الفاتيكان
22 آذار 2018, 06:00

ماذا يحصل في الفاتيكان في فصل الرّبيع؟

مع انطلاقة فصل الرّبيع، أطلّ #البابا_فرنسيس على المؤمنين في #المقابلة_العامّة متسائلاً "ماذا يحصل في #الرّبيع؟"، ليتابع بعدها الغوص في تعليمها الأسبوعيّ حول #القدّاس_الإلهيّ. وقال بحسب "إذاعة الفاتيكان":

 

"في #الرّبيع تُزهر النّبتات والأشجار. ولكن سأطرح عليكم سؤالاً: هل يمكن لنبتة أو لشجرة مريضة أن تُزهر؟ لا! هل يمكن لنبتة أو شجرة لا تُروى أن تُزهر؟ لا! وهل يمكن لنبتة أو شجرة بدون جذور أو انتُزعت جذورها أن تُزهر؟ لا! وهذه رسالة: على الحياة المسيحيّة أن تكون حياة تزهر بأعمال المحبّة وفعل الخير. لكن إن لم يكن لديك جذور فلن تُزهِر أبدًا. ومن هو جذورنا؟ يسوع! إن لم تكُن مع يسوع فلن تُزهر. إن لم تروِ حياتك بالصّلاة والأسرار فهل ستزهر أزهارًا مسيحيّة؟ لا! لأنَّ الصّلاة والأسرار يرويان جذورنا فتزهر عندها حياتنا. أتمنّى أن يكون فصل الرّبيع هذا بالنّسبة لكم ربيعًا مُزهرًا، وكذلك عيد الفصح أيضًا، فيزهر بالأعمال الصّالحة والفضائل وفعل الخير مع الآخرين. تذكّروا هذا القول جيّدًا، إنّه قول أرجنتينيّ جميل جدًّا: "إنَّ الأزهار الّتي تحملها الشّجرة تأتي من جذورها المطمورة في الأرض" وبالتّالي لا تقطعوا أبدًا جذوركم مع يسوع.

نتابع الآن مع تعاليمنا حول #القدّاس_الإلهيّ. إنَّ الإحتفال بالقدّاس، والّذي نسلِّط الضّوء في تعاليمنا على مختلف مراحله، موجَّه نحو #المناولة، أيّ الإتّحاد بيسوع. المناولة الأسراريّة ولا المناولة الرّوحيّة، تلك الّتي يمكنك أن تقوم بها حتّى وأنت في بيتك بقولك: "يا يسوع أنا أرغب في أن أنالك روحيًّا"، بل المناولة الأسراريّة، أيّ جسد ودم المسيح. نحتفل بالإفخارستيّا لنتغذّى بالمسيح الّذي يعطينا ذاته إمّا في الكلمة وإمّا في سرِّ المذبح لكي يجعلنا شبيهين به. ويقول الرّبّ نفسه: "مَن أَكَلَ جَسدي وشَرِبَ دَمي ثَبَتَ فِيَّ وثَبَتُّ فيه" (يوحنا ٦، ٥٦). في الواقع، إنّ تصرّف يسوع الّذي أعطى تلاميذه جسده ودمه في العشاء الأخير، يستمرُّ اليوم أيضًا من خلال خدمة الكاهن والشّمّاس، الخدّام العاديّين لتوزيع خبز الحياة وكأس الخلاص للإخوة.

في القدّاس، وبعد كسر الخبز المقدّس، أيّ جسد يسوع، يُريه الكاهن للمؤمنين ويدعوهم للمشاركة في المائدة الإفخارستيّة. نعرف الكلمات الّتي يتردّد صداها من المذبح المقدّس: "طوبى للمدعوّين إلى وليمة الرّبّ: هوذا حملُ اللّه، هوذا الحاملُ خطايا العالم". هذه الدّعوة، المستوحاة من سفر الرؤيا – "طوبى لِلمَدعُوِّينَ إِلى وَليمَةِ عُرسِ الحَمَل" (رؤيا ١۹، ۹) : يقول "عرس" لأنَّ يسوع هو عريس الكنيسة – تدعونا لنختبر الاتّحاد الحميم مع المسيح ينبوع الفرح والقداسة. إنّها دعوة تُفرح وتدفعنا في الوقت عينه إلى فحص ضمير ينيره الإيمان. في الواقع إن كنّا نرى من جهة المسافة الّتي تفصلنا عن قداسة المسيح، نؤمن من جهة أخرى أنَّ دمه "يُراق من أجل مغفرة الخطايا". لقد غُفر لنا جميعًا في المعموديّة، لقد غُفر لنا جميعًا وسيُغفر لنا دائمًا في كلِّ مرّة نقترب فيها من سرِّ التّوبة. لا تنسوا هذا الأمر أبدًا: يسوع يغفر على الدّوام! يسوع لا يتعب أبدًا من المغفرة! وإذ فكَّر بالقيمة الخلاصيّة لهذا الدّمّ أعلن القدّيس أمبروسيوس: "أنا الّذي أُخطئ على الدّوام، يجب أن يتوفَّر لدي الدّواء دائمًا". بهذا الإيمان نوجِّه نحن أيضًا نظرنا إلى حمل الله الّذي يرفع خطايا العالم وندعوه قائلين: "يا ربّ، لستُ مستحقًّا أن تدخل تحت سقفي، لكن قلْ كلمة واحدة فتبرأ نفسي". وهذا ما نقوله في كلِّ ذبيحة إلهيّة.

