دينيّة
12 نيسان 2024, 13:15

لولا كسر الخبز، لبقيتْ عَيْنا تلميذيْ عمّاوس مْحتجبتين

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب جوزف أبي عون

 

"إنّها نقطة البداية والنّهاية: كسر الخبز.  

إنّها المعنى والجوهر والمسار والطريق وإكليل الحياة: كسر الخبز.  

لولا كسر الخبز، وتناولهما منه، لبقيتْ عينا تلميذيْ عمّاوس مْحتجبتين عن معرفة يسوع.  

إنّها القصّة بأكملها: بدأها يسوع طفلاً في مغارة بيت لحم "بيت الخبز"، وأنهاها "قربانًا" في أورشليم بكسر جسده على الصليب طعامًا للحياة الأبديّة.

كان بإمكان يسوع أنْ يدفعَهما على معرفته وهو يشرح لهما  الكتب في العهد القديم، بين موسى والآنبياء، لاسيّما وأنّ قلبهما كان "مضطّرمًا حين كان يكلّمهما"، لكنّه لمْ يفعلْ. كان يعلم جيّدًا يسوع أنّ التّعرّف إليه بعد القيامة، يُحتّم الانطلاق من مسيرة روحيّة وإنسانيّة معمّقة في الكتاب المقدّس، والتّكلّل بـ "كسر الخبز" والتناول منه. نعني به القدّاس الإلهيّ: يبدأ بالقسم الأوّل الإستعداديّ بالصلوات وشرح الكتاب المقدّس، وينتهي بالكلام الجوهريّ وتناول جسد الرّبّ بالقربان المقدّس.

لا يمكن فصل الواحد عن الآخر. يسوع في شرح الكتب وحسب هو يسوع ناقص. ويسوع في القدّاس دون شرح الكتب هو مجهول الهويّة. كلّ الذين يكتفون في لقاءاتهم وتجمّعاتهم بالوعظ وشرح الكتب دون القدّاس، هم بذلك يشبهون تلميذي عمّاوس ما قبل التعرّف إليه في كسر الخبز: أي تنقصهم المعرفة الحقّة ليسوع الذي ختم حياته ورسالته ووعظه وأمثاله بكسر جسده، بتقدمة ذاته ذبيحة عنّا فداءً وخلاصًا داعيًا تلاميذه للقيام بصنع هذا الحدث الخلاصيّ بدون توقّف حتّى مجيئه. وكنيسته المقدّسة لا تنفكّ، بكلّ أمانة ووفاء، تقوم بصنع القدّاس "كسر الخبز" وتُناوله للناس، للمؤمنين، لِتتفتّح أعينهم ويتعرّفوا على يسوع الحقيقيّ ويستحقوّا ميراث الحياة الأبديّة.

من هذا اللقاء القرباني، عاد تلميذا عمّاوس إلى أورشليم حيث كان الرسل مجتمعين وراحا يخبرونهما، وبفرح كبير، بما حدث معهما في الطريق وكيف عرفاه عند كسر الخبز.  

أعطنا يا ربّ أن تتجدّد معرفتنا بكَ في كلّ قدّاس "كسر الخبز" ونحملك بعدها شهادة حيّة نُخبرها وبفرح إلى كلّ من تضعهم على طريقنا. آمين."