن يطمئن على أحوالهم وخدمتهم، ويصلّي من أجل المرضى.

هذا وتفقّد مجمع البابا كيرلّس السّادس في منطقة سانت إليزيو التّابعة للأبرشيّة، والّذي يخدم المسنّين والمرضى.

كما التقى مجموعة جديدة من شعب الأبرشيّة مساء الإثنين في كنيسة البشارة، في مدينة باديرنو دونيانو، والّتي عجّت بالحضور الّذين استقبلوه بالورود البيضاء والزّغاريد، في حين قدّم جوق الكنيسة مجموعة من التّسابيح والتّرانيم.

البابا الّذي أشاد بجمال الكنيسة، تحدّث إلى الحاضرين عن زيارته الفاتيكان، فقال بحسب "المتحدّث بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة": "على طريق المحبّة زرنا الأيّام الماضية الڤاتيكان وكانت أيّام محبّة بيننا وبين قداسة البابا فرنسيس حيث احتفلنا سويًّا بمرور ٥٠ عامًا على الحوار الرّسميّ بين الكنيستين".

وأشار إلى أنّه "منذ البدء كانت الكنيسة الأولى كنيسة واحدة وهكذا ظلّت الكنيسة المسيحيّة فى العالم كلّه كنيسة واحدة لما يقرب من خمسة قرون، حتّى جاء مجمع خلقيدونية عام ٤٥١ م وحدث الانشقاق بين الشّرق والغرب الّذي أثّر على شرح الايمان المسيحيّ، لذا نسمّيه المجمع المشؤوم."

وأضاف: "إنّ طريق المصالحة طريق طويل وهو يأتي بعد انقطاع ١٥ قرن من الزّمان لذلك علينا بناء علاقات المحبّة القويّة من خلال الزّيارات وبعض الفعاليّات المشتركة، الدّراسة أيّ ندرس التّاريخ والعقائد". ولفت إلى أنّ "الحوار هو الحوار الّلاهوتيّ أو الشّعبيّ على مستوى الخدّام والشّعب، وأخيرًا علينا جميعًا الصّلاة لأنّها تصنع المعجزات وبها نكون واحد بالمسيح. هذه الخطوات تستغرق وقتًا طويلًا ونحن نؤمن أنّ الرّوح القدس يعمل في وسطنا حتّى نكمل هذا المشوار لأنّ أكبر خطيّة تغضب قلب الله هي الانقسام والمخاصمة."  

ثمّ قرأ جزءًا من إنجيل يوحنّا "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ." (يوحنّا ١: ١ - ٥)، وتناول ثلاثة أنواع من الموت، وهي بتعبيره:

"1- موت الفكر: وهو أن يكون شخص كلّ أفكاره سلبيّة، شكّاك، لديه سوء ظن، فكره الدّاخليّ بعيد عن السّماء تمامًا، مثل بولس الرّسول الّذي عاش نصف عمره يضطهد المسيحيّين وفكره منغلق حتّى ظهر النّور في عقله وقال ما تريد يا ربّ أن أفعل؟ وصار بولس كارزًا ومبشّرًا وأخيرًا شهيدًا باسم المسيح.

2- موت الرّوح: وهو شخص سعادته في أيّ شيء غير ربّنا سواء في المال في الشّكل، و تذكّروا معي زكّا العشّار الّذي عاش حياته كلّها في سعادة بالمال حتّى اشتاق أن يرى المسيح ودخل المسيح إلى بيته وصار يردّ كلّ أموال المساكين أضعافًا وصار خلاص لهذا البيت بعد أن كان في موت الرّوح."  

3- موت الرّجاء: وهو إنسان ليس لديه أمل ولا رجاء، برغم أنّ الكتاب المقدّس يعلّمنا أنّ غير المستطاع عند النّاس مستطاع عند الله، وتذكّروا معي مريم المجدليّة الّتي كانت بلا رجاء وأخذت حنوطًا لتضعه على جسد المسيح ومن شدّة بكائها لم تر ملاك الرّبّ حتّى سمعت صوتًا يناديها: "يا مريم" فصار لها نور الرّجاء، وكذلك اللّصّ اليمين".

في ختام اللّقاء، صافح البابا الشّعب واستمع إلى إحوالهم.