وإذا كنّا نحن من يقترب من المناولة في تطواف، - نحن نسير بتطواف نحو المذبح لنتناول- ففي الواقع إنّ المسيح هو الّذي يأتي للقائنا ليجعلنا شبيهين به. نعم هناك لقاء مع يسوع! إنّ الاغتذاء من الإفخارستيّا يعني أن نسمح لما نناله بأن يحوِّلنا. يساعدنا القدّيس أغوسطينوس على فهم هذا الأمر، عندما يُخبر عن النّور الّذي ناله عندما سمع المسيح يقول له: "أنا مأكل الكبار. أُنمُ وستأكُلُني. ولن تحوِّلني إليك كما تحوّل أكل جسدك، ولكنّني سأحوِّلك إليَّ". ففي كلِّ مرّة نقترب من المناولة، نصبح شبيهين بيسوع أكثر فأكثر، ونتحوّل إليه. كما يتحوَّل الخبز والخمر إلى جسد ودمّ الرّبّ، هكذا يتحوّل أيضًا الّذين ينالونهما إلى إفخارستيّا حيّة. عندما تجيب "آمين"، الكاهن الّذي يوزِّع الإفخارستيّا قائلاً: "جسد المسيح" فإنّك تعترف بالنّعمة والالتزام اللّذين يتطلّبهما تحوُّلك إلى جسد المسيح. لأنّك عندما تنال الإفخارستيّا تصبح جسد المسيح، وهذا أمر جميل جدًّا. فيما توحِّدنا بالمسيح، إذ تنتزعنا من أنانيّتنا، تجعلنا المناولة ننفتح على الآخرين وتوحِّدنا مع جميع الّذين هم واحدًا معه. هذه هي معجزة الإفخارستيّا: نصبح ما ننال!

إنَّ الكنيسة تتمنى بحرارة أن ينال المؤمنون أيضًا جسد المسيح في قرابين تقدّست في القدّاس عينه؛ وعلامة المائدة الإفخارستيّة تظهر بملء أكبر إذا مُنحت المناولة تحت الشّكلين، علمًا أن العقيدة الكاثوليكيّة تُعلِّم أنّه حتّى تحت شكلٍ واحد ننال المسيح بكامله. (راجع النظام العام لكتاب القدّاس الرومانيّ، أعداد ۸٥، ۲۸١- ۲۸۲). بحسب التّرتيب الكنسيّ، يقترب المؤمن من الإفخارستيّا عادة بتطواف، كما قلنا سابقًا، ويتناول واقفًا بتقوى، أو راكعًا، كما هو محدَّد من قبل مجلس الأساقفة، وينال السّرَّ في فمه أو، وحيث هو مسموح، في يده، كما يُفضِّل (راجع النّظام العامّ لكتاب القدّاس الرّومانيّ، أعداد ١٦۰- ١٦١). بعد المناولة تساعدنا الصّلاة الصّامتة لنحفظ في قلوبنا العطيّة الّتي نلناها؛ كما يمكننا أن نُطيل فترة الصّمت هذه بالحديث مع يسوع في قلبنا أو حتّى من خلال مزمور أو نشيد تسبيح يساعدنا كي نكون مع الرّبّ (راجع النّظام العامّ لكتاب القدّاس الرومانيّ، عدد ۸۸).

تُختَتم اللّيتورجيّا الإفخارسيّة بصلاة ما بعد المناولة الّتي بواسطتها، وباسم الجميع، يتوجّه الكاهن إلى الله لشكره لأنّه جعلنا نشاركه في مائدته وليطلب أن يحوِّل ما نلناه حياتنا. إنَّ الإفخارستيّا تقوّينا وتساعدنا لنعطي ثمار أعمال صالحة ونحيا كمسيحيّين. إنّها لمعبّرة صلاة اليوم الّتي نطلب فيها من الرّبّ: "أن تكون لنا مشاركتنا في سرِّه دواء خلاص يشفينا من الشّرّ ويثبِّتنا في صداقته" (كتاب القدّاس الرّومانيّ، أربعاء الأسبوع الخامس من زمن الصّوم). لنقترب من الإفخارستيّا وننال يسوع الّذي يحوِّلنا ويجعلنا أقوى. إنَّ الرّبّ عظيم وصالح!".